بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
السؤال:
تُروَّجُ بين آونةٍ وأخرى رسالةٌ يزعم صاحِبُها أنه ـ بعدما خَتَم القرآنَ ـ رأى في مَنامِه الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم وحدَّثه بأنه:
«في هذا اليومِ مات مِنَ الدنيا ستَّةُ آلافِ (٦٠٠٠) مسلمٍ، ولم يدخل أحَدٌ منهم الجنَّةَ؛ فالزوجاتُ لا يُطِعْنَ أزواجَهنَّ،
والأغنياءُ لا يساعدون الفقراءَ، والناسُ لا تؤدِّي المَناسكَ المطلوبة منهم، والمسلمون لا يصلُّون الصلواتِ بانتظامٍ،
وإنما كُلٌّ على حِدَةٍ، والشيخ أحمد يتولَّى لكم هذا...» إلخ... يدَّعي مروِّجوها أنه مَنْ لم يطبعها ولم يوزِّعها على خمسةٍ وعشرين شخصًا
ولم يُبالِ بها لن يرى الخيرَ بعد ذلك، وأنَّ مَنْ طَبَعها ووزَّعها سوف ينال الأجرَ،
كما زَعَمَ أنَّ شخصًا اعتنى بها وكان لا يعمل فرُزِق بعملٍ، وأنَّ آخَرَ كان عاملًا وأَهْمَلها فضيَّع عَمَلَه ومَنْصِبَه.
فنرجو منكم بيانَ ما مدى صحَّةِ هذه الرؤيا المَنامية؟ وما حكمُ نشرِ هذه الرسالة؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ أنَّ مِنْ شرطِ الرؤيا الصالحةِ أَنْ تتجلَّى صلاحيَتُها في عدَمِ مُخالَفتها للمعتقَد السليم وللحكم الشرعيِّ الصحيح،
وأَنْ تكون مِنَ الرجل الصالح، وهذه الشروطُ غيرُ متحقِّقةِ الوقوع في الرسالة المزعومة، ولا مَضامينُها مُطابِقةٌ للمنهج السليم،
ويُظْهِر بطلانَها أنَّ المدَّعِيَ «صاحِبَ الرسالة» مجهولُ العين لا يُعْلَمُ صلاحُه وتقواه مِنْ ضلاله ودَجَلِه،
وأمَّا قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي» مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ
فإنَّ رؤيته صلَّى الله عليه وسلَّم في المنام لا تكون حقًّا إلَّا إذا وافقَتْ صورتَه وصِفَتَه التي كان عليها في الدنيا،
فقَدْ «كان محمَّدٌ ـ يعني: ابنَ سيرين ـ رحمه الله ـ ـ إذا قصَّ عليه رجلٌ أنه رأى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال:
«صِفْ لي الذي رأيتَه»، فإِنْ وَصَف له صفةً لا يعرفها قال: «لم تَرَهُ»»علَّقه البخاريُّ في «التعبير»
وعليه، فالحكمُ بأحقِّيَّةِ ما رآه النائمُ مِنْ صورةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُشترَطُ فيه أَنْ تحصل المشابَهةُ في صورته الحقيقية
بأوصافها الخَلْقية والخُلُقية التي جمعَتْها السننُ والآثار في الجملة، فإِنْ وقعَتِ المُخالَفةُ في أحَدِ الأوصاف المعروفة
أو في مجموعها فلا تكون إلَّا أضغاثَ أحلامٍ سبَبُها تلاعُبُ الشيطانِ بابن آدم؛
ذلك لأنَّ الشيطان لا يتمثَّل بصورة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الحقيقية، وإنما يتمثَّل في صورةٍ أخرى يُخيَّل للرائي
أنها صورةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وليسَتْ كذلك، ومِنْ جهةٍ أخرى كيف يأمن العبدُ أَنْ تكون رؤيَا صالحةً
أو يكونَ هو مِنَ الصالحين وهو أمرٌ لا يُعْرَفُ إلَّا بموافَقةِ الشرع؟ لذلك فلا عِصْمةَ فيما يراه النائمُ، ويَلْزَمه ـ
والحالُ هذه ـ عَرْضُ ما رآه على الشرع: فإِنْ وافَقَه فالحكمُ بما استقرَّ عليه الشرعُ؛ إذ أحكامُ الشريعةِ وأصولُ الدين غيرُ موقوفةٍ
على ما يُرى في المنامات، وإِنْ خالَفَ الشرعَ رُدَّ مهما كان حالُ الرائي أو المرئيِّ،
ويُحْكَم على تلك الرؤيا بأنها حُلُمٌ مِنَ الشيطان، وأنها كاذبةٌ وأضغاثُ أحلامٍ.
وإذا تَقرَّر هذا المسلكُ فإنَّ هذه الرسالةَ المزعومة شطحةٌ صوفيةٌ لا ينبغي تصديقُها، ناهيك عن اعتقادِ محتواها
أو تنفيذِ مضمونها بالطباعة والتوزيع، والْتزامُ العملِ بمثلِ هذه الرؤيا المُخالِفة للمُتيقَّن
مِنَ الشرعِ إنما هو عملٌ بالظنون والأوهام؛ فكيف يُترك المتيقَّنُ للموهم؟
وبناءً عليه، فإنَّ تنفيذَ مَضامينِ هذه الرسالةِ أو العملَ بمقتضاها المخالِفِ للشرع ما هو إلَّا اعتقادٌ كامنٌ في أنَّ الشريعة
قابلةٌ للنسخ بالرُّؤَى المَنامية، وهو ـ بلا شكٍّ ـ
إقرارٌ ضمنيٌّ بتجديدِ الوحي بعد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو باطلٌ بإجماعِ المسلمين.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين،
وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
♥️Morjana @morjana_3
عضوة مثابرة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
😻لولو كاتي 😻
•
جزاكِ الله الفردوووس الاعلى ❤
😻لولو كاتي 😻 :جزاكِ الله الفردوووس الاعلى ❤جزاكِ الله الفردوووس الاعلى ❤
و يجزيك الجنة يا أختي
مرحبا بك في متصفحي باركك الله
مرحبا بك في متصفحي باركك الله
الصفحة الأخيرة