ماتت في الظلام

وماتت في الظلام ......
سأحكي لكم قصة فتاة رزقها الله بيتا جميلا جدا مكون من 12غرفة واسعة ومؤثثة بأثاث رائع ومبهر . لكن كانت هناك مشكلة وحيدة في هذا البيت الجميل وهي أن إحدى الغرف مظلمة جدا ولا يمكن للشمس أن تدخلها فهي بلا نوافذ . وكانت هذه الغرفة محببة جدا لقلب هذه الفتاة وتريد أن تكون مشرقة كبقية الغرف بل وأكثر....
ذهبت إلى المهندس الذي صمم هذا البيت الجميل -وقد كان قريبها - وسألته لماذا لم تجعل في هذه الغرفة نوافذ للشمس ليدخل إليها النور!!!!!!!!! ألم تعلم بأنها أحب الغرف إلى قلبي!!!!!!!! ألم أخبرك مرارا أن تجعلها أجمل غرفة !!!!.
أجابها المهندس : بلى أعلم ذلك وقد قلتي لي ذلك أكثر من مرة ولكن هذه الغرفة موقعها يطل على بيت شمشون السارق ، ولو جعلت فيها نوافذ لتمكن من الدخول إليك وسرق كل ما في هذا البيت الذي تعبتي طوال حياتك السابقة لبناءه وتأثيثه على هذا الشكل . وأن تظلم هذه الغرفة لتأمني في بقية الغرف أفضل من أن تشرق وتكون سببا في كارثة . ولتعلمي أني ما بنيته على هذا الشكل إلا لشدة حبي لك وخوفي عليك.
لكن هذه الفتاة لم تقتنع بكلامه ورجعت من عنده مكتئبة ويائسة.
دخلت غرفتها المظلمة وهي تبكي بحرقة شديدة ودموعها تتدفق كما المطر . لماذا حرمني من أن أتنعم بغرفتي المفضلة ؟؟؟؟
خرجت من هذه الغرفة مسرعة تتلفت حولها فإذا هي ترى بقية الغرف في قمة الأناقة والروعة والإشراق ...
وبدلا من أن يخمد لهيب صدرها وحرقة قلبها ازداد غضبها وقررت أن تعيش في تلك الغرفة المظلمة ...وبالفعل عاشت هناك مكتئبة متضجرة . هاجرة لنعيم بيتها الجميل ... وماتت في الظلام......
...........................................
انتهت القصة وهاكم العبرة:
هذا البيت يمثل نعم الله علينا . قد يرزقك الله نعم كثييييرة جدا وجمييييييييلة جدا ومشرقة في حياتك تدخل عليك النور والفرح .لكن قد نحرم من بعض النعم ابتلاء من الله لنا ولحكمة بالغة يعلمه الله . ولكل شخص ولا بد غرفة مظلمة ونعمة مفقودة كيف لا.. والله سبحانه قد ابتلى جميع الأنبياء ومنع عنهم بعض النعم لحكمة يعلمها الله .
قد تكون غرفتك المظلمة طفل حرمتي من وجوده في حياتك . وقد تكون حرمانك من الزواج . وقد تكون عافية سلبت منك . وقد تكون طلاقك من زوجك أو فقدانك أحبابك بالموت وقد ...وقد...فكثيرة هي صور الابتلاءات .
ولكن ألم تعلمي يا غاليتي أن لك ربا من صفاته أنه (عليم) بما يصلح لك (حكيم) في اختياره أقدارك . وهو كذلك (رحمن رحيم) وﻷنه يرحمك اختار لك من الأقدار ما هو الأصلح لك وقد يكون الأصلح لك فيما لا تحبيه ..فلتصبري ولتحتسبي فإنما نحن في دار الابتلاء وقاعة الاختبار وستنتهي فترة الامتحان عما قريب .
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي* ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا
تهنأي بنعم الله التي وهبك إياها. أشغلي نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، وجاهدي نفسك أن تخرجي من غرفتك المظلمة. أغلقي بابها وقولي لها لو كان فيك خير فستشرقي بنور الله ف(إن الله على كل شئ قدير). و(لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)....
وإن كنتي لي شرا وستفسدي علي بقية النعم فأنا راضية بظلامك ويكفيني نور بقية الغرف
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)
وأخيرا... يا صاحبة الأحزان إنهضي ..وانفضي عنك غبار الوهن ...وعيشي حياتك في النور ....ولا تميتي نفسك في الظلام...
ابدئي صفحه جديده مع نفسك