قمراء السبيعي لـ"سبق": التوظيف الخاطئ لحق القوامة من بعض الأزواج أهم من قيادة المرأة

الأسرة والمجتمع

- لا أحد يستطيع التحدث باسم المرأة السعودية سواها.. وهؤلاء ليسوا أوصياء عليها .

- هناك فئة تحمل لواء نصرة المرأة السعودية وهي أبعد ما تكون عنها وعن قضاياها .

- ليت هذه الوسائل الإعلامية تحافظ على اسم الوطن الذي تنتسب إليه وتتحرى الحقيقة والمهنية في متابعتها لتلك القضايا قبل نشرها، ولكن هل تنفع ليت؟!

- هناك فرق بين ممارسة الرياضة في أماكن نسائية خاصة منضبطة بضوابط بهدف الترويح عن النفس، أو المردود الصحي وبين ممارستها كرياضة تنافسية .

- للأسف الشديد بعض الإعلاميات السعوديات يسرفن في جلد ذات المرأة السعودية بطريقة تفتقد الموضوعية وتثير العجب والطعن في كل ما هو (إسلاموي) كما يحلو لهن تسميته .

- إنتاج أول وأضخم عمل علمي راصد، يُعنى بدراسة الموضوعات المتعلقة بالمرأة السعودية في مختلف المجالات التنموية، وهو موسوعة للدراسات العلمية لقضايا المرأة في المملكة .


حوار: إبراهيم العبد اللطيف - سبق- الرياض : قالت الكاتبة والأكاديمية التربوية قمراء السبيعي إنه لم يكن المجتمع السعودي في يوم من الأيام ضد حصول المرأة على حقوقها في التعليم أو العمل أو الإسهام في شتى مناحي التنمية ما دام ذلك يتوافق مع تعاليم شريعتنا الإسلامية السمحة, وأضافت في حوار لها مع "سبق" أنه لا أحد يستطيع التحدث على لسان المرأة السعودية بعدل سواها، فهي مَنْ تعبر بكل صدق عن نفسها وعن بنات جنسها، وتحديداً إذا ما كانت ذات انتماء ديني ووطني حقيقي لا يقبل المزايدة.


واعترفت "السبيعي" بأن هناك مشكلات تواجه مجتمعنا, والمرأة خصوصاً وعلينا أن نواجهها.


ورفضت "السبيعي" تسويق البعض للنموذج الغربي بأنه الحل وقالت: "لا بد من النظر إلى مشكلاته بعين الإنصاف والعدل، والسعي إلى البحث عن حلولٍ لها في ضوء الشريعة الإسلامية السمحة، لا الدعوة إلى التماهي مع النموذج الغربي وكأنه الحل الوحيد لإنقاذ المرأة!", وقالت: "هناك فئة تزعم أنها تحمل لواء نصرة المرأة السعودية، ونصبت نفسها وصية عليها، وكأنَّ المرأة لدينا مستلبة الفكر والرأي، بل وتزعم الفئة ذاتها بأنَّ كل سعودية مظلومة مضطهدة!، ومنهن نماذج نسائية فردية تنتسب إلى الوطن- اسماً لا هوية- انبثقت دعواتهن من قناعات ومواقف شخصية شكلت أيديولوجيتهن ووجهتها للانتقاص من المرأة السعودية وتدويل ذلك إعلامياً، وتعميم ما يعانينه وما يطالبن به على كل امرأةٍ سعودية! وحقيقة الأمر أنَّ هذه الدعوات تخالف رغبات معظم النساء السعوديات".


وزفت الأستاذة قمراء السبيعي بشرى إنتاج أول وأضخم عمل علمي راصد، يُعنى بدراسة الموضوعات المتعلقة بالمرأة السعودية في مختلف المجالات التنموية، وهو بعنوان "موسوعة الدراسات العلمية لقضايا المرأة في المملكة العربية السعودية".


وفيما يلي نص الحوار مع الأكاديمية والكاتبة قمراء السبيعي :


كثر الحديث عن قضايا المرأة السعودية وأنها مظلومة ومهضومة الحقوق، وترفع التقارير التي تحرض على المملكة من قبل وجوه نسائية تزعم أنها تتحدث باسم المرأة السعودية.. السؤال من يتحدث باسم المرأة السعودية؟ وهل منحت السعوديات صكاً لمجموعة "ما" للتحدث باسمهن؟
بدايةً لا بد من الإشارة إلى أنَّ من أهم الأسس الإستراتيجية لخطة التنمية الوطنية الثامنة: "الاهتمام بشؤون المرأة، وتطوير قدراتها، وإزالة المعوقات أمام مشاركتها في الأنشطة التنموية في إطار ما تقضي به القيم والتعاليم الإسلامية"، ولم يكن المجتمع السعودي في يوم من الأيام ضد حصول المرأة على حقوقها في التعليم أو العمل أو الإسهام في شتى مناحي التنمية ما دام ذلك يتوافق مع تعاليم شريعتنا الإسلامية السمحة .


وينبغي التأكيد على أنَّ مجتمعنا مثله مثل أي مجتمع يعاني مشكلات معينة، وادعاء مثاليته أمر لا يقرِّّه عاقل، وعليه لا بد من النظر إلى مشكلاته بعين الإنصاف والعدل، والسعي إلى البحث عن حلولٍ لها في ضوء الشريعة الإسلامية السمحة، لا الدعوة إلى التماهي مع النموذج الغربي وكأنه الحل الوحيد لإنقاذ المرأة !


ومن الإنصاف أيضاً رفض تصوير المرأة السعودية وكأنها في مجتمع غاب يتفنن الجميع في ظلمها وهضم حقوقها! وتصوير مشكلاتها في قضايا معينة: الاختلاط بالرجال في ميدان العمل! أو عدم السفر من دون محرم، أو حتى عدم قيادة السيارة، وصولاً إلى الزج بها إلى مجالات مستحدثة تفتقد الضوابط الشرعية تحت شعار الانفتاح، والتطور، والاستقلالية، والمدنية !


وعوداً على سؤالكَ أقول: لا أحد يستطيع التحدث على لسان المرأة السعودية بعدل سواها، هي مَنْ تعبر بكل صدق عن نفسها وعن بنات جنسها، وتحديداً إذا ما كانت ذات انتماء ديني ووطني حقيقي لا يقبل المزايدة !


ولكن مع الأسف الشديد نرى أنَّ هناك فئة تزعم أنها تحمل لواء نصرة المرأة السعودية، ونصبت نفسها وصية عليها، وكأنَّ المرأة لدينا مستلبة الفكر والرأي، بل وتزعم الفئة ذاتها بأنَّ كل سعودية مظلومة مضطهدة!، ومنهن نماذج نسائية فردية تنتسب إلى الوطن- اسماً لا هوية- انبثقت دعواتهن من قناعات ومواقف شخصية شكلت أيديولوجيتهن ووجهتها للانتقاص من المرأة السعودية وتدويل ذلك إعلامياً، وتعميم ما يعانينه وما يطالبن به على كل امرأةٍ سعودية! وحقيقة الأمر أنَّ هذه الدعوات تخالف رغبات معظم النساء السعوديات، الأمر الذي تؤكده دراسة ميدانية نُشِرَتْ في صحيفة الجزيرة بتاريخ: ( 13/ 6 / 1427هـ، ع 12337) أجراها جهاز الإرشاد والتوجيه في الحرس الوطني على عينة عشوائية من النساء السعوديات، والتي توصلت إلى "أنَّ 88% منهن يرفضن قيادة السيارة، و 92% يرفضن السفر إلى الخارج للدراسة من دون محرم، و90% يرفضن العمل المختلط".


هل انحصرت قضايا وهموم ومشاكل المرأة السعودية في قيادة المرأة للسيارة وزواج الصغيرات والسفر من دون محرم أم أن هناك من يريد القفز على قضايا السعوديات الحقيقية؟
لعلي استشهد بمقولةٍ ورد ذكرها في كتاب (المتلاعبون بالعقول) للمفكر "هربرت شيللر" مفادها: "أنَّ المسؤولين عن أجهزة الإعلام يعمدون إلى طرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع الحقائق، وذلك من خلال غمر المتلقي بالمعلومات عبر وسائل الإعلام، ومع ذلك فإنهم لم يتمكنوا من منع تزايد فهمه"، وعليه فإنه لا يخفى على كلّ مَنْ ينظر بعين الإنصاف والعدل بأنَّ هذه القضايا لا تعبر عن الواقع الحقيقي للمرأة السعودية، ومن ثم فإنَّ حصر همومها وقضاياها بقيادة السيارة، والسفر من دون محرم يعدّ نوعاً من الظلم والإجحاف .


ومهما تعددت محاولات القفز- كما أسميتها- فلن تُخفيَ القضايا والمشكلات الحقيقية التي تعانيها بعض النساء السعوديات، بسبب بعض العادات الاجتماعية الخاطئة، أو التوظيف الخاطئ لحق القوامة من بعض الأزواج، أو لحق الولاية من بعض الأولياء، كمشكلات المطلقات، والمعلقات، والأرامل، وكبيرات السن ممن يفتقدن المعيل، فأين الحلول المطروحة لهن؟! وهل تمَّ التطرق إلى ما تعانيه المرأة من العضل، إضافةً إلى حرمانها من الإرث، كأبسط الحقوق المكتسبة التي كفلها الشرع القويم للمرأة؟!


كيف تنظرين إلى تقارير الظل التي تقدم من قبل بعض المنسوبين للمجتمع السعودي إلى لجان متابعة تنفيذ توصيات مؤتمرات المرأة الدولية؟
المادة الرئيسة التي تبنى عليها هذه التقارير هي شهادات ومتابعات لفئة تنتسب إلى الوطن- اسماً لا هوية-، وعادةً ما تخلو من الأسماء الحقيقية، ويرمز لها بأحرف أو صفات، كباحث، أو قانوني، أو ناشط.. إلخ، ويتوجب علينا أن نخضع هذه التقارير للنقد والرد؛ لأنَّ معظمها مبني على معلومات مغلوطة موجههة! لتتوافق في نهاية المطاف مع السياسة المعلنة لهيئة الأمم المتحدة التي تجعل الاتفاقيات الدولية مرجعية عالمية موحدة لشؤون المرأة.


وأذكر منها على سبيل المثال لا للحصر " تقرير قاصرات إلى الأبد" الذي نُشِر في 12/4/2008م، والصادر عن منظمة (هيومن رايتس ووتش)، وقد ركز التقرير بشكل جلي على قضية الفصل بين الجنسين، والمحرم كونه يقيد حرية المرأة السعودية وينتهك حقوقها الإنسانية! ولعلي أذكر من الشهادات العجيبة التي وردت فيها، ما يلي
قالت امرأة لـ "هيومن رايتس ووتش": تحاول ابنتي الحصول على وقالت للبائع إنها يمكنها الكشف عن وجهها لتأكيد هويتها، لكن البائع رفض (ص20)، وامرأة أخرى اضطرت إلى الزواج تقول: بعت جسدي كي أتمكن من إتمام معاملاتي الإدارية، لقد أضررت بسمعتي وكرامتي، لكنني تمكنت من تصريف أموري (ص21)، وتقرير دولي آخر صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" لعام 2008 م، كان هدفه قياس مؤشر الفجوة بين الجنسين، واضعاً المملكة في المراكز الثلاثة الأخيرة مع تشاد واليمن!، وقد نُشر في صحيفة الوطن بتاريخ: 20-11-1429هـ، حيث أكد التقرير في نتائجه على حصول المملكة على أحد المراكز الثلاثة الأخيرة مع تشاد واليمن، وقاس التقرير المساواة بين الجنسين والفجوة بينهما في المجتمع، مركزاً على مستوى الحصول على التعليم ومستوى مشاركة الإناث الاقتصادية والتعليمية والسياسية للذكور .


وبعد رجوعي إلى تقرير التنمية البشرية الأخير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، وجدتُ أنَّه يتنافى تماماً مع ما ذكر في تقرير "دافوس"! حيث تمَّ سدَّ الفجوة في مؤشرات القيد بين الجنسين في المرحلتين الثانوية والجامعية، فقد بلغ معدل الفجوة بين الجنسين في المرحلة الابتدائية (1.03%)، والثانوية (1.03%)، والجامعية (0.09%)، وفي جميع المراحل (1.11%). (تقرير التنمية البشرية- ص148-150)، بل إنَّ المملكة تحتل في مجال تعليم المرأة المرتبة الثامنة على مستوى الدول العربية بنسبة (62.8%)، والعجيب أنّ هذا التقرير لقي تأييداً من بعض السعوديين المحسوبين علينا، وقد أرجعوا أسبابه إلى سياسة الفصل بين الجنسين!، ولم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عن معايير أمثال هذه التقارير، وعلى أيّ الإحصائيات اعتمد !


والحديث عن خفايا تقارير الظل يطول، ولمن أراد الاستزادة عن التقارير المذكورة أعلاه ، فقد فصلتُ الحديث عنهما مقالات سابقة نُشِرَتْ في صحيفة "سبق" بعنوان: "مَنْ يقف خلف مسلسل الإساءة للمرأة السعودية؟!"، و"السعودية في المركز الأخير مع تشاد واليمن!".


اتفاقية السيداو- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة- كيف ترين انعكاس هذه الاتفاقية على واقع المرأة السعودية؟
انبثقت اتفاقية السيداو من نظرية (تحديد الأجندة - Agenda Setting Theory) ، وتتلخص في تحديد الأولويات التي يتوجب على جميع دول العالم التفكير بها والتحاور حولها، ومن ثم تنتقل هذه الموضوعات ذات الاهتمام من قائمة أولويات حضارة الغرب إلى قائمة عامة لأولويات الشعوب الأخرى على اختلاف ثقافاتها، وأديانها، وقيمها .


ويمكن ملاحظة انعكاس بعض المراحل التي تمرَّ بها هذه النظرية من خلال بعض النوافذ الإعلامية السعودية التي تسعى لتسليط الضوء على بنود اتفاقية السيداو، حيث أصبحنا نقرأ من خلالها بعض مصطلحات هذه الاتفاقية بشكلٍ شبه يومي، كالتمييز ضد المرأة ، والمساواة التامة بين الرجل والمرأة، وتمكين المرأة.. إلخ، ومن ذلك أيضاً دعوة إحدى الكاتبات إلى تفعيل بنود الاتفاقية؛ لأنها- بحسب رأيها- ستعيد للمرأة السعودية وضعها الإنساني! متجاهلةً مدى مخالفة بعض بنودها للشريعة الإسلامية! كإلغاء جميع الفروق بين الرجل والمرأة، والاعتراف بالشواذ ومنحهم جميع الحقوق من باب المساواة! وبذلك تبدأ المرحلة الأولى من مراحل تشكيل الرأي الدولي العام حول قضايا المرأة، وتفعيل اتفاقياتها الدولية، وتقاريرها السنوية المراقبة لتطبيق بنودها من عدمه.


وفي مراحل لاحقة بعد تصديق بقية الدول على هذه الاتفاقية- ومنها المملكة- يتم تدويل قضايا المرأة من خلال تسييسها، واستخدامها كوسيلة ضغط على الدول التي ترفض نموذج الحضارة الغربية، لأسباب دينية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو أخلاقية، ولا يخفى على المتابعين، كم من قضية ٍ للمرأة السعودية تمَّّ تدويلها، وتدخلت فيها منظمات حقوقية دولية، ومع الأسف كانت شرارتها الأولى عبر بعض وسائل إعلامنا السعودي المحسوب علينا! حيث ساهم بشكل أو بآخر في نشر وقائع تفتقد للمصداقية في كثير من الأحيان، وتبين بعد تدويلها مخالفتها للواقع الحقيقي وعلى لسان صاحبات القضايا أنفسهن!، وليت هذه الوسائل الإعلامية تحافظ على اسم الوطن الذي تنتسب إليه، وتتحرى الحقيقة والمهنية في متابعتها لتلك القضايا قبل نشرها، ولكن هل تنفع ليت؟!


هل أنتِ مع من يطالبون بسحب توقيع المملكة على هذه الاتفاقية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من تصور كامل لتوقيع المملكة على هذه الاتفاقية، حيث وقعت وصادقت عليها عام 2000م، وهناك فرق بين التوقيع والمصادقة على الاتفاقية، فالتوقيع لا يعني الإلزام بتطبيق بنودها، ويكفل الحضور للجان هذه الاتفاقية ومؤتمراتها، في حين أنَّ المصادقة تعني الإلزام بشكل قانوني بتطبيق مواد هذه الاتفاقية داخل المجتمعات، ومن ثم تحصل الاتفاقية على صبغة تقنينية لتطبيقها واقعاً، وتتم المحاسبة سنوياً عبر تقارير تتابع مدى التقدم في تطبيق بنودها وموادها من عدمه .


وقد تحفظت المملكة العربية السعودية عند مصادقتها على الاتفاقية على بعض بنودها، وأكدت على أنه في حال وجود تناقض لأي عبارة في الاتفاقية مع أحكام الشريعة الإسلامية، فليست ملزمة بالتقيد بها، وذلكَ استناداً إلى المادة رقم (28) من الاتفاقية التي تنص على: "يتلقى الأمين العام للأمم المتحدة نص التحفظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام، ويقوم بتعميمها على جميع الدول".


وأنا مع المطالبة بتفعيل المادة رقم (26) من الاتفاقية التي تكفل إعادة النظر فيها، والتي تنص على: "يجوز لأي دولة من الدول الأطراف، في أي وقت، أن تطالب إعادة النظر في هذه الاتفاقية، وذلك عن طريق إشعار كتابي يوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وتقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة ما يتخذ من خطوات، إن لزمت، فيما يتعلق بذلك الطلب"، وعليه لا بد لجميع الدول الإسلامية والعربية-باستثناء السودان التي لم تصادق عليها- تقديم مذكرات تعيد النظر فيها، وترفض ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية في كل مادة من موادها، وكل بند متفرع عنها كخطوة قانونية لا بد من اتخاذها، وتقديم البدائل التي تسلط الضوء على الحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة قبل ميلاد هذه المنظمات بآلاف السنين !


والراصد للجان المتابعة الخاصة باتفاقية السيداو يلحظ مدى الازدواجية في ممارسة الضغط على بعض الدول المصادقة عليها- ومنها المملكة-، حيث تتهمها بانتهاك حقوق الإنسان! في حين تتجاهل الانتهاك الحقيقي لحقوق الإنسان في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من الدول المسلمة!، هذا عدا أنَّ تقرير هيئة الأمم المتحدة الذي قدمته في جنيف عام 2008م، ذكر أنَّ المرأة السعودية تعاني وجود مستويات عالية من الأمية، وسوء الرعاية الصحية، ومعاناتها من التمييز في معظم مناحي حياتها الاجتماعية!، وتجاهل التقرير الموضوعي الذي قدمته المملكة في العام ذاته والذي يبين إنجازات المرأة لدينا في التعليم، والصحة، ومدى تقدم مشاركتها في الجوانب التنموية الاجتماعية بشكل عام، بل إنَّ مبعوثتهم- هيئة الأمم المتحدة- لحقوق الإنسان "ياكين آرتورك" أكدت في ختام زيارتها للمملكة مدى التقدم الذي حققته المرأة السعودية، وأشادت به في المجالات الاجتماعية، والتعليمية!


وتتجلى الازدواجية في أوضح صورها عندما نعلم أنَّ إسرائيل، وأمريكا لم تصادقا على الاتفاقية! بحجة أنها تخالف ثقافتها، وأنّ لديها قوانين داخلية خاصة تعدّ أكمل وأفضل من اتفاقية السيداو !


ولمن أراد الاستزادة أكثر عن هذه الاتفاقية فأنصح بقراءة كتاب "رؤية نقدية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة CEDAW الصادر عن اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل.


هل تعتقدين أنَّ هناك تقصيراً من قبل المنظمات والجمعيات النسائية الإسلامية في حضور هذه المؤتمرات الدولية وطرح وجهة نظرها فيما تتم مناقشته؟
فعاليات المؤتمرات الدولية عادة تقسم إلى قسمين: قسم للجلسات الرسمية التي تضم الوفود الحكومية، وقسم للأنشطة الجانبية التي تضم عدداً من الفعاليات المصاحبة كورش العمل، والندوات، وحلقات النقاش، وتقدمها المنظمات غير الحكومية بهدف طرح أفكارها ورؤاها، وصولاً لكسب عدد من الأصوات المؤيدة لها .


والحمد لله رأينا مؤخراً تحركاً إيجابياً ضد هذه المؤتمرات الدولية، والرد عليها، وتبيان وجهة النظر الإسلامية التي تنطلق من مبدأ التكامل بين الرجل والمرأة، لا التماثل بينهما كما هي النظرة الغربية، سواءً على صعيد الجلسات الرسمية، أو الأنشطة الجانبية، كمشاركة ائتلاف المنظمات الإسلامية في "مؤتمر بكين +15" الذي عُقدَ مؤخراً في مارس 2010م، في الجلسات الرسمية، والأنشطة الجانبية، وقام بتوزيع بيانه على الوفود المشاركة في المؤتمر.


ويتضح لنا القلق الشديد من قبل اللجان القائمة على المؤتمرات الدولية تجاه تحركات المنظمات الإسلامية، منها ما حدث في مؤتمر "بكين +15" ، حيث تمَّ اعتماد الإعلان السياسي المطروح من قبل لجنة مركز المرأة منذ بداية المؤتمر على خلاف المعتاد الذي لا بد أن يتم إعلان اعتماده في نهايته! وعندما حاولت بعض المنظمات واللجان الإسلامية الاعتراض قيل لهم وقعوا الآن، وبعد ذلك قدموا اعتراضكم للأمين العام! فعلى ماذا يدل ّ ذلك؟!


وكرد فعل إسلامي مباشر تجاه ما حدث في هذا المؤتمر، وغيره من المؤتمرات الدولية التي تستهدف المرأة، نظمت جمعية مودة من البحرين، ومركز باحثات لدراسات المرأة من السعودية، مؤتمراً عُقِدَ في البحرين في الفترة من 28/4 – 1/5/1431هـ ، بعنوان: (اتفاقيات ومؤتمرات المرأة الدولية وأثرها على العالم الإسلامي)، حيث تمَّ فيه إعلان "وثيقة حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام"، وكان من أبرز توصياته، ما يلي: التأكيد على الالتزام بالمرجعية الإسلامية في التعامل مع قضايا المرأة ومطالبها ومشكلاتها، ورفض التدخل الأجنبي في قضايا المرأة والأسرة في الدول الإسلامية، وتأكيد سيادة الدول وخصوصيات الشعوب في الحفاظ على هويتها، ورفض جميع الاتفاقيات والمواثيق التي تخالف الشريعة الإسلامية، ولا تتفق مع فطرة المرأة، أو تهدف إلى إلغاء الفوارق الفطرية بين الرجل والمرأة، أو تهدد كيان الأسرة .


ومن الجهود المباركة أيضاً تمَّ تدشين (ميثاق الأسرة في الإسلام) مؤخراً في لبنان، حيث يعد مرجعية تشريعية لقوانين الأسرة المستمدة من الكتاب والسنة، موضحاً أهم الحقوق، والواجبات الأسرية لكل من الرجل والمرأة، وعكف على إعداده نخبةٍ من العلماء المسلمين، وبإشراف مباشر من اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، وقد تمت ترجمته إلى ست لغات حية، وصولاً إلى تعميمه على بقية دول العالم.


ويقع على عاتق الإعلام (المهني)، والنخب الثقافية (ذات الانتماء الديني والوطني) في المملكة دور كبير في الجانب التوعوي عن المؤتمرات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة، والتنبه إلى ما يعلن على هامشها، كإعلان الأمم المتحدة في "مؤتمر بكين +15" الذي تضمن ***** هيئة جديدة خاصة تعنى بتطبيق اتفاقية "السيداو"، بحيث تجمع تحتها كل هيئات الأمم المتحدة المعنية بذلك، وقد رصدت (بليون) دولار لتأسيسها، لتضمن نفوذاً واسعاً كونها تتبع الأمين العام مباشرة، وعليه ستتيح مساحة واسعة ذات تأثير أكبر لعمل المنظمات والجمعيات النسوية غير الحكومية !


الرياضة النسائية في المدارس من القضايا التي أثير حولها الجدال فكيف تنظرين إلى هذه القضية من منظور تربوي وإعلامي؟
ممارسة المرأة للرياضة الخفيفة أمر مباح شرعاً، ومن أهم ضوابطها الشرعية ألا يراها أحد من الرجال عند ممارستها لها، والمفارقة الإعلامية أننا نراها تبرز إعلامياً على صدر الصفحات الأولى مع مجموعة من قريناتها متوجة بكأس وميداليات ذهبية، وكأنها فتح عظيم! حيث تمَّّ تقنينها إعلامياً عبر مفردات الانفتاح الاجتماعي وحقوق المرأة المسلوبة !


وأمام هذه الأطروحات لا بد من إدراك الفرق بين ممارسة الرياضة في أماكن نسائية خاصة منضبطة بضوابط بهدف الترويح عن النفس، أو المردود الصحي، وبين ممارستها كرياضة تنافسية، أو عبر منهج دراسي حددت فائدته بأنه كفيل بالقضاء على السمنة بين فتياتنا! وتجاهلهم لحقيقة انتشار السمنة بين الرجال على الرغم من تنوع الرياضيات التي يمارسونها، وتعدد الأماكن المتوافرة لهم! إضافةً إلى تجاهلهم لحقيقة انتشار السمنة بين نساء العالم- لا السعوديات فقط - رغم ممارستهن لعدد كبير من الرياضات! ولعلي استشهد في الأسطر التالية بلغة الأرقام التي تخاطب العقول لا الأهواء !


أكدت إحصائيات منظمة الصحة العالمية عام 2005م، انتشار السمنة في الولايات المتحدة بين 40% من النساء و35% من الرجال، وفي بريطانيا 23% بين النساء و20% بين الرجال (موقع المنظمة)، وفي دراسة سعودية أجريت بين عامي 1995- 2000م ، على عينة عمرية بين 30- 70 سنة، وكان من أبرز نتائجها: أنَّ نسبة فرط الوزن بلغت 42% بين الرجال، و31.8% بين النساء، في حين أنَّ نسبة انتشار السمنة بلغت 26.4% بين الرجال، و44% بين النساء (المجلة الطبية السعودية، 2005م ،ع 26)، وأكدت دراسة سعودية أجريت في المنطقة الشرقية عام 2001م، شملت عينتها طلاب وطالبات الصف الثالث متوسط، إضافةً إلى المرحلة الثانوية، على أنَّ نسبة انتشار السمنة بلغت 19.3% بين الطلاب و11.8% بين الطالبات (المرجع السابق)، وذكر استشاري السمنة وتخفيف الوزن د. فؤاد نيازي في دراسة أجراها أنَّ 29% من الرجال يعانون زيادة الوزن مقابل 27% من النساء.


بل إنَّ هناك العديد من الدراسات العلمية التي أكدتْ على أنَّه ينتج عن ممارسة الرياضة فقط نقص للوزن بمقدار 2.9 كغم (المجلة الطبية السعودية، 2001م،ع22)، وفي دراسة أخرى أكدت على أنَّ الحمية الغذائية فقط تعد أكثر فاعلية لإنقاص الوزن من ممارسة الرياضة (المجلة الدولية للسمنة، 2006م، ع30)، وهناك العديد من الدراسات التي تؤكد الأمر ذاته، ولمن أراد الاستزادة فنصها بين ثنايا مقال منشور للدكتور مفلح الرويلي بعنوان: "الرياضة النسائية وجهة نظر طبية" .


وبعد أتساءل، لماذا تمَّ تجاهل لغة الأرقام- المهمة جداً في اتخاذ القرارات المصلحية- التي أكدت أنَّ نسبة انتشار السمنة بين الطلاب تتفوق أو تعادل الطالبات على الرغم من إتاحة الفرصة لهم بممارسة مختلف الأنشطة الرياضية وهل يمكن تقبل سطحية هذه الآراء التي اختزلت مشكلة السمنة والقضاء عليها في إقرار منهج للرياضة البدنية مخصص للطالبات، وجعلها عاملاً رئيساً ووحيداً لا مساعداً في إنقاص الوزن؟!


وأخيراً أين الدور التوعوي المنوط بوزارتي الصحة والتربية والتعليم لتسليط الضوء على مسببات السمنة، وطرح آلية علاجها، والآثار المترتبة على تفشيها صحياً واجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، من خلال عقد الدورات، وحلقات النقاش، والمؤتمرات، وورش العمل، لتستهدف شريحة الطلاب والطالبات على حد سواء، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام لتدشين حملات إعلانية ضخمة تصاحب هذه الفعاليات التوعوية، ولا سيما إذا ما علمنا أنَّ معدلات انتشار السمنة ازدادت في السنوات العشر الأخيرة في السعودية بنسبة 30 % ، الأمر الذي يتطلب تدارك المشكلة والبحث عن حلول واقعية لا تسطيحية لعلاجها !


رخص للمحاميات السعوديات, مطالبة بعمل المرأة في القضاء، في الوقت الذي لا نجد من يتحدث عن قضايا المرأة المعلقة في بعض المحاكم, ولا عن مشكلات الأمية, ولا عن وضع المرأة في القرى والهجر.. فهل نفتقد إلى ترتيب الأولويات؟
نحن لا نفتقد ترتيب الأوليات، بل نعاني تغييباً لها!، ولا ننتظر ممن لا يرى أمامه إلا الأشواك أن يقطف الأزهار ويقدمها لنا !


ولابدَّ من الإشارة إلى أنَّ هناك توجهاً جيداً لحل قضايا المرأة المعلقة في المحاكم من خلال ***** المحاكم الأسرية، حيث تختص بإصدار جملة من الأحكام الشرعية التي تكفل تنظيماً للعلاقات الأسرية، وفقاً للحقوق والواجبات المنوطة بكل فرد فيها، وقد قرأتُ أنَّ هذا التوجه اشتمل على مقترح يقسم تلك المحاكم إلى ثلاثة أقسام :


1- قسم تسوية النزاعات .


2- قسم القضاء .


3- قسم المكاتب التنفيذية لمتابعة الأحكام، وتكون هي المرجع المباشر للفرد الذي صدرت له أو عليه الأحكام، ولا ينقصها حالياً إلا التفعيل على أرض الواقع .


وكنتُ أتمنى ممن يروج لممارسة المرأة لمهنة المحاماة أن ينظر إلى الأمر بعين الإنصاف، ويزن الأمور بميزان العقل لا الهوى، فلا يخفى أنَّ ممارسة مهنة المحاماة تحتاج إلى جلسات متعددة، يعاضدها خروج متكرر من المنزل، إضافةً إلى اللقاءات المنفردة مع ذوي الشأن، والوقوف لساعات طويلة في المحاكم، هذا عدا عن الاختلاط الناتج عن ممارسة هذه الأعمال .


وحريّ بمن يطالب بمثل هذا أن يطرح البدائل التي تناسب طبيعة المرأة، كالاستشارات القانونية، والشرعية، التي تقدّم من خلال مكاتب نسائية متخصصة في النظر إلى قضايا المرأة المتعلقة بالأحوال الشخصية، والاقتصادية، وغيرها، بحيث تكون تابعة بشكل مباشر لوزارة العدل، فلمَ لا نرى هذه الأطروحات والمقترحات التي تعالج قضايا المرأة الحقيقية عبر نوافذنا الإعلامية؟! أليس هذا تغييباً متعمداً؟!


الإعلامية المحافظة لماذا هي غائبة عن الساحة؟ وهل الأبواب مغلقة في وسائل الإعلام أمامها ومشرعة لغيرها؟
الإعلاميات السعوديات المحافظات اللاتي يملكن حساً دينياً ووطنياً صادقاً لسن غائبات عن الساحة الفكرية، بل مغيبات على الرغم من قلة أعدادهن!، وإلا بماذا يتم تفسير استبعاد عدد من الأقلام النسائية السعودية المحافظة، وإيقاف زواياهن الكتابية، ومنع نشر الردود النسائية المتزنة على بعض الكتابات التي تزعم نصرة المرأة، في حين أننا نلحظ في المقابل ظهوراً لافتاً لعددٍ من الأقلام النسائية التي تصادم توجهات مجتمعنا المحافظ بشكل سافر، وتفرد لهن الزوايا تلو الزوايا! على الرغم من أنَّ بعضهن لسن من بنات الوطن، ولا يحملن إلا الأفكار المتناقضة، فضلاً عن غياب مهارة الكتابة التي لا تتجاوز أسطراً وكلمات متجاورة سميت مجازاً بمقالة !


ومن خلال سؤالكم هذا أوجه رسالتي للأخوات الكاتبات اللاتي يحملن هماً رسالياً، ولا يرضيهن ما يطرح عن المرأة السعودية من صور شوهاء، فهذا وقت خروج الأقلام النسائية الصادقة الغيورة، وهذا وقت التعبير عن آرائكن الحقيقية، فإن ضاقت الزوايا بكن في الصحف الرسمية ففضاء الإنترنت رحب واسع، فكم يحزنني عزوف بعض نسائنا عن مناقشة قضاياهن الحقيقية، وترك الفرصة لمن تنتسب إلى المرأة السعودية- اسماً لا هوية- لطرح قضايا هامشية، وتصويرها بأنها تكفل الإنسانية للمرأة السعودية، وتتيح لها الإحساس بطعم الحياة !


كيف تنظرين إلى القضايا التي تطرحها بعض الإعلاميات السعوديات في وسائل الإعلام بالمملكة، وهل تعبر عن مشكلات المرأة السعودية؟
للأسف الشديد نرى بعض الكاتبات والإعلاميات السعوديات يسرفن في جلد ذات المرأة السعودية، بطريقة تفتقد الموضوعية، وتثير العجب لاتفاقها التام! وذلك من خلال الطعن في كل ما هو (إسلاموي)- كما يحلو لهن تسميته-، زاعمات أنَّ التمسك به يحرم المرأة من المشاركة بفاعلية في الحياة، أو حتى الإحساس بالعيش فيها !


وملاحظة ذلك يسيرة من خلال عدد من الزوايا أو التحقيقات اليومية، ولسان حال القراء: ألم تملوا من طرق الموضوعات ذاتها بالسطحية ذاتها! "قيادة المرأة للسيارة"، الحجاب، العمل المختلط.. إلخ!".


وحالياً نشهد حملة إعلامية تزداد يوماً عن الآخر تطعن في خاصرة معلمات العلوم الدينية، ومدارس تحفيظ القرآن! وتوجيه السهام إليهن بأنهنّ سبب الفكر المتطرف لدينا! نسوا أو تناسوا أنّ الفكر الأحادي المتطرف الذي يسيطر على أفكار بعضهن سبب مباشر لخروج فكر آخر متطرف يعاكسه في الاتجاه، والمتضرر الأكبر هو وطننا الغالي .


ومنها على سبيل المثال: نشر ثلاثة تحقيقات في صحيفة واحدة ليوم واحد عن الموضوعات ذاتها "القيادة، والعمل المختلط ، ومدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية " (الرياض، الجمعة 28/6/1431هـ، ع 15327)، وأترك الحكم على عناوينها للقارئ الكريم، والقارئة الكريمة، فقد حملت العبارات التالية على: (الثقة تعيد المرأة أمام "المقود" وليس خلف "السائق الأجنبي"!، كتاب يرسم صورة المرأة السعودية في مجال العمل المختلط: السعوديات.. غالباً ما يشعرن بالدونية، ويفتقدن الثقة أمام الرجل!، مدارس تحفيظ القرآن تبالغ في إيصال الرسالة الدينية.. معلمات متشددات ينفرن الطالبات من (كل) ما يبعث على الفرح والابتهاج!).


وأخرى بكل سطحية تربط سبب تطرف قلة قليلة جداً من النساء لدينا بالحجاب، وثانية تزعم أنَّ العباءة ساهمت بشكل مباشر في تعطيل بعض المهارات الأساسية عند المرأة كالكلام الحر الطبيعي!، وتواصل سخريتها بأنَّ عباءة الرأس تجعل المرأة أشبه بطائر ضخم يمشي!، وثالثة تكتب: إلى متى ستستمر النساء في بلادي باتشاح السواد الحزين, والتواري في المقاعد الخلفية كالشياطين !


وأتساءل هنا: أين الوطنية الحقيقية التي يفترض أن يعكسها الإعلام؟! بل أين المعالجة الإعلامية الموضوية للقضايا الحقيقة التي تعانيها المرأة السعودية؟!


فما يطرح من قبلهن ما هو إلا محاولة فاشلة لفرض صورة مشوهة، وأخرى مستحدثة عن المرأة السعودية، ومن المؤسف أن تبرز تلك الصور قسراً على أنها صورة حقيقية عن المرأة السعودية، والمرأة السعودية منها براء ولا تتقبل مثل هذه الأطروحات المصادمة للمجتمع السعودي وقبل ذلك للدين الذي يحاولون تمييعه !


فالمجتمع- ولله الحمد- لم يعد يخفى عليه مدى مصداقية أمثال تلك الأطروحات، فالحق أبلج، والباطل ضعيف الحجة لجلج.


كيف تنظرين إلى دور الهيئة في الأسواق، ولماذا هذا الكم من العداء من شخصيات محددة لرجال الحسبة؟
الدور الريادي الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع يستحق الإشادة، كونها جهة ضبط أمني واجتماعي، تعزز الجوانب القيمية والأخلاقية والنظام العام، وتعالج الظواهر السلبية بشكل يكفل الحماية للثوابت، وتحقيق الأمن، وحفظ حقوق الإنسان، وصولاً لخدمة المجتمع بجميع فئاته .


والعداء الذي يناصبه مجموعة من المحسوبين علينا لا يمثل الواقع أبداً، فعدد من الدراسات الميدانية العلمية المحكمة تمثله، كدراسة منشورة استهدفت فئة الشباب من الجنسين، توصلت إلى أنَّ 73% من عينة الدراسة يرون أنَّ ما تناقلته وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة عن الهيئة إما غير صحيح، أو عبارة عن تركيز وتضخيم لأخطاء فردية، و77% منهم يشعرون بالارتياح والاطمئنان على محارمهم لوجود أعضاء الهيئة في الأسواق والمجمعات التجارية، و89% يرون أن للهيئة دوراً كبيراً في منع انتشار المخالفات والدعوة إلى الفضائل (صحيفة الوطن، ع 2454)، وتوصلت دراسة أخرى أجراها معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية بجامعة الملك سعود، إلى أنَّ 71% من أفراد العينة يرون أنَّ عضو الهيئة حريص على أن يتعامل مع الناس بالعدل، و71.4% يرون أنَّ عضو الهيئة غالباً ما يستخدم الكلمة الطيبة، كما أن نسبة 89% لديهم قناعة بالدور الذي يقوم به عضو الهيئة، بينما رأى أكثر من ثلثي العينة أن عضو الهيئة قدوة يُحتذى بها (صحيفة الجزيرة، ع 3036). إضافةً إلى الإقبال الجماهيري الكبير- ولا سيما النساء- على الأنشطة التي تقوم بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كجناحها في معرض (كنْ داعياً) المقام بحائل، الذي تزاحمت فيه أكثر من (25) ألف امرأة (صحيفة الحياة، ع 166651)، وقد قارب عدد زائرات جناح الهيئة في جازان (50) ألف زائرة (صحيفة الجزيرة، ع 12930)، ويمكنكم الحصول على أصل هذه الدراسات والإحصائيات في مقال للأستاذ محمد عواد الأحمري، بعنوان: "الصحافة السعودية والرأي العام المحلي" .


وأحسب أنَّ الاستشهاد بلغة الأرقام أعلاه توضح الصورة الحقيقية لموقف المجتمع، ولا سيما فئة النساء دون تزييف أو تضليل أو تعتيم للجهود المشكورة التي تقوم بها الهيئة، فلم يعد يخفى على السواد الأعظم من المجتمع السعودي الكريم حقيقة الأطروحات المضللة التي يقدمها بعض مستكتبي الصحف اليومية الذين يعانون من "فوبيا" الهيئة!.


هناك ظواهر غريبة بدأنا نسمع عنها مثل "البوبيات" و"البنات المسترجلات" وغيرها، بماذا تفسرين هذه الظواهر؟
لابد من استنهاض الهمم لمعالجة هذه الظواهر التي لم تنشأ إلا لغياب القيم في نفوس الطالبات، إضافةً إلى ضعف الوازع الديني الذي أدى إلى الفراغ العاطفي، فتمثل في إثبات الذات بشكل خاطئ، أو الظهور بمظهر التميز ولفت الأنظار، أو خوض لغمار التحدي من خلال ممارسة هذه السلوكيات اللا أخلاقية، وبالتالي ظهرت على السطح فئات تسمى بفتيات "الإيمو" اللاتي يسعين إلى الخروج على القيم الدينية والأخلاقية، وبث الشعور الدائم بالحزن والاكتئاب، الذي قد يصل إلى محاولة الانتحار والعياذ بالله، إضافةً إلى الممارسات التي تخالف الفطرة كسلوك الفتيات "البويات" اللاتي يتشبهن بأفعال ومظاهر الرجال، وما حدث مؤخراً لفتاة تبوك من إلقاء ماء النار "الأسيد" عليها، نتيجة لرفضها التجاوب مع سلوكيات إحدى"البويات" ممن يدرسن في الكلية ذاتها، لهو مؤشر خطير يحتاج إلى الدراسة والبحث والتقصي وصولاً لعلاجه .


وعليه فلا بد من بث الوعي بخطورة هذه الممارسات، والاهتمام ببناء الحقائب التدريبية التي تعزز القيم، وعقد الدورات، وورش العمل، وحلقات النقاش، والحملات القيمية التربوية المجدولة خلال العام الدراسي لتستهدف كلاً من: الطالبات، والمعلمات، وأعضاء هيئة التدريس، والهيئات الإدارية في المؤسسات التربوية سواء على مستوى التعليم العام أو الجامعي، وإقامة الأنشطة والنوادي الطلابية المتعددة التي تهدف إلى غرس القيم في نفوس طالباتنا، وإقامة المسابقات على مستوى- المدارس والجامعات- لطرح آليات علاجية لتلك الظواهر السلبية بين فتياتنا، بحيث تنطلق من القيم الغائبة التي أدت إلى نشوء مثل هذه الظواهر السلبية وتفشيها، مع الإشارة إلى أنَّ علاج هذه الظواهر ليس بالتنظير، بل بالنزول إلى أرض الميدان، وملاحظة الشرائح المستهدفة، ومخاطبتها، وعلاج ما تعانيه من ظواهر سلبية، وغرس ما تفتقده من قيم، وطرح مقترحات لعلاجها، وتفعيلها، وصولاً للنتيجة المأمولة إن شاء الله تعالى .


هل من كلمة أخيرة نختم بها هذا الحوار؟!
أود أن أزف بشرى إنتاج أول وأضخم عمل علمي راصد، يُعنى بدراسة الموضوعات المتعلقة بالمرأة السعودية في مختلف المجالات التنموية، وهو بعنوان "موسوعة الدراسات العلمية لقضايا المرأة في المملكة العربية السعودية"، وتسعى هذه الموسوعة لخدمة الباحث والراصد والمتتبع لمسيرة المرأة السعودية تنموياً من خلال لم شتات الدراسات والأبحاث ذات العلاقة في مرجع واحد، ولا سيما أنَّنا نفتقد على أرض الواقع وجود أدلة علمية راصدة للدراسات المتعلقة بالمرأة السعودية، ومن هنا جاءت الموسوعة لتسد هذا المجال، وتكون إضافة غير مسبوقة في ميدان العمل العلمي، إضافةً إلى الرد الموضوعي على بعض الدعوات المضللة التي تزعم أنَّ نصف المجتمع لدينا معطل أو مشلول عن الحركة !


وتعد هذه الموسوعة باكورة الإنتاج العلمي لكرسي بحث "دور المرأة السعودية في تنمية المجتمع"، وسترى النور قريباً إن شاء الله تعالى، وسنخص صحيفة "سبق" حينها بنسخة إلكترونية منها، راجية من العلي القدير أن تثمر فوائدها، ويعم نفعها بعون الله وتوفيقه.


وأختم بالشكر الجزيل لصحيفة "سبق" على إتاحة هذه الفرصة، داعيةً لها بدوام التوفيق، والسداد، والمضي قدماً في مسيرتها المتميزة في الصحافة الإلكترونية.
0
528

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️