منال بنت موه @mnal_bnt_moh
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
منال بنت موه
•
بسم الله الرحمن الرحيم لماذا الغضب ؟ يغضب اﻹنسان في حاﻻت عديدة , ومواقف مختلفة , بعضها يستوجب الغضب , وبعضها عكس ذلك . إذا رجعنا بذاكرتنا إلى الوراء , واستعرضنا المواقف التي أثارت مشاعرنا , واجتاح الغضب فيها أجوائنا , وجلسنا جلسة صدقٍ مع أنفسنا , لوجدنا أنّنا فقدنا الكثير من سموِّ ذاتنا , ويبدأ تأنيب الضمير على حقارة ما أقدمنا عليه , وذلك من خﻼل النتائج التي حصدناها بسبب اللجوء إلى تحكيم عواطفنا في مواقف هي بأشدّ الحاجة إلى تحكيم العقل . حاﻻت ومواقف كثيرة نمرّ بها , تجعلنا نفقد السيطرة على أعصابنا , ولكن ردّة الفعل تتفاوت بدرجة قوّة الموقف أو ضعفها , وقد نتخلّص من شحنة الغضب في حينها , وعادة هذه المواقف قد تتكرر يوميّاً , وفي أماكن مختلفة , فقد تكون في العمل , أو أثناء السير بالسيارة , أو في اﻷسواق , وفي مختلف التعامﻼت مع اﻵخرين . واﻹنسان يستطيع اختزال كل هذه المواقف التي أغضبته , ويحفظها في الﻼشعور لديه , لتنفجر في لحظة معيّنة , دون الخوف من أدنى ردّة فعل من ضحايا هذه اللحظة , فﻼ حولٌ لهم وﻻ قوّة , فمن هم هؤﻻء الضحايا ؟ إنهم أطفالنا , وكم من القصص المحزنة والمؤثرة التي سمعنا وقرأّنا عنها , وحُدّثنا بها , عن ضحايا غضب اﻷبّ , ذلك الغضب الواهي , الذي أعجزه عن مواجهة أسبابه الحقيقيّة , ويجعل تصرفات أطفاله البريئة هي السبب الرئيسي لغضبه . وليت اﻷمر يقف عند هذا الحدّ , وإنّما هناك اﻹعصار اﻵخر القادم من جهة اﻷمّ , والتي قد تُعذر أحياناً , فإنّ همجيّة غضب اﻷبّ , يُختزل في الﻼشعورٍ لديها , وﻻ حول وﻻ قوة إﻻ بالله . كم تقطّع قلبي أسىً على أطفالٍ ضربوا ووبّخوا أمام مرأىً من الناس , بعضهم يجهش بالبكاء خوفاً وذعراً , وشعوراً باﻹهانة , وبعضهم يتقلّب ألواناً خجﻼً وتحطيماً , وبعضهم يصمت وهو يموت داخليّاً , فما هو الذّنب الذي اقترفوه ؟. لو جلسنا جلسة صدقٍ مع أنفسنا كما ذكرت , فهل سيكون حالنا أفضل ؟ , ويعمّ اﻷمان لدى أطفالنا ؟ . إننا في حاجة ماسةٌ جدّاً للجلوس مع أنفسنا , ونعترف أمامها بضعفنا في مواجهة المواقف المختلفة التي تجتاح حياتنا يوميّاً , ونبدأ بالبحث عن سبل الوقاية والعﻼج , وأن نُرجع اﻷسباب لمصدرها الحقيقي , وﻻ نختفي هرباً وخوفاً من ردّة اﻷفعال المختلفة , ونتأسّى بسنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وأن نُعوّد أنفسنا على الصبّر والتأني والهدوء . ردّة فعل الغضب هي لحظات ﻻ تتعدى في وقتها الثواني , ولكنّ ما يترتّب عليها نتائجه مخيفة , ويكفي أنّ ما تخلفه ردّة الفعل هذه في غالب اﻷمر , الحسرة والندامة , من مناظر ﻻ يمكن للعين أن تنساها وﻻ للعقل أن يُنكرها , وﻻ للقلب أن يتجاهلها . أطفالنا لن يبقوا أطفاﻻً , سيكبرون , فإمّا ثقّة وأمانٌ نزرعه في نفوسهم , وإمّا خوفاً ورعباً , فأين القلوب الرحيمة ؟ , فأين نحن من هذا ؟
الصفحة الأخيرة