لم يكن سعد السبيعي، في يوم من الأيام، رجلاً فقيراً، أو باحثاً عن شهرة أو صيت، أو انه يخطط لنيل مبلغ ما، من أحد المسؤولين، ولكنه مواطن عادي، قرر أن يحب وطنه أكثر من اللازم، وقرر أن يخصص لهذا الوطن، أوقاتاً كبيرة من يومه، يتجول خلالها في شوارع الدمام والخبر والظهران، ويبحث عن مصارف المياه المسدودة، ويحاول تسلكيها بمجهود شخصي، ومعدات بدائية بسيطة، خوفاً من أن يؤدي الانسداد إلى عواقب وخيمة في المباني. السبيعي اعتاد أن يمارس عمله التطوعي في الدمام والظهران، منطلقاً بدوافع الخوف والتوجس من انتقال ما حدث في مدينة جدة، إلى مدن المنطقة الشرقية، وقال: «كلنا أبناء الوطن، وكلنا مسؤول عن الاهتمام به، ورعايته، ويجب أن يقدم كل إنسان ما يستطيع أن يقدمه للوطن، بعيداً عن أي عبارات تخلي مسؤوليته»
التصريف الصحي
تصطاد عدسة «اليوم» بنجاح موقعا جديدا للعم سعد السبيعي، فلحظات «مداهمتنا» له، كادت تفشل حينما رفض التصوير في بداية الأمر، إلا أننا أقنعناه أن خلف وطنيته الكثير، فيما كانت عفويته سابقة لأوانها، فأجابنا وتناسى وجود عدسة التصوير، وأجاب على سؤالنا له عن سبب اختياره لهذا الموقع في هذا اليوم فقال: «نحن الآن في فصل الشتاء، وموسم الأمطار اجتاحنا منذ فترة، مما يعني أنه يجب علي أن أختار المواقع بعناية شديدة، والمهم فالأهم».
الأوساخ العالقة
واستكمل السبيعي حديثه، متحدثاً عن طبيعة عمله «أقوم بإزالة التراب والأوساخ العالقة في الطريق، الذي يجري من خلاله المطر بعد تجمعه». وقال: «قمت بإزالة التراب الذي كان بدوره عائقاً كبيراً في عدم مرور مياه الأمطار في طريقها الذي بُني لها، كما أن انحباس الماء عند نقطه معينة، وعدم مروره بالمسار الصحيح، يقلقني جداً، ولا أرتاح، حتى أجد المياه تسير في طريقها الصحيح، دون أي عوائق، حيث ظللت متواجدا في مكان واحد، أعمل على تسليك مجري تصريف الأمطار، وما أتوجس منه، أن أجد المياه لفترات طويلة، راكدة بنفس المكان، وبالتالي يتأثر المبنى سلبياً، وهذا يقلل من عمر المبنى الافتراضي، ويبدأ بالتكسر شيئاً فشيئاً»، مضيفاً «لا ننسى أن هذا التحطيم يأتيك من الأسفل، مما يعني أن انهياره سريع التجاوب».
وتأكدنا إلى ما أشار له السبيعي، الذي أعلن أن تسريب المياه، تحت أي مبنى، يضعف بنيته التحتية، ويقربه من الهلاك والدمار، مضيفاً نوعاً آخر من الإهمال «إن الماء الراكد مثل السرطان في الاسمنت، يتأثر سلبيا به بشكل سريع جدا، فإذا وجدت تسريبات واضحة جداً في أي مبنى من الداخل، فهو إذا معرض للانهيار، ليس لسبب سوى أن المياه تصيب أساسه بالضعف، سوف نرجع لنفس المشكلة، وهي تكسر الاسمنت بسبب ركود الماء عليه»، مضيفاً «هناك مشكلة ثالثة واجهتني في هذا المبنى، وهي أن المنافذ والمناسم الموجودة على جدار المبنى، وضعت لكي يمر من خلالها الماء، إلا أن انعدام الصيانة، أدى إلى تراكم التراب والأوساخ فيها، وأصبح مرور الماء عبرها، أمراً مستحيلاً، خصوصاً و أن عرضها لا يتعدى عرض أصبع اليد، فأنا بدوري أقوم بإزالة هذه التجمعات الترابية بمجرد مرور أصبعي على هذا المنفذ فقط».
أقوم بإزالة التراب والأوساخ العالقة في الطريق الذي يجري من خلاله المطر بعد تجمعه، وقمت بإزالة التراب الذي كان عائقاً كبيراً في عدم مرور مياه الأمطار في طريقها الذي بُني لها
:27:
تحية لك ... وتحية لكل من يحب العمل لأجل وطنه ... ومصلحة الجميع
اتمنى أن أجد أمثاله من الشباب والشابات