ذو رأي

ذو رأي @tho_ray

عضوة جديدة

لحظات حاسمة للسعادة الزوجية!

الملتقى العام

مازالت جوانب مهمة من الحياة الزوجية تحاط بسياج من التحفظ الشديد الذي يبقيها في دائرة معزولة لا مساس بها؛ حتى تفتر الأحاسيس ويدب الملل إلى هذه العلاقة العظيمة مع مرّ السنين!
وما زالت فئات من أهل الخير والصلاح، رجالا ونساءً، تنأى وتنفر من الحديث عن تجديد العلاقة الزوجية والتطوير في شأن الزوجين الخاص؛ وكأنه رجس من عمل الشيطان، رغم ما تحويه دواوين السنة النبوية من هدي رسول الله وخلقه صلى الله عليه وسلم في بيته، وشأنه مع زوجاته!
ولو أخذنا جانباً واحداً فحسب من جوانب المودة "العملية" وهو التقبيل، لوجدنا هديه صلى الله عليه وسلم منشوراً في كتب الحديث؛ ليتعلم منه الأزواج، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم "كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ" (رواه أحمد وأبو داود عن عائشة، وصححه الألباني)، بل "كان يقبل وهو صائم" (رواه البخاري ومسلم عن عائشة)، وغيرها من الأحاديث، وليس المراد هنا هذه الأحوال بعينها كالصيام مثلا، وعلاقة ذلك بملك الإنسان لنفسه ألا يترتب على ذلك مفسدة، فهذا محله كتب الفقه. ولكن المراد بيان أن حصول ذلك في هذه الأحوال يدل على أهمية مراعاة ذلك في سائر الأحوال من باب أولى. ولا شك أن هذا الهدي النبوي الكريم يرشد إلى وسيلة من أهم وسائل تنمية العلاقة القلبية بين الزوجين وتجديدها، لا ينفر منه ويتنكبه إلا من قلّ حظه من الفقه!
ومن الأمور المهمة للغاية في تحقيق العشرة الطيبة والسعادة والهناء للزوجين: حرص كل منهما على الآداب الكريمة للعلاقة الحميمة، التي لها أكبر الأثر في حصول المودة التي ذكرها المولى في قوله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} بل عدّ بعض السلف هذه العلاقة نفسها مرادفة للمودة، قال ابن عباس ومجاهد: "المودة الجماع"! (ذكره ابن كثير في تفسير الآية).
وتوجد - بحمد الله - العديد من المؤلفات والأشرطة في تفصيل هذه الآداب الكريمة، وذكر أدلتها من النصوص الشرعية، التي ينبغي لمن يتحرى الخير لنفسه وأهله أن يحرص عليها ويطلبها ويتمثلها!
لكن ثمة وقفة مهمة، وإشارة جديرة بالانتباه، في هذه المقام، ألا وهي يقظة الزوجين إلى أن هذه اللحظات الحميمة المحفوفة بالآداب الكريمة، هي لحظات حاسمة ومؤثرة، وليست كغيرها من الأوقات، يؤذي المشاعر فيها ما لا يؤذيه في وقت آخر، كما يثري الحب والمودة فيها ما لا يتحقق في وقت آخر!
لذا ينبغي أن يقدر لهذه اللحظات قدرها، ويراعى فيها أكثر مما يراعى في غيرها؛ من الذوق والتلطف والإحسان، ومن أبلغ ما يؤكد ذلك ما جاء في الحديث: "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها" (رواه أبو يعلى في مسنده).
ولن تكتمل لذة، أو تتحقق متعة، حتى يأنس القلب أولاً بمادة حياته، وقرة العين؛ ابتغاء مرضاة رب العالمين، وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أليس كان يكون عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر" (رواه مسلم عن أبي ذر).
خالد عبداللطيف
0
405

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️