من روائع ابن القيم الجوزية ،، القلوب ثلاثة وأعرفوا كيف يدخل الشيطان قلوبنا

ملتقى الإيمان

فصل



وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة واشتغاله فيها بربه عزوجل إذا قهر شهوته وهواه ، وإلا فقلب قدقهرته الشهوه ، وأسره الهوى ، ووجد الشيطان فيه مقعداً تمكن فيه ، كيف يخلص من الوساوس والأفكار ؟!

والقلوب ثلاثة :

:قلب خال من الإيمان وجميع الخير ، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاءالوساوس إليه ؛ لأنه قد اتخذه بيتا ً ووطنا ً وتحكم فيه بما يريد ، ووتمكن منه غاية التمكن.



:قلب قد استنار بنور الإيمان ، وأوقد فيه مصباحه ، لكن ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية، فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع ، فالحرب دول وسجال وتختلف أحوال هذاالصنف بالقلة والكثرة ، فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ، ومنهم من غلبة عدوه له أكثر ، ومنهم من هو تارة وتارة

:قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات ، وأقلعت عنه تلك الظلمات ، فلنوره في قلبه اشراق ، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به ، فهو كالسماء التي حُرست بالنجوم ، فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق ،وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن ، وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء ،والسماء متعبد الملائكة ، ومستقر الوحي ، وفيها أنوار الطاعات ، وقلب المؤمن مستقرالتوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان ، وفيه أنوارها ، فهو حقيق أن يُحرس ويُحفظ من كيد العدو ، فلا ينال منه شيئا ً إلا على غرة وغفلة وخطفة ، وقد مثَل ذلك بمثالحسن

وهو ثلاثة بيوت :

بيت للملك فيه كنوزهوذخائره وجواهره

وبيت للعبد فيه كنوزالعبد وذخائره وجواهره ، وليس جواهر الملك وذخائره

وبيت خالِ صفر لا شيءفيه ، فجاء اللص ليسرق من أحد البيوت ، فمن أيها يسرق؟!

فإن قلت : من البيت الخالي ، كان محالا ً ، لأن البيت الخالي ليس فيه شيء يسرق ، ولهذا قيل لإبن عباس رضي الله عنهما : إن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها ، فقال : وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب ؟

وإن قلت : يسرق من بيت الملك ، كان ذلك كالمستحيل الممتنع ، فإنه عليه من الحرس واليزك(معناها طلائع الجيش) مالا يستطيع اللص الدنو منه ، كيف وحارسه الملك بنفسه ، وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله ؟ فلم يبق للص إلا البيت الثالث ، فهو الذي يشنعليه الغارات .

فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل ، ولينزله على القلوب ، فإنها على منواله .

فقلب خلا من الخيركله ، وهو قلب الكافر و المنافق ، فذلك بيت الشيطان ، قد أحرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكنا ً ومستقرا ً ، فأي شيء يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه ؟

وقلب قد امتلأ من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه ، فأي شيطان يجترئ على هذاالقلب ؟ وإن أراد سرقة شيء منه ، فماذا يسرق ، وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخطفة ونهبة يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له منها ، إذ هو بشر ، وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع .

وقلب فيه توحيد الله تعالى ومعرفته ومحبته والإيمان به والتصديق بوعده ووعيده ، وفيه شهوات النفس وأخلاقها ودواعي الهوى والطبع .

وقلب بين هذين الداعيين ، فمرة يميل بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وإرادته وحده، ومرة يميل بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع ، فهذا القلب للشيطان فيه مطمع ،وله منه منازلات ووقائع ، ويعطي الله النصر لمن يشاء )وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم(

وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه ، فيدخل إليه الشيطان ، فيجد سلاحه عنده ،فيأخذه ويقاتله به ، فإن أسلحته هي الشهوات والخيالات والأماني الكاذبة ، وهي فيالقلب ، فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة فيأخذها ويصول بها على القلب ، فإن كان عندالعبد عدة عتيدة من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها ، انتصف من الشيطان ،وإلا فالدولة لعدوه عليه ،ولا حول ولا قوة إلا بالله . فإذا أذن العبد لعدوه وفتحله باب بيته وأدخله عليه ومكنه من السلاح يقاتله به ، فهو الملوم .

فـــنــفـــــســـكلــــــم ولا تـــلـــم الــــمـــــطـــايــا

ومــــتكــــمــــدا ً فــــلــــيـــس لــــك اعـــتـــذار



من كتاب الوابل الصيبورافع الكلم الطيب لإبن القيم الجوزية

من ص 68 _72
بصراحه كلام رائع من الإمام ابن القيم الجوزية بكيت لما قريته ، أحس هذا الكلام اللي محتاجين نسمعه دائماً ليعظنا و يزيل الصدأ عن قلوبنا
اللهم عمر قلوبنا بطاعتك ومحبتك ولا تجعل لشهواتنا غلبة علينا واصرف عنا وساوس الشيطان واعنا على الخشوع في الصلاة وتدبر القرآن اللهم امين
نصيحة يابنات اشتروا الكتاب مو غالي مره روعه هو كتيب وبسرعه بتقرونه وماراح تملون منه
0
434

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️