التغافل فقد قيل في معناه : هو تعمد الغفلة أي أنه يُرِيَ الآخر أنه غافل ، مع علمه التام وإحاطته بما هو مُتغافل عنه ترفعاً عن الدنايا وسفاسف الأمور .
والتغافل أدب عظيم وخلق شريف تأدب به الحكماء ونوَّهَ بفضله العلماء ، فيجب على صاحب المروءة أن يتغافل ويتجاوز عن أهله وأصحابه إن هم قصروا بشيء ما ، فلا يستقصي مكامن تقصيرهم فيبرزها لهم ليلومهم ويحاججهم عليها ، و لا يذكرهم بحقوقه الواجبة عليهم تجاهه عند كل زلة ، وإنما يتغافل عن اليسير وهو يعلمه ،
قال الحسن البصري : ما استقصى كريم قط ! قال الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم لما أخطأت بعض أزواجه : { عرَّف بعضهُ وأعرض عن بعض}
وقال الأعمش : التغافل يطفئ شراً كثيرا ، وقال سفيان : مازال التغافل من شِيَم الكرماء ، وجاء في لامية ابن الوردي الشهيرة : وتغافل عن أمورٍ إنهُ .. لم يفزْ بالحمدِ إلا مَن غفلْ ولا ينبغي لمن رام تقويم نفسه واستكمال فضائلها أن يغفل عن هذا الخلق الرفيع ، فإن مجال استعماله واسع فسيح في حياة الإنسان ، فليستعمله مع موظفيه أو زملائه وأصدقائه ، مع زوجه وأبنائه ، مع خدمه وطلابه ، وهو أيضاً يُعد فناً من فنون الأخلاق التي ينبغي الاعتناء بها ، وقد ذكروا أنَّ الناصر صلاح الدين الأيوبي كان يتحلى كثيراً بأدب التغافل ، كذلك قتيبة ابن مسلم وغيرهم الكثير
، وقد ذُكِر عن الإمام أحمد قوله : تسعة أعشار حسن الخُلق بالتغافل
! فما أخلقنا بالتأدب بهذا الأدب والتحلي به في مواقف حياتنا ، فإن استقصاء كل صغيرة وكبيرة يقدح شرارة الغضب والشحناء بين القلوب وهذا ما لا ينبغي على المسلم أن يقع فريسته بحال من الأحوال.
صنتا و صيته @snta_o_syth
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
صنتا و صيته
•
رفع للفائده
الصفحة الأخيرة