( كيف تتأثر بالقرآن وتحفظه )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض الامور التي تساعد باْذن الله على حفظ القران.عسى الله ان ينفعنا بها

أولاً : كيف تلقى الصحابة القرآن الكريم :

إذ نظرنا إلى الصحابة رضوان الله عليهم نجدهم قد تلقوا هذا القرآن الكريم مدركين مدى الشرف الذي حباهم الله به ، فأقبلوا عليه :

* يحفظونه ويرتلونه آناء الليل وأطراف النهار حتى لقد كان من يمر عليهم ليلا يسمع لهم دويا كدوي النحل من تلاوة القرآن 0

* جعلوه غذاء أرواحهم وقوت قلوبهم وقرة أعينهم 0

* نفذوا أحكامه وأقاموا حدوده وطبقوا شرائعه 0

* طهرت به نفوسهم وصلحت به سرائرهم فاستطاعوا أن يبدلوا الكفر والفساد في العالم إلى هداية وصلاح 0

تعريف القرآن الكريم :

* التعريف في اللغة :

لفظ القرآن في اللغة مصدر مرادف للقراءة ويشير إليه قوله تعالى : ( إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) ( سورة القيامة – الآية 17 ) 0

وقيل : إنه مشتق من قرأ بمعنى تلا .

وقيل : إنه مشتق من قرأ بمعنى جمع ومنه قرى الماء في الحوض إذا جمعه .

التعريف في الشرع :

هو كلام الله سبحانه وتعالى غير مخلوق، المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم باللغة العربية المعجزة المؤيدة له، المتحدي به العرب المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر 0

أنواع هجر القرآن :

ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد خمسة أنواع من هجر القرآن الكريم نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا نكون منهم 0

أحدها : هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه 0

والثاني : هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به 0

والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم 0

والرابع : هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه 0

والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به 0

وكل هذا داخل في قوله: ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) ( سورة الفرقان – الآية 30 ) 0 وإن كان بعض الهجر أهون من بعض 0


( فضل القرآن وقارئه )


أولاً : الآيات التي تدعو لتلاوة القرآن وتدبره والتأثر به :

1)- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) ( سورة يونس – الآية 57 )

2)- (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0

3)- ( لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ( سورة الحشر – الآية 21 ) 0

ثانياً : الأحاديث التي تدعو لتلاوة القرآن وتدبره والتأثر به :

1)- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ( صحيح الجامع 3319 ) 0

2)- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجه: ريحها طيب وطعمها طيب، وثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر ) (صحيح الجامع 5839) 0

3)- وحذر صلى الله عليه وسلم الأمة من نسيان القرآن تحذيرا شديدا : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) ( .

4)- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران ) .

5)- عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ) 0

6)- عن عبدالله بن عمر بن العاص – رضي الله عنهما– عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزِلتُك عند آخر آية تقرأها ) ( صحيح الجامع 6469 ) 0

7)- عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف . ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) 0

8) – عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ) .

9)- عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل أتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ) .

10 )- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله عز وجل، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .

11)- عن عصمة بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو جمع هذا القرآن في أهاب ما أحرقه الله بالنار ) .

12)_ عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن ناسا من أمتي سيماهم التحليق يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم يموقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر الخلق والخليقة ) .

ثالثاً : بعض أقوال الصحابة عن القرآن الكريم وقارئه :

1)- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( كنا نحفظ العشر آيات فلا ننتقل إلى ما بعدها حتى نعمل بهن ) وروى عنه أنه حفظ سورة البقرة في تسع سنين وذلك ليس للإنشغال عن الحفظ أو رداءة الفهم ولكن بسبب التدقيق والتطبيق 0

2)- قال عثمان بن عفان وحذيفة بن اليمان – رضي الله عنهما - : ( لو طَهَرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن ) 0

3)- قال أنس بن مالك – رضي الله عنه - : ( رب تال للقرآن والقرآن يلعنه ) 0

4)- قال ابن مسعود – رضي الله عنه - : ( لا تهذوا القرآن هذ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل – أي التمر الردئ – وفي رواية الرمل – قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ) 0

رابعاً : مفاهيم أساسية لمن أراد أن يتأثر بالقرآن :

1)- أن يحسن نظرته للقرآن وينظر له على أنه كتاب شامل ومنهج حياة متكاملة 0

2)- الالتفات إلى الأهداف الأساسية للقرآن 0

أ)- الهداية إلى الله سبحانه وتعالى وبيان التوحيد 0

ب)- بيان الأحكام الشرعية وما يصلح أحوال الناس 0

ج)- إيجاد الشخصية الإسلامية المتكاملة المتوازنة 0

د)- إيجاد المجتمع الإسلامي القرآني الأصيل 0

هـ)- قيادة الأمة المسلمة في معركتها مع الجاهلية من حولها 0

3)- الإلتفات إلى المهمة العملية للقرآن وهي رساتلة عملية واقعية 0

4)- المحاغظة على جو النص رالقرآني وعدم الإنشغال بأي شاغل أثناء التلاوة 0

5)- الثقة المطلقة بالنص القرآني 0

6)- الاعتناء بمعاني القرآن التي عاشها الصحابة عملياً ومحاولة الاقتداء بهم 0

7)- الشعور بأن الآية موجهة له وأن الخطاب يعنيه هو شخصياً 0

8)- تحرير النصوص القرآنية من قيود الزمان والمكان ، فهو صالح لكل زمان ومكان 0

9)- أن لا يكون هم القارئ كثرة القراءة أو الانتهاء منها 0

10)ـ أن يصاحب من يعاونه على هذا الخير 0

خامساً : خطوات التأثر بالقرآن :

1)- استحضار الجو الإيماني من خلال مراعاة آداب التلاوة 0

2)- تلاوة القرآن الكريم والوقوف على كل آية وتدبرها والانفعال معها 0

3)- تسجيل الخواطر والمعاني لحظة ورودها أو بعد الانتهاء من القراءة 0

4)- الاطلاع على تفسير مختصر لبيان كلمة غريبة أو تحديد سبب نزول أو الوقوف على مهنى غامض أو معرفة حكم خاص 0

5)- محاولة تطبيق كل آية في كتاب الله تمر أثناء القراءة في الواقع 0

6)- الحرص على حفظ الآيات في الصدر 0 كما فعل سلفنا الصالح 0

7)- الاطلاع على تفسير مطول يتوسع صاحبه في مباحثه 0

سادساً : آداب تعين على التأثر بالقرآن :

هذه الآداب منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب بالنص :

أولاً : آداب قلبية :

1)- أن يخلص للف في قراءته بأن يقصد بها رضى الله وثوابه 0

2)- أن يحضر القلب ويطرد حديث النفس أثناء التلاوة 0

3)- التدبر ومحاولة استيعاب المعنى لأنها أوامر رب العامين 0

4)- أن يتفاعل قلبه مع كل آية بما يليق بها فيتأمل في معاني أسماء الله وصفاه حسب فهم السلف 0

5)- أن يستشعر القارئ بأن كل خطاب في القرآن موجخ إليه شخصياً 0

6)- التأثر فيتجاوب مع كل آية يتلوها فعند الوعيد يتضاءل خيفة ، وعند الوعد يستبشر فرحاً 0

7)- أن يتبرأ من حوله وقوته إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 0

8)- تحاشي موانع الفهم مثل أن يصرف همه كله إلى تجويد الحروف وغير ذلك 0

ثانياً : آداب ظاهرية :

1)- يستحب أن يتطهر ويتوضأ قبل القراءة ، لما روي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يمس القرآن إلا طاهر )( صحيح الجامع 7657 )0

2)- أن يستاك فيطيب فمه لأنه طريق القرآن 0

3)- الأفضل أن يستقبل القبلة عند قراءته لأنها أشرف الجهات 0

4)- أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا بدأ من أول السورة0

5)- أن يتعاهد القراءة بالمواظبة على قراءته 0

6)- عدم قطع القراءة بكلام لا فائدة فيه 0

7)- أن يحسن صوتاه بالقرآن ما استطاع : ( زينوا القرآن بأصواتكم ؛ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً ) ( صحيح الجامع 3580 ) 0

8)- أن يحترم المصحف فلا يضعه على الأرض 0

9)- اختيار المكان المناسب مثل المسجد أو مكان في بيته بعيد عن الموانع والشواغل 0

10)- اختيار الوقت المناسب ، وأفضلها الثلث الأخير من الليل وقراءة الفجر 0

11)- البكاء أثناء التلاوة وبخاصة عند قراءة آيات العذاب 0

12)- على المستمع للقرآن أن بتأدب بالآداب السابقة كلها ويزيد عليها حسن السماع وحسن الإنصات 0

سابعاً : نماذج من تأثر الصلف الصالح بالقرآن :

1)- قال عبدالله بن عروة بن الزبير : قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما - : ( كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن ؟ قالت : ( تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله ) 0

2)- قال ابن أبي مُليكة : صحبت ابن عباس – يعني في السفر – فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفاً حرفاً ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب ) 0

3)- ومن حديث عبدالرحمن بن مصعب – رضي الله عنه – أن رجلاً كان يوماً على شط الفرات فسمع قارئاً يتلو : ( إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ) ، فتمايل ، فلما قتال التالي : ( لا يفتر عنهم وهم فيها مبلسون ) سقط في الماء فمات 0

4)- ومن حديث أبي بكر بن عياش قال : صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب وإلى جانبي على ابنه فقرأ الفضيل : ( ألهاكم التكاثر ) فلما بلغ ( لترون الجحيم ) سقط مغشياً عليه وبقي الفضيل لا يقدر يجاوز الآية ، ثم صلى بنا صلاة خائف ، قال ثم رابطت علياً فما أفاق إلا في ؤنصف الليل 0

5)- سمع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – رجلاً يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور فلما بلغ إلى قوله تعالى : ( إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع ) قال عمر : قسم ورب الكعبة حق ، ثم رجع إلى منزله فمرض شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه 0

6)- قال محمد بن حجادة : قلت لأم ولد الحسن الصري ما رأيت منه ( أي الحسن البصري ) فقالت : رأيته فتح المصحف ، فرأيت عينيه تسيلان وشفتيه لا تتحركان ) 0

7)- قال قتادة : ( ما أكلت الكرات منذ قرأت القرآن ، يريد تعظيماً للقرآن ) 0

ثامناً : كيف تحفظ القرآن ( مقومات وقواعد أساسية للحفظ ) :

1)- إخلاص النية لله عز وجل .

2)- الدافع الذاتي .

3)- تصحيح النطق والقراءة .

4)- تحديد نسبة الحفظ كل يوم .

5)- إجادة الحفظ .

6)- حافظ على رسم واحد لمصحفك .

7)- الفهم طريق الحفظ .

8)- لا تجاوز سورة حتى تربط أولها بآخرها .

9)- التسميع الدائم .

10)- المتابعة الدائمة .

11)- العناية بالمتشابهات .

12)- اغتنام سنوات الحفظ الذهبية .

13)- فهم أسباب النزول .

14)- السماع المستمر لأشرطة القراء .

تاسعاً : بعض الوسائل والطرق التي تعين على الحفظ :

1)- مصحف الحفاظ .

2)- المصحف المجزأ .

3)- الطريقة الثنائية .

4)- تقسيم الآيات إلى مقاطع .

5)- قراءة الآيات في الصلاة .

6)- طريقة الكتابة .

7)- الالتزام بالبرنامج المكتوب .

8)- فهم المعنى العام للآية .

9)- الالتحاق بمدارس وحلقات تحفيظ القرآن الكريم .

عاشراً : من عوائق الحفظ :

1)- كثرة الذنوب والمعاصي فإنها تنسي العبد القرآن وتنسيه نفسه وتعمي قلبه عن ذكر الله وتلاوة وحفظ القرآن الكريم .

2)- عدم المتابعة والمراجعة الدائمة والتسميع لما حفظه من القرآن الكريم 0

3)- الاهتمام الزائد بأمور الدنيا يجعل القلب معلق بها، وبالتالي لا يستطيع أن يحفظ بسهولة 0

4)- حفظ آيات كثيرة في وقت قصير والانتقال إلى غيرها قبيل إتقانها 0

وختاماً :

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم حفظ كتابه والعمل به وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم .