بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
********************************
شرح حديث "له أجر خمسين منكم
للشيخ عبد الرحمن السحيم
السؤال
سؤال عن حديث فيه أن لمن تمسّك بالدين في آخر الزمان يكون له أجر خمسين من الصحابة .
هل هو صحيح ؟
وإذا كان صحيحا كيف يكون له أجر خمسين من الصحابة ؟
الجواب
الحديث رواه ابن نصر في كتاب السُّنة بلفظ :
إن من ورائكم أيام الصبر ، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم . قالوا : يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم .
والحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله بمجموع طُرقه .
وأما كيف يكون له أجر خمسين من الصحابة فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، هذا أولاً .
وثانياً : قد يَفْضُل العمل باعتبار الزمان أو المكان – وفيه تفصيل - .
ثالثاً : لا يعني ذلك أن يكون المتّصف بذلك أفضل من الصحابة .
وبيان ذلك :
أنه من المعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء ، وهو خيرهم وخاتمهم .
ومع ذلك فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضائل لبعض الأنبياء ، حيث ذكر أن إبراهيم خليل الرحمن ، وأن موسى أذي بأكثر مما أُوذي به النبي صلى الله عليه وسلم فصبر ، إلى غير ذلك مما ذُكر من فضائل الأنبياء ، ولا يعني ذلك تفضيلهم على نبينا صلى الله عليه وسلم .
ولأنبياء هو صفوة الله من خلقه .
ويُقال في فهم هذا الحديث أن العمل الصالح يكون فاضلا باعتبار الزمان ، وهنا وصف النبي صلى الله عليه وسلم أيام الشدّة بأيام الصبر ، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام : سبق درهم مائة ألف درهم . قالوا : وكيف ؟ قال : كان لرجل درهمان تصدّق بأحدهما ، وانطلق رجل إلى عرض ماله فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها . رواه الإمام أحمد والنسائي .
فصاحب الدرهمين لما تصدق بدرهم كأنه تصدّق بنصف ماله ، وإن كان الآخر الذي تصدّق بمائة ألف أنفع للمسلمين وأكبر أثراً .
وقد يكون العمل فاضلا ويفضل غيره بما يقع في قلب الشخص ، كما هو الحال في البغي الذي سَقَتْ كلباً فغفر الله لها . والقصة في الصحيحين .
وكحال الرجل الذي وجد غصن شوك في الطريق فأخّره ونحّاه ، فغفر الله له . والقصة في الصحيحين .
ثم إنه عليه الصلاة والسلام قال في هذا الحديث : للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم .
فخص الأيام بالصبر ، وخص الأجر بالمتمسّك ، وهذا اللفظ يدلّ على شدّة التمسّك ؛ لأن الإمساك يكون برفق بخلاف التمسّك .
هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى فإنه ذكر التمسّك بما كان عليه الصحابة لا دين ملفّق من أديان ، ولا دين مرقع ، بل " بما أنتم عليه "
وقد ذكر رسول الله وصف الفرقة الناجية فقالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي .
ثم إن الصحابة كانوا يجدون على الخير أعوانا ، والمتمسّك في أيام الصبر قد لا يجد على الخير أعوانا ، بل ربما كان مُحارَبا مُطارداً مُتّهما لتمسّكه بِدِينه ، كما هو مشاهد في كثير من أصقاع الأرض .
والمجتمع كان يُعين على التمسّك لأن المخالف كان يُنبذ بخلاف زمان الصبر وأيام الشدائد ، فإنه قد يكون المتمسّك بدينه هو المنبوذ !
ولذا قال الإمام الذهبي في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله :
كان هذا الرجل حسن الخلق والخلق كامل العقل حسن السمت ... ناطقا بالحق مع قلّة المعين وكثرة الأمراء الظلمة الذين مَلُّوه وكرهوا محاققته لهم ونقصه أعطياتهم ، وأخذه كثيرا مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق ، فما زالوا به حتى سقوه السمّ ، فحصلت له الشهادة والسعادة ، وعُـدّ عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين والعلماء العاملين . اهـ .
وليس معنى هذا أنه أفضل من معاوية رضي الله عنه ، والذي عـدّه العلماء الخليفة الخامس ؛ إذ هو الخليفة الذي حكم مدة طويلة بعد الخلفاء الأربعة ، ولكن كان معاوية يجد على الخير أعواناً ، وعمر بن عبد العزيز قلّ مَن يُعينه ، كما ذكر الإمام الذهبي رحمه الله .
ثم إن تفضيل الصحابة رضي الله عنهم لا يعني تفضيل كل فرد من أفرادهم على كل فرد من أفراد من بعدهم ، فقد يفضل بعض الناس بِعلْم أو فضل وعدل ، ما يفوق به بعض أفراد الصحابة رضي الله عنهم في عظيم أثره في الأمة ، وإن كان لا يُداني كبارهم في المنـزلة ولا في الفضل .
فإن الصحابة منهم السابق ومنهم المهاجر ومنهم من تأخر إسلامه ، كالذين أسلموا بعد الفتح ، وتباينت مراتب الصحابة لذلك ، لذا قال عز وجل : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى )
ومما ينبغي أن يُعلم أنه لا مَطمع في بلوغ مراتب الصحابة ولا فضلهم .
فالصحابة قد زكّاهم الله وشهد بفضلهم وأجمعت الأمة على أنهم خير الناس بعد نبيِّهم صلى الله عليه وسلم بشهادته صلى الله عليه وسلم لهم .
ويجب أن لا يغتر الإنسان بعمله فيظن أنه بلغ مراتب الصحابة أو أنه يُدانيها
فقد سمعت أنه قيل عن بعض الناس اليوم : صحابي يعيش في القرن الخامس عشر الهجري !
ألم يبلغهم قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله وقد قيل له : يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينة فإن قَضى الله موتاً دُفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : والله لأن يعذبني الله بغير النار أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني أراني لذلك أهلا .
قال ذلك أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الذي عدّه بعض العلماء خامس الخلفاء لمشابهته لسيرهم في العدل والزهد .
فماذا يقول غيره ؟
الذي ربما رأى أنه مثل الصحابة أو أنه يُمكن أن يبلغ ما بلغوا ، وربما كان موغلا في الموبقات ، أو كان مُنطرحا بين الشهوات والشُّبهات ، أو كان ممن لم يُقدّم لِدِينِه سوى فضلة وقته – إن قدّم – أو لم يتذكر أن له ديناً يحمله .
وهو مع ذلك يرجو أن ينال مراتب الصحابة !
هيهات هيهات !
ألم تـرَ أن السيف ينقص قدره *** إذا قيل أن السيف أمضى من العصى !!
********************************
لـِنكُنْ آروَاحْ رَاقِـيَـة
نَتسـامْى عَنْ سَفـاسِفَ الأمُـورْ وَعـَنْ كُـلْ مَـايَخِدشُ نـَقائِنـا
نًحترِمْ ذآتنـَا وَنـَحتـِرمْ الغَـيْر .. عِنـدَمـْا نتـَحدثْ نتحَـدثْ بِعُمـْق
نـَطلبْ بـأدبْ .. وَنشُكر بـِذوَقْ .. وَنـَعتذِرْ بِـصدقْ
نتـَرفـْع عَـن التفَاهـَاتـْ والقِيـلَ والقـَالْ .. نُحِبْ بـِصَمتْ وَنغَضبْ بـِصَمتْ
وإنْ آردنـَا الـَرحِيلْ ..
moonlight5000 @moonlight5000
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
طيبتي أكبر خطاي
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة