هل تمتلك الحركركوش؟

الأسرة والمجتمع



المصدر:بوابة النجاح

قلم المهندس/ شريف هدية
اليوم التقيت شخصا لا يعرف الحركركوش، إذا كنت أنت أيضا لا تعرف ما هو الحركركوش فلابد لك أن تقرأ هذه المقالة
في مكان ما كانت هناك دولة صغيرة ولكن غنية جدا، وكان ملكها شابا، كان واسع الثراء، شديد الوسامة، وافر الحكمة، هائل القوة، لم تكن تنقصه أية صفة من الصفات الحسنة، وفي الوقت نفسه كان له من النعيم الذي لا يخطر على البال، فإن فكرت في القصور، فلا تفكر إلا في أجملها وأفخمها، وإذا فكرت في المال فإن ماله لم يكن يعد من كثرته، فكانوا يزنونه، وإن فكرت في النساء، فقد كانت كل بيوت المملكة تتمنى مصاهرة الملك، وأجمل فتياتها لا يحلمن إلا به، وهكذا، فهل كان الملك الشاب الوسيم الغني سعيدا؟ الإجابة المنطقية هي نعم، لكن الملك كان أبعد ما يكون عن ذلك بكل أسف، هل تعلمون لماذا؟ لأنه لم يكن لديه حركركوش! فما هي قصة الحركركوش؟
كان الملك يعيش سعيدا في النعيم الذي وهبه الله له، متنقلا بين زوجاته الأربع محتارا: أيهن أجمل؟ وأيهن ألطف؟ وأيهن أتقى لله؟ فقد اجتمع للملك خير النساء كما قدمنا، وذات يوم، زار المملكة رجل من هواة الترحال والسفر، فسمع به الملك، فقال: أتوني بهذا الرحالة لنتعرف منه على أخبار البلاد التي زارها، وبعد مأدبة الغداء الفاخرة التي أعدها الملك لضيفه، قال الرحالة للمك: أيها الملك، أنا معجب حقا بك وبمملكتك وبشعبك، فرغم أني لم أمكث إلا يوما واحدا، إلا انني أرى الجميع سعداء، وأنت كذلك يا مولاي، بل ربما كنت يا مولاي أنت أسعد من في المملكة، رغم أن أحدا منكم ليس عنده حركركوش، ولا حتى أنت يا مولاي، فقال الملك: وما هو الحركركوش؟ قال الرحالة: توقعت ذلك، أنتم حتى لا تعرفون ما هو الحركركوش، والذي هو لا غنى عنه لمن أراد أن يكون سعيدا، في بلاد كذا البعيدة، فهناك يا مولاي ينظر للمرء على أنه حرم كل شيئ، إذا كان عنده كل شيء، وليس عنده حركركوش! ومع ذلك أنتم تعيشون هنا بدونه وسعداء، وعندما سأل الملك عن تفاصيل أكثر، كان رد الرحالة المختصر لا أستطيع وصفه، ولن تستطيعوا فهمه أو معرفته دون أن تروه، وانصرف الرحالة.
لكن الملك لم يكن ليسكت على ذلك أبدا، فجهز قافلة عظيمة وطلب منها أن تنطلق إلى بلاد كذا، وتأتيه بما استطاعت من حركركوش، ولكن المفاجأة، أن قائد القافلة قال له: يا مولاي هناك ألف مدينة بعيدة جدا عنا كل منها بنفس الاسم، فأيها تقصد؟ وأسقط في يد الملك، فلم يعرف من الرحالة أيها، فأمر الملك قائد القافلة أن يتوجه إليها كلها، بحثا عن بغيته، قال قائد القافلة ولكن هذا يعني أن نعود إلى مملكتنا بعد كل رحلة لنتزود بالمؤن، وهذا سيجعل أمامنا سنوات طويلة من البحث، قال الملك: افعلوا فأنا أريد الحركركوش. وانطلقت القافلة.
بقي الملك يترقب أخبار القافلة، يذهب إلى زوجته الأولى، فيجدها قد تهيأت له، وأحسنت زينتها، حتى بدت كواحدة من الحور العين، فينظر إليها ببرود، ثم يسأل حاجبه: ألا توجد أخبار عن القافلة؟
يذهب إلى زوجته الثانية فيجدها حورية أخرى، وقد أعدت له من الطعام أطيب ما يحبه ويشتهيه، يغتصب لها ابتسامة مجاملة، ويجلس إلى المائدة متثاقلا، ويسمع صوت حاجبه قائلا: مولاي، فيقفز عن مائدته معرضا عن زوجته، قائلا للحاجب: وجدوا الحركركوش؟ فيرد الحاجب: أردت أن أعرف فقط أسيبيت مولاي هنا أم عند مولاتي فلانة؟ وهكذا فقد الملك الإحساس بطعم أي نعمة في حياته، وأصبح فقط يترقب أخبار الحركركوش.
وأخيرا ما هو الحركركوش؟ لكل منا في الواقع حركركوشه، فلكي يضمن الشيطان ألا نحمد الله تعالى على نعمه التي أنعم بها علينا، فإنه يعمي أبصارنا عنها بالحركركوش، فالطبيب الشاب الذي تخرج وتزوج وأهداه والده سيارة، وفتح له عيادة، يحمل هم حصوله على الأستاذية، ليكتب على لافتة العيادة الأستاذ الدكتور فلان، وليس الدكتور فقط، والمهندس الشاب الذي أوتي من كل نعم الله حتى أصبح موضعا لحسد خلقه، يترقب أن يحصل على سيارة بمواصفات كذا موديل السنة، ليصبح سعيدا، وهكذا يغفل هذا وذاك عن نعم الله فلا يحمده عليها.
فاحذر أن تتعلق بالحركركوش وتنسى باقي نعم الله الكثيرة عليك، وأنا أولى الناس بهذا التحذير.
6
690

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مداد الوداد
مداد الوداد
هههههه والله يا كثر الي بالوقت هذا يدورون الحركركوش .
سويس
سويس
طيب وش صارت الحركة الحركر كوش
الاميره رهف
الاميره رهف
يعطيك العافيه
زنوبة المزيونة
تسلمي
ام جودي الصغيرونه
تسلمين