رغم يقيننا بأن الموت هو مصيرنا ومآلنا إلا انه أخوف ما نخافه نحن بنيالبشر
ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى سمى الموت مصيبة وقال في سورة المائدة
"أَوْ آخَرَ انِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ...الآية"
وهذادليل على عظمة الموت على نفس الإنسان ....
إلاأن هناك أناس نظروا للموت بمنظور آخر ، فأظهروا شجاعة مبهرة ، ووقفوافي
تلك اللحظات وكأنهم بصدد انتقال من سكن إلى سكن ، ومن مكان إلى آخر ،فقالوا
عبارات استثنائية خلدها التاريخ ، وسنذكر هنا عدة عبارات شهيرة قالهامجرمون
في الغالب في لحظات تنفيذ الإعدام ،
ولكنهناك ملاحظتين قبل البدء في سرد العبارات :
1-رغم كثرة العبارات الشهيرة التي قيلت علىفراش الموت ،
إلا انه سنحصر في هذا الموضوع العبارات في التي قيلت فيلحظات
تنفيذ الاعداموالقتل فقط وذلك لقوة بأس قائليها.
2-كذالك سنذكر بعض قصص المجرمين والكفرة وذلكلتصحيح المفاهيم المنتشرة (خصوصا عندالعرب)
والتي تمجد من يظهرشجاعة في لحظات الاحتضار والموت ،
وكي ندلل على أن الشجاعة عند مواجهة الموت لا تدل بالضرورةعلى صحة المبدأ.
أبو جهل :
وهو عمرو بن هشام بن المغيرةوكان يكنى قبل الإسلام بأبو الحكم ،
ولما عادى الرسول صلى اللهعليه وسلم كناه بأبي جهل ، كان طاغية جبارا
خصوصا في عداءة للرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه ، إذ قام بتعذيب
المسلمين ، بل إنه لما علم بإسلام عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه ،
أمسك برأسه ووضعه على الجدارودق مسمارا يخترق أذنه وألصقه في الجدار.- مقتل المجرم :
استعد أبا جهل أيما استعداد لمعركة بدر وتوعد الرسول صلى الله عليهوسلم وأصحابه ، ولما التقى الصفان هجم عليه غلامين هما معاذومعوذ أبناء عفراء ، فضرباه بالسيوف حتى أردياه ، وبعد انتهاءالمعركة كان ابن مسعود رضي الله عليه عنه يدور بين قتلى الكفار ، ثم رأى أبوجهل يحتضر ، فقام ابن مسعود
بالصعود على صدر أبو جهل يريدأن يجز رأسه ، فقال أبو جهل "لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا رويعيالغنم" أي وحتى وهو في لحظات الاحتضار يعتز بنفسه وينتقص من قدرغيرة....
عبدالرحمن ابن ملجم :
كان معلما للقرآن في عهد عمر ابن الخطاب وكان رجلا
يعرف بالصلاح لكنه أصبح متشددا ، وفي يوم ما اتفق مع بعض الخوارج على
أن يجهزوا في لحظة واحده كل من علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيانوعمرو ابن العاص ، واتفقوا أن تنفذ العملية عند خروجهم لصلاة الفجر ، وفعلاتم التنفيذ ، فأما معاوية فاستطاع المقاومة وتعرض لضربة على ظهره قطعت نسله لمدة من الزمن لكنه شفى بعد ان اكتوى ،و أما عمرو ابن العاص فقد تغيب عنصلاة الفجر لحمى أصابته فقتل الخارجي شخصا آخر ظنا منه أنه عمرو ، وأماعبدالرحمن ابن ملجم فقد نجح في خيبته.
- مقتل المجرم :
لما قبض على ابن ملجم وجاءت لحظة تنفيذ الحكم بدأ عبدالرحمن
ابن ملجم بقراءة القرآن والدعاء ، أي إيمانا منه بأنه أقدم على تلكالجريمة تعبدا لله ، وفعلا تم تنفيذ الحكم وقتل أخزاه الله ، وهو يذكرنيبالخوارج في زمننا الذين يقتلون الآمنين والمسلمين ظنا منهمأنه جهاد وتعبدالله.
أغريبينا الصغرى :
وهي أمبراطورة رومانيا وتعدمن أشهر النساء دكتاتورية على مر التاريخ ، وهي أمالطاغية نيرون ، وقد قتلت أغريبينا زوجيها الأول والثالث بالسم ونفيت منالبلاد ولكنها أعيدت.
- مقتل المجرمة :
حاول ابنها نيرون قتلها بطرق غير مباشرة عدة مرات ، حيث أغرقها
في البحر ولكنها نجت ، ثم دعاها إلى وليمة وأسقط السقف فوقها فما تتوصيفتها ولكنها أصيبت بنزيف حاد وهربت ، ولما خاف ابنها ان يفتضح أمره ، أمرحراسه بملاحقتها وقتلها بالسيوف ، فوقفت أمامهم بكل شجاعةوقالت : "أدخلواهذه السيوف في بطني ، فإن البطن الذي حمل ذلك الابن يستحق أن تمزقوه و ترموه للكلاب" ، وفعلا تركتهم يقتلونها وهي تقف بلاحراك.
كارلا تكر :
أمريكية كانت تمارس الدعارةفي تكساس وتنقلت مع صديقها
بين عدة ولايات ، وارتكبواعدة جرائم مثل المخدرات ، وقامت كارلا بجريمة سطووقتل مستخدمة معول حراثة ،وضربت به رأس صاحب المنزل فأردته قتيلا ، وتعتبر كارلا أول امرأة يتمإعدامها في أمريكا بعد انتهاء الحربالباردة.
- مقتل المجرمة :
لما استدعيت لتنفيذ حكم الإعدام وكان باستخدام حقنة قاتله قالت كارلا
"أنا سأقابل المسيح الآن .. أحبك كثيرا ، وسوف أقابلكعندما أصل .. سأنتظركهناك"
كارل بنزرام :
أمريكي ارتكب سلسلة جرائم قتلواغتصاب ، روي عنه أنه قتل 10 أشخاص في جريمة واحده ، وأدين أيضا بارتكابه جرائماغتصاب بحق أطفال.
- مقتل المجرم :
عندما قاموا بإيقافه أمام حبل المشنقة وبدءوا بالإعدادلعملية الشنق صرخ قائلا
"تحركوا بسرعة أيها اللقطاء الفاشلين .. إنني قادرعلى شنق درزن من الرجال
في الوقت الذي تشدون في هحبالكم"جيمس فرينش :
مجرم أمريكي كان محكوما بالسجن المؤبد ، فقام بقتل زميلة في الزنزانة حتى يتم إعدامه لأنه مل من السجن.
- مقتل المجرم :
حكم عليه بالإعدام بالكرسي الكهربائي ، ولما جلس على الكرسي
أمام الصحفيين قال لهم ضاحكا ما رأيكم عبارة(بطاطس مقلي)كعن ان خبر إعدامي في صحف الغد" هو هنا يسخر من اسمه ،فاسمه (جيمس فرينش)والبطاطس المقلي سمى الإنجليزية(فرينشفرايز)
جورجآبل :
مجرم أمريكي حكم عليه بالإعدام لأنه قتل شرطي فينيويورك.
- مقتل المجرم :
لما تم إجلاسه على الكرسي الكهربائي قال مازحا
"حسنا أيهاالسادة ، سوف تروني بعد قليل أتحول إلى فطيرة تفاح" >>
وهو أيضا يسخر منه اسمه (آبل)جوني فرانك :
حكم عليه بالإعدام لتورطه فيقضايا اغتصاب وقتل ، وقيل في أنه
اتهم بذلك ظلما
- مقتله :
لما جيء به لتنفيذ حكم الإعدام بالحقنة القاتلةقال
"أود أنأشكر أسرتي التي أحبتني واعتنت بي ، أما بقية البشر فليقبلواقفاي"
ناثانهيل :
يعد من الشخصيات الخالدة في تاريخ تأسيس أمريكا ، فقدكان
محاربا مع الجيش المؤسس للولايات المتحدة الأمريكية وعرف بالشجاعة
والإقدام في الحرب ، وقبيل أنه أول جاسوس يعمللأمريكا.
- إعدامه :
لما جيء به إلى المشنقةقال
"إنني نادمعلى أنني لا أملك سوى نفس واحده أفدي بها وطني"
عبارات أخرى خالدة قبيل الإعدام :
"تقدموا قليلا نحوي ، نعم أيها الفتيان ، فالشنق سيكون أسهل عليكم "
قالها ارسكاين شايلدرز أحد ثوار الجيش الايرلندا الوطني
"أشكرك يا إلهي لأنك غيرت حياتي التي وهبتني إياها ،الحب وأسرتي وابنتي الجميلة ،أشكرك لأنك استخدمتني"
جون كوكروم
"ياأبناء ...!!! ، أخبروا أمي أنيأحبها"
فرانسيسكرولي
"تذكروا .. إنكم إذا أعدمتموني فإنكم ترتكبون جريمة قتلأيضا"
روبيرتدرو
"مرحىللفوضى السياسية .. هذه أسعد لحظة في حياتي"
جورج إنجل .. قالهاحينما قبل أن يتم إعدامه ظلما.
"انني أحبك "
قالها للشرطي الذي يقوم بإعدامه
سينفلاناقان ..
"هيافلنفعلها"
قاريجيلمور وهو على كرسي الإعدام
"ضعالأقفال ثم إرفعني .. هيا بسرعة"
جورججرين
"ياله من يوم جميل لأموت فيه.. أنا أسامحكم جميعا ..وأتمنى أن يسامحني الرب أيضا"
ماريوبنجامين
سألالله لنا ولكم الثبات عند الممات وأن يتجاوزعنا ويرحمنا
اللهم آمين
ودي لكم
أنا حلوة وكلي حركت @ana_hlo_okly_hrkt
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
يحفل التاريخ البشري بمشهد عدوانالإنسان على أخيه، منذ قصة ابني آدم المذكورة في سورة المائدة، في القرآن الكريم: { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُفَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
ويؤكد السياق الحكم بالخسار وبالندمعلى القتلة، فيتحصل عقوبتان
:
أحدهما: شرعية وهي الخسار، ويتضمن القصاص والذم فيالدنيا والعقوبة الأخروية: {فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًافِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء:93].
والثانية: قدرية وهي الإحساس العظيم بالذنب، وتقريعالضمير بعدما تنطفئ فورة الغضب، ويعود الإنسان إلى هدوئه وتفكيرهوعقله.
والقتل يتم أحياناً للصراع على الدنيا والمصالح والمال والنساءوالسلطة، ولذا كان ابن السماك يقول: لولا ثلاث لم يقع حيف، ولم يرفع سيف؛ سلك أنعممن سلك، ووجه أصبح من وجه، وطعام أطيب من طعام!
وهذه قضية قائمة، يجتهد المخلصونفي حصارها وتخفيفها بالتربية والتوجيه والإصلاح، وتسعى الأنظمة والدول إلى ذلكبالعقوبات والردع والمحاسبة.
بيد أن أشد صنوف القتل عدواناً هو ما يقع من بعضالمتحمسين غلطاً وافتياتاً على الشريعة.
هو الأشد؛ لأنه يستخدم الدين الذي جاءللعدل وحماية الحياة وحفظ الضروريات الإنسانية في نقيض هذا المقصد العظيم، ويضعشريحة من الذين يفترض فيهم حفظ الدماء وحقنها في موضع المباشرين للجرم العامدينإليه المتجرّئين عليه.
وهو الأشد؛ لأنه عصي على الإصلاح، أو يقرب أن يكون كذلك،فالقاتل لعصبية أو طمع أو دنيا إذا تليت عليه آيات الله، وسيقت إليه أحاديث رسولهالمبلّغ -صلى الله عليه وسلم- في تعظيم شأن الدم، وشدة العقوبة على القاتل فيالدنيا والآخرة ارتعدت فرائصه إن كان من المؤمنين، واضطرب وخاف، وهذا يورث الندم،والندم طريق التوبة والإقلاع.
أما القاتل بذريعة شرعية موهومة؛ فهو متلبس بشبهةأمْلَتْها النفس الأمارة بالسوء، وزينها الشيطان، وحرسها الجلساء والمساندون،ودعموها بزخرف من القول لا حقيقة له حتى عمي صاحبها عن سواء السبيل، وصدّ عن الكتابالمنزّل، فهان عليه أن يتبرم بالنص أو يلوي عنقه بحشو كلام، لا يقبله القائل ذاتهلو سمعه من غيره في أتفه المسائل.
وقد يندهش بعض الناس من شجاعة هذا القاتل،وهي- لعمرُ الله- شجاعة جاهلية، ولَأَبو جهلٍ كان أشدَّ شجاعةً في بدر حين جُندِلصريعاً يتشحّط في دمه، ويرى الموت عياناً... ثم يسأل: لمن الدائرةاليوم؟!
ويعيّر صاحبَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعودفيقول: لقد ارتقيت مرتقى صعباً يا رويعي الغنم!
وكل خُلق لم يحكم بقيم الإسلاموضبطه؛ فهو إلى إفراط أو تفريط.
إن استهداف أماكن التجمع العامة التي يأويإليها الناس جميعاً؛ كالأسواق والفنادق والقطارات وسواها لهو غاية في السوءوالجراءة، ففيها المسلم العابد المصلي، وفيها عابر السبيل، وفيها المسلم العاصيالذي لم يعطك الله الإذن بقتله، وفيها الكافر المعصوم الدم.
فأن يقدم امرؤ علىعمل كهذا، ويفجّر فيه نفسه؛ لهو -والله الذي لا إله غيره- الجرم العظيم والإثمالمبين، وهوان النفس على صاحبها والجراءة على الله وحدوده، وما أشنع أن يسمي أحدهذا العمل جهاداً!
وأين الجهاد في قتل المسلم أو البريء؟!
وَلَسْتُ بِقَاتِلٍ رَجُلا يُصَلي
على سُلْطَان آخرَ منْ قُرَيْش
له سُلْطَانُهُ وَعَلَيَّإثْمِي
مَعاذَ الله منْ سَفَه وَطَيْش
أأقْتُلُ مُسْلما في غيرجُرْم
فَليْسَ بنا فِعِي ما عشتُ عيْشي
إنها ضلالة صريحة، توجب علينا وعلى من يملك قلماً أو منبراً أن يعلن النكير صراحاً بغير مواربة، وألا يمزج هذا الإنكار بغيره؛ فليس لزاماً ألا يتحدث أحد عن هذه الجرائم إلا وربطها بعدوان الأمريكان أو اليهود أو أعوانهم. بل يصمد إليها بخصوصها إنكاراً معززاً بدلالات النصوص القطعية، وتوضيحات المصالح الشرعية. والحديث عن جرم آخر قامت به فئة أخرى في العراق أو فلسطين أو غيرها له ميدانه ومناسبته.
يجب أن نظل بعيدين عن تسويغ هذا الإجرام تحت أي ذريعة، وإذا كان من واجب المختصين في علم الاجتماع والسياسة والأمن أن يدرسوا أي ظاهرة، ويتقصوا أسبابها، فإن من الضرورة بمكان في هذا الوقت خاصة أن تتمحض رسالة صريحة في إدانة هذه الأعمال وتحريمها، وإيقاف شباب الأمة على جلية الأمر بشأنها؛ لئلا تزل قدم بعد ثبوتها.
وإذا كان المنفذون عادة أفراداً قلائل، هم الذين باؤوا بإثم القتل، ويلقون ربهم جل وتعالى وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم، ألا ساء ما يزرون، والمقتول آخذ برقبة القاتل يقول: يا رب... يا رب... سل هذا فيم قتلني بغير حق.
إذا كان هذا القاتل فحَرِيٌ بمن عصمه الله تعالى من غَمْسِ يده في الدم الحرام أن يحذر من أن يلقى الله تعالى بكلمة استحسن فيها هذا العمل، أو أيده، أو تعاطف معه، أو صفّق لأصحابه مما قد يحدث مثله بغير تبصر، أو بنوع عصبية، أو بادعاء أهداف وهمية تحققت، أو بالشماتة بأطراف رسمية أو غير رسمية... فإن هذا كله لا يجوز أن يرد في سياق تسويغ أو تهوين أو اعتذار، وليفترض امرؤ نفسه أو أباه أو ابنه في هذا الموقع... فبأي جرم قتل؟
وليس يجوز أن نسكت عن الخطأ والجرم حتى يطأنا ويقتحم بيوتنا.
ولقد قرر الخالق العظيم جل وتعالى أن الموءودة تُسأل يوم الدين بأي ذنب قتلت!
تُسأل تقريعاً وتهديداً لقاتلها، وهي كانت جاهلية لم تبلغ الإسلام، وانتصر لها ربها الخالق سبحانه في ذلك اليوم العظيم... فكيف بالبالغين؟
فكيف بالمسلمين؟
فكيف بالقتل الجماعي والعشوائي؟
إنني أعلم أن أخاً متحمساً يصل إليه هذا القدر من الكلام؛ فيقول: أين أنتم من عدوان اليهود؟
وبغي الأمريكان؟
وفضائح التعذيب في العراق، وهي تتجدد؟
وانتهاكات جوانتاناموا...؟ إلخ.
والحق أننا يجب ألا نهاجم المسألة بمسألة أخرى، بل نفرز كل واحدة على حدة، ونتدارس فيها الأمر ونديره، ونرفض الانتقائية، سواء كانت انتقائية تدين الإجرام الحادث باسم الإسلام، وتسوغ الإجرام الدولي وما يرتبط به، أو كانت انتقائية تدين الإرهاب الدولي وتتغاضى عن العدوان والقتل باسم الإسلام والجهاد.
إن من الصراحة في القول، والحكمة في العمل أن يدري العاقل أن الجراءة على الدماء "فتنة" إذا امتدت أكلت الأخضر واليابس، وفتحت على الناس كلهم باب التأويل والتعذير للنفس، ثم تداخلت مع الأهواء والنزعات والعصبيات والمصالح الخاصة، ثم يبدأ التوظيف واستغلال الأحداث من أطراف بعيدة وقريبة، فهذا الباب يجب أن يظل موصداً، وأن تُحفظ عصمة الدماء بكل حال، ولا يُتساهل فيها، ولا يُتجرأ عليها، والذين يظنون أن خلط الأوراق من مصلحتهم لم يقرؤوا التاريخ جيداً، ولم يعرفوا سنن الله في الخلق وليس لديهم رؤية واضحة عما يريدون فعله، فالأحداث تتحكم فيهم وتصبح أعمال العنف لديهم غاية في حد ذاتها.
أما العدو المحتل الغازي؛ فهذا يُقاوم بقدر المستطاع، وفق شروط وضوابط، وتحت قيادات رشيدة عاقلة حكيمة، تعرف المصالح وتقدرها، وتعرف أين تضع قدمها؟ ومتى تقدم؟ ومتى تحجم؟ ومتى تعمل السلاح؟ ومتى تعمل الحكمة أو "السياسة"؟
اللهم إن هذه الأعمال الظالمة جناية على دين نبيك المبعوث رحمة، وعدوان على عبادك، فاحفظ المسلمين جميعاً منها، وخذ بنواصيهم للرشد من أمرهم، واكفهم شر نزعات الغي والفساد، وامنح عبادك البصيرة حتى لا يحبوا ما تبغض، ولا يبغضوا ما تحب، وأنزل عليهم الرحمة والسكينة والعافية، آمين.