ملخص تفسير ابن كثير لسورة الواقعة من الجزء27
الواقعة : من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها
ليس لوقعتها كاذبة : أي ليس لوقوعها إذا أراد اللّه كونها صارف يصرفها ولا دافع يدفعها
كاذبة
1- أي لابد أن تكون
2- ليس فيها ارتداد ولا رجعة
3- والكاذبة مصدر كالعاقبة والعافية
خافضة رافعة
1- أي تخفض أقواماً إلى أسفل سافلين إلى الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزاء، وترفع آخرين إلى أعلى عليين إلى النعيم المقيم، وإن كانوا في الدنيا وضعاء
2- تخفض أقواماً وترفع آخرين
3- الساعة خفضت أعداء اللّه إلى النار، ورفعت أولياء اللّه إلى الجنة
4- تخفض رجالاً كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالاً كانوا في الدنيا مخفوضين
5-خفضت المتكبرين ورفعت المتواضعين
إذا رجت الأرض رجَّاً
1- أي حركت تحريكاً فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها
2- أي زلزلت زلزالاً
3- ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه
وبست الجبال بساً
1- أي فتتت فتاً
2- صارت الجبال كما قال اللّه تعالى: (كثيباً مهيلاً(
فكانت هباء منبثاً
1- هباء منبثاً كرهج الغبار يسطع ثم يذهب فلا يبقى منه شيء
2- الهباء الذي يطير من النار إذا اضرمت يطير منه الشرر، فإذا وقع لم يكن شيئاً
3 المنبث الذي قد ذرته الريح وبثته
4- كيابس الشجر الذي تذروه الرياح، وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة، وذهابها ونسفها أي قلعها وصيرورتها كالعهن المنفوش
وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة : أي ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش، وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، وهم جمهور أهل الجنة، وآخرون عن يسار العرش، وهم الذين يؤتون كتبهم بشمالهم ويؤخذ بهم ذات الشمال وهم عامة أهل النار، وطائفة سابقون بين يديه عزَّ وجلَّ وهم أحظى وأقرب من أصحاب اليمين، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء، وهم أقل عدداً من أصحاب اليمين
وكنتم أزواجاً ثلاثة
1- هي التي في سورة الملائكة (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا(
2- أصنافاً ثلاثة
3- يعني فرقاً ثلاثة
4- أفواجاً ثلاثة، اثنان في الجنة وواحد في النار
والسابقون السابقون
1- الأنبياء عليهم السلام
2- هم أهل عليين
3- الذين صلوا إلى القبلتين
4- أي من كل أمة
5- أولهم رواحاً إلى المسجد، وأولهم خروجاً في سبيل اللّه
6- هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا، فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، فإن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تُدان
أولئك المقربون في جنات النعيم : وقال ابن أبي حاتم، قالت الملائكة: يا رب جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون، فاجعل لنا الآخرة، فقال: لا أفعل، فراجعوا ثلاثاً، فقال: لا أجعل من خلقت بيدي، كمن قلت له كن فكان؛ ثم قرأ عبد اللّه: {والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم} "رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عمرو موقوفاً".
ثلّة : أي جماعة من الأولين
المراد بقوله الأولين والآخرين
1- فقيل: المراد بالأولين الأمم الماضية، وبالأخرين هذه الأمة، وهو اختيار ابن جرير و هو قول ضعيف، لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة، والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم واللّه أعلم
2- أن يكون المراد بقوله تعالى: {ثلّة من الأولين} أي من صدر هذه الأمة، {وقليل من الآخرين} أي من هذه الأمة،فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح
3- يحتمل أن تعم الآية جميع الأمم كل أمة بحسبها، ولاشك أن أول كل أمة خير من آخرها، ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
على سرر موضونة
1- أي مرمولة بالذهب يعني منسوجة به
2- مرمولة بالذهب واللؤلؤ
3- مشبكة بالدر والياقوت
4- ومنه يسمى وضين الناقة الذي تحت بطنها وهو فعيل بمعنى مفعول لأنه مضفور وكذلك السرر في الجنة مضفورة بالذهب واللاليء
متكئين عليها متقابلين : أي وجوه بعضهم إلى بعض ليس أحد وراء أحد
يطوف عليهم ولدان مخلدون : أي مخلدون على صفة واحدة لا يشيبون ولا يتغيرون
بأكواب وأباريق وكأس من معين : أما الأكواب فهي الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان،والأباريق التي جمعت الوصفين، والكؤوس الهنابات
والجميع من خمر من عين جارية معين، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ بل من عيون سارحة
لا يصدعون عنها ولا ينزفون :
1- أي لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة
2- ، وروى ابن عباس أنه قال: في الخمر أربع خصال: (السكْر، والصداع، والقيء، والبول) فذكر اللّه تعالى خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال
3- وقال مجاهد وعكرمة {لا يصدّعون عنها} يقول: ليس لهم فيها صداع رأس، وقالوا في قوله {ولا ينزفون} أي لا تذهب بعقولهم
وفاكهة مما يتخيرون : أي ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار، وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها
ولحم طير مما يشتهون : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن طير الجنة كأمثال البخت يرعى في شجر الجنة) فقال أبو بكر: يا رسول اللّه، إن هذه لطير ناعمة، فقال: (آكلها أنعم منها - قالها ثلاثاً - وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها)
وحورٌ عينٌ : بالرفع وتقديره: ولهم فيها حور عين
كأمثال اللؤلؤ المكنون : أي كأنهن اللؤلؤ الرطب في بياضه وصفائه كما تقدم
جزاء بما كانوا يعملون : أي هذا الذي أتحفناهم به مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل.
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين : أي ما حالهم وكيف مآلهم؟ أصحاب اليمين منزلتهم دون المقربين
في سدر مخضود
1- هو الذي لا شوك فيه
2- هو الموقر بالثمر
3- كنا نحدث أنه الموقر الذي لا شوك فيه، والظاهر أن المراد هذا وهذا، فإن سدر الدنيا كثير الشوك قليل الثمر، وفي الآخرة على العكس من هذا لا شوك فيه، وفيه الثمر الكثير الذي أثقل أصله
وطلح منضود : وقد روي أن علياً يقول هذا الحرف في {طلح منضود} قال: طلع منضود، فعلى هذا يكون من صفة السدر، فكأنه وصفه بأنه مخضود وهو الذي لا شوك له، وأن طلعه منضود، وهو كثرة ثمره واللّه أعلم.
الطلح
1- شجر عظام يكون بأرض الحجاز، من شجر العضاه واحدته طلحة، وهو شجر كثير الشوك
2- الموز
منضود
1- أي متراكم الثمر، يذكر بذلك قريشاً لأنهم كانوا يعجبون من وج وظلاله من طلح وسدر
2- قال ابن عباس: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل
3- قال الجوهري: والطلح لغة في الطلع
وظل ممدود
1- وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد وسهل بن سعد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها) "أخرجه الشيخان"، فهذا حديث ثابت عن رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم بل متواتر مقطوع بصحته عند أئمة الحديث النقاد لتعدد طرقه وقوة أسانيده وثقة رجاله
2- وقال الترمذي، عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب) "أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب".
3- لا ينقطع ليس فيها شمس ولا حر مثل قبل طلوع الفجر،
4- وقال ابن مسعود: الجنة سَجْسَج سَجْسَج: أي لا حر ولا برد كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،
وماء مسكوب : يجري في غير أخدود
وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة
1- أي وعندهم من الفواكه الكثيرة المتنوعة في الألوان، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر
2- أي لا تنقطع شتاء ولا صيفاً، بل أكلها دائم مستمر أبداً، مهما طلبوا وجدوا لا يمتنع عليهم بقدرة اللّه شيء
3- : لا يمنعهم من تناولها عود ولا شوك ولا بعد، وقد جاء في الحديث: (إذا تناول الرجل الثمرة عادت مكانها أُخْرَى)
وفرش مرفوعة
1- أي عالية وطيئة ناعمة
2- روى النسائي عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى: {وفرش مرفوعة} قال: (ارتفاعها كما بين السماء والأرض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام) "أخرجه النسائي والترمذي وقال: حسن غريب".
3- وعن الحسن: {وفرش مرفوعة} قال: ارتفاع فراش الرجل من أهل الجنة مسيرة ثمانين سنة "أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن البصري موقوفاً"
إنا أنشأناهن ***** * فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً * لأصحاب اليمين :
إنا أنشأناهن
1- جرى الضمير على غير مذكور، لكن لما دل السياق وهو ذكر الفرش على النساء اللاتي يضاجعن فيها اكتفى بذلك عن ذكرهَّن وعاد الضمير عليهن
2- أي أعدناهن في النشأة الأُخرى بعد ما كن عجائز رمصاً، صرن {أبكاراً عرباً} أي بعد الثيوبة عدن أبكاراً عرباً،
3- أضمرهن ولم يذكرن قبل ذلك
4- متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة
5- فتقديره أنشأناهن لأصحاب اليمين
إنا أنشأناهن *****
1- عن أنَس بن مالك قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إنا أنشأناهن ***** قال: نساء عجائز كنَّ في الدنيا عمشاً رمصاً) "أخرجه الترمذي وابن أبي حاتم وقال الترمذي: غريب"
2- وعن سلمة بن يزيد قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في قوله تعالى: {إنا أنشأناهن *****} يعني الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا
3- ، وقال عبد بن حميد قال: أتت عجوز، فقالت: يا رسول اللّه ادع اللّه تعالى أن يدخلني الجنة فقال: (يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز( قال: فولت تبكي، قال: أخبروها إنها لا تدخلها، وهي عجوز، إن اللّه تعالى يقول: {إنا أنشأناهن ***** فجعلناهن أبكاراً} "
عرباً
1- أي غنجات
2- هن اللواتي قبضن في الدار الدنيا عجائز رمصاً شمطاً خلقهن اللّه بعد الكبر، فجعلهن عذارى عرباً متعشقات محببات وهذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
3- : يعني متحببات إلى أزواجهن، ألم تر إلى الناقة الضبعة هي كذلك
4- : العرب العواشق لأزواجهن، وأزواجهن لهن عاشقون
5- هي المَلِقة لزوجها،
6- وقال عكرمة: هي الغنجة، وعنه: هي الشكلة
7- : الشكلة بلغة أهل مكة، والغنجة بلغة أهل المدينة،
8- هي حسن التبعل
أتراباً
1- يعني في سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة
2- الأمثال
3- الأقران
4- أي في الأخلاق المتواخيات بينهن، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد، يعني لا كما كن ضرائر متعاديات،
5- المستويات
6- المستويات الأسنان يأتلفن جميعاً ويلعبن جميعاً
لأصحاب اليمين
1- أي خلقنا لأصحاب اليمين أو زوجن لأصحاب اليمين
2- والأظهر أنه متعلق بقوله: {إنا أنشأناهن ***** فجعلناهن أبكاراً} فتقديره أنشأناهن لأصحاب اليمين، وهذا توجيه ابن جرير
3- ويحتمل أن يكون قوله: {لأصحاب اليمين} متعلقاً بما قبله، وهو قوله: {أتراباً لأصحاب اليمين} أي في أسنانهم
ثلة من الأولين وثلة من الآخرين : أي جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين.
وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال : أي أيُّ شيء هم فيه أصحاب الشمال؟
في سموم : وهو الهواء الحار
وحميم : وهو الماء الحار
وظل من يحموم
1- ظل الدخان
2- وهو الدخان الأسود
لا بارد ولا كريم : أي ليس طيب الهبوب، ولا حسن المنظر
ولا كريم
1- أي ولا كريم المنظر
2- كل شراب ليس بعذب فليس بكريم،
3- قال ابن جرير: العرب تتبع هذه اللفظة في النفي، فيقولون: هذا الطعام ليس بطيب ولا كريم، هذا اللحم ليس بسمين ولا كريم
إنهم كانوا قبل ذلك مترفين : أي كانوا في الدار الدنيا منعمين، مقبلين على لذات أنفسهم،
وكانوا يصرون : أي يقيمون ولا ينوون توبة
على الحنث العظيم
1- وهو الكفر باللّه
2- الشرك
3- هو اليمين الغموس
وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون : يعني أنهم يقولون ذلك مكذبين به مستبعدين لوقوعه
قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم : أي أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيجمعون إلى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحد
لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم : أي هو موقت بوقت محدود لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص
ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون : وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم
فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم
1- وهي الإبل العطاش واحدها أهيم والأنثى هيماء، ويقال: هائم وهائمة
2- الهيم الإبل العطاش الظماء
3- الهيم داء يأخذ الإبل فلا تروى أبداً حتى تموت، فكذلك أهل جهنم لا يرون من الحميم أبداً،
هذا نزلهم يوم الدين : أي هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم
نحن خلقناكم : أي نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، أفليس الذي قدر على البداءة، بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى؟
فلولا تصدقون : أي فهلا تصدقون بالبعث!
أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون : أي أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها أم اللّه الخالق لذلك؟
نحن قدّرنا بينكم الموت
1- أي صرفناه بينكم
2- ساوى فيه بين أهل السماء والأرض
وما نحن بمسبوقين :أي وما نحن بعاجزين
على أن نبدّل أمثالكم : أي نغيّر خلقكم يوم القيامة
وننشئكم فيما لا تعلمون : أي من الصفات والأحوال
ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون : أي قد علمتم أن اللّه أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة وهي البداءة قادر على النشأة الأُخرى وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى
أفرأيتم ما تحرثون : وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها
أأنتم تزرعونه : أي تنبتونه في الأرض
أم نحن الزارعون : أي بل نحن الذي نقره قراره وننبته في الأرض، روي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ
أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون :وأمثالها، يقول: بل أنت يا رب، وقوله تعالى:
لو نشاء لجعلناه حطاماً : أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا، وأبقيناه لكم رحمة بكم، ولو نشاء لجعلناه حطاماً، أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده
فظلتم تفكهون : ثم فسر ذلك بقوله: {إنا لمغرومون * بل نحن محرمون} أي لو جعلناه حطاماً لظلتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم، فتقولون تارة
إنا لمغرومون
1- أي لملقون
2- إنا لمولع بنا
3- معذبون
بل نحن محرمون
1- أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح
2- أي مجدودون يعني لا حظ لنا
فظلتم تفكهون
1- تعجبون
2- تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم، وهذا يرجع إلى الأول، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم
3- تلاومون
4- تندمون، ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب
5- : تفكه من الأضداد، تقول العرب: تفكهت بمعنى تنعمت، وتفكهت بمعنى حزنت
أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلمتوه من المزن : يعني السحاب
أم نحن المنزلون : يقول بل نحن المنزلون
لو نشاء جعلناه أجاجاً : أي زعافاً مراً لا يصلح لشرب ولا زرع
فلولا تشكرون : أي فهلا تشكرون نعمة اللّه عليكم في إنزاله المطر عليكم عذباً زلالاً، {لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون
أفرأيتم النار التي تورون : أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها
أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤن : أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها، وللعرب شجرتان: إحداهما المرخ والأُخْرى العفار إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار، وقوله تعالى:
نحن جعلناها تذكرة قال مجاهد وقتادة: أي تذكر النار الكبرى،
ومتاعاً للمقوين
1- يعني بالمقوين المسافرين
2- المقوي ههنا الجائع
3- للحاضر والمسافر، لكل طعام لا يصلحه إلا النار
4- يعني المستمتعين من الناس أجمعين، وهذا التفسير أعم من غيره، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير، الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة، وغير ذلك من المنافع، ثم من لطف اللّه تعالى أودعها في الأحجار وخالص الحديد، بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقد ناره فاطبخ بها واصطلى بها واشتوى واستأنس بها، وانتفع بها سائر الانتفاعات، فلهذا أفرد المسافرون، وإن كان ذلك عاماً في حق الناس كلهم
فسّبح بسم ربك العظيم : أي الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة، الماء الزلال العذب البارد، ولو شاء لجعله ملحاً أجاجاً كالبحار المغرقة، وخلق النار المحرقة، وجعل ذلك مصلحة للعباد، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم، وزجراً لهم في المعاد.
فلا أقسم
1- قال الضحّاك: إن اللّه تعالى لا يقسم بشيء من خلقه، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه، وهذاالقول ضعيف
2- ، والذي عليه الجمهور أنه قسم من اللّه تعالى يقسم بما شاء من خلقه وهو دليل على عظمته،
3- ثم قال بعض المفسرين: لا ههنا زائدة، وتقديره: أقسم بمواقع النجوم، ويكون جوابه: {إنه لقرآن كريم}،
4- وقال آخرون: ليست لا زائدة بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسماً به على منفي، تقدير الكلام: لا أقسم بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة بل هو قرآن كريم
5- وقال بعضهم: فليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل اقسم
بمواقع النجوم
1- نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا ثم نزل مفرقاً في السنين
2- في السماء ويقال مطالعها ومشارقها
3- مواقعها: منازلها
4- المراد بذلك انتثارها يوم القيامة
وإنه لقسم لو تعلمون عظيم : أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به،
إنه لقرآن كريم :أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم
في كتاب مكنون : أي معظم في كتاب محفوظ موقر، عن ابن عباس قال: الكتاب الذي في السماء،
لا يمسه إلا المطهرون
1- يعني الملائكة
2-لا يمسه عند اللّه إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس، والمنافق الرجس
3- ليس أنتم أصحاب الذنوب
4- زعمت كفّار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر اللّه تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون
5- لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به
6- وقال آخرون: ههنا المصحف
تنزيل من رب العالمين : أي هذا القرآن منزل من اللّه رب العالمين، وليس هو كما يقولون إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه، وليس وراءه حق نافع،
أفبهذا الحديث أنتم مدهنون
1- أي مكذبون غير مصدقين
2- أي تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم
وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
1- بمعنى شكركم أنكم تكذبون بدل الشك
2- قولهم في الأنواء: مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا يقول: قولوا هو من عند اللّه وهو رزقه
3- تجعلون حظكم من كتاب اللّه أنكم تكذبون به
فلولا إذا بلغت :أي الروح
الحلقوم :أي الحلق وذلك حين الاحتضار
وأنتم حينئذ تنظرون :أي إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت،
ونحن أقرب إليه منكم : أي بملائكتنا
ولكن لا تبصرون :أي ولكن لا ترونهم
فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها
1- معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول، ومقرها من الجسد إن كنتم غير مدينين
2- : يعني محاسبين
غير مدينين
1- غير مصدقين أنكم تدانون وتبعثون وتجزون فردوا هذه النفس
2- غير موقنين
3- غير معذبين مقهورين.
فأما إن كان :أي المحتضر
من المقربين : وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات،
فروح وريحان وجنة نعيم أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء إن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب، كنت تعمرينه اخرجه إلى روح وريحان ورب غير غضبان،
فروح
1- راحة
2- إن الروح الاستراحة
3- الراحة من الدنيا
4- الروح الفرح
وريحان
1- مستراحة
2- الروح والريحان هي جنة ورخاء
3- رزق
وجنة نعيم
1- وقال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه
2- وقال محمد بن كعب: لا يموت أحد من الناس حتى يعلم أمن أهل الجنة هو أم من أهل النار
3- عن كعب بن مالك، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه اللّه إلى جسده يوم يبعثه) هذا الحديث فيه بشارة لكل مؤمن
وأما إن كان من أصحاب اليمين : أي وأما إن كان المحتضر من أصحاب اليمين
فسلام لك من أصحاب اليمين
1- أي تبشرهم الملائكة بذلك تقول لأحدهم: سلام لك أي لابأس عليك أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين،
2- سَلِمَ من عذاب اللّه وسلَّمت عليه ملائكة اللّه
3- تسلم عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين، وهذا معنى حسن،
وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزلٌ من حميم وتصلية جحيم : أي وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى
فنزل : أي فضيافة
من حميم : وهو المذاب الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود
وتصلية جحيم أي وتقرير له في النار التي تغمره من جميع جهاته
إن هذا لهو حق اليقين : أي إن هذا الخبر لهو حق اليقين، الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحد فسبح باسم ربك العظيم :
1- عن عقبة بن عامر الجهني قال: لمْا نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {فسبح باسم ربك العظيم} قال: (اجعلوها في ركوعكم) ولما نزلت: {سبح اسم ربك الأعلى} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اجعلوها في سجودكم
2- ، عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان اللّه وبحمده سبحان اللّه العظيم)
د.مشمش @dmshmsh
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
د.مشمش
•
jouliana :لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين اللهم ارزقنا الحكمة واجعلنا من المصلحين واهلنا وجميع المسلمين امين اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ اللهم اجعلنا ممن يبكون من خشيتك ويبكون فرحا بطاعتك ولاتضل قلوبنا بعد اذ هديتنا وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه ووزن عرشه ومداد كلماته أستغفر الله .............................. أستغفر الله.......................... ...أستغفر الله لا تنسونا من الدعاء جزاك الله عنا عزيزتي الفاضلة خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهره وباطنهلا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين اللهم ارزقنا الحكمة واجعلنا من المصلحين واهلنا...
شكرا لك على تشريفك للموضوع
الصفحة الأخيرة
اللهم ارزقنا الحكمة واجعلنا من المصلحين واهلنا وجميع المسلمين امين
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
اللهم اجعلنا ممن يبكون من خشيتك ويبكون فرحا بطاعتك
ولاتضل قلوبنا بعد اذ هديتنا
وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد
اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه ووزن عرشه ومداد كلماته
أستغفر الله .............................. أستغفر الله.......................... ...أستغفر الله
لا تنسونا من الدعاء
جزاك الله عنا عزيزتي الفاضلة خير الجزاء وأفاض
عليك من نعمه ظاهره وباطنه