ام ميوور

ام ميوور @am_myoor

عضوة جديدة

موسوعة التربية الاسلامية للطفل( مهم ارجوا التثبيت)

الأمومة والطفل

موسوعة التربية الاسلامية للطفل( مهم ارجوا التثبيت)



السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


نبدا بعد الاتكال على الله عز وجل

1



تربية الطفل في الاسلام



إن تربية الطفل تعني في المنظور الإسلامي إنماء الغرائز المعنوية ، والاهتمام باعتدال الغرائز المادية .

فسَعادة الطفل تتحقَّق في التعامل الصحيح مع نفسه وليس مع جسده ، بثوبٍ جميلٍ يرتديه ، أو حُلِيٍّ يتزيَّن بها ، أو مَظهر جذَّاب يحصل عليه ، ويتخلص الطفل من الألم حين يمتلك الوقاية من الإصابة بالأمراض النفسية ، كالغيرة والعناد والكذب .

ويجدر بالوالدين امتلاك الوعي اتِّجاه هذه الحقيقة التي جعلها الإسلام من الواجبات عليهما لما فيها من أثرٍ كبير على المجتمع .

أثر التربية على المجتمع :

إن أكثر العظماء الذين قضوا حياتهم في خدمة الناس ، كانوا نتاج تربية صحيحة تلقوها في صغرهم ، فأثَّرت على صناعة أنفسهم وأصبحوا عظماء بها .

والقرآن الكريم حين يحدِّثنا في أطول قصة جاءت فيه تدور أحداثها عن الصراع القائم والدائم بين الحق والباطل .

ومن أبرز الشخصيات التي واجهت الظلم بكل أبعاده وعناوينه هو النبي موسى ( عليه السلام ) ، الذي جعله القرآن رمزاً في التحدِّي والمواجهة للظاهرة الفرعونية على الأرض .

ونجد أن طفولته ( عليه السلام ) كانت تحت رعاية أمٍّ وصلت من خلال تربيتها لنفسها إلى درجة من الكمال الإنساني أوصلها إلى درجة أن يُوحى إليها : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ) القصص : 7 .

ثم تلقَّفته يد أخرى لها مكانة أيضاً في مَدارج التكامل الإنساني ، وهي آسية زوجة فرعون ، التي تخلَّت عن كلِّ ما تحلم به المرأة من زينة ووجاهة اجتماعية مقابل المبدأ والحركة الرسالية ، وتعرَّضت لوحشية فرعون الذي نشر جسدها بعد أن وَتَدَهُ على لوحة خشبية ، وأصبحَتْ بذلك مثلاً للمؤمن ضربه الله للمؤمنين :

( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) التحريم : 11 .

وبالمقابل نجد أنَّ أكثر من يعيث في الأرض فساداً أولئك الذين وجدوا في صغرهم أيادي جاهلة تحيط بهم .

وبمراجعة بسيطة في مزبلة التاريخ تلحظ طفولة المجرمين والطغاة نساءً ورجالاً قاسية جافَّة ، بسبب سوء التعامل مع النفس البريئة .

فقد جاء في الحديث الشريف : ( قَلْبُ الحَدَثِ كالأرضِ الخَالِيَة ، مَا أُلقِيَ فِيهَا مِنْ شَيءٍ قَبلَتْهُ ) .

والحديث : ( بَادِرُوا بالحَديثِ قَبْلَ أنْ تَسْبقُكُم إلَيْهِ المُرْجِئَة ) .

ومن الحديث الأول يتضح أن نفسيَّة الطفل كالأرض الخالية التي تنبت ما أُلقي فيها من خيرٍ أو شَرٍّ يتلقَّاه الطفل من والديه من خلال التعليم والسلوك .

ومن الحديث الثاني تتَّضح ضرورة الإسراع في إلقاء مفاهيم الخير في نفسه الخصبة ، قبل أن يسبقنا إليه المجتمع ليَزرعَ في نفسه أفكاراً أو مفاهيم خاطئة .

تقويم السلوك :

وتبقى التربية في الصغر عاملاً مؤثراً على سلوك الفرد وليس حتمياً ، بمعنى أنَّ الفرد حين يكبر بإمكانه أن يعدل سلوكه وفكره ، فيما لو تلقَّى تربية خاطئة في صغره ، فله أن يجتثَّ في سِنِّ الرشد أصول الزرع الشائك ، الذي بذره الوالدان في نفسه صغيراً ، وبإمكانه أن يُذهب العُقَد التي خلَّفَتْها التربية الخاطئة ويمحو رَوَاسبها .

جاء في الحديث الشريف عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنَّ نُطْفَةَ المُؤمِنِ لَتَكُونُ فِي صُلْبِ المُشْرِكِ فَلا يُصِيبُهَا مِنَ الشَّرِّ شَيء ، حَتَّى إِذَا صَارَ في رَحمِ المُشرِكَة لَمْ يُصِبْهَا مِن الشَّرِّ شَيء ، حَتَّى يَجْري القَلَمُ ) .

ويعني ( عليه السلام ) بقوله : ( حَتَّى يَجْري القَلَمُ ) .

هو بلوغ الفرد مرحلة الرشد والتكليف ، فيكون مسؤولاً عن نفسه وعمله ، ليحصل بذلك على سعادته وشقائه باختياره وإرادته .






يتبع
14
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام ميوور
ام ميوور
2


اهمية الام في تربية الطفل



تحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية، ويبدو ذلك من خلال الأمور الآتية:

الأمر الأول: أثر الأسرة في التربية:
فالأسرة أولاً هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية، وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع، فهو حينما يغدو إلى المدرسة ينظر إلى أستاذه نظرةً من خلال ما تلقاه في البيت من تربية، وهو يختار زملاءه في المدرسة من خلال ما نشأته عليه أسرته، ويقيِّم ما يسمع وما يرى من مواقف تقابله في الحياة، من خلال ما غرسته لديه الأسرة، وهنا يكمن دور الأسرة وأهميتها وخطرها في الميدان التربوي.

الأمر الثاني: الطفل يتأثر بحالة أمه وهي حامل:
تنفرد الأم بمرحلة لا يشركها فيها غيرها وهي مرحلة مهمة ولها دور في التربية قد نغفل عنه ألا وهي مرحلة الحمل؛ فإن الجنين وهو في بطن أمه يتأثر بمؤثرات كثيرة تعود إلى الأم، ومنها:

التغذية فالجنين على سبيل المثال يتأثر بالتغذية ونوع الغذاء الذي تتلقاه الأم، وهو يتأثر بالأمراض التي قد تصيب أمه أثناء الحمل، ويتأثر أيضاً حين تكون أمه تتعاطى المخدرات، وربما أصبح مدمناً عند خروجه من بطن أمه حين تكون أمه مدمنة للمخدرات، ومن ذلك التدخين، فحين تكون المرأة مدخنة فإن ذلك يترك أثراً على جنينها، ولهذا فهم في تلك المجتمعات يوصون المرأة المدخنة أن تمتنع عن التدخين أثناء فترة الحمل أو أن تقلل منه؛ نظراً لتأثيره على جنينها، ومن العوامل المؤثرة أيضاً: العقاقير الطبية التي تناولها المرأة الحامل، ولهذا يسأل الطبيب المرأة كثيراً حين يصف لها بعض الأدوية عن كونها حامل أو ليست كذلك .

وصورةً أخرى من الأمور المؤثرة وقد لا تتصوره الأمهات والآباء هذه القضية، وهي حالة الأم الانفعالية أثناء الحمل، فقد يخرج الطفل وهو كثير الصراخ في أوائل طفولته، وقد يخرج الطفل وهو يتخوف كثيراً، وذلك كله بسبب مؤثرات تلقاها من حالة أمه الانفعالية التي كانت تعيشها وهي في حال الحمل، وحين تزيد الانفعالات الحادة عند المرأة وتكرر فإن هذا يؤثر في الهرمونات التي تفرزها الأم وتنتقل إلى الجنين، وإذا طالت هذه الحالة فإنها لا بد أن تؤثر على نفسيته وانفعالاته وعلى صحته، ولهذا ينبغي أن يحرص الزوج على أن يهيئ لها جواً ومناخاً مناسباً، وأن تحرص هي على أن تتجنب الحالات التي تؤدي بها حدة الانفعال .

أمر آخر أيضاً له دور وتأثير على الجنين وهو اتجاه الأم نحو حملها أو نظرتها نحو حملها فهي حين تكون مسرورة مستبشرة بهذا الحمل لا بد أن يتأثر الحمل بذلك، وحين تكون غير راضية عن هذا الحمل فإن هذا سيؤثر على هذا الجنين، ومن هنا وجه الشرع الناس إلى تصحيح النظر حول الولد الذكر والأنثى، قال سبحانه وتعالى :]ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير[. فهو سبحانه وتعالى له ما يشاء وله الحكم سبحانه وتعالى؛ فيقرر للناس أنه عز وجل صاحب الحكم والأمر، وما يختار الله سبحانه وتعالى أمراً إلا لحكمة، لذا فالزوجة والزوج جميعاً ينبغي أن يرضوا بما قسم الله، ويعلموا أن ما قسم الله عز وجل خير لهم، سواءً كان ذكراً أو أنثى، وحين تفقد المرأة هذا الشعور، فيكشف لها التقرير الطبي أن الجنين الذي في بطنها أنثى، فتبدأ تغير نظرتها ومشاعرها نحو هذا الحمل أو العكس فإن هذا لا بد أن يؤثر على الحمل، ونحن هنا لسنا في عيادة طبية حتى نوجه المرأة الحامل أو نتحدث عن هذه الآثار التي يمكن أن تخلقها حالة الأم على الحمل، إنما المقصود من هذا كله أن دور المرأة يبدأ من حين حملها وأنها تعيش مرحلة تؤثر على مستقبل هذا المولود لا يشاركها غيرها.

الأمر الثالث: دور الأم مع الطفل في الطفولة المبكرة:
الطفولة المبكرة مرحلة مهمة لتنشئة الطفل، ودور الأم فيها أكبر من غيرها، فهي في مرحلة الرضاعة أكثر من يتعامل مع الطفل، ولحكمة عظيمة يريدها الله سبحانه وتعالى يكون طعام الرضيع في هذه المرحلة من ثدي أمه وليس الأمر فقط تأثيراً طبيًّا أو صحيًّا، وإنما لها آثار نفسية أهمها إشعار الطفل بالحنان والقرب الذي يحتاج إليه، ولهذا يوصي الأطباء الأم أن تحرص على إرضاع الطفل، وأن تحرص على أن تعتني به وتقترب منه لو لم ترضعه.

وهنا ندرك فداحة الخطر الذي ترتكبه كثير من النساء حين تترك طفلها في هذه المرحلة للمربية والخادمة؛ فهي التي تقوم بتنظيفه وتهيئة اللباس له وإعداد طعامه، وحين يستعمل الرضاعة الصناعية فهي التي تهيئها له، وهذا يفقد الطفل قدراً من الرعاية النفسية هو بأمس الحاجة إليه.

وإذا ابتليت الأم بالخادمة -والأصل الاستغناء عنها- فينبغي أن تحرص في المراحل الأولية على أن تباشر هي رعاية الطفل، وتترك للخادمة إعداد الطعام في المنزل أو تنظيفه أو غير ذلك من الأعمال، فلن يجد الطفل الحنان والرعاية من الخادمة كما يجدها من الأم، وهذا له دور كبير في نفسية الطفل واتجاهاته في المستقبل، وبخاصة أن كثيراً من الخادمات والمربيات في العالم الإسلامي لسن من المسلمات، وحتى المسلمات غالبهن من غير المتدينات، وهذا لايخفى أثره، والحديث عن هذا الجانب يطول، ولعلي أن أكتفي بهذه الإشارة.

فالمقصود أن الأم كما قلنا تتعامل مع هذه المرحلة مع الطفل أكثر مما يتعامل معه الأب، وفي هذه المرحلة سوف يكتسب العديد من العادات والمعايير، ويكتسب الخلق والسلوك الذي يصعب تغييره في المستقبل، وهنا تكمن خطورة دور الأم فهي البوابة على هذه المرحلة الخطرة من حياة الطفل فيما بعد، حتى أن بعض الناس يكون مستقيماً صالحاً متديناً لكنه لم ينشأ من الصغر على المعايير المنضبطة في السلوك والأخلاق، فتجد منه نوعاً من سوء الخلق وعدم الانضباط السلوكي، والسبب أنه لم يترب على ذلك من صغره.

الأمر الرابع : دور الأم مع البنات:
لئن كانت الأم أكثر التصاقاً بالأولاد عموماً في الطفولة المبكرة، فهذا القرب يزداد ويبقى مع البنات.

ولعل من أسباب ما نعانيه اليوم من مشكلات لدى الفتيات يعود إلى تخلف دور الأم التربوي، فالفتاة تعيش مرحلة المراهقة والفتن والشهوات والمجتمع من حولها يدعوها إلى الفساد وتشعر بفراغ عاطفي لديها، وقد لا يشبع هذا الفراغ إلا في الأجواء المنحرفة، أما أمها فهي مشغولة عنها بشؤونها الخاصة، وبالجلوس مع جاراتها وزميلاتها، فالفتاة في عالم والأم في عالم آخر.

إنه من المهم أن تعيش الأم مع بناتها وتكون قريبة منهن؛ ذلك أن الفتاة تجرؤ أن تصارح الأم أكثر من أن تصارح الأب، وأن تقترب منها وتملأ الفراغ العاطفي لديها.

ويزداد هذا الفراغ الذي تعاني منه الفتاة في البيت الذي فيه خادمة، فهي تحمل عنها أعباء المنزل، والأسرة ترى تفريغ هذه البنت للدراسة لأنها مشغولة في الدراسة، وحين تنهي أعباءها الدراسية يتبقى عندها وقت فراغ، فبم تقضي هذا الفراغ: في القراءة؟ فنحن لم نغرس حب القراءة لدى أولادنا.

وبين الأم وبين الفتاة هوه سحيقة، تشعر الفتاة أن أمها لا توافقها في ثقافتها وتوجهاتها، ولا في تفكيرها، وتشعر بفجوة ثقافية وفجوة حضارية بينها وبين الأم؛ فتجد البنت ضالتها في مجلة تتحدث عن الأزياء وعن تنظيم المنزل، وتتحدث عن الحب والغرام، وكيف تكسبين الآخرين فتثير عندها هذه العاطفة، وقد تجد ضالتها في أفلام الفيديو، أو قد تجد ضالتها من خلال الاتصال مع الشباب في الهاتف، أو إن عدمت هذا وذاك ففي المدرسة تتعلم من بعض زميلاتها مثل هذه السلوك.

الأمر الخامس: الأم تتطلع على التفاصيل الخاصة لأولادها:
تتعامل الأم مع ملابس الأولاد ومع الأثاث وترتيبه، ومع أحوال الطفل الخاصة فتكتشف مشكلات عند الطفل أكثر مما يكتشفه الأب، وبخاصة في وقتنا الذي انشغل الأب فيه عن أبنائه، فتدرك الأم من قضايا الأولاد أكثر مما يدركه الأب.

هذه الأمور السابقة تؤكد لنا دور الأم في التربية وأهميته، ويكفي أن نعرف أن الأم تمثل نصف المنزل تماماً ولا يمكن أبداً أن يقوم بالدور التربوي الأب وحده، أو أن تقوم به المدرسة وحدها، فيجب أن تتضافر جهود الجميع في خط واحد.

لكن الواقع أن الطفل يتربى على قيم في المدرسة يهدهما المنزل، ويتربى على قيم في المنزل مناقضة لما يلقاه في الشارع؛ فيعيش ازدواجية وتناقضا ، المقصود هو يجب أن يكون البيت وحده متكاملة.

لا يمكن أن أتحدث معشر الأخوة والأخوات خلال هذه الأمسية وخلال هذا الوقت، لا يمكن أن أتحدث عن الدور الذي ننتظره من الأم في التربية، إنما هي فقط مقترحات أردت أن أسجلها.



يتبع
@ صوت العرب @ غير متصل رد مع اقتباس
ام ميوور
ام ميوور
2


اهمية الام في تربية الطفل



تحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية، ويبدو ذلك من خلال الأمور الآتية:

الأمر الأول: أثر الأسرة في التربية:
فالأسرة أولاً هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية، وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع، فهو حينما يغدو إلى المدرسة ينظر إلى أستاذه نظرةً من خلال ما تلقاه في البيت من تربية، وهو يختار زملاءه في المدرسة من خلال ما نشأته عليه أسرته، ويقيِّم ما يسمع وما يرى من مواقف تقابله في الحياة، من خلال ما غرسته لديه الأسرة، وهنا يكمن دور الأسرة وأهميتها وخطرها في الميدان التربوي.

الأمر الثاني: الطفل يتأثر بحالة أمه وهي حامل:
تنفرد الأم بمرحلة لا يشركها فيها غيرها وهي مرحلة مهمة ولها دور في التربية قد نغفل عنه ألا وهي مرحلة الحمل؛ فإن الجنين وهو في بطن أمه يتأثر بمؤثرات كثيرة تعود إلى الأم، ومنها:

التغذية فالجنين على سبيل المثال يتأثر بالتغذية ونوع الغذاء الذي تتلقاه الأم، وهو يتأثر بالأمراض التي قد تصيب أمه أثناء الحمل، ويتأثر أيضاً حين تكون أمه تتعاطى المخدرات، وربما أصبح مدمناً عند خروجه من بطن أمه حين تكون أمه مدمنة للمخدرات، ومن ذلك التدخين، فحين تكون المرأة مدخنة فإن ذلك يترك أثراً على جنينها، ولهذا فهم في تلك المجتمعات يوصون المرأة المدخنة أن تمتنع عن التدخين أثناء فترة الحمل أو أن تقلل منه؛ نظراً لتأثيره على جنينها، ومن العوامل المؤثرة أيضاً: العقاقير الطبية التي تناولها المرأة الحامل، ولهذا يسأل الطبيب المرأة كثيراً حين يصف لها بعض الأدوية عن كونها حامل أو ليست كذلك .

وصورةً أخرى من الأمور المؤثرة وقد لا تتصوره الأمهات والآباء هذه القضية، وهي حالة الأم الانفعالية أثناء الحمل، فقد يخرج الطفل وهو كثير الصراخ في أوائل طفولته، وقد يخرج الطفل وهو يتخوف كثيراً، وذلك كله بسبب مؤثرات تلقاها من حالة أمه الانفعالية التي كانت تعيشها وهي في حال الحمل، وحين تزيد الانفعالات الحادة عند المرأة وتكرر فإن هذا يؤثر في الهرمونات التي تفرزها الأم وتنتقل إلى الجنين، وإذا طالت هذه الحالة فإنها لا بد أن تؤثر على نفسيته وانفعالاته وعلى صحته، ولهذا ينبغي أن يحرص الزوج على أن يهيئ لها جواً ومناخاً مناسباً، وأن تحرص هي على أن تتجنب الحالات التي تؤدي بها حدة الانفعال .

أمر آخر أيضاً له دور وتأثير على الجنين وهو اتجاه الأم نحو حملها أو نظرتها نحو حملها فهي حين تكون مسرورة مستبشرة بهذا الحمل لا بد أن يتأثر الحمل بذلك، وحين تكون غير راضية عن هذا الحمل فإن هذا سيؤثر على هذا الجنين، ومن هنا وجه الشرع الناس إلى تصحيح النظر حول الولد الذكر والأنثى، قال سبحانه وتعالى :]ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير[. فهو سبحانه وتعالى له ما يشاء وله الحكم سبحانه وتعالى؛ فيقرر للناس أنه عز وجل صاحب الحكم والأمر، وما يختار الله سبحانه وتعالى أمراً إلا لحكمة، لذا فالزوجة والزوج جميعاً ينبغي أن يرضوا بما قسم الله، ويعلموا أن ما قسم الله عز وجل خير لهم، سواءً كان ذكراً أو أنثى، وحين تفقد المرأة هذا الشعور، فيكشف لها التقرير الطبي أن الجنين الذي في بطنها أنثى، فتبدأ تغير نظرتها ومشاعرها نحو هذا الحمل أو العكس فإن هذا لا بد أن يؤثر على الحمل، ونحن هنا لسنا في عيادة طبية حتى نوجه المرأة الحامل أو نتحدث عن هذه الآثار التي يمكن أن تخلقها حالة الأم على الحمل، إنما المقصود من هذا كله أن دور المرأة يبدأ من حين حملها وأنها تعيش مرحلة تؤثر على مستقبل هذا المولود لا يشاركها غيرها.

الأمر الثالث: دور الأم مع الطفل في الطفولة المبكرة:
الطفولة المبكرة مرحلة مهمة لتنشئة الطفل، ودور الأم فيها أكبر من غيرها، فهي في مرحلة الرضاعة أكثر من يتعامل مع الطفل، ولحكمة عظيمة يريدها الله سبحانه وتعالى يكون طعام الرضيع في هذه المرحلة من ثدي أمه وليس الأمر فقط تأثيراً طبيًّا أو صحيًّا، وإنما لها آثار نفسية أهمها إشعار الطفل بالحنان والقرب الذي يحتاج إليه، ولهذا يوصي الأطباء الأم أن تحرص على إرضاع الطفل، وأن تحرص على أن تعتني به وتقترب منه لو لم ترضعه.

وهنا ندرك فداحة الخطر الذي ترتكبه كثير من النساء حين تترك طفلها في هذه المرحلة للمربية والخادمة؛ فهي التي تقوم بتنظيفه وتهيئة اللباس له وإعداد طعامه، وحين يستعمل الرضاعة الصناعية فهي التي تهيئها له، وهذا يفقد الطفل قدراً من الرعاية النفسية هو بأمس الحاجة إليه.

وإذا ابتليت الأم بالخادمة -والأصل الاستغناء عنها- فينبغي أن تحرص في المراحل الأولية على أن تباشر هي رعاية الطفل، وتترك للخادمة إعداد الطعام في المنزل أو تنظيفه أو غير ذلك من الأعمال، فلن يجد الطفل الحنان والرعاية من الخادمة كما يجدها من الأم، وهذا له دور كبير في نفسية الطفل واتجاهاته في المستقبل، وبخاصة أن كثيراً من الخادمات والمربيات في العالم الإسلامي لسن من المسلمات، وحتى المسلمات غالبهن من غير المتدينات، وهذا لايخفى أثره، والحديث عن هذا الجانب يطول، ولعلي أن أكتفي بهذه الإشارة.

فالمقصود أن الأم كما قلنا تتعامل مع هذه المرحلة مع الطفل أكثر مما يتعامل معه الأب، وفي هذه المرحلة سوف يكتسب العديد من العادات والمعايير، ويكتسب الخلق والسلوك الذي يصعب تغييره في المستقبل، وهنا تكمن خطورة دور الأم فهي البوابة على هذه المرحلة الخطرة من حياة الطفل فيما بعد، حتى أن بعض الناس يكون مستقيماً صالحاً متديناً لكنه لم ينشأ من الصغر على المعايير المنضبطة في السلوك والأخلاق، فتجد منه نوعاً من سوء الخلق وعدم الانضباط السلوكي، والسبب أنه لم يترب على ذلك من صغره.

الأمر الرابع : دور الأم مع البنات:
لئن كانت الأم أكثر التصاقاً بالأولاد عموماً في الطفولة المبكرة، فهذا القرب يزداد ويبقى مع البنات.

ولعل من أسباب ما نعانيه اليوم من مشكلات لدى الفتيات يعود إلى تخلف دور الأم التربوي، فالفتاة تعيش مرحلة المراهقة والفتن والشهوات والمجتمع من حولها يدعوها إلى الفساد وتشعر بفراغ عاطفي لديها، وقد لا يشبع هذا الفراغ إلا في الأجواء المنحرفة، أما أمها فهي مشغولة عنها بشؤونها الخاصة، وبالجلوس مع جاراتها وزميلاتها، فالفتاة في عالم والأم في عالم آخر.

إنه من المهم أن تعيش الأم مع بناتها وتكون قريبة منهن؛ ذلك أن الفتاة تجرؤ أن تصارح الأم أكثر من أن تصارح الأب، وأن تقترب منها وتملأ الفراغ العاطفي لديها.

ويزداد هذا الفراغ الذي تعاني منه الفتاة في البيت الذي فيه خادمة، فهي تحمل عنها أعباء المنزل، والأسرة ترى تفريغ هذه البنت للدراسة لأنها مشغولة في الدراسة، وحين تنهي أعباءها الدراسية يتبقى عندها وقت فراغ، فبم تقضي هذا الفراغ: في القراءة؟ فنحن لم نغرس حب القراءة لدى أولادنا.

وبين الأم وبين الفتاة هوه سحيقة، تشعر الفتاة أن أمها لا توافقها في ثقافتها وتوجهاتها، ولا في تفكيرها، وتشعر بفجوة ثقافية وفجوة حضارية بينها وبين الأم؛ فتجد البنت ضالتها في مجلة تتحدث عن الأزياء وعن تنظيم المنزل، وتتحدث عن الحب والغرام، وكيف تكسبين الآخرين فتثير عندها هذه العاطفة، وقد تجد ضالتها في أفلام الفيديو، أو قد تجد ضالتها من خلال الاتصال مع الشباب في الهاتف، أو إن عدمت هذا وذاك ففي المدرسة تتعلم من بعض زميلاتها مثل هذه السلوك.

الأمر الخامس: الأم تتطلع على التفاصيل الخاصة لأولادها:
تتعامل الأم مع ملابس الأولاد ومع الأثاث وترتيبه، ومع أحوال الطفل الخاصة فتكتشف مشكلات عند الطفل أكثر مما يكتشفه الأب، وبخاصة في وقتنا الذي انشغل الأب فيه عن أبنائه، فتدرك الأم من قضايا الأولاد أكثر مما يدركه الأب.

هذه الأمور السابقة تؤكد لنا دور الأم في التربية وأهميته، ويكفي أن نعرف أن الأم تمثل نصف المنزل تماماً ولا يمكن أبداً أن يقوم بالدور التربوي الأب وحده، أو أن تقوم به المدرسة وحدها، فيجب أن تتضافر جهود الجميع في خط واحد.

لكن الواقع أن الطفل يتربى على قيم في المدرسة يهدهما المنزل، ويتربى على قيم في المنزل مناقضة لما يلقاه في الشارع؛ فيعيش ازدواجية وتناقضا ، المقصود هو يجب أن يكون البيت وحده متكاملة.

لا يمكن أن أتحدث معشر الأخوة والأخوات خلال هذه الأمسية وخلال هذا الوقت، لا يمكن أن أتحدث عن الدور الذي ننتظره من الأم في التربية، إنما هي فقط مقترحات أردت أن أسجلها.



يتبع
ام ميوور
ام ميوور
4



اهمية البناء التربوي للطفل في الاسلام



ان الهدف الرئيسي لاي مبدأ او تنظيم في التربية هو اعداد مواطنين صالحين لخدمة الدولة وقادرين على كسب عيشهم.

اما الاسلام فينظر الى الآمر نظرة اخطر من ذلك بكثير. فالانسان في نظر الاسلام هو خليفة الله في الارض (اني جاعل في الارض خليفة) والشباب المسلم هو حامل رسالة السماء الى الانسانية كلها. ولهذا الهدف العظيم والرسالة الكبيرة يعد الاسلام ابناءه ليكونوا قادرين على اداء الرسالة وحفظ الامانة وقيادة الانسانية كلها واخراجها من الظلمات الى نور الاسلام يبني شخصية الطفل من ثلاثة جوانب: -

الاول: هو بناء ضميره ووجدانه: -

وذلك بخلق ضمير اسلامي حي يقظ ونفس سليمة خالية من العقد والاحقاد. وتهذيب الغرائز والعواطف البدائية في الطفل وذلك بتعليمه الرحمة والمحبة والتعاون والعزة والكرامة والكرم، وحب الخير وبر الابوين، وطاعة اولي الآمر . وحب الله ورسوله، وحب الوطن وكل هذه المعاني لايتعلمها النشء الا في الدين وحده.

فالرحمة والمحبة والعطف والاحسان الى الاخرين والتواضع وحسن الخلق لا توجد في كتاب علمي او قاموس او في كتب الجغرافيا والتاريخ. انما يتلقها من التربية الصالحة. ويقتنيها من أبويه وسائر افراد اسرته.

ان العلم بدون اخلاق لاينفع الانسان. واذا لم يتلق الطفل التربية الاسلامية فانه مهما تلقى من علوم الدنيا لايكون سعيدا. وسواء اصبح طبيبا او مهندسا او عالما فانه يظل غرضه للانحراف وتطغى عليه الروح المادية. وبدلا من ان يصبح العلم في يديه رحمة للانسانية فقد يصبح وسيلة للتدمير والتخريب والاستغلال. وهذا هو اخطر ما يعانيه مجتمعنا.

الآمر الثاني: هو البناء العقلي والذهني: -

وقد يقول قائل : ان العلوم والمعارف التي يتلقاها الطفل في المدرسة من علوم وحساب وتاريخ تسد حاجة التلميذ في هذه الناحية. وهذا ايضا خطأ . فهناك فرق بين حشر المعلومات في رأس التلميذ وبين تنمية مدارك الطفل لتوسيع افقه وتفكيره، وتعليمه الابتكار وابداء الرأي وملاحظة الظواهر بدقة.

الاسلام يدعو الطفل منذ نشأته الى تأمل كل شيء في الحياة من حوله يدعوه الى تأمل الخلق والمخلوقات. والسماء والنجوم والشمس والقمر والليل والنهار. والى التأمل في الارض والجبل والبحر والانهار، والطير والحيوان والانسان. ان يتأمل في نفسه وفي جسمه وفي خلقه، في امه عندما حملته وهنا على وهن وارضعته عامين ثم فطمته، وسهرت لتحميه من البرد والحر والجوع والعطش. ثم بعد هذا كله يدعوه الى التفكير فيمن خلق هذا الكون كله وأبدعه. وكل هذه الامور وهذا الفكر يوسع مدارك الطفل في الحياة. ويزيد من حدة ذكائه ويجعله اكثر قدرة على استيعاب كل ما يتلقاه بعد ذلك من علوم الدنيا، وخاصة ان هذه المعلومات لا توجد في كتب الدراسة والعلم..

واهم شيء ان يتعلم الطفل كيف ينظر الى الامور باستقلالية؟ ويميز بين الغث والسمين، بين الخطأ والصواب، ولا يتقبل كل شيء دون تأمل وتدبر وتفكير.

الامر الثالثة: هو البناء الجسمي: -

الاسلام يهتم بالصحة والسلامة، ويدعو الى خلق جيل قوي البنية، يتمتع بالقوة والحيوية والنشاط ، خال من العاهات الوراثية والامراض . ثم تربية هذا النشء على حب الرياضة بأنواعها. وبذلك يخلق جيلا واثقا بقدراته ومواهبه وقادرا على حمل الرسالة وعلى الجهاد في سبيل الله.

هذه العوامل الثلاثة هي التي تشكل شخصية الطفل المسلم الروح والعقل والجسم. اما الحضارة الحديثة وما تدعو اليه من الحر ية الجنسية والتمتع بكل ملاذ الحياة باية طر يقة. فانها تجلب الامراض ويكفي في هذه النقطة ما تبثه وسائل الاعلام انه في سنة 2001 توفي ثلاثة ملايين انسان بمرض الايدز . وبلغ عدد المصابين (40) مليون مصاب في تلك السنة. منهم (600) الف طفل لم يبلغوا الخامسة عشر من العمر.

وسائل التربية الاسلامية:-

تقوم التربية الاسلامية للنشء على دعامتين في وقت واحد:-

الاكرام مع التأديب . وذلك لقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):-

«اكرموا اولادكم واحسنوا آدابهم».

والقصد بالتأديب هو التوجيه والتنبيه على الاخطاء، والتعليم مع احترام شخصية الطفل ومنحه الحب والحنان والعطف، وبهذا الاسلوب السليم في التربية، لاينشأ الطفل محروما أو مهانا فيحقد، ولا يصبح مدللا منعما فيفسد.

اكرام الطفل:-

1 - أول مبادىء الاكرام عدم سب الطفل لآي سبب. فلايقال له ياشقي او ياغبي او ياكسول. او يقال الله يلعنك، هذه الامور لا تجوز في الاسلام. وفي هذا يقول الرسول (ص):

«سباب المسلم فسوق»، واذا كان الاسلام قد نهى عن سب البهائم ولعنها. فما بالك بسب الانسان. سمع رسول الله رجلا يسب ناقته فعاقبه رسلو الله وقال له:-

«يا عبد الله لا تصاحبنا اليوم على ناقة ملعونة، فحط عنها رحالها وأطلقها.

ويكره في الاسلام ضرب الطفل المسلم الا لذنب كبير، وينهى نهيا قاطعا عن ضربه على الوجه. لان الوجه هو خلقة الله التي كرمها. فالشرع لايقر معاقبة الطفل. بشدة ولا يسوغ ضرب الوجه.

ويكره ضرب البهائم على وجوهها لانها تسبح الله تعالى:

«وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم». واذا كان ضرب البهائم على وجوهها غير جائز . فكيف بضرب الاطفال الصغار؟

3 - الاسلام يدعو الابوين ان يكونا قدوة لابنائهما. فاذا كانا متحابين ودودين عطوفين. انتقلت هذه الصفات الى ابنائهما. واذا كان الاب بارا بوالديه. فان ابناءه يبرونه ايضا والعكس بالعكس. يحذر الاسلام الابوين من الكذب على طفلهما الاي سبب سواء كان هذا للتخلص من بكائه او طلباته او لآي سبب آخر.

رأى رسول الله (ص) امرأة تنادي طفلها وتقول له: تعال اعطيك. قال لها: ماذا أردت ان تعطيه؟ قالت اعطيه تمرة. فقال لها الرسول: اما انك لو لم تفعل شيئا كتبت عليك كذبة.

4 - ينصح الرسول الامهات بتولي تربية ابنائهن بانفسهن وعدم الاعتماد على الخدم والخادمات في تربية الطفل. وفي ذلك يقول احد الفقهاء: (أدب ولدك يكن لك بدل الخادم خادمان) التربية الصحيحة تجعل الطفل مطيعا لآبيه محبا لاسرته واثقا بنفسه تربية الخدم تجعل من الاطفال اطفالا غير مهذبين. لاختلاف العادات والتقاليد والقيم الخلقية بين الاهل وبين الخدم.

5 - ومن روائع الاسلام في مجال التربية انه يحترم مشاعر الطفل، ويأمر الرسول المسلمين بالتلطف واللعب مع الاطفال. لان هذا الامر يخلق روح المودة والترابط في الاسرة ، يقول (ص) : «من كان له صبي فيتصاب له» وقد كان رسول الله (ص) مثالا للمودة والعطف والحنان مع أولاده وذريته، ومع اطفال المسلمين. فكان الصحابة اذا زاروه في بيته خرج اليهم وهو يحمل حفيده الحسن على كتفه، وكان الرسول (ص) يداعب ولديه الحسن والحسين. ويلاعبهما .، وكان اذا سجد يركبان فوق ظهره. ويقبلهما كثيرا ويحنو عليهما.

8 - كان الرسول (ص) يعلم الانسان كيف يعامل طفله؟ كيف يكون ودودا مع اطفاله ليزرع الثقة في نفوسهم ويزرع الحب والحنان والعطف في قلوب الاطفال، ليسهل على الابناء تقبل توجيهات آبائهم وتعليماتهم لما يلقون من بذور المحبة ومن المعاملة الحسنة. وقد قال رسول الله (ص) : «رحم الله والدين اعانا ابنهما على برهما».

جاءه رجل فقال يا رسول الله اني اجد قساوة في قلبي وجمودا في عيني . فماذا عساني افعل؟

قال له رسول الرحمة: «ابحث عن طفل يتيم وامسح على رأسه واعطف عليه وأدخل السرور في قلبه ترى من انك شفيت من قساوة القلب وجمود العين.

الرسول يدعو الى الرحمة بالاطفال والاحسان اليهم، وترك القسوة والشدة والعقاب في التربية والتعليم كما ينهى عن ترك الحبل على الغارب واهمال الطفل وعدم العناية بتربيته.

ومن اداب الاسلام مساعدة الاطفال. فاذا رأى المسلم صبيا يسير على قدميه في الشمس او الحر او رآه ينتظر من يوصله ان يتوقف له بسيارته وان يوصله الى بيته كما يوصل ابنه تماما، عملا بقول رسول الله (ص): «من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له».

اي من كان له مكان زائد على ناقته فيقدمه الى من لاناقة له. وقد كان رسول الله اذا رأى صبيا في الطريق وهو على ناقته يتوقف له وينيخ راحلته، وينادي على الصبي ويمسح راسه في عطف وحنان ومحبة. ثم يحمله خلفه على ناقته حتى يوصله الى بيته.

ويوصي الاسلام بعدم التفرقة بين الابناء في المعاملة وخاصة في الامور المالية والميراث، وقد جاء الى الرسول (ص) رجل فقال للرسول: «اشهدك يا رسول الله اني قد اوصيت لولدي هذا من بعدي بكذا وكذا ... فقال له الرسول: وهل فعلت ذلك لكل اولادك؟ ام هذا وحده؟.

فقال الرجل: هذا وحده.

فقال له الرسول: اذهب فلا وصاية لك عندي ولا تشهدين على جور.هذا في الامور المادية والوراثية.

اما في الامور العاطفية، فان الاسلام يأمر بالعدل والمساواة في اظهار الحب والمودة فلا يفضل احد للاطفال على غيره بالحنان والعطف. فلذك يثير الحسد ويخلق العداوة ويثير الحقد بين الاخوة والاخوات.

والاسلام يأمر بعدم التمييز بين الولد والبنت في المعاملة الا في حدود ما امر الله من ناحية الميراث حيث يكون للذكر مثل حظ الانثيين.

وحكمة ذلك ان الذكر يكون مسؤولا عن الانفاق في اسرته وزوجته.. اما للانثى فليست ملزمة بالانفاق على زوجها واسرتها من مالها ولكن على زوجها ان ينفق عليها.

وليس للابوين ان يفرقا في المعاملة وفي العطف والمودة بين الولد والبنت.

بل لقد كان رسول الله اكثر عطفا على البنات واكثر وصاية بهن حتى يزيل من نفوس العرب عادة الجاهلية البغيضة. وفي هذا الصدد يقول الرسول (ص): «من كان له انثى فلم يهنها ولم يؤثر ولده عليها واحسن تعليمها كانت له سترا من النار» وكثيرا ما كان رسول الله (ص) يحمل امامة بنت ابي العاص وهي ابنة ابنته زينب ويدللها ويضعها تحت عباءته ليدفئها في البرد ويحن عليها ويداعبها في طفولتها.

وللاسلام نظرة عميقة في أمره المسلم بالتعاطف مع الطفل والحنان عليه واحترامه. فهو لايهدف الى مصلحة الطفل وحده. ولكن الى غرس روح المحبة والتعاون في نفوس الكبار.. والى تهذيب مشاعرهم. ولا يكتفي الاسلام بأمر الناس بحسن رعاية اولادهم بل ان المسلمين جميعا ملتزمون بالتضامن مع الدولة في رعاية الاطفال الايتام او الذين لا عائل لهم، فنشأة الطفل اليتيم في اسرة مسلمة صالحة خير له من نشأته في ملجأ حكومي. ولذلك فقد جعل الاسلام تربية اليتامى احد واجبات الاسرة المسلمة حسب استطاعتها.

وفي ذلك يقول الرسول (ص): «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه».

وقال رسول الرحمة (ص) :- «انا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» واشار باصبعيه معا.

وقد نشأ رسول الله يتيما فرعاه جده عبد المطلب. ثم رعاه ودافع عن رسالته عمه ابو طالب.

فلما شب الرسول واستطاع ان يكسب عيشه بدأ هو ايضا برعاية اليتامى والفقراء في بيته.

واول طفل تولى الرسول رعايته رغم ان والديه كانا أحياء هو ابن عمه علي بن ابي طالب عليه السلام. فعاش مع رسول الله منذ صغره غذاه رسول الله بالعلم وكساه حلل الايمان زينه بالادب. كما كان رسول الله يرعى في بيته زيد بن حارثة.. وكان زيد طفلا اختطفه الاعراب من قبيلته فلم يعرف له اهلا فاشترته خديجة واهدته الى الرسول فتبناه الرسول وأعتقه. ولما جاء اهله وعشيرته الى الرسول ليأخذوه منه. خيره رسول الله بين الاقامة عنده وبين الذهاب مع اهله، فاختار الاقامة عند رسول الله (ص) لما لقيه من الحب والحنان والعطف مما لايجده الطفل عند والديه واقرب الناس اليه.

يقول الامام الغزالي : - «الصبي امانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل نقش وقول الغزالي هذا يتفق مع أحدث النظريات في علم التربية. ذلك ان الطفل البشري يولد وهو في حالة من العجز الشديد بحيث اذا ترك وشأنه هلك. ومن أجل ذلك كانت رحمة الله بالاطفال ماثلة في عاطفه الامومة وعاطفة الآبوة. حيث يتولى الابوان رعاية اطفالهما الى حد تفضيلهما على نفسيهما.

ودور الاب يتفوق على دور الام في تربية الابناء بعد السنوات الثلاث الاولى من عمر كل منهم، وفي هذا يقول النبي (ص) : «ما نحل والد ولده افضل من ادب حسن».

ان الابناء بنين وبنات هم ثمرات القلوب وافلاذ الاكباد، وهم امانة جليلة في اعناق الأباء. واداء الامانة يتمثل في حسن الرعاية ودقة التربية واستقامة التنشئة الاجتماعية.

ومن الواجب على الوالد ان يحرص اولا وقبل كل شيء على غرس بذور الاخلاق الفاضلة في نفس الولد او البنت، وتعويدهما العادات الكريمة والخصال الحميدة والأداب الرفيعة وتجنيبهما الترف الزائد والبذخ ، وابعادهما عن قرناء السوء. وفي هذا يقول الغزالي عن تربية الوالد لولده و صيانته، بان يؤدبه ويعلمه محاسن الاخلاق ويحفظه من قرناء السوء ولا يعوده التنعم والترف، ولا يحبب اليه الزينة واسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها اذا كبر فيخسر عمره، بل ينبغي ان يراقبه من اول عمره.

والتربية الصحيحة تبدأ من اول فترة الرضاع حيث يطالب الاسلام الابوين باختيار المرضعة الصالحة والمربية الفاضلة ويشترط في المرضعة ان تكون متدينة ذات خلق وعفة وتأكل من حلال حتى تؤثر في الوليد تأثيرا صالحا.

كان المسلمون الاوائل يهتمون كثيرا بمسألة التربية وعرفت الامثال التي تشير الى هذا المعنى مثل قولهم: «من أدب ولده صغيرا سر به كبيرا» وقولهم ايضا: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.

وكذلك قولهم: «اطبع الطين ما كان رطبا واعصر العود ما كان لدنا».

ويقول علماء التربية المعاصرين: بادروا بتعليم الاطفال قبل تراكم الاشغال. وانه وان كان الكبير اوقد عقلا، فانه اشغل قلبا ويقول الشاعر:

اذا المرء أعيته المروءة ناشيئا

فمطلبها كهلا عليه شديد

وينبغي تعليم الطفل المهنة التي يحبها ويعشقها ويبذل جهده في تعلمها والاستفادة منها كما يرى العلامة ابن سينا اذ يقول:

«انه ليست كل صناعة (مهنة) يرومها الصبي ممكنة له مواتية،ولكن ينبغي له ان يزاول ما شاكل طبعه وناسبه. ولقد روي ان يونس بن حبيب كان يتردد على الخليل بن احمد الفراهيدي ليتعلم منه العروض والشعر. فصعب ذلك عليه، فقال له الخليل يوما: من اي بحر قول الشاعر:

اذا لم تستطع شيئا فدعه

وجاوزه الى ما تستطيع

ففطن يونس بن حبيب لقصد الخليل بن احمد وتوجه الى اغراض اخرى في العلم غير العروض ونظم القوافي.



التربية الاجتماعية في الاسلام

هذا النوع من التربية تضع الام الاساس الاول له، ثم يستكمله مع الام الآب والمعلم والقريب والجار والصديق والزميل، وعلى الكبار داخل الاسرة ان يعودوا صغيرهم على آداب المائدة لضرورتها بالنسبة له. ومن اداب الطعام في الاسلام ان لايكون الانسان شرها في الاكل (كلوا واشربوا ولا تسرفوا) من المهم الاعتدال في الطعام وعدم التخمة والاسراف في الآكل.

يقول الغزالي في هذا الصدد: «أول ما يغلب على الطفل من الصفات شره الطعام فينبغي ان يؤدب فيه مثل الا يأخذ الطعام الا بيمينه. وان يقول عليه بسم الله عند اخذه ، وان يأكل مما يليه. والا يبادر الى الطعام قبل غيره وألا يحدق النظر اليه ولا الى من يأكل.

وان يجيد المضغ، وان لا يوالي بين الفم، ولا يلطخ يديه أو ثوبه ويقبح عنده كثرة الآكل ، بان يشبه كل من يكثر الآكل بالبهائم . وبأن يذم بين يديه الصبي الذي يكثر الاكل. ويمدح عنده الصبي المتأدب القليل الآكل وان يحبب اليه الايثار بالطعام، وقلة المبالاة به والقناعة بالقليل.

وكل تلك الامور ينبغي ان يلتفت اليها الوالدان في تربية الابناء وتعليمهم آداب المائدة واساليب تناول الطعام وكيفية الجلوس على المائدة.

ويقول الغزالي ايضا: «وينبغي ان يعود.. الا يضع رجلا على رجل. ولا يضع كفه تحت ذقنه ولا يعمد رأسه بساعده، فان ذلك دليل الكسل، ويعلم كيفية الجلوس ، ويمنع كثره الكلام وانه من فعل ابناء اللئام. (فان من كثرة لغطه كثر غلطه) وان يعود ايضا الاحسان الى الغير، على ان يكون بمقدار وعلى حسب القدرة والاستطاعة، حتى لايخرج به الى رذيلة التفاخر على الغير.

«ويمنع من ان يفتخر على أقرانه وأترابه بشيء مما يملكه والداه، او بشيء من مقتنياته وملابسه او لوحه وأدواته.

وينبغي ان يعود التواضع والاكرام لكل من عاشره والتلطف في الكلام معهم. واذا عجز الوالدان عن ذلك. او اذا كان الطفل قد فقد احدهما او كليهما. فعلى المدرس والمربي والاخصائي الاجتماعي ان يبعد الطفل ويعلمه اداب المائدة باعتبارها من اهم الاداب الاجتماعية.

واذا كان من الخير ان نعود الطفل الشعور بمشاعر الاخرين والتجاوب معهم عاطفيا ومشاركتهم وجدانيا في الفرح والحزن ، فانه من الخير في مجال الصحة النفسية ان نجنب الطفل حدة العواطف المثيرة حتى لاتستبد به وتضله عن الطريق السوي.

ويقول الفيلسوف الاسلامي والطبيب الذائع الصيت ابن سينا: انه يجب علينا ان نجنب الطفل الغضب الشديد والخوف الشديد والحزن والسهر. وان نقدم اليه مايحتاجه ليعتدل مزاجه فتعتدل اخلاقه. لآن الاخلاق الحسنة نابعة لصغار المزاج. وهكذا نجد التربية الاجتماعية الاسلامية تتناول التربية بجانبيها الاجتماعي والنفسي وكذلك الصحة النفسية وتلك هي الصورة المتكاملة للتربية .

التربية الصحية:

على الوالدين ايضا تعويد اطفالهما على النظافة وما يجلب الصحة وتجنيبهم العادات القبيحة التي قد تؤثر على صحتهم وعلى الصحة العامة . وفي هذا يقول الغزالي : ينبغي ان يعود الطفل الا يبصق في مجالسه او في الطريق العام او في مكان يراه احد. ولا يتثاءب بحضره غيره واذا اراد ان يعطس يعطس في منديل ولا يتمخط. واذا تثاءب ان يضع كفه مقلوبا على فمه.

ومعنى ذلك ان الغزالي يطالب الجميع بتعليم الاطفال العادات الحسنة. ويجنب الاطفال عادة البصق على الارض في الشارع او المنزل او في الفصل الدراسي او في مكان العمل. ويعلم الاطفال عادة البصق والتمخط والعطس في المنديل.

التربية الرياضية:

والتربية الرياضية او البدنية لها اهميتها القصوى في التربية الاسلامية على اعتبار ان العقل السليم في الجسم السليم. وفي هذا يقول الرسول (ص): «ان لبدنك عليك حقا».

وفي الحديث الشريف: «علموا اولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل» ومن الالعاب الاساسية لعبة الرمي، وهي لعبة تؤدي الى زيادة القوة البدنية.

ويقول الغزالي في هذا الصدد: «وينبغي ان يؤذن للتلميذ بعد الانصراف عن الكتاب ان يلعب لعبا جميلا يستريح اليه من تعب المكتب. بحيث لا يتعب في اللعب فان منع الصبي من اللعب وارهاقه في التعليم يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه».

واللعب الجميل الذي يشير اليه الغزالي ليس لعب الكرة في الشارع داخل الاحياء السكنية، ولا لعب الكمبيوتر واجهزة الاتاري مما يسبب للطفل اضرارا فادحة. بسبب مافيها من عنف مما يغير سلوك الطفل نحو اخوانه ووالديه. وما يؤدي الى اضرار جسدية ونفسية. حيث ان الغزالي ينهى عن الالعاب الضارة للاطفال ايا كانت. واللعب الجميل الذي يشير اليه هو اللعب المنظم داخل ملاعب المدارس والمعاهد والكليات الجامعية والاندية الرياضية تحت اشراف المتخرجين في مختلف اقسام المعاهد العالية للتربية الرياضية.

وهذا اللعب من وجهة نظر الغزالي ضرورة علمية وعقلية واجتماعية ونفسية تجدد ذهن الطفل او اليافع او الشاب الصغير حتى يعود الى دراسته او عمله وهو اكثر اشتياقا اليه وقواه متجددة حتى لايسأمه ويفر منه وممن يفرضون عليه بمختلف الحيل النفسية المعروفة.

وعلى الوالدين ان يقتديا بلقمان في توجيه ابنائهم الى مايتفق مع الفطرة السليمة التي ولدوا عليها. وكما جاء في القرآن الكريم: «يا بني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله ان الله لطيف خبير يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الامور” ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الارض مرحا ان الله لايحب كل مختال فخور” واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان أنكر الآصوات لصوت الحمير. (لقمان 16 - 19).



يتبع
ام ميوور
ام ميوور
اطفالنا ومعاني الرجولة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد:

فإنّ مما يعاني منه كثير من الناس ظهور الميوعة وآثار التّرف في شخصيات أولادهم، ولمعرفة حلّ هذه المشكلة لابد من الإجابة على السّؤال التالي: كيف ننمي عوامل الرّجولة في شخصيات أطفالنا؟

إن موضوع هذا السؤال هو من المشكلات التّربوية الكبيرة في هذا العصر، وهناك عدّة حلول إسلامية وعوامل شرعية لتنمية الرّجولة في شخصية الطّفل، ومن ذلك ما يلي:

الـتـكـنـيـة

مناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأمّ فلان ينمّي الإحساس بالمسئولية، ويُشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد، ويحسّ بمشابهته للكبار، وقد كان النبي يكنّي الصّغار؛ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: { كَانَ النَّبِيُّ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ – قَالَ: أَحسبُهُ فَطِيمًا – وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟! } (طائر صغير كان يلعب به) .

وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قالت: { أُتِيَ النَّبِيُّ بثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ ( الخميصة ثوب من حرير ) فَقَالَ: مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالَ: ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ. فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ ( وفيه إشارة إلى صغر سنّها ) فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي، وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاه، وَسَنَاه بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ } .

وفي رواية للبخاري أيضاً: { فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَا، وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ } .

أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار

وهذا مما يلقّح فهمه ويزيد في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: { كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.. الحديث } .

تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك ا لإسلامية وانتصار ات المسلمين

لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة، وكان للزبير بن العوام طفلان أشهد أحدهما بعضَ المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروة بن الزبير { أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ. فَقَالُوا: لا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ ( أي على الروم ) حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا ( أي الروم ) بِلِجَامِهِ ( أي لجام الفرس ) فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْر، قَالَ عُرْوَةُ: كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً } .

قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: وكأن الزبير آنس من ولده عبد الله شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه، فجعل معه رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال. وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير "أنه كان مع أبيه يوم اليرموك , فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم" وقوله: " يُجهز " أي يُكمل قتل من وجده مجروحاً, وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره.

تعليمه الأدب مع الكبار

ومن جملة ذلك ما رواه أَبو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: { يُسلِّمُ الصَّغِيرُ على الكبِيرِ، والمارُّ على القاعِدِ، والقليلُ على الكثِيرِ } .

إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس

ومما يوضّح ذلك الحديث التالي: عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: { أُتِيَ النَّبِيُّ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ } .

تعليمهم الرياضات الرجولية

كالرماية والسباحة وركوب الخيل وجاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: { كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ } .

تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث

فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء، وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن، ويمنعه من لبس الحرير والذّهب. وقال مالك رحمه الله. "وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ لأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ" .

تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين

عدم احتقار أفكاره وتشجيعه على المشاركة

إعطاؤه قدره وإشعاره بأهميته

وذلك يكون بأمور مثل:

(1) إلقاء السّلام عليه، وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ } .

(2) استشارته وأخذ رأيه.

(3) توليته مسئوليات تناسب سنّه وقدراته.

(4) استكتامه الأسرار.

ويصلح مثالاً لهذا والذي قبله حديث أَنَسٍ قَالَ: { أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ أَحَدًا } .

وفي رواية عن أَنَسٍ قال: { انْتَهَى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا غُلامٌ فِي الْغِلْمَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَرْسَلَنِي بِرِسَالَةٍ وَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَار- أَوْ قَالَ إِلَى جِدَار - حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ } .

وعن ابْن عَبَّاسٍ قال: { كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلا إِلَيَّ، قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار، قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً ( ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة ) فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ } .

وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها:

(1) تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة.

(2) الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصّات الشّعر والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء.

(3) إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة،وقد قال عمر: اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم.

(4) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ.

هذه طائفة من الوسائل والسّبل التي تزيد الرّجولة وتنميها في نفوس الأطفال، والله الموفّق للصواب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



يتبع
ام ميوور
ام ميوور
6




فلذات اكبادنا وحفظ كتاب الله






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:

فإن الله عز وجل أنعم علينا بنعم عظيمة وآلاء جسيمة؛ من أعظمها نعمة الأبناء الذين تقر بهم الأعين، وتهنأ بهم النفوس، وهم يتراوحون بين قول الله تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وبين قوله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ، وبين قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ .

ومن فضل الله علينا أن يسر حفظ القرآن العظيم في مدارس تحفيظ القرآن النظامية، أو عبر حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد للأبناء، وفي دور تحفيظ القرآن المسائية للنساء. وقد قامت الحُجة وتيسّرت السبل ليكون أبناؤنا وبناتنا من حملة كتاب الله عز وجل، فهنيئاً لك أيها الأب أن يكون فلذة كبدك غداً إماماً للمسجد الحرام أو للمسجد النبوي أو لمسجد من المساجد، فما خرج هؤلاء الأئمة إلا من هذه الحلق المباركة التي نفع الله بها.

قال خباب بن الأرت لرجل: ( تقرب إلى الله ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه ) .

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ( من أحي القرآن فهو يحب الله ورسوله ) .

قال الحافظ السيوطي: ( تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام به ينشأ على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال ).

وقال بن تيمية رحمه الله: ( وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علماً وهو إما باطل أو قليل النفع ).

وحتى تكتمل فرحة الآباء بما لأبنائهم في طَرْقِ هذا الباب العظيم، فإن الله عز وجل تكفل ووعد لحفظة كتابه بثمرات كثيرة منها:

1 - الرفعة في الدنيا والآخرة لقول النبي صلى الله عيه وسلم: { إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين } ، فهنيئاً لك أن يكون ابنك أو ابنتك ممن يرفعهم هذا القرآن العظيم ويعلي شأنهم.

2 - إرادة الله عز وجل بأبنائك الخير لقول النبي : { من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين } وأعظم الفقه في الدين قراءة وحفظ كتاب الله عز وجل حيث هو مصدر التشريع الأول.

3 - أنهم من أهل الله وخاصته لقول النبي : { إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته } .

4 - أن إجلالهم من إجلال الله عز وجل لقول النبي : { إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه } .

5 - تقديمه في الإمامة للصلاة لقول النبي : { يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله تعالى } .

6 - تقديمه في القبر، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: { أيهما أكثر أخذاً للقرآن } " فإن أشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد " .

7 - أن أولادك ذكوراً وإناثاً في حرز من الشيطان وكيده، قال : { إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة } .

8 - أنهم في مأمن من فتنة الدجال قال : { من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال } .

9 - أما منازل ذريتك في الآخرة فهي أعظم المنازل وأرفعها، قال : { يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها } .

10 - يلبس حلة الكرامة قال : { يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يارب حَلِّه، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يارب زده، فيُلبس حُلة الكرامة، ثم يقول يارب أرضىََ عنه، فيرضى عنه، فيقال: اقرأ وارقَ ويزاد بكل آية حسنة } .

11 - القرآن شفيع لمن تحب يوم الفزع الأكبر، قال : { اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه } .

12 - يُلبس تاجاً من نور يوم القيامة: قال : { من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس } .

13 - القرآن حجة يوم القيامة، قال : { يؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما } .

14 - أن ابنك من خيار هذه الأمة وكفى بها منزلة قال : { خيركم من تعلم القرآن وعلمه } .

15 - بلوغ منزلة السفرة الكرام البررة قال : { الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة.. } .

16 - أن ابنك يعيش وينشأ في مجالس ذكر عظيمة قال : { وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده } .

17 - رجاء الثواب العظيم: قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ .

18 - كثرة الثواب على قلة العمل: قال : { من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ( ألم ) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف } .

19 - أن ذريتك من المغبونين بهذا العمل العظيم، قال : { لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأناء النهار... } .

20 - السلامة والنجاة من النار قال : { لو جُمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار } .

21 - سلامة قلبه من الخراب قال : { إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب } .

22 - أن له بكل غدوة أجر حجة تامة لقوله : { من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلّم خيراً أو يُعلّمه، كان له كأجر حاج تاماً حجته } .

23 - أن ابنك يتأدب بآداب حملة القرآن، قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون، وبورعه إذ الناس يخلطون، وبتواضعه إذ الناس يختالون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون ) فأنعم بها من محاسن الأخلاق ومكارمه. ويكفي ابنك وابنتك فخراً أنهم يحملون في صدورهم كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، في زمن امتلأت فيه صدور الشباب والفتيات بما هو تافه محرم.

24 - أن ابنك من حملة راية هذا الدين. قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( حامل القرآن حامل راية الإسلام.. ).

أما أنت أيها الأب وأنتِ أيتها الأم فلكم من الأجر والمثوبة الشيء الكثير ومن ذلك:

1 - تلبس يوم القيامة حلتين. قال : { من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به، أُلبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل الشمس، ويُكسى والديه حُلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان، بم كسينا؛ فيقال بأخذ ولدكما القرآن } .

2 - لكما أجر الدلالة على الخير: { الدال على الخير كفاعله } .

3 - استمرار ثواب غرس الإسلام في قلوبهم ومحبة هذا الدين وكتاب الله، قال : { من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.. } .

4 - اقامة معالم الإسلام وسننه في الأهل والجيران والمعارف، فإن الناس يتبعون بعضهم بعضاً، قال : { من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده.. } الحديث.

5 - تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخراً بعد موتكما، فإن النبي اشترط الصلاح في الولد فقال : { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث } وذكر منها { أو ولد صالح يدعو له } .

6 - إبعاد الابن عن مواطن الفتن والشبه ووقايته من النار يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ .

7 - تقرُّ عينك وأنت تسمع وترى اهتمامات ابنك وابنتك وكلها منصبة في حفظ القرآن وكم حفظ، وإلى أي آية قرأ؟ وهم بهذا ينشأون في طرق الخير بعيداً عن الانحراف ودواعيه، وهذه نعمة عظيمة.

8 - الأجر العظيم الذي تناله من الله عز وجل على الصبر على حسن التربية والتنشئة قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا .

9 - براءة الذمة من عدم التفريط في التربية قال : { كلكم راع ومسئول عن رعيته... والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته } .

10 - نفع الأمة والإسهام في تقديم جيل صالح حافظ لكتاب الله ليكونوا صالحين مُصلحين.

وبعض الآباء يتعذر بأن ملَكَات ابنه ضعيفة، أو أن مواهبه قليلة، وهو ضعيف الحفظ، قليل الفهم، ولهذا الأب بعض النقاط التي توضح ما غاب من أمره ومنها:

1 - يكفي ابنك أن يحضر كل يوم حلق التحفيظ وهي مجالس ذكر عظيمة تغشاها الرحمة وتتنزل فيها الملائكة ويذكرهم الله عز وجل فيمن عنده.

2 - الملائكة تستغفر لابنك، والله عز وجل يُسهِّل له أمر هذا الطريق قال : { من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يطلب، وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء.. } .

3 - ابنك ممن يحملون ميراث النبوة قال : { وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر } .

4 - إنه في عبادة عظيمة قال مخاطباً أبا ذر: { يا أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة.. } .

5 - تعويدهم على ارتياد أماكن العبادة وربطهم بها، وحتى لا يكون بينهم وبين المساجد وحشة إذا كبروا وشبّوا، ولتكون قلوبهم منذ الصغر معلقة بالمساجد وأهلها.

6 - الصحبة الطيبة التي يجدونها في طلبة حِلَقِ التحفيظ فهم من صفوة الصغار الذين نراهم وهؤلاء هم زملاؤه وصحبته إذا كبر.

7 - إن هذا القرآن ميسر قراءته وحفظه للكبير والصغير قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ وهناك رجال ونساء كبار في السن يحفظون القرآن الكريم كاملاً بالرغم من أنهم لا يعرفون القراءة والكتابة، إنما حفظوا عن طريق السماع.

8 - في بقائهم بعد صلاة العصر مثلاً حفظ لهم من المؤثرات الخارجية: كالشارع والشاشة والصحبة السيئة، وفي ذلك حفظٌ لأوقاتهم وعقولهم واستثمارها فيما ينفع.

9 - لا يشترط في التحاق ابنك لحلق التحفيظ أن يحفظ القرآن كاملاً، بل دعه يسير مع الركب ولا تحرمه أجر المشاركة ويكفي أن يحفظ ما تيسر ففي هذا فضل عظيم.

10 - بعض الآباء يتعذر بأن حفظ أولاده للقرآن الكريم يقلل من تحصيلهم العلمي، والتجربة أكبر برهان على عكس ذلك ولك أن تسأل عن الطلاب النابغين في إدارات التعليم لترى أنهم من حفظة كتاب الله عز وجل.

11 - فترة الطفولة والشباب فرصة ذهبية لحفظ القرآن بعيداً عن المشاغل وكثرة الأعمال مع ثبوت الحفظ في هذه السن. ومن قرأ القرآن في صغره حسنت لغته وتعرف على شواهد القرآن وبلاغته وسَلِمَ من اللحن.

12 - أن ابنك الذي يجد مشقة في القراءة والحفظ له أجر عظيم لقول النبي : {.. والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران } .

أيها الأب المبارك: إن فاتك أمر حفظك لكتاب الله عز وجل فلا تحرم أبناءك وبناتك من ذلك، واحرص على أن يكون لك سهم من سهام الخير بدعم هذه الحلق والمدارس المباركة بما تراه من طيِّب مالك فهم أحق وأولى بالدعم، وليكن لجماعات تحفيظ القرآن جزء من أوقافك فإنها من أكثر المصارف نفعاً وأعظمها أجراً، وأسهم بإسداء الرأي والتوجيه للرفع من مستوى الحلق، فإن ذلك من التعاون على البر والتقوى وفيه إعانة لهم على الاستمرار.

أيها الأب الموفق: أما وقد انشرح صدرك لهذا الأمر العظيم وسمت همتك للعلياء لا يفوتك الحرص على اختيار الحلق الجيدة حتى يستفيد أبناؤكم الفائدة المرجوة، وذلك عن طريق السؤال عن حسن تعامل القائمين على الحلق، ومدى انضباط الأبناء في الحضور والانصراف، ومعرفة وقت بدء الحلقة ونهايتها، ومقدار الحفظ والمراجعة، وابذل لهم الجوائز وكن خير مشجع ومساند لهم.

يا أمة محمد :

اجعلوا بيوتكم دوحات إيمانية ولتكن شجرة أسرتكم أوراقاً خضراء مورقة، فأنتم تحفظون كتاب الله عز وجل وأبناؤكم يسعون في حلقات التحفيظ، وأما أزواجكم وبناتكم فهن في رياض الجنة يتقلبن ويغدين إلى دور التحفيظ النسائية المسائية يحفظن كتاب الله عز وجل.. إنها أسر مباركة. فلا تحرموا أنفسكم من هذا الخير..

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( إن هذا القرآن مأدبة الله فخذوا منه ما استطعتم، فإني لا أعلم شيئاً أصغر من بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، وإن القلب الذي ليس فيه من كتاب الله شيء خرب كحجرات البيت الذي لا سكن له ) .

قال تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً قال ابن كثير رحمه الله: ( فتركُ تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وفهمه من هجرانه وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجه من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء من هجرانه.. ).

أصلح الله لنا الذرية وجعلهم ممن يحملون راية هذا الدين، وجعلنا ممن يستعمله في طاعته ومرضاته



يتبع