لقد استهان كثير من المسلمين في هذه الأيام في النظر المحرم إلى النساء، وهذا شيء مشاهد، ويعلمه الجميع، فترى كثيرًا من الناس يستهينون في النظر إلى النساء الأجانب في الأسواق وفي أماكن تجمّعات الناس وعبر ما يُعرَض في كثير من القنوات الفضائية ومن خلال أجهزة الجوالات والحاسبات الآلية، والله جل في علاه يقول لعباده المؤمنين: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ، فأين نحن من أمر الله لنا بالغضّ من البصر؟!
إن البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأقرب طرق الحواس إليه، وما أكثر السقوط من جهته، ولذلك بدأ الله تعالى في الآية فأمر بالغضّ من البصر قبل حفظ الفرج، لماذا؟ لأن البصر هو أقرب طريق للقلب.
كما أن غض البصر ليس مختصًّا بالرجال، بل الأمر موجّه كذلك للنساء، حيث أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنات بغض أبصارهن وحفظ فروجهن: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ الآية .
إن إطلاق البصر في المحرمات ذنب عظيم ينبغي عدم الاستخفاف به والتهاون فيه، حيث يقول الرسول الله : ((العينان زناها النظر، والأذنان زناهما الاستماع)) والحديث في الصحيحين، وقال رسول الله لعلي: ((يا علي، لا تُتْبِعِ النظرةَ النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة)) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، وفي الصحيح عن جرير بن عبد الله البَجَلِي قال: سألت النبي عن نظرة الفَجْأَة ـ وهو البَغْتَة من دون قصد ـ فأمرني أن أصرف وجهي.
إن معظم المصائب والذنوب والخطايا أولها نظرة، ألم تسمعوا قول الشاعر:
كلُّ الحوادِثِ مَبْدَؤُهـا مِن النَّظَـرِ ومُعْظَم النارِ من مُسْتَصْغَرِ الشَّررِ
كم نظرةٍ فَتَكَتْ في قـلب صاحبها فَتْكَ السِّهـامِ بلا قَوْسٍ ولا وَتَرِ
والمـرءُ مـا دام ذا عـين يقَـلّبُها في أَعْيُنِ الغِيدِ موقوفٌ على الخَطَرِ
يسرُّ مُقْـلَتَه مـا ضـرَّ مُهْجَتَـه لا مرحبًا بسرور عـاد بالضرَرِ
لقد تفنَّن أعداؤنا وأعداء الفضيلة والطهر والعفاف في إغواء وإفساد وإغراء المسلمين ليلاً ونهارًا من خلال إفساد المرأة واستخدامها آلة وألعوبة لتحقيق مخططاتهم، وهذا ـ أيها الإخوة ـ مِصْداق لحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ففي صحيح البخاري عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاء))، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: ((إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ)).
ولذلك عرف المفسدون أثر المرأة في إفساد المجتمع، فجَنّدوا طاقاتهم، وكدحوا واجتهدوا من أجل حَفْنَة مال حرام قليل لا بارك الله في جهودهم، وسَيُسْألون عن هذا المال يوم القيامة، وسَيُسْألون عما تسبّبوا به في إفساد مجتمعات المسلمين بهذا الإغواء، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا .
إن مَن أطلق لبصره العَنَان فينظر للنساء الفاسدات في القنوات الفضائية أو في المنتزهات أو في الشواطئ أو في الأسواق أو عبر الجوالات أو أجهزة الحاسب الآلي سيصاب بأمر عظيم يفسد عليه دينه، ألا وهو فساد القلب، فالنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية، فإن لم تقتله جرحته، فهي بمنزلة الشرارة من النار تُرمَى في الحشيش اليابس، فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه. ولقد قيل: "الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم بعده"، ورحم الله القائل:
وكنتَ متى أرسلتَ طَرْفَـكَ رائدًا لقلبك يومًـا أتعبتـك المناظِرُ
رأيتَ الذي لا كـله أنت قـَادِرٌ عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ
أي: إذا أرسلت نظرك فإنك ترى ما لا تقدر على تحصيله، ولا تصبر على عدم حصول بعضه، وهذا من عجائب النظر. فهو سهم ترميه فيعود إليك
ادعو الله سبحانه ان يجنبنا شر انفسنا.......
swain77 @swain77
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الله يجـــنــبــنــا شــــــــــــــر انــــفـــــــسنا’’’