Lily3

Lily3 @lily3

محررة فضية

موضوع اعجبني "كيف نربي اطفالنا"

الأمومة والطفل

اعجبني هذا الموضوع فاحببت اطلاعكم عليه ويتعلق بطرق التربية السليمة
http://www.alnafsy.com/showarticle.php?idd=468
متمنية لكم الاستفادة ومحاولة التطبيق.والله يعينا على تربية اطفالنا بطرق سليمة وتربوية.
4
636

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

Lily3
Lily3
نسخت الموضوع هنا ...الموضوع طويل ولكنه يستحق القراءة:
د.عبدالله الرويتع .
أستاذ مشارك في قسم علم النفس – جامعة الملك سعود


لعل من أهم المسؤوليات والصعوبات التي تواجه الإنسان قضية الأبناء وتربيتهم.
من النادر أن تقابل أبا أو أما لا يشتكي أحدهم من الأبناء وتربيتهم ؛ سواء كان ما يشتكى منه مشكلة كبيرة أو صغيرة. وهذه سنة الحياة ، دين مُستَحق يدفعه كل جيل للجيل الذي يليه. وهي مهمة صعبة لأنه من خلالها يتم غرس القيم والمثل الدينية والأخلاقية والمعايير الأدائية وأهداف الحياة.
لذا فتربية الأبناء لا تعني كساء وإطعام الأبناء بل المهمة الصعبة هي غرس القيم والمعايير التي يجب أن تقوم بها الأسرة أو سيقوم بها أفراد أو جهات أو أجهزة (وسائل إعلام) خارج الأسرة.
كما أن الطفل يحتاج للحب والتقدير حاجته للحليب الذي يرضعه والطعام الذي يتناوله. وهذه الجملة ليست وصفا أدبيا مبالغا فيه بل حقيقة فعلية. بل قد نذهب إلى أن بيتاً يقدم الحب والتقبل بشكل متوازن ؛ ويقدم المعايير والقيم بشكل عقلاني ومتسامح مع تواضع المشارب والمآكل والكساء أفضل من بيت يرى أن التربية والواجبات في المأكل والمشرب مع حرمانهم من الحب وغرس القيم.
عموما : يلاحظ أن كثيراً من المشاكل التي يعاني منها الآباء والأمهات لا تعدو أن تكون نتاج تربيتهم وتعاملهم مع الآباء ، وجهلهم بطرق التعامل الصحيح ، ومطالب النمو ، والفروق الفردية (هذ إذا استبعدنا الاستعداد الوراثي).
وطريقة التربية والتعامل مع الأبناء لا تخرج عن عدة طرق نلاحظها حولنا. هذه الطرق تسمى عوامل "التنشئة الأسرية".
وتتواجد عوامل التنشئة بشكل مختلف من أسرة لأخرى. كما أن هذه العوامل تتضمن عوامل أو طرقاً سلبية وأخرى إيجابية. وكلما كان نصيب الأسرة من العوامل السلبية كبيرا كان بالإمكان وصف هذه الأسرة بأنها: "أسرة غير صحية نفسيا" ؛ والعكس صحيح.
فالأسرة مثل الفرد على مستوى جسدي ، ونحن نقول : صحة فلان ليست جيدة بينما فلان الآخر يتمتع بصحة نفسية جيدة.
والأسر قد تكون بيئة تربية جيدة ، من خلالها يجد الفرد الاحترام والحب وإشباع الحاجات عبر علاقات ناضجة متوازنة مع الوالدين والأخوة ؛ أو قد تكون بيئة غير صحية يفتقد الفرد فيها إلى الاحترام (وقبل كل شيء احترام وتقدير ذاته) والحب ، وتكون العلاقة مع الوالدين والاخوة علاقة صراع ومشاحنة ، وقد تصل حد الكره. وقد تتضح صفات الأسرة الجيدة وغير الجيدة من خلال استعراض عوامل التنشئة الأسرية ؛ وهي كالتالي:
1- القسوة :
وتعني : التعامل مع الأبناء بقسوة سواء كانت جسدية أو نفسية.
والإيذاء الجسدي يأخذ عدة أشكال من الضرب والإيلام الجسدي ، ويوجد هذا النوع عند أسر عديدة ، بل وقد يكون أسلوب التعامل الوحيد. ويصل الإيذاء إلى التهكم ، والسخرية ، والحط من قدر الفرد ، والوصف المقذع سواء في حضور الآخرين أو عدمه.
ونحن نعلم أن في بيئتنا كثيراً من الأوصاف والكلمات التي يستخدمها بعض الآباء والأمهات في التعامل القاسي مع الأبناء.
ويجب التنويه إلى أن هذا الأسلوب وصف بأنه "قاس" لأنه يفرط في استخدام هذه الأساليب وقد تكون الخيار الأول والوحيد ، ظناً من الوالدين أنهم بهذا الأسلوب أقدر على ضبط أبنائهم ، مع أن هذا غير صحيح ، ويمكن ضبط السلوك بأساليب أخرى. فالطفل الذي يوسخ ثيابه أو لا يعمل واجبه أو يضرب أخاه ، والمراهق الذي يتأخر ليلا ، وغير ذلك من السلوكيات قد يعاقب بحرمانه من أمور يستمتع بها بدلا من الضرب.
والحرمان يوجه للسلوك وليس للفرد كما سنرى لاحقا وبشكل منضبط لكي يكون مؤثرا.
2- التسلط والسيطرة :
وهذا الأسلوب يشير إلى التعامل الذي يتصف بوضع قواعد صارمة تتصف بالضبط الشديد ، وفرض الرأي ، مع استخدام التهديد والعقاب المفرط.
هذا التسلط قد يطال أي شيء حتى الطموح والتوجه الأكاديمي. فقد يفرض من الوالدين خصوصا الأب الذي قد يحاول تحقيق أحلامه في الأبناء دون أخذ رغباتهم بعين الاعتبار. عندما تطلب من الأبناء الالتزام بقواعد محددة وكأنهم في "سجن" وليس أسرة؛ فإن هذا الأسلوب هو التسلط والسيطرة.
وقد يُرَى في بعض الأسر بشكل واضح ومسيطر وفي البعض الآخر أقل وربما بشكل باهت. وبصورة عامة : تجد من يتربى في أسرة يغلب عليها هذا الأسلوب : الإحساس بالدونية والذنب والخضوع للآخرين ، وأحيانا التصادم مع الآخرين خصوصا من يمثل سلطة (مدرس مدير في العمل ...الخ).
3- عدم التقبل والنبذ :
وهنا يرى عدم تقبل الوالدين للابن (ذكرا أو أنثى) وعدم رغبتهم فيه ، وعدم حبهم له ولما يقول أو يفعل ، وتصل رسائل مباشرة أو غير مباشرة مفادها في حالة النبذ "لست محبوبا ولا مرغوبا فيك ". ويظهر ذلك في تصيد الأخطاء وتضخيمها والتعامل بقسوة ، والحرمان العاطفي.
وعدم التقبل قد يأخذ شكلا آخر يطلق عليه "التقبل المشروط" حيث لا يعطى الطفل الحب والاهتمام والرضى إلا إذا سلك وفق ما يرغبه الوالدان. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن التقبل المشروط من أكثر الأساليب انتشارا وأخطرها وأكثرها تخفيا ؛ حيث لا يصرح بشروط التقبل ولكنها ضمنية. على سبيل المثال نرى الكثير من الأسر لا تمنح الاهتمام والحب (في صورة لفظية مباشرة أو بلغة الجسد مثل ابتسامة أو نظرة) إلا في حالة سلوك الأبناء وفق ما يراه الوالدان. مع التقبل المشروط تصبح العلاقة كأنها "مقايضة" نصها : "تصرف كيفما نريد وإلا سننبذك ونحرمك". طبعا هذا لا يعني عدم تعديل السلوك ولكن بطريقة لا تمس تقدير الذات كما سنناقش لاحقا في النصائح حول التنشئة الأسرية.
1- المقارنة :
هذا الأسلوب يعتمد على مقارنة الابن بغيره لغرض الحط من شأنه في حالة عدم تقبل سلوكه أو أدائه في أي عمل مثل الدراسة. في هذا الأسلوب نسمع كثيرا" انظر لأبن عمك الذي في عمرك أو أصغر منك كيف يتصرف" أو "انظري لفلانه بنت فلان كيف مستواها الدراسي أو كيف تتصرف".
هذا الأسلوب يستخدم كثيرا (حسب ملاحظاتي الشخصية) في البيئة المحلية لإثارة الدافعية. طبعا يعتبر هذا الأسلوب - كالأساليب السالفة- من الأساليب السلبية التي تؤثر على الصحة النفسية للطفل.
5- التفرقة :
ويقصد به التفرقة بين الأبناء. وقد تكون التفرقة مبنية على الجنس (ذكور وإناث)، أو العمر أو التفوق الدراسي أو أي سبب قد لا يعلمه الوالدان ولا يستطيعان إعطاء سبب واضح ومقنع. وقد تكون التفرقة واضحة أو باهتة ، لكن الملاحظ أن التفرقة بين الجنسين موجودة بدرجة أو أخرى في مجتمعنا ، وقد تكون الآن أقل من قبل (حسب ملاحظاتي الشخصية فقط). ما يجب ذكره هنا أن التفرقة هي الأرض الخصبة لنمو الكراهية بين الإخوة مع ما يرافق ذلك من الإحباط والعدوانية الموجهة للوالدين.
6- الإهمال والتساهل :
المقصود بهذا ترك الأبناء دون اهتمام ورعاية وتوجيه وتشجيع وتقدير وحب ومتابعة.
قد نجد بعض الآباء والأمهات -لاسيما في حالة تواضع المستوى التعليمي للوالدين- يتصورن التربية والرعاية على مستوى المآكل والمشرب فقط كما أسلفنا.
الإهمال يعني التعامل مع الأبناء وكأنهم شيء مهمل لا قيمة له ، ويصل هذا التصور إلى الأطفال فيكون تأثيره سيئا جدا. بعض الآباء والأمهات يعتقد أن التربية الجيدة هي : عدم استعمال العنف والقسوة والتفرقة مع الأطفال ، ويفوتهم أن التربية الجيدة لا تعني عدم التجويع فقط بل إعطاء غذاء جيد نافع (الاهتمام والحب والرعاية) حتى لا يكون هنالك "أنيميا نفسية" إذا صح التعبير.
2- الحماية الزائدة والتدليل :
يتضح الأسلوب في : تحمل مسؤولية الأبناء والمبالغة في حمايتهم وتلبية المطالب حتى مع عدم عمل الواجبات ، بالتالي، فإن الأبناء ينتظرون من الوالدين التدخل في كل صغيرة وكبيرة وتحملها وعملها ، وتلبية احتياجات الأبناء غير الضرورية والتي هي في الواقع ليست احتياجات ، مع عدم كفهم في حالة تجاوز القيم والمعايير.
ويلاحظ أن هناك أسباباً عديدة وراء هذه الحماية والتدليل منها : قلق الوالدين الذين يخافون على الأبناء لدرجة تتبعهم في كل الأمور وتوفير الحماية لهم (لدرجة استذكار الدروس لهم)، أو ضعف شخصية الوالدين وتحول القيادة والمبادرة منهم إلى الأبناء فنصبح أمام والدين يتحكم بهم الأبناء.
نتاج هذا الأسلوب : أشخاص أنانيون يتحدون السلطة مع عدم الاكتراث وعدم تحمل المسؤولية. كما يوصفون بالثقة بالنفس بشكل غير طبيعي؛ مع مطالبة الآخرين أن يعاملوهم بنفس الطريقة التي كان يعاملهم بها الوالدان. ولا يقال هذا بشكل مباشر ولكن يعرف من خلال الاعتمادية والأنانية. هذا الأسلوب هو عكس الأساليب السالفة لأن المشكلة هي الإفراط في جانب آخر.

الأساليب السالفة تمثل بعض الأساليب السلبية في التنشئة الأسرية؛ أما الأساليب الإيجابية فعديدة أيضا ، ولعل من أهمها :

1- الديموقراطية :
يشير هذا الأسلوب إلى الطريقة التي فيها يتعامل الوالدان مع الأبناء بطريقة يتجسد فيها الإقناع عن طريق الحوار ، والنقاش ، والتوجيه بهدوء ، مع التشجيع و الثناء والاحترام وتحمل المسؤولية.
ويعتبر هذا الأسلوب من أهم الأساليب الإيجابية في التنشئة والتي تسهم في بناء علاقة إيجابية بين الوالدين والأبناء يتم من خلالها امتصاص المعايير والقيم الوالدية بهدوء وتقبل.
2- التقبل :
ويظهر هذا في مجموعة من السلوكيات مضمونها "أنت محبوب ومرغوب فيه، ولك قيمة لدينا كبيرة".
ويظهر هذا الأسلوب في الاهتمام بالأبناء ، وتلبية مطالبهم ، ورعايتهم ، وإشباع حاجتهم للحب والاحترام وتقدير الذات.
وكما سلف : يجب أن يكون التقبل بدون شروط أو مقايضة ؛ لأن بعض الآباء والأمهات قد يحرم الطفل من الرعاية والحب لأنه لم ينفذ له مطلبا أو لم يسلك وفق ما يريد أو من خلال إيصال رسالة مفادها "لن نحبك ونرضى عنك إلا إذا كنت متفوقا أو مرتبا...الخ".
الجدير بالذكر أن التوجيه ضروري من خلال نقد السلوك ولكن ليس بالمساومة حول الحب والتقدير.
والتقبل لا يعني تقبل السلوك الخاطئ ولكن نتقبل الفرد مع عدم تقبل سلوكه.
قارن بين التوجيهين التاليين :
لو ارتكب الطفل خطأ ما فقالت الأم "أنت إنسان سيئ؛ أنت غبي وحيوان" .
بينما تقول أم أخرى "هذا سلوك خاطئ ويجب أن لا تعمله والسبب...".
الأم الأولى تصف الفرد وليس السلوك ، وبالتالي فهي لا تتقبل الفرد ، أما الأم الأخرى فإنها تركز على السلوك ، وهي تقول ضمنيا "أنت محبوب ومقدر وجيد ولكن هذا السلوك غير جيد وتستطيع تغييره وهذا ما أنتظره منك".
ختاما : الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة لكل أب وأم أن الطفل يستمد تقديره ومفهومه عن نفسه (أنه جيد أو غير جيد) من خلال أوصاف الوالدين وتعاملهم. لذا فإنه كلما سمع أنه "سيئ" ويتم التعامل معه على هذا الأساس؛ فإن نظرة الطفل لنفسه ستكون أنه "سيئ" وتقديره لها سيكون سلبيا جدا.

هذه من أهم عوامل التنشئة الأسرية. ويجب ملاحظة أن هنالك عوامل أخرى في الجانب السلبي والإيجابي. ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه العوامل تتداخل فيما بينها بحيث يوجد كثير من العوامل في الأسرة الواحدة .

ولعل التساؤل المطروح هو: هل يوجد توجيهات عامة من شأنها أن تساعد وتجنب الأسرة الكثير من المتاعب؟
بالطبع يوجد بعض التوجيهات العامة والمهمة جداً ، والتي برغم من بساطتها تؤثر بشكل كبير؛ وتجنب الأسرة سواء الوالدين أو الأبناء كثيراً من المشاكل والتعقيدات.
من أهم تلك التوجيهات ما يلي :
1) يجب الوعي أن التنشئة والتعامل مع الأبناء ليست أمرا هينا كما أنها ليست كابوسا مزعجا لا يتحمل. ولكنها ليست تحصيل حاصل ، وليست نزهة سعيدة. إن التربية -كما أسلفنا- دين يدفعه كل جيل للجيل الذي يليه وثمن بسيط لنعمة عظيمة وهي الأبناء.
2) يجب الوعي أن التربية والتنشئة ليست مأكلاً أو مشربا وكساء فقط. إنها حب وتقدير واحترام مع توجيه وزرع للقيم والمبادئ والتجارب والخبرات الحياتية التي قد توفر الكثير من الجهد والوقت ، وقد تنقذ الفرد من مزالق قد تطال حياته.
ولعل أهم شيء يجب التركيز عليه هو إعطاء "الحب والتقدير".
إننا كبشر ومنذ طفولتنا نريد رسائل من الوالدين بأننا كائنات محبوبة ولها قيمة.
هل تذكر يوم أخذك والدك للمستشفى، ويوم ذهب معك للمدرسة-رغم مشاغله- للتحدث مع مدرس عنفك أو طفل آخر ضربك؟ وهل تذكر يوم حضنك وقبلك ومزح معك؟
كل هذه نماذج لمواقف توصل رسالة تسعدنا جدا كأطفال. تسعدنا كثيرا لأنها تقول " أنت محبوب ولك قيمة".
بالمقابل قد يذكر البعض بعض المواقف المؤلمة التي ما تزال حية في ذاكرته مع أنه الآن أب أو أم. وهذا لأنها تحمل رسالة مفادها : "لا قيمة لك ، أنت لاشيء". طبعا هذا لا يمنع من أن رسائل إيجابية وسلبية ستصل للفرد طوال طفولته ومراهقته من الوالدين؛ ولكن المحك المهم هو الأكثر والأعم.
لذا يجب منح الحب والتقدير؛ وقد قيل: "أعط ابنك الحب داخل البيت، وإلا بحث عنه خارجه وبأي ثمن"؛ كما يمكن القول أن : "كثيراً من الدلال قد يؤثر سلبا، لكن قليل من الحرمان سيكون سلبيا".
ومن العلامات المهمة على العلاقة الجيدة بين الوالدين والأبناء (وفي الواقع هي علامة هامة في كل العلاقات الإنسانية) أن تكون العلاقة مبنية على "الاحترام والحياء" وليس "الخوف من العقاب".
كلما كان الفرد يقول: "لن أفعل ذلك حياء أكثر منه خوفا"؛ كلما دل على علاقة ناضجة قائمة على الحب والاحترام العميقين. وعلاقة الحياء علاقة راقية ناضجة حتى في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى.
3) تقبل الأبناء في قوتهم وضعفهم انفعاليا ومعرفيا :
تقبل الأبناء معرفيا أن تناقش ، وتسمع للآراء. وهذه طريقة جيدة لتعلم الحوار مع الآخر وعدم إقصائه. كما تعلم الانفتاح والمرونة وعدم القطعية في الرأي ، وتعلم تحمل المسؤولية بعد الاختيار. علما أن المسؤولية يجب أن تعطى لأبناء على قدر وعيهم بها ووعيهم بنتائج الأفعال.
أما التقبل الانفعالي فقد تحدثنا عنه في النقطة السالفة وسنكرره كثيرا لأهميته.
أما التقبل بغض النظر عن الصفات فيشير إلى رفض بعض الآباء والأمهات بعض الأبناء لأنهم ليسوا وفق الصورة التي يريدونها وبشكل خاص في الصفات والأداء الأكاديمي. ويبدأ الوالدان في المقارنة والضغط على الابن لأنهم يريدونه وفق الصورة التي يريدونها؛ وإذا لم يفعل تصله الرسائل صريحة أو ضمنية مفادها "لا قيمة لك عندنا".
بعض الآباء والأمهات يريد أبناء بمواصفات معينة لاسيما إذا كان من الشخصيات الناجحة أو التي يظن أن المجتمع يتوقع منه ومن أولاده سلوكا معينا.
من أبشع الأمور هذا التقبل المشروط ، والتعامل مع الأبناء وكأنهم "سلعة" قيمتها فيما تضيف إلينا من قيمة اجتماعية.
من يحب أبناءه يحب فيهم نقاط الضعف قبل القوة ويحنو عليهم ويعلم أن كل فرد له خصوصيته وتفرده وقيمته وليس بالضرورة أن يصب في قالب يتصوره أو صنعه الآباء والأمهات.
وهذا لا يعني عدم التوجيه والنصح وإثارة الدافعية ، ولكن لا تكون بمقايضة الحب والتقبل بشروط توفر مواصفات ما. أو بمعنى آخر، تقبل الشخص ولكن لا تتقبل سلوكه الخاطئ بحيث يشعر بحبك مع عدم رضاك عن سلوكه غير المرغوب.
ما يمكن ذكره على عجالة أن أي علاقة (بين المدرس وطلابه، وبين الرئيس ومرؤوسيه وبين الزوجين وبين الجيران ...الخ) تتسم بهذه الصفة (تقبل الشخص مع عدم تقبل سلوكه الخاطئ) فإن العلاقة تصبح مؤثرة وحقيقية. وقد يذكر بعضنا بعض المدرسين بالخير الكثير والامتنان والسبب العلاقة الإنسانية علاقة التقبل والحب وليس تصيد الأخطاء والتسلط.
عدم التقبل وعدم إعطاء الحب يؤثر على "تقدير الذات".
وتقدير الذات- إذا أردنا التشبيه- مثله مثل أي مكون في الجسم يجب أن يتوفر على الأقل في حدود معينة ، فإذا هبط عن ذلك الحد فنحن أمام وضع خطير.
تخيل لو عملت تحليلا ووجدت نقصاً في كريات الدم البيضاء أو الحديد وغيره.
هبوط تقدير الذات مثل ذلك .. فهو مشكلة حقيقية تعني : الاكتئاب والمحاولات غير الواعية لرفعه ولو بإتيان سلوك أخرق (مثل التفحيط) .. وقد تصل بك إلى الانتحار سواء المباشر وإن كان قليلاً أو غير المباشر وهو الغالب.
إن الحب والتقدير هو "اللقاح" النفسي ضد كثير من الاضطرابات النفسية إن لم يوجد استعداد وراثي؛ فاحرص على أن تعطيه لأبنائك.
4) يجب مراعاة الفروق الفردية : فكل أبن قد يختلف عن أخيه أو أخته. هذه الفروق الفردية سنة كونية لابد من تقبلها. وهي فروق فردية في كل شيء من الجسم إلى الشخصية إلى القدرات.
بالتالي يجب عدم لوم الأبناء على صفات وراثية مثل الذكاء. فقد يكون أحد الأبناء ذكيا والآخر أقل منه ، وتطالب الأخوين أن يكون أداؤهم الدراسي واحداً.
والمضحك المبكي أننا نجد حالات كثيرة يلوم فيها الوالد أو الوالدة الابن على قدراته .. ولك أن تتخيل شخصا يلوم شخصا آخر ويعاقبه بشده لأنه قصير !!!
وهنا يجب أن نفرق بين الدافعية والقدرات في مثالنا هذا. فمشكلة بعض الأبناء في الدافعية حيث لا يبذل مجهودا كافيا هو قادر عليه ، بينما نجد آخر يبذل كل المجهود لكن .. هذه قدراته !!
في الحالة الأولى : المشكلة في الدافعية التي نستطيع إثارتها بالتعزيز أيا كان نوعه ، لكن في الحالة الثانية لا نستطيع إلا تقبله مع تشجيعه مع عدم الضغط ، أو حتى تكرار "هذه قدراتك"؛ العكس تماما نسعى إلى إيصال رسالة أنه جيد ويمكنه فعل المزيد ولكننا نحبه مهما أتى منه.
5) وكامتداد للنقطة السالف، يجب الوعي بأن التربية والتنشئة هي تفعيل إمكانات وليست خلق إمكانات. بمعنى أ،ه لا يمكن جعل الفرد عبقريا مهما كانت التربية إذا كان ذكاءه عاديا. لكن هدف التربية هي الوصول بإمكاناته لأقصى حدٍ مع صحة نفسية جيدة.
هذه قد تفوت كثيراً من الآباء لأنه يعتقد أنه إذا ما وفر مناخا جيدا ؛ فإن الابن سيصبح معجزة زمانه.
أحد الأصدقاء يسأل عن الرأي حول وضع ابنه في أحد المدارس الخاصة المرتفعة التكاليف جدا لدرجة خيالية معتقدا أن ابنه سيكون ذا شأن إذا ما درس في هذه المدرسة.
جوابي كان: "إمكانات ابنك لن تتغير سواء في هذه المدرسة أو غيرها ؛ المهم وضعه في مكان يسمح لإمكاناته أن تفعل". لذا حاول التعرف على نقاط القوة لدى أبنائك وحافظ عليها وادعمها ، واكتشف نقاط الضعف لديهم وحاول تقويتها مع توعيتهم بها حسب عمرهم وإمكانية استيعابهم.
6) استخدم التعزيز الإيجابي : لاحظ أحد علماء النفس أن التربية بشكل عام تقوم على "التعزيز السلبي"و "العقاب". بمعنى أن الطفل يعاقب بالحرمان أو إيقاع الألم عليه إذا لم يسلك السلوك المرغوب من وجهة نظر الوالدين. لكن في حالة السلوك المرغوب فإنه لا يكافأ ماديا أو معنويا.
ولو التفتنا حولنا لوجدنا أن هذه الملاحظة صادقة بدرجة كبيرة وكأن الطفل يجب أن يفعل السلوك المرغوب دون أي مكافأة ، ولكن حين الخطأ يعاقب بشدة. هذا خطأ منتشر بشكل كبير، فالتعزيز الإيجابي أكثر فعالية من العقاب إذا تم بطريقة جيدة.
ثم إن التعزيز الإيجابي من شأنه إيصال الرسائل التي تحدثنا عنها وهي رسائل الحب والتقدير والاحترام.
7) من الأمور الخطيرة في التنشئة : تبادل الأدوار بين الوالدين والأبناء : إن التربية والتنشئة مهمة يقوم بها الوالدان ، لذا يجب أن تكون الخيوط أو التحكم والتوجيه بيديهما لا بيد الأبناء خصوصا في الصغر.
في بعض الأسر تجد أن الوالدين قد وقعا في فخ "دائرية التعزيز" أو "التعزيز التبادلي" (ارجع للسلوك الإجرائي في هذا الكتاب) بحيث أصبح الوالدان يفعلان أي شيء تجنبا للمشاكل مع الابن ؛ بالتالي : بدلاً من أن يكون سلوك الأبناء نتاجاً لتوجيه وتعزيز الوالدين يصبح العكس. لذا قد تسمع في بعض الأسر من يقول : "نحن نفعل للولد ذلك لكي نتقي شره ولا يدخلنا في مشاكل"، أو "اضطررنا أن نفعل له ذلك لكي يذهب للمدرسة أو الجامعة ، فقد قال: لن أذهب حتى تلبوا لي هذا المطلب".
ابتزاز الأبناء للوالدين وخوف الوالدين منهم ، وبالتالي فقد السيطرة والتحكم في العلاقة من أسوأ الأمور التي تحصل في أي أسرة.
لذا يجب أن يكون الوالدان حازمان منذ البداية في أول موقف فيه فقد للسيطرة وحقوق الوالدين حتى لا ينزلقا في إلى وضع يكون دورهم فيه الاستجابة والانصياع للأبناء غير الواعين الذين تسيطر عليهم مطالب مراحل عمرية معينة مع تواضع الخبرات.
1) ختاما : الاستعانة بالخبراء في المجال (الأخصائي النفسي والطبيب النفسي) في حالة مواجهة مشكلة أو استمرار سلوك غير مرغوب. فقد يكون ما يواجهه الوالدان اضطرابا وسلوكا غير سوي وليس سلوكا متعلما.
أغلب الناس يعتقدون أن كل سلوك يسلكه الفرد إنما هو نابع من إرادة حرة. وهذا الاعتقاد فيه الكثير من الخلط الذي يقود لكثير من المضاعفات والتعقيدات.
على سبيل المثال قد يكون لديك ابن كثير الحركة بحيث لا يستقر في مكان ، وبعد أن كبر ودخل المدرسة لاحظت عليه الضعف الدراسي ، ومهما عاقبته فإن ذلك لا يؤدي إلى نتيجة ، هذا عدا بعض المشاكل المصاحبة مثل : المزاجية ، وعدم تحمل تأجيل الرغبات ، والملل ، والفوضوية ، وعدم الترتيب والنسيان ، وفقد الممتلكات الخاصة ، والإهمال. هذا الطفل عادة يرسب كثيراً وقد لا يكمل حتى الثانوية.
هذه مظاهر تنتشر بين الذكور كثيرا مقارنة بالإناث. عادة ما يوصف من لديه هذه المظاهر بأنه "كسول" أو "بارد" أو خامل" أو غير متربي" أو لامبال" أو "أهبل وغبي" وغير ذلك.
مالا يعلمه الكثير من الأسر هو أن هذا اضطراب وبحاجة للعلاج؛ وأن الأسرة لو استمرت دهورا لما استطاعت أن تغير شيئاً في سلوكه بل ستزيده سوءاً.
يطلق على هذا الاضطراب "عجز الانتباه والنشاط الزائد". وهذا الاضطراب ينتشر بين الذكور أكثر من الإناث بنسب كبيرة جدا وقد يصل بين الذكور إلى 9%.
أعراض هذا الاضطراب متعددة ويوجد بعض الاختلافات من حالة لأخرى. من المظاهر المنتشرة في الطفولة نشاط زائد بدون هدف. فتجد الطفل يتحرك من مكان إلى مكان وينتقل من نشاط إلى آخر دون كلل أو تعب ويوصف عادة بأنه طفل "شيطاني وعفريت". كما يلاحظ أنه لا يشده أي نشاط به تركيز مثل مشاهدة التلفزيون إلا قليلا عندما يكون هنالك شيء ممتع جدا. وهذا النشاط لا يتناسب مع المرحلة العمرية في الصغر وذلك لأن من طبيعة الأطفال الحركة والنشاط مقارنة بمن هم أكبر منهم سنا؛ ولكن المقارنة تكمن بين الأطفال في نفس العمر الزمني. هذا الاضطراب قد يختفي مع العمر وقد يستمر طوال العمر في كثير من الحالات. وفي الحالات التي يستمر فيها الاضطراب نجد أنه مع تقدم العمر يختفي تقريبا أو تتغير مظاهر النشاط الزائد و لا يبقى سوى مشاكل الانتباه أو التركيز. وفي الواقع أن النشاط الزائد يخبو مع العمر ولكن يلاحظ في الفرد التململ والملل من الجلسة ولو لفترات بسيطة ويظهر ذلك في حركات اليدين أو القدمين وهزهم والالتفات كثيراً.
فيما يخص الانتباه أو التركيز؛ فإنه مشكلة كبيرة تؤثر على جميع الأنشطة. لو سألت أحد الأفراد الذين لديهم الاضطراب عن مشكلة التركيز لقال لك: "لا أستطيع التركيز ولو لفترت قصيرة ، وأجاهد مع ألم لا يطاق لكي أركز ولا أستطيع ؛ لذا أترك أي شيء يطلب مني التركيز فيه وان كان شديد الأهمية مثل الدراسة". بالإضافة لذلك، فهنالك مظاهر كثيرة لهذا الاضطراب تتواجد بنسب مختلفة من حالة لأخرى. من ذلك، المماطلة وتأجيل الواجبات والأعمال، والفوضوية وعدم الترتيب، والسرحان وأحلام اليقظة المفرطة والنسيان وأحيانا : التعرض للحوادث المنزلية وغير المنزلية. وعادة لا ينظر لهذه المظاهر والأعراض -ولو لبرهة- على أنها غير سوية من قبل الوالدين والمدرسين. لذا تجد الأسرة تضغط على الطفل والمراهق بشكل كبير متهمة إياه بالكسل واللامبالاة. وفي حالة الأطفال يتم الضرب المبرح. ويأتي الضغط من المدرسة وبشكل كبير ليتفاعل ويزيد من ضغوط الأسرة. هذه الضغوط تقود لمشاكل كثيرة في البيت والمدرسة تؤدي لتدهور تقدير الذات وتعقيدات أكبر مثل الجنح والإدمان. والملاحظ في التنشئة أن هنالك الكثير من المشاكل البسيطة التي تضخم بسبب تعامل الوالدين؛ أو بمعنى آخر طريقة التعامل تعقد المشكلة فيصبح نتاج التعامل أسوأ من المشكلة الأصلية. وربما شاهدت بعض الأسر التي تدفع الأبناء دراسيا بشكل مبالغ به فتكون النتائج عكسية. وكثير من الوالدين يتحركون بين الكحل والعمى بشكل غير مدروس حتى يصل بعضهم للأخير. لذا استشر الخبراء في حالة استمرار مشكلة ما دون حل ، ولا تذهب أو تسأل من هو جاهل بهذه الأمور فلكل مجال وميدان فرسانه.
وامتداد للنقطة السالفة يفضل أن يقرأ الوالدان من وقت لآخر بعض الكتب عن التنشئة أو مشاهدة برامج معينة ، وأن لا ينطبق علينا وصف أحد أصدقائنا الظرفاء معلقا على الإهمال في هذه النقطة: "لو أردنا تربية نحل أو كتاكيت أو ماعز لأطلعنا وسألنا وتصفحنا الإنترنت ، ولكن عندما نصل لأطفالنا نأخذ التربية على أنها أبسط الأمور".
الطريف الملاحظ أننا نربي أبناءنا بنفس الطريقة التي تم تربيتنا بها ما لم نتعلم طرقا أخرى من خلال الاطلاع أو مصاحبه أناس واكتساب بعض سلوكياتهم في التربية أو السفر...الخ.
علق أحد الأصدقاء على هذه النقطة تعليقا جميلا بقوله: " عندما بدأت في التعامل مع أبني البكر لعبا وتأديبا لاحظت أني أستخدم كلمات غريبة تذكرت بعدها أنها نفس الكلمات التي كانت تقال لي وأنا صغير مع العلم أني لم استخدمها ولم تستخدم أمامي طوال سنوات مديدة جدا". ولقد رددت عليه في حينه قائلاً : "ولو أنك حينما كانت تتحدث مع ابنك نظرت أو وقع نظرك على مرآة وشاهدت وجهك لرأيت العجب ، لأنك ستشاهد على وجهك تعابير صاحب الألفاظ إما والدك أو والدتك أو من رباك بأي حال. والسبب أنك تأخذ الكلمات بكل تعابيرها".
موضوع التنشئة الأسرية موضوع طويل ، ولكنا حاولنا التركيز على أهم النقاط مع الإشارة إلى أن الجزء الآخر الذي طالما يغفل لاسيما في وسائل الإعلام هو موضوع "الوراثة".
هنالك أسر يمكن أن تعتبر تربيتها نموذجية ومع هذا ترى مشاكل معينة في أحد الأبناء (مثل مشكلة عجز الانتباه والنشاط الزائد .. وغيرها كثير)؛ وهذا لا يعني قصورا في التربية ولكن الفرد يأتي مزودا وراثيا باستعدادات عديدة تتعلق بالقدرات والاضطرابات وهي في مثل هذا مثل كثير من الأمراض الجسمية التي قد يكون للبيئة دور فيها ولكن الوراثة حاسمة بشكل كبير (فمرض السكر نتاج طريقة حياة من نظام غذاء وخمول مع استعداد وراثي).
وبشكل عام يمكن أن نجمل أهم النصائح في التنشئة بقولنا : امنح الحب والاحترام والدفء (العلاقة الإنسانية الحقيقية وليست علاقة التسلط) مع التوجيه والرقابة ، وما تزرعه ستحصده بعد مشيئة الرحمن.


(المقال منقول – بإذن المؤلف - من كتابه " علم النفس في حياتنا اليومية " )









عنــــاد الأطفال
الرهاب المدرسي ومخاوف الأطفال
الطفل الخجول
المراهقة .. محاولة للفهم
اللعب وأهميته التربوية في مرحلة الطفولة المبكرة




اضطراب قصور الانتباه-النشاط الزائد
اساسيات تاديب الاطفال
العادة السرية لدى الأطفال ما قبل المدرسة
السيطرة على شجار الإخوة
كيفية تجنب تدليل الطفل




















جميع الحقوق محفوظة 2006 - عدد الزوار 914911
عطر الزمن
عطر الزمن
Lily3 Lily3 :
نسخت الموضوع هنا ...الموضوع طويل ولكنه يستحق القراءة: د.عبدالله الرويتع . أستاذ مشارك في قسم علم النفس – جامعة الملك سعود لعل من أهم المسؤوليات والصعوبات التي تواجه الإنسان قضية الأبناء وتربيتهم. من النادر أن تقابل أبا أو أما لا يشتكي أحدهم من الأبناء وتربيتهم ؛ سواء كان ما يشتكى منه مشكلة كبيرة أو صغيرة. وهذه سنة الحياة ، دين مُستَحق يدفعه كل جيل للجيل الذي يليه. وهي مهمة صعبة لأنه من خلالها يتم غرس القيم والمثل الدينية والأخلاقية والمعايير الأدائية وأهداف الحياة. لذا فتربية الأبناء لا تعني كساء وإطعام الأبناء بل المهمة الصعبة هي غرس القيم والمعايير التي يجب أن تقوم بها الأسرة أو سيقوم بها أفراد أو جهات أو أجهزة (وسائل إعلام) خارج الأسرة. كما أن الطفل يحتاج للحب والتقدير حاجته للحليب الذي يرضعه والطعام الذي يتناوله. وهذه الجملة ليست وصفا أدبيا مبالغا فيه بل حقيقة فعلية. بل قد نذهب إلى أن بيتاً يقدم الحب والتقبل بشكل متوازن ؛ ويقدم المعايير والقيم بشكل عقلاني ومتسامح مع تواضع المشارب والمآكل والكساء أفضل من بيت يرى أن التربية والواجبات في المأكل والمشرب مع حرمانهم من الحب وغرس القيم. عموما : يلاحظ أن كثيراً من المشاكل التي يعاني منها الآباء والأمهات لا تعدو أن تكون نتاج تربيتهم وتعاملهم مع الآباء ، وجهلهم بطرق التعامل الصحيح ، ومطالب النمو ، والفروق الفردية (هذ إذا استبعدنا الاستعداد الوراثي). وطريقة التربية والتعامل مع الأبناء لا تخرج عن عدة طرق نلاحظها حولنا. هذه الطرق تسمى عوامل "التنشئة الأسرية". وتتواجد عوامل التنشئة بشكل مختلف من أسرة لأخرى. كما أن هذه العوامل تتضمن عوامل أو طرقاً سلبية وأخرى إيجابية. وكلما كان نصيب الأسرة من العوامل السلبية كبيرا كان بالإمكان وصف هذه الأسرة بأنها: "أسرة غير صحية نفسيا" ؛ والعكس صحيح. فالأسرة مثل الفرد على مستوى جسدي ، ونحن نقول : صحة فلان ليست جيدة بينما فلان الآخر يتمتع بصحة نفسية جيدة. والأسر قد تكون بيئة تربية جيدة ، من خلالها يجد الفرد الاحترام والحب وإشباع الحاجات عبر علاقات ناضجة متوازنة مع الوالدين والأخوة ؛ أو قد تكون بيئة غير صحية يفتقد الفرد فيها إلى الاحترام (وقبل كل شيء احترام وتقدير ذاته) والحب ، وتكون العلاقة مع الوالدين والاخوة علاقة صراع ومشاحنة ، وقد تصل حد الكره. وقد تتضح صفات الأسرة الجيدة وغير الجيدة من خلال استعراض عوامل التنشئة الأسرية ؛ وهي كالتالي: 1- القسوة : وتعني : التعامل مع الأبناء بقسوة سواء كانت جسدية أو نفسية. والإيذاء الجسدي يأخذ عدة أشكال من الضرب والإيلام الجسدي ، ويوجد هذا النوع عند أسر عديدة ، بل وقد يكون أسلوب التعامل الوحيد. ويصل الإيذاء إلى التهكم ، والسخرية ، والحط من قدر الفرد ، والوصف المقذع سواء في حضور الآخرين أو عدمه. ونحن نعلم أن في بيئتنا كثيراً من الأوصاف والكلمات التي يستخدمها بعض الآباء والأمهات في التعامل القاسي مع الأبناء. ويجب التنويه إلى أن هذا الأسلوب وصف بأنه "قاس" لأنه يفرط في استخدام هذه الأساليب وقد تكون الخيار الأول والوحيد ، ظناً من الوالدين أنهم بهذا الأسلوب أقدر على ضبط أبنائهم ، مع أن هذا غير صحيح ، ويمكن ضبط السلوك بأساليب أخرى. فالطفل الذي يوسخ ثيابه أو لا يعمل واجبه أو يضرب أخاه ، والمراهق الذي يتأخر ليلا ، وغير ذلك من السلوكيات قد يعاقب بحرمانه من أمور يستمتع بها بدلا من الضرب. والحرمان يوجه للسلوك وليس للفرد كما سنرى لاحقا وبشكل منضبط لكي يكون مؤثرا. 2- التسلط والسيطرة : وهذا الأسلوب يشير إلى التعامل الذي يتصف بوضع قواعد صارمة تتصف بالضبط الشديد ، وفرض الرأي ، مع استخدام التهديد والعقاب المفرط. هذا التسلط قد يطال أي شيء حتى الطموح والتوجه الأكاديمي. فقد يفرض من الوالدين خصوصا الأب الذي قد يحاول تحقيق أحلامه في الأبناء دون أخذ رغباتهم بعين الاعتبار. عندما تطلب من الأبناء الالتزام بقواعد محددة وكأنهم في "سجن" وليس أسرة؛ فإن هذا الأسلوب هو التسلط والسيطرة. وقد يُرَى في بعض الأسر بشكل واضح ومسيطر وفي البعض الآخر أقل وربما بشكل باهت. وبصورة عامة : تجد من يتربى في أسرة يغلب عليها هذا الأسلوب : الإحساس بالدونية والذنب والخضوع للآخرين ، وأحيانا التصادم مع الآخرين خصوصا من يمثل سلطة (مدرس مدير في العمل ...الخ). 3- عدم التقبل والنبذ : وهنا يرى عدم تقبل الوالدين للابن (ذكرا أو أنثى) وعدم رغبتهم فيه ، وعدم حبهم له ولما يقول أو يفعل ، وتصل رسائل مباشرة أو غير مباشرة مفادها في حالة النبذ "لست محبوبا ولا مرغوبا فيك ". ويظهر ذلك في تصيد الأخطاء وتضخيمها والتعامل بقسوة ، والحرمان العاطفي. وعدم التقبل قد يأخذ شكلا آخر يطلق عليه "التقبل المشروط" حيث لا يعطى الطفل الحب والاهتمام والرضى إلا إذا سلك وفق ما يرغبه الوالدان. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن التقبل المشروط من أكثر الأساليب انتشارا وأخطرها وأكثرها تخفيا ؛ حيث لا يصرح بشروط التقبل ولكنها ضمنية. على سبيل المثال نرى الكثير من الأسر لا تمنح الاهتمام والحب (في صورة لفظية مباشرة أو بلغة الجسد مثل ابتسامة أو نظرة) إلا في حالة سلوك الأبناء وفق ما يراه الوالدان. مع التقبل المشروط تصبح العلاقة كأنها "مقايضة" نصها : "تصرف كيفما نريد وإلا سننبذك ونحرمك". طبعا هذا لا يعني عدم تعديل السلوك ولكن بطريقة لا تمس تقدير الذات كما سنناقش لاحقا في النصائح حول التنشئة الأسرية. 1- المقارنة : هذا الأسلوب يعتمد على مقارنة الابن بغيره لغرض الحط من شأنه في حالة عدم تقبل سلوكه أو أدائه في أي عمل مثل الدراسة. في هذا الأسلوب نسمع كثيرا" انظر لأبن عمك الذي في عمرك أو أصغر منك كيف يتصرف" أو "انظري لفلانه بنت فلان كيف مستواها الدراسي أو كيف تتصرف". هذا الأسلوب يستخدم كثيرا (حسب ملاحظاتي الشخصية) في البيئة المحلية لإثارة الدافعية. طبعا يعتبر هذا الأسلوب - كالأساليب السالفة- من الأساليب السلبية التي تؤثر على الصحة النفسية للطفل. 5- التفرقة : ويقصد به التفرقة بين الأبناء. وقد تكون التفرقة مبنية على الجنس (ذكور وإناث)، أو العمر أو التفوق الدراسي أو أي سبب قد لا يعلمه الوالدان ولا يستطيعان إعطاء سبب واضح ومقنع. وقد تكون التفرقة واضحة أو باهتة ، لكن الملاحظ أن التفرقة بين الجنسين موجودة بدرجة أو أخرى في مجتمعنا ، وقد تكون الآن أقل من قبل (حسب ملاحظاتي الشخصية فقط). ما يجب ذكره هنا أن التفرقة هي الأرض الخصبة لنمو الكراهية بين الإخوة مع ما يرافق ذلك من الإحباط والعدوانية الموجهة للوالدين. 6- الإهمال والتساهل : المقصود بهذا ترك الأبناء دون اهتمام ورعاية وتوجيه وتشجيع وتقدير وحب ومتابعة. قد نجد بعض الآباء والأمهات -لاسيما في حالة تواضع المستوى التعليمي للوالدين- يتصورن التربية والرعاية على مستوى المآكل والمشرب فقط كما أسلفنا. الإهمال يعني التعامل مع الأبناء وكأنهم شيء مهمل لا قيمة له ، ويصل هذا التصور إلى الأطفال فيكون تأثيره سيئا جدا. بعض الآباء والأمهات يعتقد أن التربية الجيدة هي : عدم استعمال العنف والقسوة والتفرقة مع الأطفال ، ويفوتهم أن التربية الجيدة لا تعني عدم التجويع فقط بل إعطاء غذاء جيد نافع (الاهتمام والحب والرعاية) حتى لا يكون هنالك "أنيميا نفسية" إذا صح التعبير. 2- الحماية الزائدة والتدليل : يتضح الأسلوب في : تحمل مسؤولية الأبناء والمبالغة في حمايتهم وتلبية المطالب حتى مع عدم عمل الواجبات ، بالتالي، فإن الأبناء ينتظرون من الوالدين التدخل في كل صغيرة وكبيرة وتحملها وعملها ، وتلبية احتياجات الأبناء غير الضرورية والتي هي في الواقع ليست احتياجات ، مع عدم كفهم في حالة تجاوز القيم والمعايير. ويلاحظ أن هناك أسباباً عديدة وراء هذه الحماية والتدليل منها : قلق الوالدين الذين يخافون على الأبناء لدرجة تتبعهم في كل الأمور وتوفير الحماية لهم (لدرجة استذكار الدروس لهم)، أو ضعف شخصية الوالدين وتحول القيادة والمبادرة منهم إلى الأبناء فنصبح أمام والدين يتحكم بهم الأبناء. نتاج هذا الأسلوب : أشخاص أنانيون يتحدون السلطة مع عدم الاكتراث وعدم تحمل المسؤولية. كما يوصفون بالثقة بالنفس بشكل غير طبيعي؛ مع مطالبة الآخرين أن يعاملوهم بنفس الطريقة التي كان يعاملهم بها الوالدان. ولا يقال هذا بشكل مباشر ولكن يعرف من خلال الاعتمادية والأنانية. هذا الأسلوب هو عكس الأساليب السالفة لأن المشكلة هي الإفراط في جانب آخر. الأساليب السالفة تمثل بعض الأساليب السلبية في التنشئة الأسرية؛ أما الأساليب الإيجابية فعديدة أيضا ، ولعل من أهمها : 1- الديموقراطية : يشير هذا الأسلوب إلى الطريقة التي فيها يتعامل الوالدان مع الأبناء بطريقة يتجسد فيها الإقناع عن طريق الحوار ، والنقاش ، والتوجيه بهدوء ، مع التشجيع و الثناء والاحترام وتحمل المسؤولية. ويعتبر هذا الأسلوب من أهم الأساليب الإيجابية في التنشئة والتي تسهم في بناء علاقة إيجابية بين الوالدين والأبناء يتم من خلالها امتصاص المعايير والقيم الوالدية بهدوء وتقبل. 2- التقبل : ويظهر هذا في مجموعة من السلوكيات مضمونها "أنت محبوب ومرغوب فيه، ولك قيمة لدينا كبيرة". ويظهر هذا الأسلوب في الاهتمام بالأبناء ، وتلبية مطالبهم ، ورعايتهم ، وإشباع حاجتهم للحب والاحترام وتقدير الذات. وكما سلف : يجب أن يكون التقبل بدون شروط أو مقايضة ؛ لأن بعض الآباء والأمهات قد يحرم الطفل من الرعاية والحب لأنه لم ينفذ له مطلبا أو لم يسلك وفق ما يريد أو من خلال إيصال رسالة مفادها "لن نحبك ونرضى عنك إلا إذا كنت متفوقا أو مرتبا...الخ". الجدير بالذكر أن التوجيه ضروري من خلال نقد السلوك ولكن ليس بالمساومة حول الحب والتقدير. والتقبل لا يعني تقبل السلوك الخاطئ ولكن نتقبل الفرد مع عدم تقبل سلوكه. قارن بين التوجيهين التاليين : لو ارتكب الطفل خطأ ما فقالت الأم "أنت إنسان سيئ؛ أنت غبي وحيوان" . بينما تقول أم أخرى "هذا سلوك خاطئ ويجب أن لا تعمله والسبب...". الأم الأولى تصف الفرد وليس السلوك ، وبالتالي فهي لا تتقبل الفرد ، أما الأم الأخرى فإنها تركز على السلوك ، وهي تقول ضمنيا "أنت محبوب ومقدر وجيد ولكن هذا السلوك غير جيد وتستطيع تغييره وهذا ما أنتظره منك". ختاما : الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة لكل أب وأم أن الطفل يستمد تقديره ومفهومه عن نفسه (أنه جيد أو غير جيد) من خلال أوصاف الوالدين وتعاملهم. لذا فإنه كلما سمع أنه "سيئ" ويتم التعامل معه على هذا الأساس؛ فإن نظرة الطفل لنفسه ستكون أنه "سيئ" وتقديره لها سيكون سلبيا جدا. هذه من أهم عوامل التنشئة الأسرية. ويجب ملاحظة أن هنالك عوامل أخرى في الجانب السلبي والإيجابي. ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه العوامل تتداخل فيما بينها بحيث يوجد كثير من العوامل في الأسرة الواحدة . ولعل التساؤل المطروح هو: هل يوجد توجيهات عامة من شأنها أن تساعد وتجنب الأسرة الكثير من المتاعب؟ بالطبع يوجد بعض التوجيهات العامة والمهمة جداً ، والتي برغم من بساطتها تؤثر بشكل كبير؛ وتجنب الأسرة سواء الوالدين أو الأبناء كثيراً من المشاكل والتعقيدات. من أهم تلك التوجيهات ما يلي : 1) يجب الوعي أن التنشئة والتعامل مع الأبناء ليست أمرا هينا كما أنها ليست كابوسا مزعجا لا يتحمل. ولكنها ليست تحصيل حاصل ، وليست نزهة سعيدة. إن التربية -كما أسلفنا- دين يدفعه كل جيل للجيل الذي يليه وثمن بسيط لنعمة عظيمة وهي الأبناء. 2) يجب الوعي أن التربية والتنشئة ليست مأكلاً أو مشربا وكساء فقط. إنها حب وتقدير واحترام مع توجيه وزرع للقيم والمبادئ والتجارب والخبرات الحياتية التي قد توفر الكثير من الجهد والوقت ، وقد تنقذ الفرد من مزالق قد تطال حياته. ولعل أهم شيء يجب التركيز عليه هو إعطاء "الحب والتقدير". إننا كبشر ومنذ طفولتنا نريد رسائل من الوالدين بأننا كائنات محبوبة ولها قيمة. هل تذكر يوم أخذك والدك للمستشفى، ويوم ذهب معك للمدرسة-رغم مشاغله- للتحدث مع مدرس عنفك أو طفل آخر ضربك؟ وهل تذكر يوم حضنك وقبلك ومزح معك؟ كل هذه نماذج لمواقف توصل رسالة تسعدنا جدا كأطفال. تسعدنا كثيرا لأنها تقول " أنت محبوب ولك قيمة". بالمقابل قد يذكر البعض بعض المواقف المؤلمة التي ما تزال حية في ذاكرته مع أنه الآن أب أو أم. وهذا لأنها تحمل رسالة مفادها : "لا قيمة لك ، أنت لاشيء". طبعا هذا لا يمنع من أن رسائل إيجابية وسلبية ستصل للفرد طوال طفولته ومراهقته من الوالدين؛ ولكن المحك المهم هو الأكثر والأعم. لذا يجب منح الحب والتقدير؛ وقد قيل: "أعط ابنك الحب داخل البيت، وإلا بحث عنه خارجه وبأي ثمن"؛ كما يمكن القول أن : "كثيراً من الدلال قد يؤثر سلبا، لكن قليل من الحرمان سيكون سلبيا". ومن العلامات المهمة على العلاقة الجيدة بين الوالدين والأبناء (وفي الواقع هي علامة هامة في كل العلاقات الإنسانية) أن تكون العلاقة مبنية على "الاحترام والحياء" وليس "الخوف من العقاب". كلما كان الفرد يقول: "لن أفعل ذلك حياء أكثر منه خوفا"؛ كلما دل على علاقة ناضجة قائمة على الحب والاحترام العميقين. وعلاقة الحياء علاقة راقية ناضجة حتى في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى. 3) تقبل الأبناء في قوتهم وضعفهم انفعاليا ومعرفيا : تقبل الأبناء معرفيا أن تناقش ، وتسمع للآراء. وهذه طريقة جيدة لتعلم الحوار مع الآخر وعدم إقصائه. كما تعلم الانفتاح والمرونة وعدم القطعية في الرأي ، وتعلم تحمل المسؤولية بعد الاختيار. علما أن المسؤولية يجب أن تعطى لأبناء على قدر وعيهم بها ووعيهم بنتائج الأفعال. أما التقبل الانفعالي فقد تحدثنا عنه في النقطة السالفة وسنكرره كثيرا لأهميته. أما التقبل بغض النظر عن الصفات فيشير إلى رفض بعض الآباء والأمهات بعض الأبناء لأنهم ليسوا وفق الصورة التي يريدونها وبشكل خاص في الصفات والأداء الأكاديمي. ويبدأ الوالدان في المقارنة والضغط على الابن لأنهم يريدونه وفق الصورة التي يريدونها؛ وإذا لم يفعل تصله الرسائل صريحة أو ضمنية مفادها "لا قيمة لك عندنا". بعض الآباء والأمهات يريد أبناء بمواصفات معينة لاسيما إذا كان من الشخصيات الناجحة أو التي يظن أن المجتمع يتوقع منه ومن أولاده سلوكا معينا. من أبشع الأمور هذا التقبل المشروط ، والتعامل مع الأبناء وكأنهم "سلعة" قيمتها فيما تضيف إلينا من قيمة اجتماعية. من يحب أبناءه يحب فيهم نقاط الضعف قبل القوة ويحنو عليهم ويعلم أن كل فرد له خصوصيته وتفرده وقيمته وليس بالضرورة أن يصب في قالب يتصوره أو صنعه الآباء والأمهات. وهذا لا يعني عدم التوجيه والنصح وإثارة الدافعية ، ولكن لا تكون بمقايضة الحب والتقبل بشروط توفر مواصفات ما. أو بمعنى آخر، تقبل الشخص ولكن لا تتقبل سلوكه الخاطئ بحيث يشعر بحبك مع عدم رضاك عن سلوكه غير المرغوب. ما يمكن ذكره على عجالة أن أي علاقة (بين المدرس وطلابه، وبين الرئيس ومرؤوسيه وبين الزوجين وبين الجيران ...الخ) تتسم بهذه الصفة (تقبل الشخص مع عدم تقبل سلوكه الخاطئ) فإن العلاقة تصبح مؤثرة وحقيقية. وقد يذكر بعضنا بعض المدرسين بالخير الكثير والامتنان والسبب العلاقة الإنسانية علاقة التقبل والحب وليس تصيد الأخطاء والتسلط. عدم التقبل وعدم إعطاء الحب يؤثر على "تقدير الذات". وتقدير الذات- إذا أردنا التشبيه- مثله مثل أي مكون في الجسم يجب أن يتوفر على الأقل في حدود معينة ، فإذا هبط عن ذلك الحد فنحن أمام وضع خطير. تخيل لو عملت تحليلا ووجدت نقصاً في كريات الدم البيضاء أو الحديد وغيره. هبوط تقدير الذات مثل ذلك .. فهو مشكلة حقيقية تعني : الاكتئاب والمحاولات غير الواعية لرفعه ولو بإتيان سلوك أخرق (مثل التفحيط) .. وقد تصل بك إلى الانتحار سواء المباشر وإن كان قليلاً أو غير المباشر وهو الغالب. إن الحب والتقدير هو "اللقاح" النفسي ضد كثير من الاضطرابات النفسية إن لم يوجد استعداد وراثي؛ فاحرص على أن تعطيه لأبنائك. 4) يجب مراعاة الفروق الفردية : فكل أبن قد يختلف عن أخيه أو أخته. هذه الفروق الفردية سنة كونية لابد من تقبلها. وهي فروق فردية في كل شيء من الجسم إلى الشخصية إلى القدرات. بالتالي يجب عدم لوم الأبناء على صفات وراثية مثل الذكاء. فقد يكون أحد الأبناء ذكيا والآخر أقل منه ، وتطالب الأخوين أن يكون أداؤهم الدراسي واحداً. والمضحك المبكي أننا نجد حالات كثيرة يلوم فيها الوالد أو الوالدة الابن على قدراته .. ولك أن تتخيل شخصا يلوم شخصا آخر ويعاقبه بشده لأنه قصير !!! وهنا يجب أن نفرق بين الدافعية والقدرات في مثالنا هذا. فمشكلة بعض الأبناء في الدافعية حيث لا يبذل مجهودا كافيا هو قادر عليه ، بينما نجد آخر يبذل كل المجهود لكن .. هذه قدراته !! في الحالة الأولى : المشكلة في الدافعية التي نستطيع إثارتها بالتعزيز أيا كان نوعه ، لكن في الحالة الثانية لا نستطيع إلا تقبله مع تشجيعه مع عدم الضغط ، أو حتى تكرار "هذه قدراتك"؛ العكس تماما نسعى إلى إيصال رسالة أنه جيد ويمكنه فعل المزيد ولكننا نحبه مهما أتى منه. 5) وكامتداد للنقطة السالف، يجب الوعي بأن التربية والتنشئة هي تفعيل إمكانات وليست خلق إمكانات. بمعنى أ،ه لا يمكن جعل الفرد عبقريا مهما كانت التربية إذا كان ذكاءه عاديا. لكن هدف التربية هي الوصول بإمكاناته لأقصى حدٍ مع صحة نفسية جيدة. هذه قد تفوت كثيراً من الآباء لأنه يعتقد أنه إذا ما وفر مناخا جيدا ؛ فإن الابن سيصبح معجزة زمانه. أحد الأصدقاء يسأل عن الرأي حول وضع ابنه في أحد المدارس الخاصة المرتفعة التكاليف جدا لدرجة خيالية معتقدا أن ابنه سيكون ذا شأن إذا ما درس في هذه المدرسة. جوابي كان: "إمكانات ابنك لن تتغير سواء في هذه المدرسة أو غيرها ؛ المهم وضعه في مكان يسمح لإمكاناته أن تفعل". لذا حاول التعرف على نقاط القوة لدى أبنائك وحافظ عليها وادعمها ، واكتشف نقاط الضعف لديهم وحاول تقويتها مع توعيتهم بها حسب عمرهم وإمكانية استيعابهم. 6) استخدم التعزيز الإيجابي : لاحظ أحد علماء النفس أن التربية بشكل عام تقوم على "التعزيز السلبي"و "العقاب". بمعنى أن الطفل يعاقب بالحرمان أو إيقاع الألم عليه إذا لم يسلك السلوك المرغوب من وجهة نظر الوالدين. لكن في حالة السلوك المرغوب فإنه لا يكافأ ماديا أو معنويا. ولو التفتنا حولنا لوجدنا أن هذه الملاحظة صادقة بدرجة كبيرة وكأن الطفل يجب أن يفعل السلوك المرغوب دون أي مكافأة ، ولكن حين الخطأ يعاقب بشدة. هذا خطأ منتشر بشكل كبير، فالتعزيز الإيجابي أكثر فعالية من العقاب إذا تم بطريقة جيدة. ثم إن التعزيز الإيجابي من شأنه إيصال الرسائل التي تحدثنا عنها وهي رسائل الحب والتقدير والاحترام. 7) من الأمور الخطيرة في التنشئة : تبادل الأدوار بين الوالدين والأبناء : إن التربية والتنشئة مهمة يقوم بها الوالدان ، لذا يجب أن تكون الخيوط أو التحكم والتوجيه بيديهما لا بيد الأبناء خصوصا في الصغر. في بعض الأسر تجد أن الوالدين قد وقعا في فخ "دائرية التعزيز" أو "التعزيز التبادلي" (ارجع للسلوك الإجرائي في هذا الكتاب) بحيث أصبح الوالدان يفعلان أي شيء تجنبا للمشاكل مع الابن ؛ بالتالي : بدلاً من أن يكون سلوك الأبناء نتاجاً لتوجيه وتعزيز الوالدين يصبح العكس. لذا قد تسمع في بعض الأسر من يقول : "نحن نفعل للولد ذلك لكي نتقي شره ولا يدخلنا في مشاكل"، أو "اضطررنا أن نفعل له ذلك لكي يذهب للمدرسة أو الجامعة ، فقد قال: لن أذهب حتى تلبوا لي هذا المطلب". ابتزاز الأبناء للوالدين وخوف الوالدين منهم ، وبالتالي فقد السيطرة والتحكم في العلاقة من أسوأ الأمور التي تحصل في أي أسرة. لذا يجب أن يكون الوالدان حازمان منذ البداية في أول موقف فيه فقد للسيطرة وحقوق الوالدين حتى لا ينزلقا في إلى وضع يكون دورهم فيه الاستجابة والانصياع للأبناء غير الواعين الذين تسيطر عليهم مطالب مراحل عمرية معينة مع تواضع الخبرات. 1) ختاما : الاستعانة بالخبراء في المجال (الأخصائي النفسي والطبيب النفسي) في حالة مواجهة مشكلة أو استمرار سلوك غير مرغوب. فقد يكون ما يواجهه الوالدان اضطرابا وسلوكا غير سوي وليس سلوكا متعلما. أغلب الناس يعتقدون أن كل سلوك يسلكه الفرد إنما هو نابع من إرادة حرة. وهذا الاعتقاد فيه الكثير من الخلط الذي يقود لكثير من المضاعفات والتعقيدات. على سبيل المثال قد يكون لديك ابن كثير الحركة بحيث لا يستقر في مكان ، وبعد أن كبر ودخل المدرسة لاحظت عليه الضعف الدراسي ، ومهما عاقبته فإن ذلك لا يؤدي إلى نتيجة ، هذا عدا بعض المشاكل المصاحبة مثل : المزاجية ، وعدم تحمل تأجيل الرغبات ، والملل ، والفوضوية ، وعدم الترتيب والنسيان ، وفقد الممتلكات الخاصة ، والإهمال. هذا الطفل عادة يرسب كثيراً وقد لا يكمل حتى الثانوية. هذه مظاهر تنتشر بين الذكور كثيرا مقارنة بالإناث. عادة ما يوصف من لديه هذه المظاهر بأنه "كسول" أو "بارد" أو خامل" أو غير متربي" أو لامبال" أو "أهبل وغبي" وغير ذلك. مالا يعلمه الكثير من الأسر هو أن هذا اضطراب وبحاجة للعلاج؛ وأن الأسرة لو استمرت دهورا لما استطاعت أن تغير شيئاً في سلوكه بل ستزيده سوءاً. يطلق على هذا الاضطراب "عجز الانتباه والنشاط الزائد". وهذا الاضطراب ينتشر بين الذكور أكثر من الإناث بنسب كبيرة جدا وقد يصل بين الذكور إلى 9%. أعراض هذا الاضطراب متعددة ويوجد بعض الاختلافات من حالة لأخرى. من المظاهر المنتشرة في الطفولة نشاط زائد بدون هدف. فتجد الطفل يتحرك من مكان إلى مكان وينتقل من نشاط إلى آخر دون كلل أو تعب ويوصف عادة بأنه طفل "شيطاني وعفريت". كما يلاحظ أنه لا يشده أي نشاط به تركيز مثل مشاهدة التلفزيون إلا قليلا عندما يكون هنالك شيء ممتع جدا. وهذا النشاط لا يتناسب مع المرحلة العمرية في الصغر وذلك لأن من طبيعة الأطفال الحركة والنشاط مقارنة بمن هم أكبر منهم سنا؛ ولكن المقارنة تكمن بين الأطفال في نفس العمر الزمني. هذا الاضطراب قد يختفي مع العمر وقد يستمر طوال العمر في كثير من الحالات. وفي الحالات التي يستمر فيها الاضطراب نجد أنه مع تقدم العمر يختفي تقريبا أو تتغير مظاهر النشاط الزائد و لا يبقى سوى مشاكل الانتباه أو التركيز. وفي الواقع أن النشاط الزائد يخبو مع العمر ولكن يلاحظ في الفرد التململ والملل من الجلسة ولو لفترات بسيطة ويظهر ذلك في حركات اليدين أو القدمين وهزهم والالتفات كثيراً. فيما يخص الانتباه أو التركيز؛ فإنه مشكلة كبيرة تؤثر على جميع الأنشطة. لو سألت أحد الأفراد الذين لديهم الاضطراب عن مشكلة التركيز لقال لك: "لا أستطيع التركيز ولو لفترت قصيرة ، وأجاهد مع ألم لا يطاق لكي أركز ولا أستطيع ؛ لذا أترك أي شيء يطلب مني التركيز فيه وان كان شديد الأهمية مثل الدراسة". بالإضافة لذلك، فهنالك مظاهر كثيرة لهذا الاضطراب تتواجد بنسب مختلفة من حالة لأخرى. من ذلك، المماطلة وتأجيل الواجبات والأعمال، والفوضوية وعدم الترتيب، والسرحان وأحلام اليقظة المفرطة والنسيان وأحيانا : التعرض للحوادث المنزلية وغير المنزلية. وعادة لا ينظر لهذه المظاهر والأعراض -ولو لبرهة- على أنها غير سوية من قبل الوالدين والمدرسين. لذا تجد الأسرة تضغط على الطفل والمراهق بشكل كبير متهمة إياه بالكسل واللامبالاة. وفي حالة الأطفال يتم الضرب المبرح. ويأتي الضغط من المدرسة وبشكل كبير ليتفاعل ويزيد من ضغوط الأسرة. هذه الضغوط تقود لمشاكل كثيرة في البيت والمدرسة تؤدي لتدهور تقدير الذات وتعقيدات أكبر مثل الجنح والإدمان. والملاحظ في التنشئة أن هنالك الكثير من المشاكل البسيطة التي تضخم بسبب تعامل الوالدين؛ أو بمعنى آخر طريقة التعامل تعقد المشكلة فيصبح نتاج التعامل أسوأ من المشكلة الأصلية. وربما شاهدت بعض الأسر التي تدفع الأبناء دراسيا بشكل مبالغ به فتكون النتائج عكسية. وكثير من الوالدين يتحركون بين الكحل والعمى بشكل غير مدروس حتى يصل بعضهم للأخير. لذا استشر الخبراء في حالة استمرار مشكلة ما دون حل ، ولا تذهب أو تسأل من هو جاهل بهذه الأمور فلكل مجال وميدان فرسانه. وامتداد للنقطة السالفة يفضل أن يقرأ الوالدان من وقت لآخر بعض الكتب عن التنشئة أو مشاهدة برامج معينة ، وأن لا ينطبق علينا وصف أحد أصدقائنا الظرفاء معلقا على الإهمال في هذه النقطة: "لو أردنا تربية نحل أو كتاكيت أو ماعز لأطلعنا وسألنا وتصفحنا الإنترنت ، ولكن عندما نصل لأطفالنا نأخذ التربية على أنها أبسط الأمور". الطريف الملاحظ أننا نربي أبناءنا بنفس الطريقة التي تم تربيتنا بها ما لم نتعلم طرقا أخرى من خلال الاطلاع أو مصاحبه أناس واكتساب بعض سلوكياتهم في التربية أو السفر...الخ. علق أحد الأصدقاء على هذه النقطة تعليقا جميلا بقوله: " عندما بدأت في التعامل مع أبني البكر لعبا وتأديبا لاحظت أني أستخدم كلمات غريبة تذكرت بعدها أنها نفس الكلمات التي كانت تقال لي وأنا صغير مع العلم أني لم استخدمها ولم تستخدم أمامي طوال سنوات مديدة جدا". ولقد رددت عليه في حينه قائلاً : "ولو أنك حينما كانت تتحدث مع ابنك نظرت أو وقع نظرك على مرآة وشاهدت وجهك لرأيت العجب ، لأنك ستشاهد على وجهك تعابير صاحب الألفاظ إما والدك أو والدتك أو من رباك بأي حال. والسبب أنك تأخذ الكلمات بكل تعابيرها". موضوع التنشئة الأسرية موضوع طويل ، ولكنا حاولنا التركيز على أهم النقاط مع الإشارة إلى أن الجزء الآخر الذي طالما يغفل لاسيما في وسائل الإعلام هو موضوع "الوراثة". هنالك أسر يمكن أن تعتبر تربيتها نموذجية ومع هذا ترى مشاكل معينة في أحد الأبناء (مثل مشكلة عجز الانتباه والنشاط الزائد .. وغيرها كثير)؛ وهذا لا يعني قصورا في التربية ولكن الفرد يأتي مزودا وراثيا باستعدادات عديدة تتعلق بالقدرات والاضطرابات وهي في مثل هذا مثل كثير من الأمراض الجسمية التي قد يكون للبيئة دور فيها ولكن الوراثة حاسمة بشكل كبير (فمرض السكر نتاج طريقة حياة من نظام غذاء وخمول مع استعداد وراثي). وبشكل عام يمكن أن نجمل أهم النصائح في التنشئة بقولنا : امنح الحب والاحترام والدفء (العلاقة الإنسانية الحقيقية وليست علاقة التسلط) مع التوجيه والرقابة ، وما تزرعه ستحصده بعد مشيئة الرحمن. (المقال منقول – بإذن المؤلف - من كتابه " علم النفس في حياتنا اليومية " ) عنــــاد الأطفال الرهاب المدرسي ومخاوف الأطفال الطفل الخجول المراهقة .. محاولة للفهم اللعب وأهميته التربوية في مرحلة الطفولة المبكرة اضطراب قصور الانتباه-النشاط الزائد اساسيات تاديب الاطفال العادة السرية لدى الأطفال ما قبل المدرسة السيطرة على شجار الإخوة كيفية تجنب تدليل الطفل جميع الحقوق محفوظة 2006 - عدد الزوار 914911
نسخت الموضوع هنا ...الموضوع طويل ولكنه يستحق القراءة: د.عبدالله الرويتع . أستاذ مشارك في قسم...
مشكورة اختي
الحلوه الحلوه
مشكوره
Lily3
Lily3
شكرا يالحلوة على مرورك الحلو