عندما تشرف بك الطريق على واحة غنَّاء
... يداعبها نسيم عليل .. ويستسلم لراحتها
موج ٌ هادئ ينساب على سطح نهر عاشق لتلك
الواحة ... وتغرِّد فيها العصافير من كل صنفٍ
ولون .. ويستقبلها الفجر ببسمته الجميلة
استقبال محبٍ وامق .. ويودِّعها النهار
ببسمته الحزينة المرسومة على ثغر الأصيل
وداع لهفةٍ وشوقٍ إلى لقاء جديد .. عندما
تطل على هذه الواحة .. وحولها هذا المهرجان
الرائع من جمال الطبيعة فإن لسانَك سيعجز
عن لمِّ شتات كلماتك المبعثرة .. وعن حمل
مشاعرك الغامرة ..
وعندئذٍ ينعقد اللسان
وعندما ترى الغيوم تجوب السماء صغاراً
وكباراً ، خفافاً وثقالاً ، وقد وصل
حنينها إلى سمعك رعداً .. وإلى عينيك برقاً ،
وإلى أديم وجهك رذاذاً ، فإنك عندها ستشعر
بأن الكلمات تتلاشى .. والأحرف تضطرب ...
وعندئذٍ ينعقد اللسان
وعندما تقف وقفة أصيليةً .. تنظر إلى
موكب النهار الذي يحزم حقائبه للسفر .. وتنظر
إلى لون الشمس الممتقع وهي تلقي على
الأرض من حولك نظرة وداعٍ صفراء .. وتنظر إلى
كثبان الرمال وقد نظر بعضها إلى بعض نظرة
إشفاقٍ من ظلام الليل المقبل .. وقد
توزَّع شعاع الشمس الباهت عليها مكوّناً أجمل
منظرٍ يمكن أن تراه عين .. فإنك عندها
ستشعر بنشوة الإعجاب .. وبانكسار الحزن وأنت
ترى منظر وداعٍ رائعٍ يجري أمام عينيك ..
وعندئذٍ ينعقد اللسان
وعندما تبني علاقة صداقة ومودَّة مع
صديق حميم .. وتسافر معه في دروب المحبة
والوفاء .. تستظلان بظل الأخوة .. وتستنشقان
عبير الصفاء .. وتحملان أعباء الحياة بكل
ثقة في الله تعالى ثم في تعاونكما ..
وتلاحمكما .. ثم تمضي بكما الأيام .. وتتغير ملامح
الحياة من حولكما .. ثم تفتح عينيك ذات
يوم فلا ترى بجوارك صديقك الحميم .. وتذهب
مذعوراً تبحث عنه في كل مكان .. ثم تراه ولا
تكاد تفرح برؤياه حتى يلفحك منه هواءٌ
يخالطه الغبار .. وتدبُّ في أوصالك من حديثه
برودةٌ وفتور .. وتقلِّبُه على كل الوجوه
فلا تجد منه إلا نكراناً للجميل ..
وجحوداً للحب .. وكفراً بالأخوة الصادقة .. فإنك
عندها ستشعر بضآلة الحياة وفظاعة
النكران
وعندئذٍ ينعقد اللسان
وعندما يختلط ضوءُ البدر مع ظلمة الليل
فترى من ذلك سواداً ممزوجاً ببياض وتشعر
حين تتأمل سحنة الليل أنك أمام لوحة
رائعة رسمتها أنامل النجوم ووزعت ألوانها ...
ثم يذهب بك الخيال بعيداً فتشعر أنك من
الليل في واحة .. لها من حفيف الأشجار
إيقاعٌ جميل .. ومن هبَّات النسيم أنفاس دافئة ..
ومن عبق الأزهار عطرٌ ساحرٌ أخَّاذ ، ثم
توغل في دروب الخيال .. فترى نفسك ممتطياً
حصان الليل الأدهم وقد غدا القمر غرَّةً
في جبهته السمراء ، وهو يجوب بك آفاق
الكون الفسيح فترى نفسك كالريشة في مهب
الريح ، وكالذَّرة الصغيرة في الفضاء الفسيح
.. وتبرز أمامك عظمة الخالق .. في عظمة هذا
الجزء الضئيل من كونه العظيم .. إذا بلغت
من مدى ليلك الحالم هذا المبلغ فإنك عندها
ستشعر بضآلة الإنسان المتجبِّر .. أمام
هذا الكون الكبير
وعندئذٍ ينعقد اللسان
وفي كل هذه المراحل – وفي غيرها -
ستحسُّ بعظمة الدين الحنيف ودوره الكبير في
توجيه أذهان البشر إلى اللجوء الصادق
والتعلُّق الخالص بالله تعالى خالق كلِّ شيء
ومبدعه ..
وما أجمل أن يقول الإنسان عندما يشعر
بانعقاد لسانه أمام مظاهر الكون البارزة
ومسارب النفس الغامضة سبحان الله العظيم
ففي هذه الجملة الجميلة الرائعة تنسكب
كل معاني الدهشة ، وبين حروفها المضيئة
تُفكّ عقدة اللسان...
منقول من إيميلي للدكتور عبدالرحمن العشماوي :26:
وحده شئ @ohdh_shy_1
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مساء الخير
عند قراءة كلماتك الرائعه فعلا ينعقداللسان على حسن أختيارك للموضوع
أسعدك الله غاليتي ودمتي بود
عند قراءة كلماتك الرائعه فعلا ينعقداللسان على حسن أختيارك للموضوع
أسعدك الله غاليتي ودمتي بود
الصفحة الأخيرة
وبارك الله فيك على هذا النقل