بسمـ الله الرحمن الرحيم
اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه
أن كثرة ذكر الموت تردع عن المعاصي وتلين القلب القاسي، وتذهب الفرح بالدنيا وزينتها وزخارفها ولذاتها.
وتحثك على الجد والاجتهاد في الطاعات وإصلاح أحوالك وشؤنك والتنسخ من حقوق الله وحقوق خلقه، وتنفيذ الوصايا وأداء الأمانات والديون.
ـــــــ
قال بعضهم :
فضح الدنيا والله هذا الموت فلم يترك فيها لذي عقلٍ فرحًا.
وقال آخر ما رأيت عاقلاً قط إلا وجدته حذرًا من الموت حزينًا من أجله.
وقال آخر من ذكر الموت هانت عليه مصائب الدنيا.
وقال آخر: من لم يخفه في هذه الدار ربما تمناه في الآخرة فلا يؤتاه.
وقال آخر يوصي أخًا له: يا أخي احذر الموت في هذه الدار من قبل أن تصير إلى دارٍ تتمنى بها الموت فلا يوجد.
وقال آخر: وأما ذكر الموت والتفكر فيه، فإنه وإن كان أمرًا مقدرًا مفروغًا منه، فإنه يكسبك بتوفيق الله التجافي عن دار الغرور، والاستعداد والإنابة إلى دار الخلود، والتفكر والنظر فيما تقدم عليه وفيما يصير أمرك إليه.
ويهون عليك مصائب الدنيا ويصغر عندك نوائبها، فإن كان سبب موتك سهلاً وأمره قريبا فهو ذاك، وإن كانت الأخرى كنت مأجورًا مع النية الصالحة فيما تقاسيه، مثابًا على ما تتحمله من المشاق.
واعلم أن ذكر الموت وغيره من الأذكار إنما يكون بالقلب وإقبالك على ما تذكره. قال الله جل جلاله وتقدست أسماؤه: ]إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فأي فائدةٍ لك رحمك الله في تحريك لسانك إذا لم يخطر بقلبك.
وإنما مثل الذكر الذي يعقب التنبيه، ويكون معه النفع والإيقاظ من الغفلة والنوم أن تحضر المذكور قلبك وتجمع له ذهنك وتجعله نصب عينيك ومثالاً خاطرًا بين يديك، وأن تنظر إلى كل ما تحبه من الدنيا من ولد أو أهل أو مال أو غير ذلك، فتعلم علما لا يشوبه شك
وقال ابن السمالك إن الموتى لم يبكوا من الموت ولكنهم يبكون من حسرة الفوات فاتتهم والله دارٌ لم يتزودوا منها، ودخلوا دارًا لم يتزودوا لها.
فأية ساعةٍ مرت على من مضى وأية ساعةٍ بقيت علينا والله إن المتفكر في هذا لجدير أن يترك الأوطان، ويهجر الخلان، ويدع ما عز وما هان.
وقال إبراهيم النخعي كانوا يشهدون الجنازة فيرى فيهم ذلك أيامًا كأن فيهم الفكرة في الموت، وفي حال الميت.
وقال مطرف بن عبد الله ابن الشخير عن أبيه أنه كان يلقى الرجل من خاصة إخوانه قد بعد عهده به فلا يزيده على السلام حتى يظن الرجل في صدره عليه موجدة، أي غضب كل ذلك لانشغال فكره بالجنازة وتفكره فيها وفي مصيرها حتى إذا فرغوا منها لقيه وسأله عن حاله ولاطفه وكان منه على أحسن ما عهد وقال الأعمش كنا نشهد الجنازة ولا ندري من المعزى فيها لكثرة الباكين وإنما بكاؤهم على أنفسهم لا على الميت
منقول
مودعة _ @modaa_1
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
اللهم توفنا وانت راضى عنا