لمـــــــــــــاذا تحــــــــــــــــــــزن؟؟؟
فلا يزال المرء – ما دام في الحياة – يكابد صعابها .. ويجاهد عناءها .. تدركه الهموم فيها أحيانًا فيقهر .. وتخطئه حينًا فيفرح .. وهكذا يعيش زمانه بين أفراح وأتراح .. وأحزان وانشراح .. وتلك سنة الله في الحياة.
على ذا مضى الناس اجتماع وفرقة
وميت ومولود وبشر وأحزان
وحياة الإنسان في الدنيا لم تخلق عارية عن الأحزان. خالية من البلاء.. سهلة مريئه .. بل خلقت ممزوجة حلاوتها بمرارة البلاء.. ومخلوطة لذتها بشيء من الكبد والشقاء .. ولذلك قال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} .
وها هو الإنسان – أي إنسان – مهما كان شأنه يكابد ليعيش .. يكابد تعبه بالراحة .. وجوعه بالأكل .. وعطشه بالارتواء .. وحرارته بالظل .. وبرده باللباس .. ومرضه بالدواء .. وشيطانه بالذكر .. ودنياه بتذكر خير المعاد .. وهواه بالمجاهدة .. وأحزانه بالصبر.. وظلم الناس بالخلق الحسن.. ولا يزال يدافع أنكاد عيشه .. ومنغصات حياته في رحلته إلى الله
.
والسر في أن حياة الإنسان تحتاج منه للتغلب على صعابها هو أن الحياة ذاتها خلقت لأجل امتحانه. {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} .
فأفراحه بلاء .. يبتلى فيه بالشكر
وأحزانه بلاء يبتلى فيه بالصبر..
ولا يزال بين البلاءين حتى يلقى الله.
وتطغى الأحزان على من جهل أصل الحياة وحقيقتها .. وذلك حين يستسلم لأنكادها .. ويصنع منها مأساته.. وبأساءه .. جاهلاً دواء الأحزان .. ومنهج مدافعتها في الحياة .. فكيف ذلك؟
إن لم يكن ما تريد فأرد ما يكون
لا شك أن الطموح وعلو الهمة في اكتساب السعادة والحياة الهنية محمود عند من وثق في نفسه الشكر على النعم.
والإنسان ـ كل إنسان – يسعى في كل وقت وحين ليعيش عيشة راضية هنيئة عارية عن المصائب والبلاء والأحزان .. كما قال تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} .
لكن ليس كل ما يريده الإنسان يكون..
وهنا حينما يتناقض واقع الحياة مع طموح الإنسان .. وحينما تسبح آماله ضد تيار الأقدار .. ثم لا يكون في قلبه نور الرضى .. يصيبه الإحباط ويصرعه اليأس .. وتسكنه الأحزان .. ولا يزال كذلك قلقًا كئيبًا واجمًا وهو يرى آماله محطمة حتى يدب فيه التشاؤم .. فلا يأمل في خير أبدًا .. وحينما تصبح أحزانه مزمنة وهمومه من قلبه متمكنة..
.. تذكر أنك مؤمن بالله جل وعلا.. وأن من مفردات إيمانك بالله أن تؤمن بقضائه وقدره . وأنه سبحانه لم يظلمك شيئًا وأنه عدل في حكمه رحيم في تقديره.
ومقتضى إيمانك بالقدر أن تعلم أنك لست من يحدد سير حياتك وإنما يحددها.. ويقدرها لك الله سبحانه .. وفق حكمته وخبرته بك وبحالك وبأعمالك..
فهو ينعم على قوم بألوان من النعم.. يحسبها الناس نعمًا .. وهي في حقيقتها نقم في صورة نعم .. فهؤلاء قوم قارون قد غبطوه على غناه.. وتمنوا مكانته وعزه وجاهه لما رأوا عليه من النعيم ..
لكن لما جاء أمر الله وخسف به .. تبين لهم أن نعمه على قارون كانت أشد استدراجًا وتغريرًا به .. وهناك علموا أن ما كانوا فيه هو النعمة .. وأن نعمة قارون هي النقمة .. {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.
وكما أن النعمة ستكون حقيقتها نقمة .. فكذلك المصيبة تأتي نعمة من الله.. يتولد منها الصبر الذي هو مفتاح الجنة .. ويكتسب بها لأجر العظيم، ولذلك جعل الله بلاءه لأنبيائه وعباده المتقين دليلاً على محبته لهم.
تأمل أخي المسلم.. في الجمع بين المحبة والبلاء.. وأن ابتلاء الله لعبده هو دليل على محبته .. فهذه حقيقة لا تستقر إلا في قلب فقيه مؤمن مدرك لحقيقة الحياة ومراد الله فيها من عباده..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» السلسلة الصحيحة رقم (146).
علام تحزن وقد علمت أنه لا يتصرف في الكون غير الله ..
وأن ما أنت فيه قد أراده الله .. فإن كنت عن مرادك راضيًا .. ولست عن مراد الله راضيًا فإنك أبله! أين علمك في علم الله.. وأين اختيارك لنفسك من اختيار الله لك..
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر
والدهر ذول دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا
وفي اختيار سواه اللوم والشوم
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن العبد ليهم بالأمر من التجارة أو الإمارة حتى ييسر له، فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه فإني إن يسرته أدخلته النار، فيصرفه الله عنه، فيظل يتصبر، يقول سبقني فلان دهاني فلان. وما هو إلا فضل الله عز وجل.
وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحميه كما تحمون مريضكم من الطعام والشراب تخافون عليه» رواه أحمد، صحيح الجامع (1810).
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلى الله بعض الناس بالنعم
من كتيب (لماذا تحــــــــزن))إعداد القسم العلمي بدار ابن خزيمة
اللهم إنا نسألك القناعة فيما رزقتنا ,,وبارك لنا فيما اعطيتنا ,,ونسألك رضاك والجنة ونعوذبك من سخطك والنار,
لمار** @lmar_38
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
نجدية شرقية
•
جزاك الله خيرر
جزاك الله خيرا
أسال الله أن لايرد لك دعوة ،ولايحرمك من فضلة ، ويحفظ أسرتك وأحبتك ،ويسعدك ، ويفرج همك ، وييسر أمرك ، ويغفر لك ولوالديك وذريتك ، وأن يبلغك أسمى مراتب الدنيا وأعلى منازل الجنة .
اللهم آمين
أسال الله أن لايرد لك دعوة ،ولايحرمك من فضلة ، ويحفظ أسرتك وأحبتك ،ويسعدك ، ويفرج همك ، وييسر أمرك ، ويغفر لك ولوالديك وذريتك ، وأن يبلغك أسمى مراتب الدنيا وأعلى منازل الجنة .
اللهم آمين
الصفحة الأخيرة