لباس المراه....دعوة للتصحيح والمراجعه

الملتقى العام

اخواتي بنات حواء الغاليات هذي محاضره قريتها واستفدت منها كثير واتمنى منكن تقرنها كامله وتستفيدن منها :icon35: منقول
كشف الوجه واليدين والقدم للمرأة أمام الرجال الأجانب


لباس المرأة .. دعوة للتصحيح والمراجعة




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و على جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.





لباس المرأة .. دعوة للتصحيح والمراجعة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد .
فهذه مقدمة لابد منها قبل البدء بالموضوع :
أولاً : أعلم أن ما سأطرحه في هذه المحاضرة عن لباس المرأة قد يكون ثقيلاً على شريحة كبرى من النساء اللواتي نشأن على شيء من التساهل في اللباس والحجاب ؛ ولذلك فإني آمل من الجميع أن تتهيء نفوسهم لقبول الحق بدليله ، وآمل أيضاً أن تتهيء النفوس لتطبيق الحق والعمل به ، وإن كان مخالفاً لما اعتادته المرأة ونشأت عليه . و ربما كان سماع جزء من المحاضرة مخل بفهم الموضوع ، فأدعوا كل من بدأ بسماعها أن يكمل سماعها حرصاً على سلامة الفهم .
ثانياً : انتشر في السنوات الأخيرة في أوساط النساء مظاهر خلل كبير في اللباس ، وبدأت الأسواق تلفظ ألواناً من الألبسة السيئة ، والعباءات المتبرجة . وكل ملاحظ لواقع النساء يرى سرعة التغير ، ثم تزايدت هذه المخالفات الشرعية ، وألفها كثير من النساء بسبب الجهل ، أو كثرة المساس ، وكثرة المساس تميت الإحساس كما يقال . و أصبح نقص الوعي في أحكام لباس المرأة سمة عامة بين النساء حتى بين كثير من الصالحات .
فأردت بهذه المحاضرة : إبراء الذمة ، والإعذار إلى الله ، و محاولة الإصلاح مما حل بواقع النساء .
ثالثاً : أن هذا الموضوع وإن كان خاصاً بالنساء ، إلا أن فهم الرجال له لايقل أهمية ، فقد تبين لي أن من أهم أسباب الانحراف في اللباس بين النساء هو الرجل ؛ إما لجهله أو إهماله .
رابعاً : أن الله تعالى جبل المرأة على حب الزينة ، والعناية بالمظهر ؛ ولذلك أباح الشرع لها الذهب والحرير وغيرهما دون الرجال إشباعاً لهذه السمة التي فطرها الله عليها .
إلا أن شدة العاطفة ، والرغبة في التقليد قد تزيد المرأة عن حد المباح فتقع في المحرم استجابة لهوى النفس ، وداعي الشيطان . فكان هذا الموضوع تذكيراً وتحذيراً .
خامساً : أن الأصل في الألبسة هو الحل والإباحة إلا ما دل الدليل على تحريمه . والدليل على هذا الأصل قوله تعالى : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً " . وقوله تعالى : " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " .
وما سأذكره في هذه المحاضرة هو ما دل الدليل على منعه والحذر منه ، أما ما عداه فباق على أصل الحل و الإباحة .

ولباس المرأة ينقسم إلى قسمين :
لباس المرأة أمام النساء والمحارم .
ولباسها أمام الرجال الأجانب .

أما محاذير لباسها أمام النساء والمحارم ، فسأتناول ثلاثة أنواع من الألبسة :
النوع الأول : الألبسة غير الساترة ، والتي يلبسها كثير من النساء اليوم في الأعراس ، ومجامع النساء .
فهي غير ساترة ؛ لأنها لاصقة ، أو شفافة ، أو قصيرة ، أو تكشف العضد أو المنكب .
والصواب أن هذه الألبسة لا يجوز لبسها لخمسة أسباب :
الأول : أن القول بأن عورة المرأة أمام المرأة ما بين السرة والركبة ، لم يثبت بدليل صحيح ، والأرجح أن المرأة لا تكشف إلا ما جرت العادة السوية بكشفه بين النساء ، كالرأس ، والعنق ، والذراعين ، والقدمين .
ولو سلمنا جدلاً بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة فإن هذه الألبسة لاتستر مابين السرة والركبة حقيقةً لكونها لاصقة ، أو شفافة ، أو مفتحة .
السبب الثاني : أن هذه الألبسة غير الساترة هي محض تشبه وتقليد بالكافرات و الماجنات ، وسقط المتاع من المغنيات والممثلات ، وفدت إلينا من القنوات الفضائية ، ومجلات الأزياء . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
السبب الثالث : أن التي تلبس هذه الألبسة يصدق فيها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " أخرجه مسلم .
السبب الرابع : أن هذه الألبسة الفاضحة عرضةٌ لأن تلبسها المرأة أمام محارمها كالأب والابن ، والأخ ، والعم ، والخال ، و ابن الأخ ، وابن الأخت ، ووالد الزوج ، وابن الزوج من غيرها .
وقد حصل بسبب هذا التساهل شر عظيم .
السبب الخامس : أن في هذه الألبسة ذريعة لمفاسد كثيرة إذا لم تمنع : منها أن التساهل والتكشف يزداد يوماً بعد يوم ، وهذا أمر يلحظه النساء .
ومنها القدوة السيئة للأخريات ، فإن المرأة سريعة التأثر بالقرينات ، والقريبات . و المرأة ستكون أماً وجدة ، فإذا كان هذا حال من رضيت بهذا اللباس ، فماذا سيكون حال بناتها وبنات بناتها ؟! .

النوع الثاني من الألبسة المحرمة أمام النساء والمحارم : لبس المرأة للبنطال .
وقبل عشر سنوات أو أكثر بقليل لم يكن معروفاً بين النساء في هذه البلاد ،وكان هناك حاجز من الدين والحياء دون هذا اللباس ، ثم نجح دعاة السوء من نشره بين النساء فنزل في الأسواق على هيئة واسعة فضفاضة يشبه الثوب إلا أنه يفصل ما بين القدمين ، فقبله كثير من الناس على هذه الحال فكسر الحاجز بينهم وبين هذا اللباس ، ولم نلبث إلا أشهراً وسنيات حتى صار لبس البنطال بأنواعه وأشكاله معتاداً ومرغوباً مع الأسف الشديد .
والصحيح أنه لا يجوز للمرأة لبس البنطال أمام نسائها و محارمهاـ من غير الزوج ـ لأمرين :
الأول : التشبه ؛ فبعضه فيه تشبه بالرجال ، وبعضه الآخر فيه تشبه بالكافرات والفاسقات ؛ فإن كثيراً من النساء يلبسنه متابعةً للموضة .
الأمر الثاني : أن في لبس البنطال للمرأة ذريعة إلى مفاسد كثيرة ، وسد الذريعة إلى المفسدة واجب . ومفاسده قد ظهرت وانتشرت ؛ فبعض النساء تذهب إلى السوق ، وتمشي في الطريق ، وقد ظهر أو أظهرت البنطال من أسفل العباءة ؛ وهذا من أسوء أنواع التبرج ولفت الأنظار .
وإذا لبسته المرأة أصبحت قدوة لغيرها شاءت أم أبت .

النوع الثالث من الألبسة المذمومة أمام النساء والمحارم : لبس ما فيه تشبه محرم . والتشبه المحرم هو التشبه بالكافرات ، أو الفاسقات ، أو الرجال .
والتشبه المحرم بالكفار يكون في أمرين :
الأول : ما كان من دينهم و معتقداتهم .
الثاني : ما اختصوا به من عوائدهم ؛ كالألبسة .
و قد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بالكفار ، ويأمر بمخالفتهم . و تأمل في النهي عن التشبه حديث ابن عمر رضي الله عنه الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من تشبه بقوم فهو منهم ". أخرجه أحمد وأبوداود .
ومن الأحاديث التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيها بمخالفة الكفار حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال : " إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ".أخرجه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المشركين ؛ احفوا الشوارب ، ووفروا اللحى ". متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنه .
حتى استقر النهي عن التشبه بالكفار ، والأمر بماخالفتم عند الصحابة رضي الله عنه فلما كان العام التاسع من الهجرة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام يوم عاشوراء قال الصحابة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه :" يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ـ فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الإيراد ـ فقال صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو داود . ولفظ مسلم :" لإن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ".
فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر الذي تربى عليه الصحابة ونشأوا عليه مخالفة الكفار حتى قال اليهود بالمدينة : " ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه ". أخرجه مسلم .
فمشابهة الكفار ولاء لهم ، ودليل محبتهم . وقد ألف ابن تيمية رحمه الله كتابياً عظيماً في هذا الموضوع أسماه ( اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ) وذكر أن المشاكلة في الظاهر تورث مشاكلة في الباطن.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" يحشر المرء يوم القيامة مع من أحب ". فهل تريد المرأة أن تحشر مع الكافرات ، ومع هذه المذيعة وتلك المغنية ؟!. إذاً فعليها الحذر من محبتهم والتشبه بهم ، بل وعليها أن تتحرى مخالفتهم كما كان عليه هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

ومن الأمثلة على التشبه المحرم :
المثال الأول : لبس الدبلة في الخطبة . وهذه من عوائد النصارى ومعتقداتهم ؛ فإنهم يعتقدون أن في لبسها في البنصر تعظيم للمسيح عليه الصلاة والسلام ، ويعتقدون أيضاً أن هذه الدبلة إذا لبست تكون متصلة بعرق متصل بالقلب يورث المودة بين الزوجين .. إلى آخرافاتهم.
المثال الثاني : لبس الطرحة البيضاء في ليلة الزفاف . وهذا من عمل نساء النصارى عند الزواج. وهم يعتقدون بأن هذه الطرحة إذا لبست ليلة الزفاف تطرد الأرواح الشريرة ، وتجعل الزواج موفقاً ، ثم تتابع الكفار بعد ذلك في تقليدهم ، ثم انتقل إلى كثير من المسلمين من خلال وسائل الإعلام . و الواجب مخالفتهم.
المثال الثالث : الألبسة غير الساترة وقد سبق ذكرها ، ومنها القميص القصير الذي يبدوا منه وسْط البدن.
المثال الرابع : وضع نقطة سوداء بين الحاجبين أو حبة كرستال ؛ تشبها ببعض الكافرات والماجنات .
المثال الخامس : لبس القميص وعليه صورة ممثل أو مغني ، فهذا بالإضافة إلى حرمة الصورة ، وتعظيم صاحبها ، فيها تشبه أعمى بالكافرات ، والفاسقات .

أيها الأخوات الفضليات إن التشبه بهؤلاء : دليلُ الانهزامية النفسية ، ودليلُ الذل و الصغار لهم . ودليلٌ على أن هذه المقلدة قد أكبرت الكفار وأعظمتهم ؛ فالتشبه بهم فيه إشباع للنقص الذي تعاني منه المتشبهة .
فأي عزة للمؤمنة وهي إمعة مع الكافرات و الماجنات . لقد بلغني أن نساءً أشرب في قلوبهن حب التقليد بالمذيعات والمغنيات والممثلات في اللباس وقصات الشعر ، بل حتى في الحركات وطريقة الكلام ، بل وفي أمور هي أدق من ذلك مما يستحيى من ذكره .
الله أكبر إنه مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه : " لتتبعن سَنَنَ مَن كان قبلكم ، شبراً بشر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . قالوا اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟! " متفق عليه .

القسم الثاني : محاذير لباس المرأة أمام الرجال الأجانب .
والمحذور في لباس المرأة أمام الرجال الأجانب يتناول جانبين : الزينة البينة ، والزينة الخفية .
الجانب الأول : الزينة البينة . قال الله تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ". فالمرأة منهية عن إبداء الزينة للرجال الأجانب . ومعنى قوله تعالى إلا ما ظهر منها ؛ أي إلا ما ظهر منها عن غير قصد ، أو ما لا تملك دفعه كظاهر العباءة ؛ فإنه معفو عنه .

وسأذكر في جانب الزينة البينة ثلاثة أنواع :
النوع الأول : كشف الوجه ، واليدين . وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تغطيتهما وكثير من الناس يجهل ويخلط في هذه المسألة ، ولذا لابد من تحرير محل النزاع بين العلماء فيها .
فأقول أولاً : محل الخلاف إنما هو الوجه واليدين ، أما ما عداهما فيجب فيها التغطية بالاتفاق ؛ كالقدم ، والساعد ، وشعر الرأس ، كل هذا عورة بالاتفاق .
ثانياً : اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان فيهما زينة كالكحل في العين ، والذهب والحناء في اليدين .
ثالثاً : اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان في كشفهما فتنة . وقد نص كثير من العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة على وجوب تغطية الشابة لوجهها دفعاً للفتنة .
وعليه فإن كشف أكثر النساء اليوم لوجوههن أمر محرم باتفاق العلماء ؛ لكونها كاشفة عن مقدمة الرأس والشعر ، أو لأنها قد وضعت زينة في وجهها أويديها ؛ كالكحل أو الحمرة في الوجه ، أو الخاتم في اليد .
فمحل الخلاف إذاً بين العلماء هو الوجه واليدين فقط ، إذا لم يكن فيهما زينة ، ولم يكن في كشفهما فتنة ، واختلفوا على قولين : الوجوب والاستحباب . فالقائلون بأن وجه المرأة عورة قالوا بوجوب التغطية ، والقائلون بأن وجه المرأة ليس بعورة قالوا يستحب تغطيته .
ولم يقل أحد من أهل العلم إن المرأة يجب عليها كشف وجهها ، أو أنه الأفضل . إلا دعاة الفتنة ومرضى القلوب .
أما العلماء فإنهم لما بحثوا المسألة بحثوا عورة المرأة ؛ هل الوجه عورة ؟ أو ليس بعورة . بمعنى هل تأثم المرأة إذا كشفت وجهها أو لا تأثم ؟ أما استحباب تغطية الوجه للمرأة فهو محل اتفاق بين القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة .
ومن العلماء المعاصرين القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة الألباني رحمه الله ، لكنه يقول بالاستحباب ويدعو النساء إلى تغطية الوجه تطبيقاً للسنة حتى قال في كتابه جلباب المرأة المسلمة : " ولقد علمت أن كتابنا هذا كان له الأثر الطيب ـ والحمد لله ـ عند الفتيات المؤمنات ، والزوجات الصالحات ، فقد استجاب لما تضمنه من الشروط الواجب توافرها في جلباب المرأة المسلمة الكثيرات منهن ، وفيهن من بادرت إلى ستر وجهها أيضاً ، حين علمت أن ذلك من محاسن الأمور ، ومكارم الأخلاق ، مقتديات فيه بالنساء الفضليات من السلف الصالح ، وفيهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن " انتهى كلامه رحمه الله . ‎( جلباب المرأة المسلمة ص26 )
وأردت بهذا أن يتميز كلام العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة ، وبين دعاة الرذيلة . فإن العلماء لم يدعُ واحد منهم إلى أن تكشف المرأة وجهها ، بل أقل ما قيل بينهم إن التغطية هو الأفضل. بخلاف دعاة السوء الذين يطالبون بكشف المرأة لوجهها . وما الذي يَضُرهم ، و ما الذي يُغيظهم من تغطية المرأة لوجهها ؟! إنه سؤال يحتاج منا إلى جواب . نسأل الله الكريم أن يحفظ نساء المسلمين من كيدهم .
وأعود مرةً أخرى إلى محل النزاع في حكم تغطية المرأة لوجهها ويديها هل هو واجب أو مستحب ؟ الراجح من قولي العلماء وجوب تغطية المرأة لوجهها ويديها أمام الرجال الأجانب .
والأدلة على ذلك كثيرة منها :
الدليل الأول : قوله تعالى : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن " ( النور 30) .
فالله جل وعلا يقول ( ولا يبدين زينتهن ) وقد استقر في فطر الناس أن أعظمَ زينة في المرأة هو وجهها ، ولذلك فإن أهم ما يراه الخاطب هو الوجه ، وكذلك الشعراء حاضراً وقديماً في غرض الغزل ، فالوجه أعظم مقياس عندهم للفتنة والجمال .
وقد اتفق العلماء على وجب ستر المرأة لقدمها وشعرها أمام الرجال الأجانب ؛ فأيهما أعظم زينة الوجه واليدين أم القدم ؟! ، و لاشك بأن الوجه واليدين أعظم في الزينة وأولى بالستر .
بل قد جعل الله ضرب المرأة بقدمها الأرض أثناء مشيها لسماع الرجال صوت الخلخال من الزينة المحرم ابداؤها كما في الآية التي تليها ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) (النور 31) وكشف المرأة لوجهها ويديها أمام الرجال الأجانب أعظم زينة من سماعهم لصوت خلخالها ، فوجوب ستر الوجه واليدين ألزم وأوجب .
الدليل الثاني : حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) . أخرجه الترمذي بإسناد صحيح ( الإرواء 1/303) (وأصل الاستشراف: وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر. والمعنى أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها).
وهذا الحديث نص في أن المرأة كلها عورة ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم منها شيء .
الدليل الثالث : حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك وهم راجعون من غزوة بني المصطلق وقد نزلوا في الطريق فذهبت عائشة لقضاء حاجتها ثم عادت إليهم وقد آذنوا بالرحيل فلم تجد عقدها فرجعت تتلمسه في المكان الذي ذهبت إليه فلما عادت لم تجد أحداً فجلست . وقد حملوا هودجها على البعير ظناً منهم أنها فيه ولم يستنكروا خفة الهودج ؛ لأنها كانت خفيفة حديثة السن .
وكان من فطنتها أن جلست في مكانها الذي كانت فيه ، فإنهم إن فقدوها رجعوا إليها .
قالت رضي الله عنها : فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت " وفي رواية : فسترت " وجهي عنه بجلبابي ...) متفق عليه .
فصفوان بن المعطل رأى سواد إنسان فأقبل إليه . وهذا السواد هو عائشة ـ رضي الله عنها ـ وكانت نائمة ، كاشفة عن وجهها ، فعرفها صفوان ، فاستيقظتْ باسترجاعه ؛ أي بقوله : ( إنا لله وإنا إليه راجعون) فعائشة رضي الله عنها لما قالت ( فعرفني حين رآني ) بررت سبب معرفته لها ولم تسكت فكأن في ذهن السامع إشكال : كيف يعرفها وتغطية الوجه واجب . فقالت : (وكان رآني قبل الحجاب ) .
وفي قولها (وكان رآني قبل الحجاب ) فائدة أخرى ، ودليل على أن تغطية الوجه هو المأمور به في آية الحجاب .
ثم قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ (فخمرت " وفي رواية : فسترت " وجهي عنه بجلبابي ) وقولها هذا في غاية الصراحة .
الدليل الرابع : قول عائشة -رضي الله عنها-: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه” أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن .
الدليل الخامس : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال ، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ) إسناده صحيح أخرجه الحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ( انظر الإرواء 4/212) .

ويقول بعض الناس إن النصوص الواردة في تغطية الوجه خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه الشبهة الضعيفة تروج عند كثير من العامة والجواب عنها أن يقال :
إن الأصل في نصوص الشرع هو العموم إلا إذا دل الدليل على التخصيص ، ولا دليل . هذا
أولاً .
ثانياً : أنه قد ثبت عن نساء الصحابة تغطية الوجه كما في أثر أسماء السابق ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال) فأسماء ليست من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وقولها ( كنا نغطي ) يعم نساء الصحابة .
ثالثاً : أن الأمر بالحجاب ورد مصرحاً به لجميع نساء المؤمنين في قوله تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ".

وأنقل هنا أقوال بعض العلماء في وجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب :
قال أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (ت370هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن ".( أحكام القرآن 3/371) .
قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله (ت 543هـ) عند تفسيره لقوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ) : " و المرأة كلها عورة ؛ بدنها وصوتها ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة ، كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها " (أحكام القرآن 3/616).
قال النووي رحمه الله (ت676هـ) في المنهاج ( وهو عمدة في مذهب الشافعية ) : " و يحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة ( قال الرملي في شرحه : إجماعاً ) وكذا عند الأمن على الصحيح " . قال ابن شهاب الدين الرملي رحمه الله (ت1004هـ) في شرحه لكلام النووي السابق : " و وجهه الإمام : باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، وبأن النظر مظنة الفتنة ، و محرك للشهوة .. وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح : حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي ، و لاسيما إذا كانت جميلة ، فكم في المحاجر من خناجر "اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي 6/187ـ188) .
قال النسفي الحنفي رحمه الله (ت701هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ): " يرخينها عليهن ، و يغطين بها وجوههن وأعطافهن " (مدارك التنزيل 3/79) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728هـ): " وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز. وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره ، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره " ( مجموع الفتاوى 24 / 382 ) .
قال ابن جزي الكلبي المالكي رحمه الله (ت741هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليستر بذلك وجوههن " ( التسهيل لعلوم التنزيل 3/144).
قال ابن القيم رحمه الله (ت751هـ) في إعلام الموقعين ( 2/80) : " العورة عورتان : عورة النظر ، وعورة في الصلاة ؛ فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين ، وليس لها أن تخرج في الأسواق و مجامع الناس كذلك ، والله أعلم ".
وقال تقي الدين السبكي الشافعي رحمه الله (ت756هـ) : " الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر " ( نهاية المحتاج 6/187) .
قال ابن حجر في شرح حديث عائشة رضي الله عنها وهو في صحيح البخاري أنها قالت : " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا " . قال ابن حجر (ت852هـ) في الفتح (8/347) : " قوله ( فاختمرن ) أي غطين وجوههن " .
قال السيوطي (ت911هـ) عند قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن " (عون المعبود 11/158 ) .
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله (ت1046هـ) في كشاف القناع ( 1/266) : " الكفان والوجه من الحرة البالغة عورة خارج الصلاة باعتبار النظر كبقية بدنها " .
وغيرهم كثير ولولا خشية الإطالة لنقلت أقوالهم .
وقد قال بوجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها جمع كبير من العلماء المعاصرين ، منهم أصحاب الفضيلة : عبدالرحمن بن سعدي ، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ ، ومحمد الأمين الشنقيطي ، و عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ، وأبو بكر جابر الجزائري ، و محمد بن عثيمين ، وعبدالله بن جبرين ، وصالح الفوزان ، وبكر بن عبدالله أبو زيد ـ رحمهم الله ، وحفظ الأحياء منهم ـ وغيرهم كثير . و أنقل هنا كلام العلامة محمد بن عثيمين . قال رحمه الله بعد أن قرر وجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها : " وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ، ويجوز أن تكشف كفيها !! فأيهما أولى بالستر ؟! أليس الكفان ؛ لأن نعمة الكف وحسن أصابع المرأة وأناملها في اليدين أشد جاذبية من ذلك في الرجلين .
وأعجب أيضاً من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدميها ، ويجوز أن تكشف وجهها !! فأيهما أولى بالستر ؟! هل من المعقول أن نقول إن الشريعة الإسلامية الكاملة التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب على المرأة أن تستر القدم ، وتبيح لها أن تكشف الوجه ؟! .
الجواب : أبداً هذا تناقض ؛ لأن تعلق الرجال بالوجوه أكثر بكثير من تعلقهم بالأقدام .
( إلى أن قال رحمه الله ) : " أنا أعتقد أن أي إنسان يعرف مواضع الفتن ورغبات الرجال لا يمكنه إطلاقاً أن يبيح كشف الوجه مع وجوب ستر القدمين ، وينسب ذلك إلى شريعة هي أكمل الشرائع وأحكمها .
ولهذا رأيت لبعض المتأخرين القول بأن علماء المسلمين اتفقوا على وجوب ستر الوجه لعظم الفتنة ؛ كما ذكره صاحب نيل الأوطار عن ابن رسلان .. " ( فتاوى المرأة المسلمة 1/403ـ404 ) .

النوع الثاني من الزينة البينة المحرمة : لبس عباءة الكتف .
أما العباءة فحالها بين النساء اليوم مؤلم ، فقد تلاعب بها تجار العباءات وتنافسوا بينهم في إخراج الأجمل ، والموضةِ الجديدة . ومن أسوء هذه العباءات ما يسمى بعباءة الكتف ، ثم أخذت بعد ذلك أشكالاً متنوعة ، فنزل ما يسمى بالعباءة الفرنسية ، والعباءة المغربية ، وعباءة اللف ، والعباءة المخصرة ، بل ظهرت الآن بأسماءٍ وأشكال هي في غاية التبرج .
وهذه الأنواع من العباءات لا يجوز لبسها .
وذلك لأن من شروط حجاب المرأة أن لايكون زينة في نفسه ، فإن كان فهو من الزينة المحرمة .
ويتفق الرجال من ذوي الطباع السوية أن هذه العباءة تلفت أنظار الرجال إليها لجمالها وجاذبيتها.
وبعض النساء ـ وفقهن الله ـ تقول إنني لا أراها ملفتة للأنظار . والجواب : أن المرجع في ذلك هم الرجال ، وليس النساء .
وقد وقفت على تحقيق جيد في مجلة الدعوة عن لبس العباءةِ المتبرجة ( عباءةٍ الكتف ) . وقد وزع ستمائة وأربع وعشرون استبانة ، نصفها وزع على النساء اللواتي يضعن العباءة على الكتف ، ونصفها على اللواتي يضعنها على الرأس .
وكان من نتائج هذه الاستبانة التي وزعت على من يضعنها على الكتف :
* أن سبعاً وثلاثين في المائة منهن إنما يلبسنها في الأسواق فقط .
* و ستون في المائة منهن يلبسنها مسايرة للموضة .
* وأن تسعاً وثلاثين في المائة منهن يشعرن بالخوف من الإثم بسبب لبسها .
* وأن سبعاً وأربعين في المائة يلبسنها وولي أمرها راضٍ عنها .
* والعجيب أن ثمانية عشر في المائة منهن يلبسن عباءة الكتف وولي أمرها غير راض عنها .
* وأعجب من ذلك أن خمساً وثلاثين في المائة ولي أمرها يشجعها على ذلك . حتى قال بعض النساء : نلبس العباءة المتبرجة ونحن غير راضيات ولكنها رغبة الزوج .
وأنا أعرف أحوالاً كثيرة أن الزوج يأمر فيها زوجته أن تلبس عباءة الكتف ، وأن تخلع القفاز عند ذهابها معه ؛ حتى تكون بالمظهر اللائق أمام الناس .
وكنت أتعجب أشد العجب من ضعف غيرة هؤلاء الرجال على نسائهم ، حتى قرأت كلاماً قيماً لابن القيم رحمه الله في كتابه ( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) ذكر فيه أن من آثار المعصية ضعف الغيرة ، وإذا تاب العبد واستقام رجعت إليه غيرته .
* وأهم نتيجة لهذه الاستبانة أن ستاً وثمانين % منهن تعرضن للمضايقة .
الله أكبر إنه مصداق قول الله تعالى : " ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " ( الأحزاب 59).
ذلك أدنى أن يعرفن ؛ أي ذلك أقرب أن تعرف المرأة بالعفاف والحشمة والستر ، فلا يؤذين ؛ أي فلا تؤذى من أهل السوء والمعاكسات . وهذا أمر مشاهد .

النوع الثالث من الزينة البينة المحرمة : خروج المرأة من بيتها متطيبة .
وأكتفي في هذا النوع بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا " أخرجه مسلم .
وأخرج مسلم أيضاً من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ " . وإذا كان هذا في شأن الذهاب إلى المسجد ، فالأسواف من باب أولى .
و عَنِ أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ". حديث صحيح . أخرجه النسائي وغيره.

النوع الرابع من الزينة البينة : التساهل في كشف العورة أما الرجال الأجانب .
والأمثلة عليه من الواقع كثيرة منها :
المثال الأول : تساهل بعض النساء في كشف اليدين والقدمين ، وسبق أن تغطيتهما واجبة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " المرأة عورة ". ولحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ . قَالَ : يُرْخِينَ شِبْرًا . فَقَالَتْ : إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ . قَالَ : فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا ، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ " أخرجه الترمذي بسند صحيح .
والمرأة اليوم لا ترخي عباءتها ذراعاً ولا شبراً ، ولا تستر يديها بالعباءة إلا نادراً ، فأفضل وسيلة لتغطيتهما هو القفاز والشراب الأسود .
وأنا أعلم أن كشف كثير من النساء لأيديهن وأقدامهن أمام الرجال الأجانب في ذهابها ومجيئها ، ليس بقصد التبرج ، وإنما بسبب التساهل . و لكنْ عليها أن تعلم أن التساهل لا يرفع الإثم ، فقد فعلت المحرم بكشف جزء من العورة .
و لما علم بعض النساء بالحكم الشرعي لبسن القفاز و الشراب ، ووجدن في البداية ثقلاً ، ولكنْ لم يمض إلا أسابيعَ قليلة فأصبح سهلاً ميسراً ، بل أصبحَ مثلَ العباءةِ وغطاءِ والوجه لايستطعنْ تركه.
المثال الثاني من التساهل في كشف العورة : تأخير ستر الفتاة الصغيرة بعد بلوغها .
من المعلوم أن الفتاة تصل إلى سن التكليف قبل الرجل غالباً ، وربما ظهرت علامة البلوغ وهي في الرابعة أو الخامسة الابتدائي ، ويرى والدها أو والدتها أنها لا تزال طفلة ؛ ولذلك لا تلبسُها الحجاب ، أو تلبسُها إياه ناقصاً .
والواجب أن تلبسه كأي امرأة مكلفة كبيرة . فليتنبه الآباء و الأمهات لذلك . ومن الواجب على الأبوين أن يربيا بناتهم على الحجاب في سن مبكرة قبل البلوغ ؛ حتى تألف الفتاة الصغيرة لُبسه .
المثال الثالث : التساهل في كشف العورة أمام الطبيب .
ولا يجوز كشف المرأة لشيء من العورة أمام الطبيب إلا بثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن لا يوجد طبيبة .
وأكثر التخصصات اليوم يوجد فيها نساء ، كأمراض النساء والولادة ، والأسنان ، والعيون ، والجلدية ؛ فإذا لم توجد في هذا المركز أو المستشفى وجدت في الآخر .
وإذا كان حال كثير من الرجال في البيع والشراء وأمور الدنيا يتحرى ويسأل ويتصل ، فزوجته ، وأخته ، وبنته هي أولى بالرعاية والاهتمام ، فعليه أن يبذل شيئاً من الجهد بالاتصال و السؤال عن الطبيبة المناسبة .
الشرط الثاني : أن يكون معها محرم .
فإذا لم يوجد بعد البحث والتحري إلا رجل ، فلابد من وجود المحرم ، فإن وجوده أحفظ للمرأة ، وأبعد عن الفتنة . وكشف الرجل على عورة المرأة مظنة الفتنة ، ومن أهم وسائل دفعها وجود المحرم . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يخلون رجل بامرأة ، إلا ومعها ذو محرم " أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه .
الشرط الثالث : أن يكون الكشف بقدر الحاجة .
فإذا كان المرض في القدم لم تكشف إلا القدم ، وإذا كان المرض في الأذن فإنه لا يجوز لها أن تكشف الوجه.
ومع الأسف الشديد أن كثيراً من النساء يكشفن الوجه على الطبيب بسبب أو بدون سبب . وهذا الخطأ أوضح من أن يبين .
ومن غفلة بعض الرجال : أن يذهب بزوجته إلى الطبيب وينتظر الزوج في الخارج .
وأشد من ذلك غفلة : أن يذهب الرجل بزوجته إلى الطبيب الرجل في أمراض النساء والولادة ، فيكشف عن العورة المغلظة . نسأل الله السلامة والعافية .
ومن الأخطاء الفاحشة مجيء الطبيب الرجل لمباشرة الولادة ، أو الإشراف عليها . فكيف نبيح لأنفسنا أن يكشف الرجل الأجنبي عن عورة المرأة ، وفي لحظات ضعفها ، وقد نشأت هذه المؤمنة على الحشمة والستر .

الجانب الثاني من الزينة المحذورة أمام الرجال الأجانب : الزينة الخفية .
قال الله تعالى : " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " (النور31) .
كانت المرأة في الجاهلية تلبس الخلخال ، وفوقه ثوب طويل ، فإذا مرت بالرجال ضربت برجلها الأرض أثناء مشيها . حتى يخرج صوت الخلخال ، فيسمعه الرجال ، فيعلموا أنها متزينة بلبسه . فكشف الله تعالى خبايا نفسها ، ونهاها عن ذلك .
فأيهما أعظم زينة أيها الأخوات هذه التي ضربت برجلها ، أم تلك المرأة التي أظهرت البنطال من أسفل العباءة .
و أيهما أعظم زينة هذه التي ضربت برجلها ، أم تلك التي تفتح العباءة أثناء نزولها من السيارة ، أو صعودِها إليها ، أو دخولها المحل ، أو خروجها منه .
و أيهما أعظم زينةً أيضاً هذه التي ضربت برجلها ، أم تلك التي وضعت حقيبتها على كتفها في الأسواق . أو التي لبست حذاءً ذا كعب عالي وصوت مسموع .
ولاشك بأن هذه الصور أعظم زينة ، فهي أولى بالمنع والتحريم .

الخاتمةٌ وهي تحمل جملة من الرسائل تُكْمِلُ الموضوع وتُسْهِم في علاجه :
أولاً : عنِ جَرِيرٍ بن عبدالله رضي الله عنه قَالَ : " كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ . فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ ( النمار أزر من صوف مخططة ) مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ـ إلى أن قال ـ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ ، حَتَّى قَالَ : وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجَزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ، قَالَ : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ . وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " أخرجه مسلم .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى صاحب الصرة ، وأن الناس اقتدوا به ، بين فضل عمله ، وأن كل الذين اقتدوا به فتصدقوا هو في ميزان حسناته من غير أن ينقص من أجورهم شيء . " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ " .
وفي الحديث أيضاً أن القدوة العملية ربما تكون أقوى في التأثير من القول ، فالنبي صلى الله عليه وسلم وعظ الناس وحثهم على الصدقة ، لكنهم لم يتتابعوا على الصدقة إلا بعد ما تقدمهم صاحب الصُرَّة .
فنحن بأمس الحاجة إلى المرأة القوية ؛ القويةُ في إيمانها ، والقويةُ في شخصيتها ، لتكون قدوة للأخريات ، فالناس فيهم خير كثير لكنهم بحاجة إلى القدوة . كما تأثر الصحابة بذلك القدوة صاحبِ الصرة . فالمرأة التي تركت اللبس المحرم ، ولبست عباءة الرأس الساترة ، ولبست القفاز والشراب ، فاقتدى بها أحد من النساء ، من جيرانها ، و أقاربها ، ومن حولها ، و من لاتعرفها ممن رأينها في الطريق أو المسجد أو الكلية ، وكل من اقتدى بأولئك النساء اللواتي تأثرن بها ، كل ذلك في ميزان حسانتها ، وربما يموت الانسان والأجر يأتيه بعد موته بسبب تلك القدوة الحسنة . فهنيئاً لك هذا الأجر العظيم أيتها المؤمنة الصالحة . فهذه رسالة أبعثها إلى المعلمة مع طالباتها في جميع المراحل الدراسية ، فإن باب الدعوة إلى الله بالقدوة واسع جداً ، وقد درست المئات بل الآلاف من الطالبات ، فتكون قدوة حسنة في كلامها وهيئتها أمامهم ، وقدوة حسنة في حجابها أثناء دخولها وخروجها من المدرسة ، وما المانع أيضاً أن يكون لها كلمةٌ قصيرة توجيهية وتربوية في بعض الحصص الدراسية ، أو حصص الانتظار .
وبالمقابل ففي الحديث وعيد عظيم ، في قوله صلى الله عليه وسلم : " وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " وهذه رسالة إلى كل بائع لألبسة النساء والعباءات ، فكل من باع عباءة متبرجة على امرأة فهو في ميزان سيئاته كلما لبستها ، فانظر إلى من باع الآلافَ منها كم يتحمل من أوزار الناس ، إن المؤمن لايطيق أن يتحمل أوزاره ، فكيف بمن يتحمل أوزار الناس . ثم إن المال الذي تَطْعَمه ، وتُطْعِمه أولادك سحت وحرام . وهذا كاف في اتخاذ القرار بترك هذا العمل .
أخي البائعُ الكريم ، هذه نصيحة مشفق صادق ، فتب إلى الله توبةً نصوح ، وتذكر قوله تعالى : " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ".
ومن الوعيد في هذا الحديث رسالة أخرى إلى رب المنزل ، إلى الأب والزوج ، فإن كل مجلة ، أوشريط ، أو جهاز أدخلته بيتك ، ويعرض فيه الحرام ؛ كصور النساء ، أو يسمع فيه الحرام ؛ كالغناء ، فإنه في ميزان سيئاتك كلما نظر أو استمع إلى ذلك المحرم أحد من أهل البيت أو الضيوف ، وربما يموت صاحب المنزل ، ولا يزال يتحمل أوزارهم وهو في قبره ما داموا يشاهدون ، ويستمعون فيها إلى المحرم .
وكذا الحال لمن يأمر أهله بكشف الوجه ، وخلع القفاز ، ولبس العباءة المتبرجة . فأثر ذلك كله في ميزان سيئاته .
ثانياً : من أهم أسباب السلامة من الخلل في شأن اللباس والحجاب : التربية الإسلامية على الحياء و الألبسة الساترة منذ الطفولة ، وأن تربى على العزة في ذلك ؛ فإن الطفل ينشأ بإذن الله على ما ربي عليه .
أما واقع الناس فإنهم على خلاف ذلك وهم لايشعرون . وأضرب لذلك مثالاً : انظر إلى ألبسة الأطفال الذكور في سن الخامسة والسادسة وأكثر ، فمن يلبس منهم الثياب ، تجد الثوب عليه واسعاً وطويلاً إلى ما دون الكعبين . وإذا قيل لوالدته إرفعوا ثوبه إلى ما فوق الكبين حتى يتربى على السنة.
كان الجواب منها ، إن المنظر غير مناسب ، ثم إنه سيطول بعد شهرين أو ثلاثة ، وتجد قوة وإصراراً من الأبوين على ذلك .
وبالمقابل انظر إلى أخت هذا الطفل التي في سنه أو تكبره بسنة أو سنتين تجد ثوبها بدون أكمام ، وطوله على أحسن الأحوال إلى نصف الساق ، وربما إلى الركبة أو أعلى من ذلك .
فما سر هذه المفارقة العجيبة .
إن أكثر الأمهات يجدن تمرداً من بناتهن في سن المراهقة في اللباس والحجاب ، وأهم أسباب هذا التمرد والعصيان هو تربية الأبوين .
لقد كان مضرب المثل في الحياء عند العرب ( حياء البكر في خدرها ) وهذا أمر فطرها الله عليه ، إلا أنه بالتربية يمكن أن يمسخ هذا الحياء أو يقلل ، فإذا ربيت الفتاة على الدخول على الرجال ، ولبس البنطال ، والقصير نشأت عليه ، ولم تقبل غيره .
بل إن بعض الفتيات تستحي من تغطية الوجه ، ولبس العبائة الساترة ، والألبسة المحتشمة ، فانظر كيف انقلب الحياء على الفتاة بسبب التربية .
ثالثاً : هذه رسالة أخص بها التاجر المسلم : إن كثيراً من الآباء والأمهات يعيشون أزمة في ألبسة البنات ، فإذا بحثون في الأسواق لم يجدوا إلا القصير ، وما فيه تصاوير ، وغير المناسب . فإذا وجد التاجر المسلم الذي يعالج هذه المشكلة بالتصاميم المناسبة ، والجودة العالية ، كانت له تجارة ودعوة إلى الخير ، ونفعاً للمسلمين ، وقدوة حسنة يؤجر عليها . وهذا باب مغفل من التجار الأخيار .
رابعاً : إنني ألحظ بعض النساء ، إذا سألت في باب الطهارة ، أو الصلاة ، أو الصيام ، أو الحج : تكون على أتم الاستعداد لقبول الحق وتطبيقه ، بل ربما تتشدد مع الشيخ وتراجعه في السؤال . وإذا كان الأمر متعلقاً بالحجاب واللباس والخلوة مع السائق كان لها حال آخر ، بحثت في ذلك عن أوسع الناس في الفتوى ، وتشبثت به وإن كان مخالفاً للدليل . إنه داعي الهوى ، والنفس الأمارة بالسوء .
فهذه الرسالة الأخيرة إلى من لبست العباءة المتبرجة ، والألبسة المحرمة ، إلى من خلعت حجابها عند سفرها إلى الخارج وليس الحديث عن السفر ، إلى الطبيبة والممرضة التي تسامحت و تساهلت في حجابها في المستشفيات . فإني أناشدها أن تتقي الله جل وعلا ، وأن تبادر إلى التوبة إلى الله من هذه الألبسة أو ترك الحجاب الشرعي ، فإن التوبة عبادة عظيمة يحبها الله . " ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً " . " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون " . " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ".
إن من سنن الله الربانية التي لاتتبدل ، ولاتتحول ما جاء في قوله تعالى : " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " . فقد يصاب الإنسان بالمرض ، أو الهم ، أو عدم النجاح والتوفيق بسبب المعصية .
وقد قسم العلماء السيئة إلى قسمين : سيئة العمل ، وسيئة الجزاء ، فسيئة العمل هي التي يفعلها في المرة الأولى ، وسيئة الجزاء هي التي يفعلها مرة ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، وربما ارتكب معاص أخرى عقوبةً من الله لأنه لم يتب من المعصية . وقد ألف ابن القيم رحمه الله كتاباً في شؤم المعصية أنصح الجميع بقراءته أسماه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) وقد نقل فيه عن السلف أنه يجد أثر المعصية في خلق دابته ، و خلق زوجته . وذكر أحوالاً كثيرةً و مؤثرة عن سوء الخاتمة بسبب الذنوب . نسأل الله حسن الخاتمة .
فالمشاكل التي تحصل في البيوت و بين الزوجين ، لايلزم أن يكون تفسيرها مادياً ، بل ربما كانت بسبب المعصية ، وقد تجد المرأة من زوجها نفرة أو عدم ارتياح ، ويكون السبب في ذلك هو المعصية.

وتذكري أيها الأخت الفاضلة سرعة استجابة الصاحبيات لدعوة الحجاب فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَتْ : " لَمَّا نَزَلَتْ ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ) خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ " أخرجه أبوداود بسند حسن .
وتذكري أيضاً ما كان يذكر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، ويأمر بالإكثار منه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا من ذكر هادم اللذات ". حديث صحيح . ولاحظوا قوله عليه الصلاة والسلام ( أكثروا ) فنحن مأمورون ليس بذكر الموت فحسب ، بل بالإكثار من ذكره ، حتى تتعض القلوب و تصحوَ من غفلتها ، فهل يسرك أن تموتي وأنت متبرجة ، أو خالعة للحجاب ، أو متساهلة فيه ؟. إن أردت الجنة فبادري بالتوبة إلى الله .

وأخيراً فهذه المحاضرة دعوة للتصحيح والمراجعة في لباس المرأة ، فأسأل الله الكريم أن يصلح أحوال نساء المؤمنين ، اللهم ارزقهن الستر و العفاف والحياء و الحشمة ، اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا . اللهم قنا عذاب القبر وعذاب النار ، وأدخلنا جنة الفردوس الأعلى بلا حساب ولا عقاب . والحمد لله وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
هذا نص محاضرة لباس المرأة التي سجلت عام 1421هـ
د. يوسف بن عبدالله الأحمد .
جامعة الإمام / كلية الشريعة / قسم الفقه
ص.ب 156616 الرياض 11778
ناسوخ 4307275/01
055920634






د. يوسف بن عبدالله الأحمد
أستاذ الفقه المساعد بكلية الشريعة بالرياض / جامعة الإمام

6
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مون فلور1404
مون فلور1404
جزاك الله خير
اسمي حلا وكلي حلا
رفع للفائده
الانامل الناعمه
جزاك الله خير
@مجودتي@
@مجودتي@
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
اسمي حلا وكلي حلا
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم