المهم من يضحك فى الآخر والأهم فى الآخرة
إن الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه وأستغفره ، وأعوذ بالله تعالى من شر نفسى ومن سيئات عملى ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له اما بعد,
فبهدوء ، وبهدوء جداً أستعين بالله، وأكتب تعليقاً على إغلاق الفضائيات الدينية الإسلامية .. لماذا بهدوء ؟ .. لأن للدين ربا يحميه ، ولأن الله لا يحتاج إلى الفضائيات لينصر دينه ، ولأنه من المحن تأتى المنح.
حين أتخيل نظراتهم الشامتة وضحكاتهم وسخريتهم بعد قرار إغلاق قنواتنا المباركة ، أغمض عينى ، واثقاً ، موقناً ، ثابتاً و أتذكر قول الله عز وجل : إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون .
إضحكوا كما تشاءون المهم من يضحك فى الآخر والأهم من يضحك فى الآخرة .
ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون "
بينما نحن نصنع سفينة النجاة لأمتنا قبل الطوفان الذى ننتظره بشؤم أفعالهم ، يمرون علينا ويسخرون ظناً منهم أن جبلاً أو منصباً أو مالاً أو سلطة يمكن أن تعصمهم من أمر الله ، بينما نصنع الفلك يمرون علينا ويسخرون ، فنقول لهم إنا نسخر منكم كما تسخرون ، ونتذكر قول الله عزوجل : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً ، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
بهدوء لأننا نعرف أننا منصورون وأن جند الله هم الغالبون وأن لله سننا كونية وأن الزبد يذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض .
بهدوء ، لأننا نتذكر غزوة أحد حين وقعت الواقعة وشج النبى وكادوا أن يصلوا إليه . ونتذكر الحديبية حين وقع المسلمون صلحاً لا يمكن أن يقبله أحد إلا بوحى. نتذكر الردة حين كاد الإسلام أن يضيع ، واليمامة حين قتل خيار الصحابة ، وصفين والجمل حين قتل مئات الألوف من الأولياء ، ونتذكر حين نزع القرامطة الحجر الأسود من الكعبة وبقيت الكعبة بدونه سنوات تصور !! ونتذكر حين اجتاح التتار العالم الإسلامى ولم يعد باقياً إلا مصر ثم ينتهى الإسلام ، ونتذكر حين سقط بيت المقدس فى يد الصليبين وتحول إلى كنيسة مائتى سنة . نتذكر أزمة النقاب وبعدها سب النبى ، نتذكر كل هذه الأهوال التى مرت وبقى الإسلام ، فيهون الخطب وتنزاح المرارة ويولى اليأس هارباً .
بهدوء لأن الصراخ لم يعد يفيد ، ولأن الصراخ والإنفعال قد يضر بقضيتنا ، ولأننا ينبغى أن نكتب حلولاً ، لا مشاعر ولا حكايات ،الناس لا يحتاجون لقاص ، فهم يعرفون القصة ، ولا لنائحة ، لأن بكائهم وحسرتهم لا تنقطع ، الناس يعرفون بما يكفى ، ويتألمون بما يكفى .
السؤال ما هو الحل ؟ لهذا يجب أن نكتب بهدوء ، بحثاً عن حل ، ولهذا لم أكتب فور معرفتى بخبر إغلاق القنوات لأننى قررت أن أحاول أن أجد حلاً وأن أساهم فى وضع خطة للخروج من هذا التيه ، وتأخر الرد لبحثى عن مدخل .
من البداية قررت أن ان اكتب حلولاً وتحليلاً – هذا إن كنت أحسن ذلك – ومن البداية أيضاً قررت أن مدخلى لن يكون أبداً كيف أن هؤلاء ( الكذا والكذا والكذا ) تركوا القنوات الشيعية والنصرانية والجنسية التى تبث سموماً ليل نهار ، كيف أنهم تركوها ، واتسعت لها أحلامهم وصدورهم ، بينما ضاقوا ذرعاً بقنواتنا ، مع احترامى ليس هذا هو المدخل ، لماذا ؟ لأن هذا صار معلوماً للقاصى والدانى ولن يفيد شيئاً ، فلا هم عندهم حياء حتى يردعهم ويمنعهم ، ولا عندهم دين حتى يتوبوا يكفى أن القضاء أصدر حكماً بمنع المواقع الإباحية فتحدوا أحكام القضاء ورفضوا منعها ، يعنى لا الشريعة ردتهم ولا القضاء منعهم ، ويكفى أن القضاء حكم بعودة المذيعات المحجبات فتحدوا أحكام القضاء .
هؤلاء لا يعنيهم قط أن تقام لهم الحجة ، أو أن تنصب لهم الدلائل على وقاحة أفعالهم ، وليس عندهم من يخافون منه لأنهم ينفذون السياسة العليا للبلد . وليس المدخل أن نصرخ : يا قوم ماذا فعلت القنوات الدينية لكم ، ماذا تنقمون منا ؟ اتهمتمونا أننا لا هم لنا إلا فقه الحيض والنفاس وتخدير الناس ، فلما قمنا ندافع عن ديننا ، ونتكلم فى قضايا الساعة ضقتم بنا ذرعاً .
وليس المدخل أن نسخر من أعمالهم ، ولا أن نعيد تذكير الناس بجرائمهم ، ولا أن نبكى على الشاشات التى سودت إنما المدخل هو : ما هو المطلوب ؟ ماهى الخطة ؟ ماهو العمل ؟
المطلوب .. حراس حدود ورجال بمعنى الكلمة ، مطلوب جد لأقصى حد ، وانتماء لأقصى حد ، وعبودية لأقصى حد ، مطلوب رفع مناكير فورى من حياة كل منا ، مطلوب أمانة، وصدق ، ونظافة ، ووفاء ، وتلاحم ، وجدية لأقصى حد ، مطلوب قيام ليل وصيام نهار ، وصدقة سر ، وصنائع معروف ، وصلة رحم ، وبر والدين ، وأذكار صباح ومساء ، وهدير بالقرآن ، وأن تمتلأ المساجد عن آخرها فى كل صلاة ، مطلوب دعاء حتى تنقطع أصواتنا وتجف حلوقنا ، مطلوب تفوق دراسى ، وأداء للأمانة ، وإجادة لكل عمل يوكل إلينا ، مطلوب شوارع نظيفة من القاذورات ، وأيضاً من العرى والسفور .
لا وقت للعب ، ولا وقت للكرة ، ولا للغناء ، ولا للتفاهات ، ولا للهزل ، هذا أوان الجد فاشتدى زيم ، على كل منا أن يعرف أنه جندى ، وأنه من العار ان تؤتى الأمة من قبله ، وعلى كل منا أن يقف على ثغر ويموت دونه .
كل مدخن ، ومتبرجة ، وكذاب ، ومتواكل ، ومرتشى ، وخائن لأمانة ، وكذاب ، ونائم عن الصلاة ، كل هؤلاء أياديهم ملطخة بالجريمة وعليهم التوبة فوراً .
اقسم بالله أن أقصر الطرق للخروج من التيه ، ورفع الذل والهوان ، أقصر طريق وأسرع دواء وأنجح حل هو العودة الجماعية والفورية إلى الله .
هذه هى الحلول التى أعرفها ، وهذه هى البدائل المتاحة وهذا الذى فى يد كل مسلم وهذا الذى رفع آباءنا . آباؤنا هزموا الدنيا بذلك وملكوا العالم بهذا ، أباؤنا كانوا أذل أهل الأرض وأفقر أهل الأرض وأضعف أهل الأرض لا يملكون من أسباب النصر المادية شيئاً ، فلما أطاعوا الله ورسوله ، ودخلوا فى الإسلام كافة وعبدوا أنفسهم لله هزموا أعظم إمبراطورتين فى العالم فى مدة يسيرة دون أن يملكوا من الأسباب المادية شيئاً يذكر ، فى باب الأسباب المادية ظلوا فقراء ، لكنهم كانوا رجالاً صدقوا ماعاهدوا الله عليه .
إغلاق هذه القنوات المباركة مصيبة ، ويجعلك تشعر بالقهر والكمد ، لكنه أبداً لا يصيبنا باليأس ، وحتى لو أغلقوها للأبد فسيفتح الله لنا باباً آخر ، وسييسر سبحانه لنا أسباباً غيرها ، وسيعود الشيوخ إلى المساجد ، وسيزداد طلاب العلم ، وسيتم التركيز على التربية والتزكية ، وسيتواجد أهل العلم فى وسط الجماهير ، فلا تحسبوه شراً ، وعسى أن تكرهوا شيئاًويجعل الله فيه خيراً كثيراً
هذا هو الحل وهذا هو الطريق لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
منقول جزء الله كاتبه خيراً
الوردة البيجية @alord_albygy
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️