$el.classList.remove('shaking'), 820))"
x-transition:enter="ease-out duration-300"
x-transition:enter-start="opacity-0 translate-y-4 sm:translate-y-0 sm:scale-95"
x-transition:enter-end="opacity-100 translate-y-0 sm:scale-100"
x-transition:leave="ease-in duration-200"
x-transition:leave-start="opacity-100 translate-y-0 sm:scale-100"
x-transition:leave-end="opacity-0 translate-y-4 sm:translate-y-0 sm:scale-95"
x-bind:class="modalWidth"
class="inline-block w-full align-bottom bg-white dark:bg-neutral-900 rounded-lg text-right overflow-hidden shadow-xl transform transition-all sm:my-8 sm:align-middle sm:w-full"
id="modal-container"
>
إن تاريخ الحليب ، هو نفسه تاريخ الحيوان الذي أعطى الحليب ، أي هو تاريخ الحيوانات اللبونة التي وجد الحليب فيها منذ وجدت على الأرض لتغذي به أولادها الصغار ، وما يقال عن الحيوانات يقال عن الإنسان ـ الذي هو منها ـ . لقد كان الحليب المادة الغذائية الأولى التي وجدت لتغذية المولود وهي تنتج من الجسم الذي حمله .
ولكن الإنسان لم يكتف بما يتناوله مولودة من لبن أمه ، بل أسرع إلى الاستعانة بالحيوان يسلبه حليب مولودة ، ليغذي به ولده ، أو يتغذى به هو نفسه وأفراد عائلته ، وهكذا استثمر الإنسان الحيوان لنفعه ، ولم يترك له اللبن الذي يغذي به مولودة ، فما أشد جشع الإنسان .
الحليب عند العرب :
وفي الطب القديم أحاديث كثيرة عن فوائد الحليب ، وفي الأدب العربي القديم إشارات عديدة إلى الحليب ، وقد ورد ذكر الحليب ( اللبن ) في القرآن الكريم مرتين ، وذكر في الحديث النبوي مرات ، منها ( .. ومن سقاهُ الله لبناً ، فليقل : اللهم بــــارك فـــــيه ، زودنــــا منه ، فإني لا أعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن ) وخص لبن البقر بقول النبي ( ص ) (( عليكم بألبان البقر ، فإنها ترتم ( تأكل ) من كل الشجر )) .
الحليب في الطب القديم :
وتحدث أطباء العرب عن فوائد الحليب في الغذاء والعلاج ، وهذا ملخص ما قالوه :
الحليب ( اللبن ) محمود ، يولد دماً جيداً ، ويرطب البدن اليابس ، ويغذو غذاء حسناً وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية . وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة ، وشربه ـ مع السكر يحسن اللون جداً . وهو يتدارك ضرر الجماع ، ويوافق الصدر والرئة . جيد لأصحاب السل ، رديء للرأس والمعدة والكبد والطحال ، وأصحاب الصداع ، مؤذ للدماغ والرأس الضعيف ، ووجع المفاصل ، والنفخ في المعدة والأحشاء ، ويصلحه العسل والزنجبيل ، ونصح النبي لمتناوله أن يتمضمض بعده بالماء للخلاص من بقايا دسمه في الفم .
وقالوا : إن الحليب ـ كله ـ أنفع المشروبات للبدن الإنساني ، لما اجتمع فيه من التغذية الدموية ، ولاعتياده حال الطفولة ، وموافقته للفطرة الأصلية .
وقالوا : أوفق الألبان ألبان النساء الصحيحات الأبدان ، المتوسطات في السن ، الجيدات الغذاء ، وبعد ألبانهن في الجودة والموافقة : ألبان الحيوانات التي لم تبعد عن طبيعة الإنسان : كالضأن ، والبقر ، والمعز ، والخيل ، وحمار الوحش ، والظباء ، وما يجري مجراها .
وتحدثوا مفصلاً عن حليب الضأن فقالوا : هو أغلظ الألبان وأرطبها ، وفيه من الدسومة ما ليس في لبن الماعز والبقر ، وهو يولد فضولاً بلغمية ، ويحدث في الجلد بياضاً إذا أدمن استعامله ، لذلك يجب شربه بالماء ؟
ولبن المعز : لطيف معتدل ، مرطب ، مطلق للبطن ، نافع من قروح الحلق والسعال اليابس ونفث الفم .
ولبن البقر : يغذي البدن ويخصبه ، ويطلق البطن باعتدال ، وهو من أعدل الألبان وأفضلها بين لبن الضأن ولبن المعز في الرقة والغلظ والدسم .
ولبن الإبل : أرطب الألبان كلها ، وأقلها دسماً ونصحوا لمتناول اللبن أن يأخذه بالغداة ، ولا يدخل شيئاً عليه ، ويحذر التعب بعده .
الحليب في الطب الحديث:
إن الحليب غذاء غني بالسعرات الحرارية ـ الليتر الواحد يعطي من 600 ـ 700 سعرة حرارية ـ ويمكن للإنسان أن يعيش وقتاً طويلاً على الحليب وحده .
يحتوي الليتر الواحد من الحليب على 30 غ من البروتين ، و 35 من المواد الدسمة ، و 54 من سكر الحليب ، و 7 غ من الأملاح المعدنية كالكالسيوم والفوسفور والصوديوم . ويحوي 15 نوعاً من الفيتامينات المختلفة بيـنها ( أ ، ب ، د ) ، واللتر الواحد من الحليب يكفي لتأمين نصف حاجة الجسم من البروتين ( وهذا يعادل ما في 200 غ مـن اللحـم ) ، ونـصـف الحـاجـة مـن المـواد الدسـمـة ، والحـاجة كلها من فيتامين ( أ ) ، وثلث الحاجة من فيتامين ( ب1 ) . والحليب ملين لطيف ، ومنقذ من التسمم .
لا يعطى الحليب للذين يصابون بحساسية منه ، ويعطى ـ بتحفظ ـ للمصابين بأمعائهم بمغص أو بغيره ، وللبدينين ، ولذوي المرارات والأكباد الضعيفة ، ولمرضى القلب ، ولذوي الضغط العالي ، ولمرضى السكر ( ويمكن لهؤلاء كلهم تناول الحليب المنزوع منه القشدة ) .
ويعطى الحليب ـ بسخاء ـ للأطفال ، والنساء الحاملات ، والشيوخ ، والناقهين ، وللعمال ، والرياضيين .
ويجب ألا يقع الإنسان في غلطة ضارة فيتناول من الحليب زيادة عن المطلوب ، فإن الزيادة تسبب أضراراً جسيمة ، ذلك أن زيادة الفيتامين في الجسم عن الحد المقرر تحدث الأسواء التي تنتج عن نقص الفيتامين .
إن الأشخاص الذين لا يستسيغون طعم الحليب ؛ يمكنهم أن يتناولوه مع القهوة ، أو الشاي ، أو القرفة ، أو الشوكولاته ، أو الفانيلا ، كما يمكنهم الاستعاضة عنه باللبن الرائب ، أو الجبن ، أو القشدة . ويمكنهم تبريده ، لأن الحليب المبرد مقبول أكثر من الساخن وأحسن هضماً .
--------------------------------------
لماذا الحليب ؟ :
الحليب في الثقافة الإسلامية والعربية ( الإعجاز الإلهي في خلق اللبن ):
يحتل اللبن مكانة خاصة في الموروث الثقافي الإسلامي والعربي ، فقد تحدث رب العزة عن الأغذية جميعها في آيات عديدة ، منها قول الله تعالى : سورة البقرة - الآية 172
وفي الوقت ذاته خص بعض الأغذية ببعض الآيات لأهميتها الغذائية ومنها اللبن ، حيث خص الله تعالى اللبن الذي هو من طعام أهل الجنة عن سائر الأغذية بأسرار تتجلى فيها عظمته حيث يقول تعالى :
سورة النحل - الآية 66
كما يقول تعالى : سورة محمد - الآية 15
وقد تناولته السنة النبوية فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أطعمه الله طعاماً فليقل اللهم بارك لنا فيه ، وارزقنا خيراً منه ومن سقاه الله لبناَ فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن )) رواه ابن ماجة وفي هذا الحديث يقرر الرسول صلى الله عليه وسلم انفراد اللبن بأسرار لم يكتشفها العلم الحديث إلا بعد 14 قرنا من الزمان
وقد تبين في بحث علمي مهم أن اللبن هدية الله تتجلى فيه أسرار ومعجزات إيمانية منها :
أ )-طريقة استخرج اللبن من الثدييات : من بين أثقال الكرش من الدم المحرم والذي يتميز بصفات معروفة من لون داكن ورائحة وطعم غير مستساغ ، ومع ذلك يخرج منه سائل طهور ناصع البياض مستساغ الطعم حلال تناوله .
ب) - تركيب اللبن :
1- يعتبر اللبن نظاما معقداً ، لأنه عبارة عن محلول يضم جميع صور وأنواع المحاليل المعروفة " الذائبة والغروية والدهنية المستحلبة " ولكل صورة صفات ونظام مستقل ، بحيث يصعب امتزاجها مع بعضها ( إلا في حالة اللبن )
2-يحتوي على عناصر عديدة لكل منها صفات مختلفة وظروف ذوبان مختلفة وغير قابلة للامتزاج ، مما يجعل من الصعب زوبانها وامتزاجها في محلول واحد دون أن تتفاعل مع بعضها أو تترسب ( إلا في حالة اللبن ).
3-توجد هذه العناصر في حالة من التوازن وبنسب محسوبة بدقة شديدة ، كما توجد هذه العناصر في صورة حرة أي غير مرتبطة ببعضها ولا يوجد تداخل سلبي فيما بينها ، بل إن كلاً منها يشجع امتصاص العناصر الأخرى ( تداخل إيجابي )، ونتيجةً لذلك يمتص الجسم جميع العناصر الموجودة في اللبن ويستفيد منها بشكلٍ كامل.
4- ومن صور الإعجاز في اللبن أن تركيبه متغيرٌ وليس ثابتاً على مدار العام ، حيث تتغير مكوناته خلال فصول السنة ، بما يتوافق مع الاحتياجات الغذائية للإنسان التي تختلف في الصيف عنها في الشتاء ، فتزداد نسبة الدهن في لبن الشتاء حيث يحتاج الإنسان إلى الطاقة بدرجة أكبر من الصيف الذي تزايد فيه نسبة البروتين والأملاح المعدنية في اللبن ، مما يجعله غذاء شتوياً مثاليا ً حيث أنه مصدر عني للطاقة ، وكذلك غذاءً صيفياً مثالياً لتعويض الجسم عما يفقده من أملاح مع العرق .
إن تغير مكونات اللبن ما بين فصلي الشتاء والصيف إعجازُ لا ينجزه إلا رب عظيم سخّر ما خلق للإنسان ، ولا يمكن وجود ذلك في أي غذاء آخر حيث أن أي غذاء ثابت التركيب .
ج ) أنه مناسب لجميع المراحل العمرية للإنسان :منذ الولادة وحتى الشيخوخة ( رغم اختلاف الاحتياجات الغذائية في المراحل العمرية المختلفة )
الحليب غذاء متكامل ( الفوائد الصحية للحليب ):
· الحليب غذاء متكامل ، حيث يحتوي على جميع العناصر الغذائية ، كما أن الحليب طويل الأجل من الممكن حفظه لفترات طويلة ، ومن الممكن وتداوله على مدى مسافات طويلة .
· يحتوي الحليب على بعض السكريات الثنائية سريعة الهضم مما يساعد على الحصول على الطاقة والنشاط .
· يرفع تناول الحليب - في بداية اليوم الدراسي – من مقدرة الدماغ على الاستيعاب ، ويرجع ذلك لاحتوائه على عدد من الفيتامينات التي تدخل في تركيب بعض الموصلات العصبية في الدماغ .
· يحتوي الحليب على نسبة عالية من المعادن( الكالسيوم والبوتاسيوم )ومادة الجبنين ( casein ) والتي لها تأثير موضعي يعمل على حماية الأسنان من التسوس .
· تزايد الحديث مؤخراً عن مضادات الأكسدة ، والتي ثبتت علاقتها بالوقاية من بعض الأمراض المزمنة والسرطانات . ويحوي الحليب العديد من هذه المركبات مثل { فيتامين أ وب6 ب12 وفيتامين ج } .
· لوحظ في دراسة النمط المعيشي للطلاب التي أجرتها وزارة التربية والتعليم ( 1417هـ ) انخفاض نسبة زيادة الوزن والسمنة لدى الطلاب الذين يشربون الحليب مقارنة بغيرهم من الطلاب ، وأوصت الدراسة بإدخال الحليب في المدارس بديلاً للمشروبات الغازية .
مكونات الحليب وقيمتها الغذائية :-
للحليب قيمة غذائية لا تتوفر في أي مشروب آخر ، مما يكسبه تميزاً بين بقية المشروبات ، فهو يحوي 17 مادة غذائية أساسية ( بالإضافة إلى الماء ) مهمة للنمو في السنوات الأولى من العمر
( منها خمس مواد غذائية من التي يطلق عليها اسم بناة العظام )، وهي كالتالي :-
1- النشويات : وهي مصدر رئيسي للطاقة .
2- الدهون ( الدسم ) : وهي دهون سهلة الهضم ، ويوفر هذا النوع من الدهون للطالب في السن المدرسي الطاقة اللازمة للتركيز في الدراسة والاستيعاب .
3- البروتين : بروتين الحليب ذو قيمة غذائية عالية . والأطفال يحتاجون ضعف ما يحتاجه الكبار من البروتين تقريباً ، وذلك لبناء أنسجة العضلات والشعر والأظافر وإعادة بناء ما يفقد من الأنسجة ، إضافة إلى أن البروتين مصدر للطاقة أيضاً .
4- فيتامين أ : يساعد في العمليات الكيميائية التي تحدث في العين ، ويحافظ على سلامة الرؤية ونضارة والجلد .
5- فيتامين ب 6 : يساعد في العمليات الكيميائية التي تحدث في خلايا الدم ، وله دور في رفع المناعة ومقاومة الأمراض .
6- فيتامين ب 12 : يساعد في تركيب كريات الدم الحمراء ، ويساعد في تصنيع الحمض النووي .
7- حامض البانتوثينيك ، الثيامين ، الريبوفلافين : فيتامينات هامة جداً في عمليات التمثيل الغذائي الخاصة بإنتاج الطاقة من النشويات والدهون .
8- حامض الفوليك : مادة مهمة في تركيب كريات الدم الحمراء ، ويؤدي نقصها إلى بعض أنواع فقر الدم .
9- النياسين : مادة مهمة في تعزيز النمو .
10- فيتامين ج : يساعد في التئام الجروح والوقاية من الأمراض .
11- فيتامين د : يساعد في بناء العظام وتقوية الأسنان ، وتحسين امتصاص الكالسيوم .
12- الكالسيوم : معدن يترسب في العظام والأسنان ( بنسبة 99% ) ويجعلها قوية وسليمة ، إضافة إلى تواجده في الدم ( بنسبة 1% ) حيث يدخل في تنظيم عمل العضلات والقلب ، وتنظيم تجلط الدم الطبيعي وتنشط كثير من الإنزيمات وبعض العمليات الحيوية في الجسم مثل امتصاص فيتامين ب خلال جدار الأمعاء ، ويحتاج الطفل إلى كمية من الكالسيوم تفوق احتياج الفرد البالغ ، حيث يحتاج الطفل إلى بناء العظام والأسنان وتخزين كميات من الكالسيوم في العظام كرصيد ، والحليب هو أكبر مصدر غذائي للكالسيوم على الإطلاق ، ولا يمكن الاستغناء عنه ، أو تعويض محتواه من الكالسيوم من خلال مصدر آخر ، ويوفر كأسان من الحليب نصف الاحتياج اليومي من الكالسيوم ، وتعادل كمية الكالسيوم الموجودة فيهما كمية الكالسيوم الموجودة في 5كجم من لحم البقر أو 3 كجم من البطاطس و2.6 كجم من الخبز .
13- المغنيزيوم : معدن مكمل للكالسيوم في بناء العظام ، وينبغي وجوده بنسبة معينة مع فيتامين ( د) لتكون العظام بشكل سليم .
14- الفسفور : معدن يدخل في تركيب العظام ويكسبها القوة والصلابة .
15- الزنك : معدن مهم لتعويض الأنسجة التالفة والنمو .
الحليب كنز مهمل :
رغم كل هذه الحقائق السابقة الذكر ، ورغم توفر اللبن ( ومشتقاته العديدة ، وبصور مختلفة ومتنوعة ) وبأسعار زهيدة ( في متناول كافة أفراد المجتمع ) مقارنة بالقيمة العالية للحليب ( اللبن ) ومقارنة بأسعار أطعمة وأشربة أخرى أقل في قيمتها الغذائية ، رغم كل ذلك فقد أثبتت الدراسات الميدانية (وللأسف الشديد ) أن هناك عزوفاً عن تناول الحليب ومشتقاته في مجتمعاتنا العربية ، مقارنة بغيرنا من المجتمعات ، مما يستدعي تكثيف الجهود الرامية إلى دراسة هذه الظاهرة من جميع النواحي والعمل على وضع البرنامج والخطط الكفيلة بتعديل كفة الميزان لصالح ذلك الكنز ( الحليب ومشتقاته )