علامات على طريق الناجحات..!!

الأسرة والمجتمع


علامات على طريق الناجحات..!!



استدعى أحد الملوك مستشاريه وطلب منهم تدوين حكمة العصور الماضية لكي يورّثها إلى الأجيال القادمة، وبعد مجهود كبير .. وعمل متواصل، ألَّف المستشارون عددًا كبيرًا من المجلدات وسلَّموها إلى الملك؛ فاستدعاهم وقال: إن هذه المجلدات ضخمة جدًا ولن يقبل الناس على قراءتها، اختصروها قدر الإمكان..!

عكف المستشارون على الاختصار حتى انتهوا إلى مجلد واحد، ومع ذلك استكثره الملك أيضًا؛ فعكفوا على اختصاره ورجعوا بفصلٍ وحيد؛ فلم يرضَ الملك حتى عن ورقة واحدة كانت أطول من اللازم بزعمه..!

وأخيرًا استقر المستشارون على جملة واحدة حازت قبول الملك، هي:
"لا شيء يأتي بالمجَّان"
.

ابنتي زهرة..

إذا كان الناس جميعًا يخلقون ضعفاء كما قال الله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} ، وكذلك جهلاء، لا يعرفون شيئًا عن أبجديات الحياة: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا} فما الذي يجعل منَّا أبطالًا ناجحين .. وآخرين تعساء فاشلين؟

إذا كان البشر يتفقون في كونهم ولدوا ضعفاء .. إلا أنَّ ثقة البعض بربهم أولًا ثم بأنفسهم، وبالمواهب التي منحهم الله إياها هو الذي يدفعهم إلى النجاح والارتقاء إلى المنازل العالية في الدنيا والآخرة، كما أنَّ انعدام ثقة البعض الآخر ـ وهم أغلبية البشر ـ يجعلهم في قائمة العامة البسطاء (عديمي الحيلة) الذين يسيرون مع تيار الحياة ولا يؤثرون في محيطهم أو يشاركون بشكل واضح في نهضة أمتهم، وهذه القسمة حدثنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (الناس كإبلٍ مئة، لا تكاد تجد فيهم راحلة)


فأين أنتِ من هؤلاء؟

إنَّ للنجاح أصول وللطريق علامات:

فالنجاح ليس وصفة سحرية أو معادلة حسابية مؤكدة النتائج، لكنه أشبه بالسهل الممتنع فقط عليك التعرف على نقطة البدء الصحيحة لتكون محور ارتكازك وقاعدتك للإنطلاق، وإليك هذه العلامات التي تضيء لك طريق النجاح:

جددي إيمانك:

يمثل الإيمان أساس نجاح المؤمن وفاعليته، فبه ينجو الإنسان يوم القيامة من النار، ويفوز برضوان الله تعالى وجنته، ومن قبل ذلك فإنَّه يحقق له الاستقرار والتوازن النفسي، ويمنحه شعورًا بالطمأنينة والسكينة والسعادة؛ مما يولد لديه دافعية كبيرة للتقدم والنجاح، قال تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسنِ مَا كانُوا يَعْمَلون} .

فحسن العلاقة مع الله تعالى هي الأساس الأول للنجاح في الدنيا والآخرة، فالإيمان هو الوقود الذي يحتاجه الواحد منَّا لبلوغ رسالته
.

ثقي بنفسك دائمًا:

الثقة بالنفس هي إيمان المرء بمعتقداته، وأفكاره، وقدراته، فهي أيضًا مستمدة من ثقتك بالله تعالى وقوة إيمانك به.

والفتاة الواثقة من نفسها، تستقبل حياتها بصدر تملؤه العزيمة والإباء، لا تعترف في قاموسها بكلمة "فشل" بل تسميها محاولة غير موفقة تتبعها أخرى أكثر وعيًا.

حددي هدفك:

إنَّ الأهداف في الحياة هي بمثابة البوصلة الذاتية لكل إنسان منَّا، فهي التي تحدد له الاتجاه الصحيح الذي عليه أن يسلكه في هذه الحياة، وتشكل له إطارًا مرجعيًا تنبني عليه قراراته في الحياة.

أما من لا تملك أهدافًا واضحة في حياتها، فإنَّ وقتها يضيع سدىً حتى لو كانت تمضيه في أشياء نافعة، لكنها مبعثرة، لا تسير في طريق يوصلها إلى أهداف وغايات واضحة ومحددة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، إنما العاقل من يعرف خير الخيرين، وشرَّ الشرَّين"
.

فمن أهم الفروق بين شخص ناجح وآخر فاشل أن الأول يسير بخطى مدروسة نحو هدف معلوم، في حين يسير الثاني سيرًا عشوائيًا بغير التزام ولا خطة ولا طموح.

نظِّمي وقتك:

إنَّ تحديد الهدف وإدارة الوقت متلازمان تمامًا، فلا يمكن أن تحققي واحدًا دون الآخر؛ والشخص الذي حدد أهدافه في الحياة جيدًا هو الشخص الوحيد القادر على إدارة وقته بكفاءة واقتدار، بحيث يحقق أقصى استفادة منه.

كثيرًا ما نسمع بعض الفتيات يشتكين من قلة الوقت، ولكنّ الحقيقة هي أنّ معظمنا يعيش بطريقة عشوائية فينهي يومه بلا إنجاز حقيقي.. ويمكنك لو اقتطعت من كل يوم ساعة واحدة فقط وأحسنتِ تخطيطها أن تحققي إنجازات كثيرة .. مثلًا- كالآتي:

30 دقيقة لحفظ القرآن، وعشر دقائق لحفظ حديثين، وعشر دقائق لحفظ خمس كلمات إنجليزية، وعشر دقائق لحفظ خمس كلمات فرنسية..

إن التزمت بهذه الخطة سيأتي يوم تختم فيه القرآن وتتقن لغتين أجنبيتين وتحفظ قدرًا هائلًا من الأحاديث النبوية وكل ذلك ثمرة ساعة فقط قد خططت لها ونفذتِ خطتك بنجاح!
ما عليكِ إلا أن توزعي وقتك على الأنشطة اليومية التي تصب في تحقيق أهدافك مرتبةً وفق الأولويات وواجبات الوقت

(ماذا عليّ أن أفعله الآن؟).

انتهجي مبدأ المثابرة:

إنَّ قيم المثابرة على العمل والاستمرار في بذل الجهد، وتركيز الاهتمام، باتت أهم في إحراز السبق والتفوق على الأقران، من الذكاء الذي يرثه الإنسان عن أبويه وأجداده.
إنّ الله تعالى وزَّع الذكاء على الشعوب بالتساوي؛ فليس هناك شعب اختصه الله بالذكاء المفرط ولا شعب ابتلاه بالغباء الشديد، ففي كل أمّة نسبة شبه متساوية من الأذكياء والأغبياء ومتوسطي الذكاء، لكنَّ إنجازات الشعوب اليوم متفاوتة تفاوتًا هائلًا كما نرى، وهذا التفاوت يعود قطعًا لأمور غير الذكاء والإمكانات العقلية الخلقية.

ومن أهم ما يعود إليه التفاوت المشار إليه المثابرة على العمل والدأب في التنفيذ، حتى قد صار من المسلَّم به أنَّ قيمة أي منتج تعكس إلى حد بعيد عدد ساعات العمل التي بُذلت فيه.

وابتعدي عن أسلوب الطفرة:

من تقع في مصيدة الفوضى والتسويف تلجأ دائمًا لأسلوب الطفرة، ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما يحدث في مجال المذاكرة، فعند اقتراب الامتحان، تضطر الطالبة التي أهملت المذاكرة المنتظمة المطردة طوال العام الدراسي لأن تضغط نفسها في الشهر الأخير، لدرجة أن تحدد لكل مقرر دراسي يومين لمذاكرته، ومراجعته، وحل نماذج اختبارات عليه؛ وفي قاعة الامتحان تُفاجأ بأن معظم المعلومات قد تبخرت ولا تستطيع استرجاعها للإجابة عن الأسئلة التي بين يديها..!

مثلها تمامًا مَنْ تريد إنقاص وزنها عشرة كيلو جرامات، فتتبع نظامًا قاسيًا لتأتي بها في شهر، فتكون النتيجة إما اعتلال صحتها، أو إصابتها بانتكاس وعودة وزنها لأكثر مما كان عليه..!

من أجل ذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل صور الإنجاز، هي العمل الجيد، الدائم، والدءوب المستمر، وبيَّن أن هذه هي الصورة التي يحبها الله تعالى ويرضى لعباده أن يقوموا بأعمالهم (الدينية والدنيوية)عليها، قال صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قلَّ) ، وقد عالج النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم على مستوى القول والفعل، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وعندها امرأة، قال: من هذه؟ قالت: هذه فلانة، تذكر من صلاتها، قال: (مه، عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملُّوا، وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه)
.

وعلى المستوى العملي، فقد كان صلى الله عليه وسلم هو القدوة في الثبات على العمل، فكان إذا لم يتمكن من قيام الصلاة في الليل بسبب وجع أو غيره يصلي من النهار اثنتا عشرة ركعة، وذلك توكيدًا لنفسه وللأمة على ضرورة المحافظة على ما اعتاده الإنسان من الخير والبرِّ،
.

ولأن تحميل النفس فوق طاقتها، يؤدي حتمًا إلى الانقطاع عن العمل بعد وقت قصير، وهذا ما نهانا الله تعالى عنه، وضرب لنا مثلًا واقعيًا عجيبًا فيه، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}، وقال صلى الله عليه وسلملعبد الله بن عمرو بن العاص: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام الليل)
.

وبضدِّها تتميز الأشياء:

لذلك أطرح عليكِ هذه المقارنة اللطيفة التي قام بها علماء النفس، توضح لك الفرق بين تفكير شخص يريد النجاح ويسعى إليه، وآخر يريد الفشل ويرضى به:

فالذي يريد النجاح:

يشعر بالمسئولية ويدرك ما هو المطلوب منه بالضبط.
يلتزم بتعهداته ويدرس المشاكل التي تواجهه جيدًا.
يحترم غيره من المتفوقين ويسعى للتعلم منهم.
لا يتهيب كثيرًا من الإخفاق أو الخسارة، دءوب في عمله ويوفِّر الوقت.
يعترف بأخطائه إن أخطأ، و يعبر عن اعتذاره بتصحيح الخطأ.
يتمتع بثقة في النفس تجعله دمثًا. .متزنًا.
دائم البحث والتنقيب وحب الاستطلاع.

أما الذي يريد الفشل فـ:

يُطلق الوعود جزافًا، ويسوّف أداء ما عليه من أعمال.
يلف ويدور حول المشكلة ولا يواجهها.
يمقت الناجحين ويترصد مثالبهم.
لا يهتم إلا بمحيط عمله الضيق فقط.
يتبجح بأن هناك من هم أسوأ منه حالًا بكثير.
يتنكر للخطأ قائلًا: هذه ليست غلطتي أنا.
يعتذر ثم يعيد ارتكاب نفس الخطأ.
كسول ومضيع للوقت.
يتحرك بسرعتين فقط: سرعة جنونية وأخرى بطيئة جدًا
يفتقر إلى الدماثة، فهو إما أن يكون خنوعًا وإما مستبدًا على التوالي.

وأخيرًا .. زهرة

إذا كان الإخفاق يدل على وقوع خطأ ما، فإنَّ الناجحين لا يخشون من الأخطاء، ولكنهم في الوقت نفسه يحاولون ألا يقعون في الخطأ الواحد مرتين..

وتذكري .. أن أعظم سر للنجاح هو أنه لا يوجد له أسرار للنجاح، يوجد فقط المبادىء الدائمة التي يواظب عليها الناجحون.

ـــــــــــــــــ
المراجع:
- متعة النجاح: د.أكرم رضا.
- صناعة الهدف: صويان شايع الهاجري.
- الشخصية الساحرة: كريم الشاذلي.
- مفاتيح التميز: محمد سعيد مرسي.
- امرأة من طراز خاص: كريم الشاذلي.
- بناء الأجيال: د.عبد الكريم بكَّار.

---------------------

المصدر: مفكرة الإسلام
1
410

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

زمن غربة
زمن غربة
جزاك الله خير