«البكيني» الذي أعنيه ليس له علاقة بلباس البحر الفاضح (الذي لم يعد مشكلة هذه الأيام) بل هو اسم لجزيرة صغيرة رفعت قضية كبيرة على الحكومة الأمريكية.. هذه الجزيرة المسالمة (الواقعة ضمن جزر مارشال في المحيط الهادي) أخلتها البحرية الأمريكية من سكانها عام 1946 بغرض القيام بتفجيرات نووية تجريبية.. وفي ذلك الوقت قال الجيش للأهالي إنهم سيعودون لمنازلهم ومزارعهم فور انتهاء التجارب (التي استمرت ست سنوات وزاد عددها على 23 تفجيرا). ولكن الحقيقة التي كان يعلمها جيدا أن الجزيرة ستصبح ملوثة بالإشعاعات النووية ويصعب على أي مخلوق العيش فيها لاحقا !
.. ورغم هذا عاد معظم الأهالي لبكيني فور انتهاء التجارب عام 1958 دون أن يقوم الجيش بشرح مخاطر الإشعاع أو مساعدة السكان على مقاومته. وحين ارتفعت نسبة الإصابة بالسرطان - وزادت وفيات الأطفال - أخلى الأمريكان الجزيرة لثاني مرة عام ,1948.
وفي أواخر الستينيات صرح الرئيس الأمريكي ليندون جونسون بأن جزيرة بكيني أصبحت «الآن» آمنة وبإمكان أصحابها العودة إليها. ونتيجة لهذا التصريح عاد جزء من الأهالي للجزيرة ولكنهم سرعان ما تعرضوا لمشاكل صحية خطيرة مما استدعى إخلاؤهم مجددا عام ,1978. وبعد هذا الإخلاء (الثالث) قرر السكان رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية (في أمريكا نفسها). ورغم أن قضيتهم استغرقت أكثر من عشرين عاما إلا أنهم نجحوا ( في عام 2001 ) في انتزاع حكم يلزم واشنطن بتعويضهم بمبلغ 563 مليون دولار (.. لم تدفع منها حتى الآن سوى 45 مليونا)!!
.. ومشكلة بكيني هذه تعد مثالا لمشاكل بيئية وصحية مشابهة تعاني منها بعض الجزر النائية في المحيط الهادي.. فالدول النووية العظمى سرعان ما اكتشفت مخاطر التفجيرات النووية (داخل حدودها الوطنية) واصطدمت بقوى ضغط محلية وداخلية تعارض إجراءها أو تكرارها. وهكذا اضطرت الى نقل تجاربها النووية الى دول بعيدة أو جزر نائية - أو حتى بلدان فقيرة يقبل طغاتها إجراء التجارب مقابل إكرامية كبيرة (....)!!
ومنذ ذلك الحين قامت أمريكا وحدها ب1030 تفجيرا نوويا، وروسيا ب715، وفرنسا 210، وبريطانيا 45، والصين 43 (تم معظمها خارج حدودها الوطنية).. وكما عانت جزر «بكيني» و «جونوسن» و «إينيواتوك» من التفجيرات الأمريكية عانت جزر «كريسمس» و «مالدن» و «مارلنج» من التفجيرات البريطانية، وجزر «مورورا» و «فانجاتوفا» و «بولينيزا» من التفجيرات الفرنسية.. وفي حين نجحت جزيرة بكيني في استصدار حكم بتعويض الأهالي فشلت بقية الجزر بسبب تعنت أو تجاهل الدول المعنية (.. ففرنسا مثلا ترفض من الأساس مبدأ التفاوض مع سكان جزر مورورا وبولينيزا وتوريا التي تعاني من معدلات سرطان كبيرة )!!
- والآن؛ دعونا نعود للباس البحر الفاضح والسر الحقيقي حول تسميته «بكيني» :
... ففي نهاية الخمسينيات قدم مصمم الأزياء الفرنسي لويس ريرد لباسا خاصا بالشواطئ (من قطعتين صغيرتين منفصلتين) أطلق عليهما اسم «بكيني». وقد اختار هذا الاسم بالذات لمجرد أن اسم الجزيرة طغى حينها في وسائل الإعلام (بسبب التجارب النووية الحاصلة فوقها).. غير أن المؤرخ الفرنسي دومينك بالوناس يدعي أن اختيار ريرد لهذا الاسم تم بتوصية من المخابرات الفرنسية التي أرادت حينها لفت أنظار العالم الى التفجيرات الأمريكية (وفي نفس الوقت) إلهاء الصحافة عن التفجيرات التي تعتزم فرنسا تنفيذها في جزر بولينيزا.. ويبدو أن الخطة نجحت بالفعل حيث تعرف العالم على تفجيرات بكيني من خلال اللباس الفاضح؛ في حين انشغل الإعلام بموضة الشواطئ والعري مع بدء التفجيرات الفرنسية...!!
المصدر
http://www.alriyadh.com/2006/04/29/article150215.html
fooz5 @fooz5
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
البدر_أقبلت
•
شكرا عالموضوع
الصفحة الأخيرة