تفاحةحمراء @tfahhmraaa
عضوة نشيطة
لكل من تأثرت بفاجعة جدة وحائل...
لا تحزن إذا داهمك الموت واسمع لهذه القصة
قال إبراهيم بن الجراح : مرض أبو يوسف فأتيته أعوده، فوجدته مغمىً عليه، فلما أفاق قال لي: ما تقول في مسألة؟
قلت: في مثل هذه الحال؟
قال: لا بأس ندرس بذلك لعله ينجو به ناجٍ.
ثم قال: يا إبراهيم ، أيما أفضل في رمي الجمار: أن يرميها الرجل ماشياً أو راكباً؟
قلت: راكباً.
قال: أخطأت.
قلت: ماشياً. قال: أخطأت.
قلت: أيهما أفضل؟
قال: ما كان يوقف عنده فالأفضل أن يرميه ماشياً، وأما ما كان لا يوقف عنده، فالأفضل أن يرميه راكباً، ثم قمت من عنده فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه، وإذا هو قد مات رحمة الله عليه.
قال أحد الكتاب المعاصرين: هكذا كانوا!! الموت جاثم على رأس أحدهم بكربه وغصصه والحشرجة تشتد في نفسه وصدره، والإغماء والغشيان محيط به، فإذا صحا أو أفاق من غشيته لحظات، تساءل عن بعض مسائل العلم الفرعية أو المندوبة، ليتعلمها أو ليعلمها، وهو في تلك الحال التي أخذ فيها الموت منه الأنفاس والتلابيب.
في موقف نسي الحليم سداده ويطيش فيه النابه البيطار
يا لله ما أغلى العلم على قلوبهم!! وما أشغل خواطرهم وعقولهم به!!
حتى في ساعة النزع والموت، لم يتذكروا فيها زوجة أو ولداً قريباً عزيزاً، وإنما تذكروا العلم!! فرحمة الله تعالى عليهم.
فبهذا صاروا أئمة في العلم والدين.
لا تحزن من الكوارث فأنت لا تعرف سر المسألة وعواقب الأمور
أورد المؤرخ الأديب أحمد بن يوسف الكاتب المصري في كتابه المعجب الفريد -المكافأة وحسن العقبى - فقال: وقد علم الإنسان أن سفور الحالة -أي انكشاف الغمة والشدة- عن ضده، حتم لا بد منه، كما علم أن انجلاء الليل يسفر عن النهار، ولكن خور الطبيعة أشد ما يلازم النفس عند نزول الكوارث، فإذا لم تعالج بالدواء، اشتدت العلة، وازدادت المحنة، لأن النفس إذا لم تعن عند الشدائد بما يجدد قواها، تولى عليها اليأس فأهلكها.
والتفكر في أخبار هذا الباب -باب أخبار من ابتلي فصبر، فكان ثمرة صبره حسن العقبى- مما يشجع النفس، ويبعثها على ملازمة الصبر وحسن الأدب مع الرب عز وجل، بحسن الظن في موافاة الإحسان عند نهاية الامتحان.
وقال أيضاً -في آخر الكتاب-: خاتمة: قال بزرجمهر : الشدائد قبل المواهب، تشبه الجوع قبل الطعام، يحس به موقعه، ويلذ معه تناوله.
وقال أفلاطون : الشدائد تصلح من النفس بمقدار ما تفسد من العيش، والتترف -أي الترف والترفه- يفسد من النفس بمقدار ما يصلح من العيش.
وقال أيضاً: حافظ على كل صديق أهدته إليك الشدائد، والْهَ عن كل صديق أهدته إليك النعمة.
وقال أيضاً: الترفه كالليل، لا تتأمل فيه ما تصدره أو تتناوله، والشدة كالنهار،
ترى فيها سعيك وسعي غيرك.
وقال أزدشير : الشدة كحل ترى به ما لا تراه بالنعمة.
ويقول أيضاً: وملاك مصلحة الأمر في الشدة شيئان: أصغرهما قوة قلب صاحبها على ما ينوبه، وأعظمها حسن تفويضه إلى مالكه ورازقه.
وإذا صمد الرجل بفكره نحو خالقه، علم أنه لم يمتحنه إلا بما يوجب له مثوبة، أو يمحص عنه كبيرة، وهو مع هذا من الله في أرباح متصلة، وفوائد متتابعة.
فأما إذا اشتد فكره تلقاء الخليقة، كثرت رذائله، وزاد تصنعه، وبرم بمقامه فيما قصر عن تأمله، واستطال من المحن ما عسى أن ينقضي في يومه، وخاف من المكروه ما لعله أن يخطئه. وإنما تصدق المناجاة بين الرجل وبين ربه، لعلمه بما في السرائر وتأييده البصائر، وهي بين الرجل وبين أشباهه كثيرة الأذية، خارجة عن المصلحة.
ولله تعالى روح يأتي عند اليأس منه، يصيب به من يشاء من خلقه، وإليه الرغبة في تقريب الفرج، وتسهيل الأمر، والرجوع إلى أفضل ما تطاول إليه السؤل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
طالعت كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي ، وكررت قراءته فخرجت منه بثلاث فوائد:
الأولى: أن الفرج بعد الكرب سنة ماضية وقضية مسلمة، كالصبح بعد الليل، لا شك فيه ولا ريب.
الثانية: أن المكاره مع الغالب أجمل عائده، وأرفع فائدة للعبد في دينه ودنياه من المحاب.
الثالثة: أن جالب النفع ودافع الضر حقيقة إنما هو الله جل في علاه، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
30
2K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خفايا زمن
•
يارب رحمتك
الصفحة الأخيرة