جنود مجهولون كانوا وراء محاولات انقاذ ركاب العبارة المنكوبة.. شركة ملاحية خاصة تطوعت بالمهمة الانسانية.. وبالفعل انقذوا خمسة ركاب كانوا في قبضة الموت.. قضوا 72 ساعة بين الأمواج بلا نوم.. شاهدوا قصصا انسانية يشيب لها شعر الرأس.. انتشلوا أكثر من 150 جثة كانت طافية فوق المياه.. وكشفت رحلاتهم عن مفاجآت مثيرة تطابقت مع تحقيقات النيابة.. أخبار الحوادث تنفرد باسرار هذه الرحلات وتقدم التفاصيل الكاملة لعمليات انتشال الاحياء وانتشال الجثث التي كان بعضها مشوها مما يشير إلي ان أسماك القرش طالت بعض هذه الجثث والتهمت اجزاء منها!
بعد ساعات قليلة من اكتشاف حادث غرق الباخرة السلام تحركت إحدي شركات النقل الخاصة لمساعدة القوات البحرية في عمليات الانقاذ. وأنتشال الجثث. حكايات الضحايا .. والذين تم انقاذهم تبكي العيون..
وتدمي القلوب.. أكثر من 72 ساعة متواصلة قضاها رجال الانقاذ علي الباخرة ردس جيث.. والباخرة المتحدة واحد بلا نوم.. 'أخبار الحوادث' انفردت بتفاصيل هذه الرحلات ..وكذلك صور تنشر لأول مرة من موقع الحادث علي بعد 60 ميل بحري من ميناء سفاجة!كشف مسئول الشركة بعض سلبيات مسئولي الميناء التي تسببت في تأخر عمليات الانقاذ.. ومن موقع الحادث بدأت عمليات انتشال الجثث.. وعشرات القصص الانسانية التي رواها المصابون الذين تم انقاذهم! الحوار كان مؤلما بين القبطان طارق جمال وطاقم الانقاذ بالباخرة ردس جيث وبين احد الاشخاص الذين تم انقاذهم من الموت في حادث العبارة السلام .98 بكي الشاب محمود وهو يحكي قصته لطاقم الباخرة قائلا¢: 'حينما بدأت السفين تغرق تعلقت بطوق نجاة.. فجأة وسط الامواج المتلاطمة لمحت طفلا في الثامنة من عمره يصرخ طالبا مساعدته.. تمكنت بصعوبة بالغة من التقاط يده.. وتعلقت به بإحدي يداي.. وباليد الاخري أمسكت طوق النجاة! مضت ساعات طويلة ونحن في المياه الغاضبة.. بدأت قوي الطفل تخور.. وكذلك أنا اصابني التعب.. وكدت أفقد الأمل تماما في البقاء علي قيد الحياة! يزداد بكاء محمود وهو يكمل: قبل نصف ساعة من وصول زورق الانقاذ أصاب الطفل الاعياء.. وبدأ يقول 'ياعمو سيبني أموت.. خلاص ما فيش أمل'.. لم تزدني كلماته سوي المزيد من التعلق به.. والتمسك بالحياة.. وفجأة أنتهي كل شيء! يكمل محمود وهو يحكي قصته لرجال الانقاذ: 'فجأة دفعتني موجة قوية لطمت وجهي.. وكذلك وجه الطفل.. نظرت إليه وأكتشفت أنه فارق الحياة! حينما أنهي محمود حكايته كانت حالة من البكاء الهستيري تكسو الوجوه.. وصلت الباخرة رد للشاطيء.. لم يهتم محمود بشيء سوي الذهاب لثلاجة الشهداء من الغرقي لالقاء نظرة الوداع الاخيرة علي الطفل 'وائل'.. رغم انه قبل هذه الرحلة لم يكن يعرفه! هزت هذه القصة مشاعر طاقم الانقاذ.. بدأوا عملهم بعد الحادث بساعات قليلة حينما قام القبطان طارق جمال المستشار التنفيذي للشركة المتحدة للنقل البحري بالاتصال بقيادة القوات البحرية في ميناء سفاجة.. عرض عليهم المساعدة في عمليات الانقاذ مستخدما أمكانيات الشركة من الزوارق.. والسفن الحديثة! علي الفور وافق قائد القوات البحرية اللواء أحمد نجيب.. وقام القبطان طارق بالاتصال بقائد السفينة المتحدة واحد.. طلب منه اعداد حالة الاستعداد القصوي.. وتجهيز السفينة بسرعة.. وقررت القوات البحرية تموين سفن الشركة بالماء والوقود! في صباح السبت تحركت السفينة متجهة إلي 60 ميل شمال سفاجة بأتجاه 45 درجة.. تلك المنطقة المرعبة التي يتجاوز عمقها 900 متر حيث ترتع أسماك القرش.. وحيث غرقت السفينة السلام وعلي متنها المئات من الابرياء!
المشهد المؤلم
بعد ساعتين ونصف وصلت الباخرة التي كانت تنطلق بسرعة 30 عقدة.. المشهد كان مؤلما.. عشرات الجثث طافية فوق الماء.. القوات البحرية علي الجانب الآخر تقوم بوظيفتها علي أكمل وجه! عمليات انقاذ الضحايا مستمرة.. نجحت أطواق النجاة التي ألقت بها طائرات القوات المسلحة في أنقاذ العشرات.. وبواسطة أحبال وخطافات سمكية تمكن الغواصين من أنتشال عشرات الجثث.. و5 ناجين يرتدون 'لايف جاكيت' وهي سترات أنقاذ بها لمبة تضاء بواسطة بطارية تحدد أماكنهم في الظلام! كان في انتظار فريق الغواصين مفاجأة قاسية.. عدد كبير من الضحايا كانوا يرتدون سترات الانقاذ.. ولكنها لم تنقذهم.. ماتوا بداخلها بعد أن تناولوا كميات كبيرة من الماء المالح! الأكثر إثارة أن عدد كبير من 'الرماثات' وهي أطواق نجاة بلاستيك كان ملقي في الماء دون أن يفتح أوتوماتيكيا.. وأكتشف فريق الانقاذ أن عدد كبير من اطواق النجاة.. لايف جاكيت والرماثاث' فاسدة.. وأغلبها من ماركات مجهولة.. الا عدد بسيط منها.. وهي الأطواق التي ألقت بها طائرات القوات المسلحة.. وهذا يبرر أن أطواق النجاة لم تنقذ الأرواح! استمرت رحلة الباخرة الأولي 'المتحدة 1' 26 ساعة متواصلة.. تم انتشال 30 جثة.. و5 أحياء عادت بهم الباخرة إلي ميناء سفاجة قبل أن تسرع الباخرة رد من جيت للانطلاق في طريقها إلي الرحلة الثانية.. الظلام كسا الأفق.. طائرات القوات المسلحة كانت تلقي بأعمدة دخان في أماكن الجثث التي يتم أكتشافها.. أو بعض الإحياء الذين يرتدون 'لايف جاكت'! أنتشلت الباخرة عددا من الجثث.. مات الشهداء من البرودة.. وشرب الماء المالح.. وجثتهم كلها كانت سليمة في ثاني أيام الحادث.. ولكن ثالث أيام الانقاذ كان يحفل بمفاجآت مثيرة لفريق الغواصين علي بواخر الشركة! حينما وصلت الباخرة ردس جيت لموقع غرق السفينة لاحظ فريق الغواصين ان عشرات الجثث بدأت تطفو من جديد في مكان الغرق.. أسماك القرش المتوحشة.. واسماك البراكودا التهمت أجزاء كبيرة من أجساد.. ووجوه الغرقي! لم يستطع أحد الغواصين القفز في الماء.. لأن بعض الجثث كانت غارقة في أعماق سحيقة لايستطع أي غواص الوصول إليها.. بينما تم أنتشال كل الاحياء.. وكل الجثث بواسطة الأحبال.. وباقي وسائل الأنقاذ.. وبعض الأوناش! الرحلة الثالثة! المركب الثالثة للشركة استمرت رحلتها 27 ساعة متواصلة وعادت للميناء وعلي متنها 89 جثة لم يكن بينهم أحياء.. جثتان منهما أثارت مشاعر الجميع لأب كان يحتضن ابنته الصغيرة التي لايتجاوز عمرها 7 سنوات! مات الأب.. والأبنة.. وألتصقت الجثتان.. لم يفلح رجال الأنقاذ في فصلهما.. لأنهما كانا في حالة تيبس.. حاول أيضا الأطباء الشرعيين فصل الجثتين ولكن بلا جدوي! أضطر المسئولون في الميناء لوضع جثة الأب.. وابنته في كيس واحد.. تمهيدا لأخذ عينات من الحامض النووي للاستدلال علي شخصيتهما! أخبار الحوادث إلتقت مع القبطان طارق جمال المشرف علي عمليات الانقاذ.. وسألته لماذا كان التأخير في عمليات الانقاذ.. فقال:
لم يكن هناك أي تأخير في عمليات الانقاذ.. ولكن التأخير كان في الابلاغ عن أختفاء السفينة.. ويجب أن نحاسب المقصر.. هناك أحاديث كثيرة عن عدم وجود أشارات استغاثة من السفينة الغارقة.. وهذا يثير الدهشة.. لأنه يوجد بالسفينة عدة أجهزة لاسلكي.. كذلك هواتف خلوية عديدة! ميناء سفاجة مسئول عما حدث لأن السفينة لم تأت في موعدها الساعة الثانية والنصف صباحا.. كان من المفترض أن تتحرك جميع الاجهزة في هذا التوقيت بحثا عن السفينة.. ولايجب تعليق شماعة الحادث علي القبطان صلاح جمعة قائد الباخرة سانت كاترين.. لأنه حينما غادر الميناء كانت السفينة قد غرقت! يكمل القبطان طارق: حينما وصلته اشارة من طوق بلاستيك كان علي بعد 25 ميل من السفينة.. ولم يكن يملك العودة لأنه سيعرض أرواح 1800 راكب لخطر داهم.. فأنه لو ألقي أطواق نجاة لركاب السلام 98 لاصبح ركاب سفينته بلا وسائل أمان في مناخ بحري سييء.. وكانت الكارثة قد أزدادت! تصرف صلاح بشكل مثالي حينما أبلغ الجهات المسئولة فطلبوا منه استمرار رحلته. يواصل القبطان طارق حديثه قائلا: هناك مواقف عظيمة قام بها أهالي سفاجة.. كشفت عن جوهر أصيل للانسان المصري.. منهم صاحب محل حديد.. طلبنا منه تصنيع ونش حديد لالتقاط الجثث.. والغرقي.. أنجز ما طلبناه في وقت قياسي.. طلبنا منه فاتورة الحساب فرفض بشدة أن يتقاضي مليما.. أخبرنا إنه يحتسب عند الله أجره.. وأكد لنا أن ما فعله مساهمة بسيطة لأسر المفقودين.. والضحايا! كذلك طاقم المراكب البالغ عددهم 26 من الغطاسين.. وقادة السفن.. كلهم لم يذوقوا طعما للنوم منذ يوم الحادث.. أخذوا عهدا علي أنفسهم الا يخلدوا للنوم الا بعد أنتهاء أعمال الأنقاذ.. كلهم تحركت مشاعرهم حينما شاهدوا الألوف من أقارب ركاب السفينة.. والدموع بعيونهم وهم يبيتون ليلتهم في العراء.. علي الأرصفة أمام الميناء في انتظار أي معلومة.. حتي لو كانت جثة.. ابنهم.. أو شقيقتهم!
المصدر صحيفة دنيا الوطن ملاحظه فيه صور بس خفت احطها ويكون فيها كلام او ممنوع
الـــــوفاء @alofaaa_9
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
لوزة الأمورة
•
الله ينتقم من كل شخص كان سببا في هذه الكارثة
الصفحة الأخيرة