الإشكال هو : كيف نوجه دخول المنافق تحت المشيئة ـ مع أن المنافق منافقة عقدية كافرـ في هذه الآية
( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) ؟؟
قال الشيخ صالح حفظه الله :
( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)
هنا إشكال وقد قلت في اللقاء الماضي وفي لقاءات سبقت :
إن وجود الإشكال دافع للتعلم والبحث .
يقول ربنا وكُلنا يعلم ذلك: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ )(النساء: 145) والمنافق منافقة عقدية كافرٌ أم مؤمن ؟
كافر, والكافر لا يدخل تحت المشيئة ( إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ)
المؤمن هو الذي إذا عصا الله ، بعصيانه هذا معصيته تدخل تحت المشيئة ـ واضح ـ لكن المنافق كافر لا يدخل تحت المشيئة ( واضح ) .
هذا الأصل يحدث عندك إشكالا لأن الله قال (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)
دائما في المناقشات العلمية حاول أن تستريح.كيف تستريح ؟
تأتي لأصل مخيف فأبعده , ما الأصل المخيف هنا ؟
أنت معك أصل قاطع إن المنافق مخلد في النار, إذا قطعا هذه الآية لا تتحدث عن الآخرة, لأن المنافق في الآخرة في النار في النار , يعني من لقي الله يوم القيامة وهو منافق فهو في النار لا يوجد شيء اسمه مشيئة هنا لأن الله يقول : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) , (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) .
إذا أول طريقة تأخذ ها في السياق العلمي هنا أن تقول لمن سألك: كيف أن الله يقول (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ ) تقول هذه الآية لا تتكلم عن الآخرة تتكلم عن الدنيا ـ واضح ـ . هذا الجواب يريحك كثيرا قبل أن تبحث في هذه المسألة ، ثم هناك أيها الحبيب درجتان تقابلها ثمرتان.
كم درجة ؟ درجتان. تقابلها ثمرتان .
الدرجة الأولى : النفاق . ـ طبعا أنا أتكلم عن الآية ـ .
الدرجة الأولى النفاق --- يقابلها العذاب .
* يعني درجة النفاق ثمرتها ماذا ؟ العذاب* .
و درجـة التـوبة --- ثمـرتها الرحمة.
الرحمة كثمرة ماذا يقابلها كدرجة ؟ التوبة.
و الاستدامة على النفاق كدرجة ما ثمرتها ؟ العذاب .ـ واضح ـ.
أعيـــد :
كم خانة معي ؟ أربعة , درجتان هما :
1 - الاستدامة على النفاق -- ثمرتها العذاب .
2- التــوبــة -- ثمرتها الرحمـة .
ما الذي حصل هنا ؟ اختار الله إحدى الدرجتين وجاب إحدى الثمرتين, وأخفى إحدى الدرجتين وأخفى إحدى الثمرتين.
حتى تفهم الآية الآن قال الله تعالى : (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ) هنا لما ذكر العذاب (يُعَذِّبَ) هذه ثمرة أو درجة ؟ ثمرة.
ما درجتها ؟ استدامة النفاق.
يصبح معنى قول الله تعالى(وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ) أي يبقيهم على نفاقهم .
ما معنى (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ ) ؟ لا يتكلم الله عن الآخرة , لا يتكلم عن النار لأنه مقطوع أنهم في النار , لكن (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ ) يعني يبقيهم على النفاق , لأن العذاب ثمرة لدرجة هي الاستدامة على النفاق ,
فالله هنا ذكر الثمرة ولم يذكر الدرجة, لكن نحن فهمنا الدرجة من أين ؟
من الثمرة ـ فهمنا الدرجة من الثمرة ـ .
ثم قال جل جلاله (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ )
هنا ما ذكر الله الثمرة ذكر الدرجة وهي التوبة من النفاق. ما ثمرتها ؟ الرحمة .
ـ واضح ـ
فهناك درجتان وهناك ثمرتين, ذكر الله إحدى الدرجتين وذكر في الثانية إحدى الثمرتين ، وإنما قابلنا هذه بهذه حتى يستقيم المعنى ونفهم مراد ربنا تبارك وتعالى
فيصبح معنى الآية إجمالاً : أن الصادقين سيجزيهم الله بصدقهم في الدنيا والآخرة أما المنافقين فربنا يقول: أنا قادر على أن أبقيهم على نفاقهم فيكونوا أهلاً للعذاب, وقادر على أن أتوب عليهم فيتركون النفاق فيكونون أهلا للرحمة.
هذا معنى قول الله جل وعلا ( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ) ولما كان ربنا غلبت رحمته غضبه وسبقت رحمته غضبه ذيّل الآية
جل شأنه بقوله ( إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) وفي هذا إقامة حجة عليهم ودعوتهم إلى التوبة.
محاسن التأويل
سورة الأحزاب
نصر @nsr_1
محرر في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️