عُ ــلـمَــاءُ الضلال !!
العلماء قائدوا سفينة النجاة في المجتمع ولا شك ولا ريب في ذلك .. للخير والصواب والصلاح يُرشدون .. وعن الشر والخطأ يُحذِّرون .
والله عز وجل قال : { شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم } الآيةومُصطلح مصطلح عاميّا يُطلقُ على أولو العلم ومن عكفوا في تعلمه وطلبه .. وهذا المصطلح بمثابة حِصناً للعالِم والشيخ .. يتحصن به جزاءاً لِمن حفظ هذا العلم وتحصن وعمل به . ولكن لا بد أن نؤمن إيماناً بأن درع المشيخة يُنتزع من صاحبه إن خالف بهواهـ ما يحمله خلف قلبه .
وكما أن هناكـَ من كرسوا جُل أوقاتهم وجهودهم داعين للخير والهداية وسبيل الرشاد ..هناك من هُم بنفس أشكالهم وهيئاتهم .. لكنهم داعين بعلمهم إلى ضلال وظُلمٍ وهلاكـ .
ولا يخرج إلينا دُعاة الشر وعُلماء الضلال إلا إذا انتزع العلم والحق من قلوب أصحابه .. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس. ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم. فضلوا وأضلوا"} .
وما دُعاة الشر والفساد إلا كالدُعاة على أبواب جهنم .. يُفتون الناس ليُضلوهم ..
أخرج الإمامان البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث حذيفة بن اليمان قال : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ : "نَعَمْ" قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ : "نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ" قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ : "قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي - وفى رواية ويستنون بغير سنتي - تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ" قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ : "نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا" قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، قَالَ : "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا" قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ : "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ" قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ : "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ".
ألا تعلمون بأن الاختلاط بالعمل أصبح جائزاً كون أن لا نصاً شرعياً يُحرم ذلك !! إذاً فالدُخان بهذا الحال جائز كونه لا يوجد نصاً شرعياً يُحرم ذلك .. ومروج الخمر لا يُقتل كونه عدم وجود نصاً شرعياً بذلك !!
وغالب ما في حياتنا من أكلٍ وشربٍ ليس فيه نصاً شرعياً أباحه لنا أو حرمّه علينا .
والسبب في جواز الاختلاط بالعمل .. هو الاستدلال بوجود الاختلاط بالطواف والسعي !!
صدق من قال : ( العذر أقبح من الفعل ) .
وقد استثنى ذلك الزاعم بأنه شيخاً بجواز الاختلاط سوى إن كان هناك فتنة !!
هل من بيننا رجالاً بشهواتهم لا يخشون الفتنة !! لو قال شخص نعم فقد كذب لأن الله عز وجل يقول : { زين للناس حب الشهوات من النساء... } الآية
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : { ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء } .
وروي عن ابن عباس أنه قرأ "وخلق الإنسان ضعيفا" أي وخلق الله الإنسان ضعيفا، أي لا يصبر عن النساء.
ولا عِلم لي بشيخٍ زعم بأنه عالماً .. يجهل القاعدة الشرعية ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح )
أصبح بعضُ ممن ينتسبون للمشائخ والعلماء دُعاة للشر والفتنة والهلاك والضياع والتبرج والسفور .. ولا يأتي إلينا من يقول بأن لحوم العلماء مسمومة .. لأنه أولاً هذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وثانياً لم يكن هذا الكلام ليخرج من رجل زعم بأنه عالِماً رُبما كان كذلك من قبل .
ولا كل من حَمِل في قلبه علمٌ هو في عقله كذلك .. فبعضهم كمن قال الله عنهم : { كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا } . الآية
وهناك فرق شاسع بين زلة وخطأ العالِم .. وبين من يتعمد الخطأ .. فالعالم في زلته يرجع ويعتذر ويُبين خطأهـ كي يتبين الناس .. ولكننا لا نرى زلة أو خطأ .. بل نرى من يتعمدوا الخطأ ليرضوا غيرهم حتى ولو على حساب دينهم .وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن الذين من قبلكم. شبرا بشبر، وذراعا بذراع. حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم" قلنا: يا رسول الله! آليهود والنصارى؟ قال "فمن؟".
ولسنا بحاجة لمن يزرع الفتنة بيننا .. ويؤججها في ديننا .. فالفتنة أشد من القتل .. وليعلم الملكُ والسلطان والأمير .. أنه حينما يرى رجل الدين في مجلسه يُفتي رغبة لنفسه وطوعاً لهواهـ وشهوته .. فهذا من يُريد أن يُسقط عليه ملكه ..
والله عز وجل يقول : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } الآية
وكثيراً هم من يمشون مع أهواء الناس بدعوى أن هذا من سماحة الإسلام والتيسير على المسلمين .. وأدرك الأولون ، خطورة الهوى، فوقفوا عنده الوقفات الطويلة، وقالوا فيه المقالات الكثيرة، محذرين ومنبهين من عظيم خطره، وفداحة عواقبه، وسوء تجارته وبضاعته، وفساد حياة صاحبه، وذهاب مروءته، وخراب عقله، وضلال سعيه..
وأن الهوى أصل الفساد، في السماوات والأرض، ومن فيهن، قال تعالى: «وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ» الآية
أمتنا تعصف بمثل هؤلاء .. عسى الله إن لم يرد لهم هداية .. أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر .. يكونوا عِظة وعبرة لكل معتبر .
اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
لا أريد أن نسترجع عصر أبي بكر وعمر وعثمان وعلي .. بل لنسترجع أقرب العصور إلينا .. يوم أن كنا بين شيخين جليلين .. يُخرجون الفتاوى لنا حتى وإن لم تكن في صالحنا .. كنا نطأطئ لها رؤوسنا احتراماً وتسليماً وتقبلاً .. لا نملك سوى أن نقول سمعنا وأطعنا ..لأننا نؤمن بالإخلاص والصدق والعمل منهما .. فقد حملوا على عاتقهم أمة بأكملها .. كنا نعيش بينهما عيشة رغيدة مُطمئنة .. بان الحلال من الحرام لنا .. وها نحن والله المستعان نجد بعض من تسموا بعلمائنا هم من يُلبسون علينا أمور ديننا ..
رحمكما الله يابن باز وابن عثيمين .. وجزاكما الله خير ما جزى محسناً على إحسانهلا نقول هلكـَ الناس .. ومعاذ الله أن نقول ذلكـ .. فما زال في الأمة خيراً .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك }
ولعلي أن أجد جواباً لتساؤلي :
لِمَ لا نرى لعلمائنا ردّاً على مثل هؤلاء الذين زعموا بأنهم ينتسبون إليهم .. ويتخبطوا في فتاويهم
هل ألجمت افواههم ؟!!
أخيراً فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
عذراً .. فعذراً .. ثم عذراً على الإطالة وركاكة الأسلوب
أمل الأمة.. @aml_alam_3
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أمل الأمة..
•
للرفع
الصفحة الأخيرة