حلم وردي6

حلم وردي6 @hlm_ordy6

محررة برونزية

هل من مشمرة

ملتقى الإيمان

وسيلة دعوية للمرأة المسلمة

غراس السنابل

عبدالملك القاســـم

الإهداء

إلى تلك الصور المتميزه والاشراقات المتلألئة على جبين حفيدة عائشة وفاطمة وأسماء.

إلى الوجوه المضيئة التي تفخر بها أمة محمد- صلى الله عليه وسلم-. مائة وثلاث وثمانون سنبلة تتصاغر أمام تلك الأخت العاملة الصامتة وهي تسارع تتقي بيدها الوهن والضعف وقطرات من العرق تجمل جبينها.. ما كلت قدمها ولم تعبت يدها ولا فتر لسانها..

تحمل هم الأمة قولا وعملا وتلح لها بالدعاء والتمكين..

إنها أمة الله.. علمت أنها ماخلقت عبثا ولا تركت هملا .

علمت أن هناك موقفا فاستعدت وأن هناك سؤالا فأعدت.

مقدمة

الحمد لله القائل {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين } والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده.

أما بعد:

فإن الدعوة إلى الله من أهم المهمات وأوجب الواجبات، بها يستقيم أمر الفرد ويصلح حال المجتمع. ولقد كان للمرأة المسلمة دور مبكر في الدعوة إلى الله ونشر هذا الدين.. فهي أم الرجال وصانعة الابطال ومربية الأجيال.. لها من كنانة الخير سهام وفي سبيل الدعوة موطن ومقام.. بجهدها يشرق أمل الأمة ويلوح فجره القريب..

وقد جمعت لها مائة وثلاث وثمانين سنبلة تقطف الأخت المسلمة زهرتها وتأخذ من رحيقها.. فهي سنابل مخضرة وأرض يانعة. غرستها أخت لها في الله حتى آتت أكلها واستقام عودها.

إنها نماذج دعوية لعمل الحفيدات الصالحات ممن يركضن للآخرة ركضا ويسعين لها سعيا.. فأردت بجمعها أن تكون دافعا إلى العمل ومحركة للهمم.. واختصرتها في نقاط سريعة لتنوعها وكثرتها واكتفيت بالإشارة والتذكير.

وما كان لمثلي أن يستقصي الوسائل الدعوية للمرأة المسلمة ولكنها مساهمة يسيرة ومشاركة متواضعة.

وفي الطريق لأخذ السنابل عقبات كثيرة وصوارف عديدة..

وهي وإن كانت تعوق المسير لكنها لا تمنع السير.. بها يتضاعف الأجر وتزيد المثوبة.

فألقي- أيتها الأخت المسلمة- رداء الكسل واستعيني بالله و استقبلي أيامك بالعزيمة والصبر.. فإن أمامك غراس الآخرة.. فأري الله منك خيراً.

رزقني الله وإياك أصوب العمل واخلصه، وجعل لنا من الأجر أتمه وأكمله.. وبوأك ظلال الجنة وحرم وجهك على النار وجعل مثواك جنات عدن تجري من تحتها الأنهار.

عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم

سنبلة العام

* من التفت يمنة ونظر يسرة يطاله العجب من حال العالم الإسلامي.. جراح في كل مكان وآلام وآهات في كل جسد مسلم.

كثيرة هي آمالنا.. أن نعين المنكوب ونعلم الجاهل ونرعى الأرملة ونكفل اليتيم.. ولكنها تبقى أماني حتى تخرج إلى أرض الواقع قولاً وفعلاً..

نتساءل في أوقات كثيرة والحزن يملأ القلوب.. ماذا نفعل؟! وماذا نقدم؟!

إليك يامن طال تساؤلك.. وكثرت أمانيك باب مفتوح للخير.. مشروعنا الأول- كما أسمو- خطوة في درب الجهاد الطويل.

إنه مشروع دعوي يتكرر نهاية كل عام دراسي مرة واحدة، يتمثل في جمع أوراق الدفاتر المدرسية الزائدة عن الحاجة والتي لم تستعمل.. وتجميعها وإعادة تغليفها بالورق المقوى.. ليصبح لدينا بعد تجميع الأوراق دفتر جديد صالح للاستعمال.

في هذا المشروع البسيط ومن مدرسة واحدة في منطقة الدمام تم جمع أكثرمن 4500 دفتر

نعم في عام واحد ومن مدرسة واحدة أربعة آلاف وخمسمائة دفتر..

التكاليف محدودة جدا.. دباسة وأوراق لاصقة توضع فوق غلاف الدفتر الجديد فيها معلومات عن الاسم والمدرسة والصف إضافة إلى الغلاف المقوى الخارجي..

وقد قامت إحدى الهيئات الخيرية بإرسال هذه الدفاتر إلى أنحاء المسلمين المحتاجين إليها.

إنه مشروع دفاتر طالب العلم.. للحفاظ على أموال المسلمين من أن تلقى في المخلفات وهي صالحة للاستعمال. وبالامكان جمع بقايا الأدوأت المكتبية الاخرى كالأقلام والمساطر وغيرها.. دعوة ممن بدأن العمل وسن سنة حسنة..

مدي يدك.. إجعليها في أيدينا كل عام.. وفي أيام معدودة تساهمين مساهمة كبيرة في نشر العلم بين صفوف المسلمين.. إنها أيام غالية..

لا تضيعيها في الأماني والأمنيات أيتها الحبيبة..

سنبلة مشرقة

* منذ أحد عشر عاماً كانت تلك الليلة.. ليلة مشرقة في حياتي.. لا زلت أذكرها جيداً حيث تحدثنا عن الإسراف والتبذير في مجتمعنا وهو مجال ملاحظ ومشاهد.. إنها يعم لا نلقي لها بالاً.

كنا ثلاث نساء فقط في تلك الأمسية الجميلة ولامسنا الجرح المؤلم والنزف الدائم لأموالنا.. عندها تشاورنا أن يكون لنا دور في خدمة هذا الدين العظيم.. هنا صممت إحدانا وبقيت أنا وأخت واحدة.. إنتهى الحديث ومن ثم المجلس وقررنا العمل على قدر إستطاعتنا..

بدأنا بجمع مبالغ شهرية تصل إلى مائة ريال فقط، لم ينقص من أموالنا شيء ولا رأينا في ثيابنا قلة.. استمر عملنا أشهراً متتابعة ونحن ندخر مئتي ريال شهرياً وندفعها لصالح الأعمال الإسلامية الخيرية.. ثم يسر الله وتوسعت الدائرة وكثر الخير.. وبدأ الكثيرات يشاركننا في دفع هذا المبلغ الرمزي.. مائة ريال كل شهر.. حتى وصل ما نجمعه إلى مبالغ كبيرة معظمها من المعارف والأقارب والجيران..

بدأنا بإرسال رسائل إلى الخارج تحمل كتباَ في العقيدة بمعدل إرسال اسبوعي يقارب مئتي رسالة وأكثر من خمسين طرداً كبيراً يحوي أمهات الكتب إلى أنحاء العالم.. واستمر عملنا طوال سنوات ماضية.. نرسل من خلالها العقيدة الصحيحة والعلم النافع إلى جميع أنحاء العالم..

ورغم أن هذا هو عملنا لفترة طويلة ومستمرة إلا أنه تبقى لدينا خلال تلك الفترة فائض مالي عن حاجة الإرسال فكان أن أنفقناه في مشاريع أخرى عن طريق جهات خيرية معروفة.. إنه مشروع بدأ بمائتي ريال.. ولكن ألقي- أختي المسلمة- نظرة إلى بعفر الحصاد.. حفر تسعة عشر بئراً عادياً.. وحفر ثلاثة آبار أرتوازية تكلفتها ستون الف ريال وبناء خسة مساجد وإرسال ألوف من الكتب.. إضافة إلى مبالغ مقطوعة تدفع لمساعدة إخواننا المحتاجين في الصومال والبوسنة وغيرهما..

إنه مشروع صغير.. مائة ريال.. حتى بارك الله فيها وجعلها تنمو وتنمو وتنمو..

سنبلة مباركة

* ريعان الشباب كفراشة تنبض بالحياة.. لم يتجاوز عمرها السبعة عشر عاماً.. تحمل هم الدعوة.. وهم الأمة.. تتحرق شوقاً لرفعة راية الإسلام.. همها منصرف للدعوة.. عيونها تتابع المحاضرات ومتى موعدها ومن ستلقيها.. أما حفظ القرآن فقد إنصرفت بكليتها نحو حفظه.

حركة لا تهدأ فمن نصيحة رقيقة تهديها إلى إحدى زميلاتها إلى كلمة حلوة تدعو فيها لحفظ القرآن في مصلى المدرسة.. إلى قوة في إنكار المنكر وعدم الصبرعلى رؤيته.. أما المدرسات فلهن نصيب من دعوتها..

الله أكبر.. لا تراها إلا تتقلب في أنواع العبادة.

يوما أهمها أن ترى مديرة المدرسة لا تلبس الجوارب.. صعدت إليها وسلمت في أدب رفيع وشكرت المديرة على جهدها..

وقالت: نحن ندعو لك بظهر الغيب وأنت القدوة والمربية والموجهة.. ثم تبعت ذلك.. لا أراك تلبسين الجوارب وأنت تعلمين أن القدم عورة وخروجك ودخولك مع البوابة الرسمية عبر أعين الرجال يا أستاذتي الفاضلة..

طأطأت مديرة المدرسة رأسها وهي تعلم صدق نصيحة الفتاة فكان أن قبلت وشكرت.. وقالت في نفسها إن الكلمة الصادقة لها رنين ووقع في النفس..

فرحت الطالبة وهي ترى المديرة تستجيب لله ولرسوله وتعود من قريب.. وحمدت الله على قبول النصيحة.. ولكن هناك أمرا أهمها.. فكرت لمن تبثه.. ولمن تقوله..

* فاجأت مدرسة العلوم الشرعية وهي قدوتها ومربيتها بسؤال عجيب.. يا أستاذتي الفاضلة.. أين نصيب المستخدمات في المدرسة من الدروس وحفظ القرآن والمواعظ.. هيا لنبدأ معهن. قررت مع مدرستها أن تعلمهن قصار السور ويدعين لحضور المحاضرات المدرسية.. وبحثن عن داعية في المدرسة صاحبة صبر وجلد وسعة بال وقلن لها: هنا نساء في منزلة أمهاتنا.. لمن نتركهن؟؟

إنها فتاة الإسلام مباركة أينما كانت.. مباركة أينما حلت وارتحلت..

سنبلة الصحبة

* أثر الصحبة عجيب.. تأمل قول الله تعالى في سورة الكهف عندما رفع درجة الكلب برفقته للصالحين وذكره معهم: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم.. }.

أما هي فعندما توفيت صديقتها فقد جعلت عمرة ابنها الصغير عن هذه الصديقة.. أما الأخرى فإن لسانها يلهج بالدعاء والرحمة لها.

* بدأنا طريق الهداية ونحن في المرحلة الجامعية ثلاث قريبات جمعتنا القرابة وزادت المقاعد الدراسية ذلك الحب والود.. ثم تأصل كل ذلك محبة في الله.. بدأنا في جمع مبلغ بسيط من مرتباتنا في الجامعة به نشتري بعض الكتيبات والأشرطة.. وعلى الرغم من قلة هذا المبلغ إلا أن الله بارك فيه ليشمل ما نوزعه جميع أقاربنا ومعارفنا.. وبدأ ينضم إلينا بعض فتيات العائلة حتى تيسرت أمورنا ولم تعد المادة عائقا نحو شراء تلك الكتب والأشرطة.

* صاحبة طاعة وقيام ليل.. لا تترك النوافل.. وعندما تحدث زميلاتها في المدرسة الثانوية تحث فيهن روح العمل.. هيا نصلي.. متى نعمل إذا كبرنا وأصبح الوقوف صعبا والركوع مشقة والسجود بجهد.. نحن في زمن النشاط والقوة.. هيا نعمل ونجد في الطاعة قبل أن يدركنا الموت أو تدب إلينا الأمراض والأسقام والأوجاع.. وقبل أن تكثر مسئولياتنا من زوج وأبناء.

* ثلاث زميلات في الجامعة تعاهدن على حفظ القرآن كاملا.. وكان بينهن اتصال مستمر مساء كل يوم لتسميع ما حفظن.. دقائق معدودة وفي نهاية الأسبوع يكون التسميع لبعض الآيات.. من أول السورة ووسطها وآخرها ليسترجعن ويتأكدن من حفظهن.. كانت النتيجة من هذا الخير في شهر ونصف حفظن سورة البقرة.

* طريق يومي تسلكه يتراوح بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة إنه طريق الذهاب إلى الجامعة والعودة.

قررت أن تجعل هذا الوقت لقراءة كتيب نافع ومراجعة قراءة ما حفظته من كتاب الله.. كثيرات يسلكن مثل هذا الطريق منذ سنوات ولكن دون فائدة.

سنبلة الحفيدة

* مدارس كثيرة بها خيرة المعلمات علما ودعوة ونشاطاً.. أما هي عندما عينت فإنها ارسلت إلى مدرسة تزخر بالمعلمات لكنهن نائمات.. فلا توجد محاضرات ولا دروس.. في البداية بدأت في التودد إلى المدرسات وقالت: هم أهم عندي الآن من الطالبات لأنهن داعيات خاملات آثرن الكسل والدعة.. فقط يحتجن إلى إيقاظ..

بدأت خطوات الإيقاظ بالكتاب والشريط والهدية.. حتى تحولت المدرسة إلى شعلة نشاط ومركز دعوة.. حمدت إحداهن الله وهي تردد كيف ضاعت مني خمس سنوات يومياً أقف أمام الطالبات ولم أدعهن وأحدثهن وأركز على تربيتهن!! إنها الغفلة اليوم والحساب غداً.

* شرعت المعلمة في بيان أضرار السفر والفساد والانحلال في بلاد الكفر.. وعقبت بدعاء صادق.. نسأل الله أن لا ندخلها ولا نذهب إليها..

ولم ينته الدعاء حتى تسلل من بين الصفوف صوت حمل هم الدعوة: نعم يا معلمة.. نسأل الله عز وجل ألا ندخلها إلا فاتحين!! لا فض الله فوك وجعلك وأبناءك من الفاتحين.

* تكد وتكدح للآخرة...- والله- إنها تركض للآخرة ركضا وتسعى الا سعياً.. فمن محاضرات إلى ندوات إلى نصائح. كل عمل خير لها فيه نصيب.

وفي نهاية كل شهر- علمت إحدى المدرسات من زميلاتها- أنها ترسل راتبها كاملاً لأعمال الخير.. نعم كاملاً وأقسمت لقد رأته- برباطه- ترسل به إلى كفالة أيتام وطبع كتب وتجهيز غاز..

جعل الله مستقرك جنات عدن أيتها المؤمنة ورفع درجتك وأعلى منزلتك وكثر من أمثالك.. ووالله لأنت حفيدة عائشة وفاطمة.

* اجتمعت معلمات المدرسة وقررن الدخول في (جمعية) مع بعض.. وكل منهن تتحدث عما ستفعل بالمبلغ عندما تستلمه أما هي فصامتة تنتظر ذلك اليوم.. حتى إذا استلمت المبلغ دفعت به لبناء مسجد.. لعله يصيبها الأجر والثواب.

سنبلة المرض

* مرضت وأدخلت المستشفى وكان في ذلك خير كثير لها ولمن حولها.. تحولت غرفتها إلى خلية نحل ونشاط متصل.. بدأت بتوزيع كتب على الممرضات والطبيبات باللغات الأجنبية واتبعتها الأشرطة..

أما المريضات فحدث ولا حرج عن عدد الكتب التي تم توزيعها حتى فاضت وزادت ووصلت إلى صالة انتظار النساء في الدور الأرضي.. أما تلك المرأة الكبيرة في السن وليس لها نصيب من العلم فقد إشترت لها جهاز راديو بمبلغ عشرين ريالاً ووضعت المؤشر على إذاعة القرآن الكريم.. ثم تشاورت مع طبيبة داعية وقررن وضع أرفف في ممرات قسم النساء ووضعن عليه كتباً صغيرة غالبها موجه للنساء.

أما مدير المستشفى فقد وصلته قائمة طويلة بما رأت وما تقترح ودونت جميع ملاحظاتها في تلك الرسالة.

عجبت الطبيبات من همتها ونشاطها فهي تتفقد النساء في غرفهن وتسأل عن حاجتهن وما يردن..

* وعندما رأت الطبيبة إمرأة ممن امتشقهن الشيطان وهي تبرز مفاتنها وتحمل زهوراً لتقدمها لقريبتها.. سألت الطبيبة مريضتها: من أين أتت عادة الزهور.. وكيف بدأنا نحرص على إحضارها لمرضانا رغم تكلفتها الباهظة..

قالت المريضة: إنها التبعية والتقلب حتى في الزهور.. نحن أمة نتبع التقليد الاعمى.. أرأيت في الصناعة لم نصنع قيد بعير.. أما في الزهور والموضة والأزياء فحدث عن البحر ولا حرج.

سنبلة في مخيم

* غالب اجتماعات أسرتنا اجتماعات كفقاعات الصابون لا فائدة منها.. بل إن الكثير منها فيها من الذنوب والمعاصي ما الله به عليم..

وعندما أخبرني زوجي أن العائلة قررت إقامة مخيم خارج مدينتنا نمضي فيه أسبوعين كاملين.. سمع أنه حرى من كبدي.. والتفت إلي متعجباً..

قلت له: لا تعجب.. إننا سوف نمضي أسبوعين نبحر فيهما فوق المعاصي والمنكرات.. ندافع الذنوب مدافعة!!

شد من أزري وشحذ همتي.. وقال: هل نتركهم للشيطان يستفزهم بخيله ورجله.. ليس لك البقاء.. والله إنه باب دعوة مفتوح.. اطلبي ماشئت.

هون الأمر علي واستحثني بذكر طرفي من سيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم - حتى بدأت أفكر وأفكر..

لم يستقر لي قرار حتى هاتفت داعية مجربة ما العمل؟..

فأوصتني بالإخلاص وصدق النية والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل.. ثم قالت: سارعي إلى الهدايا التي تحبب إليك الصغار وتفرحهم وهذا سينعكس على الكبار.. ولا تنسي هدايا النساء الكبيرات من عباءات مريحة "وغطاوي " للوجه.. ولا تنسي سجادة للصلاة لكل أم..

إبدئي بدعوة الكبيرات في السن وترقيق قلوبهن.. ثم عرجي على صاحبات القلوب الصافية والفطرة السليمة في الشابات.. وسترين مايفرحك.. لك فرصة أسبوعين كاملين تدعين فيها إلى الله.. متى تجدين في خيمة واحدة مثل هذا العدد.. لمدة أسبوعين؟!.

ونحن نسير متجهين إلى المخيم أصابني فرح عجيب من حديثها وإنها فرصة لن تتكرر.. وقررت الدعاء وبذل الأسباب.. وجعلت الأيام الأولى لأطفال من توزيع الهدايا والمسابقات وقص بعض قصص الصحابة والتابعين عليهم.. ثم بدأت في مساء كل ليلة بدرس لحفظ القرآن..

كل ذلك تم أمام أعين الجميع.. فسبحان من يسر وجعل حتى الشابات يقتربن ليسمعن قصص الصحابة والتابعين.. وكانت المفاجأة.. أسبوع واحد فإذا بي في وسط جو يملأه الفرح والسرور.. حتى بعض الشابات بدأن بقيام الليل مع بداية الأسبوع الثاني..

انتهى المخيم وأملي كان دون ما تحقق.. فلله الحمد والمنة.. بدأت العلاقات تقوى وأصبح لنا اجتماع تحفه الرحمة وتتنزل فيه السكينة.. شهور فإذا التأثير ينتقل إلى الآباء والإخوان، فأحمد الله عز وجل على توفيقه.. ولو بقيت في ترددي وتخاذلي وخوفي لما تحقق من ذلك شيء.. إنما هو إخلاص وعمل ودعوة.

كم من داعية وسط أسر تائهة.. وكم من معلمة وسط جو لم يتغير منذ سنوات.. ولكن ماذا أعدت الأخت للإجابة غداً؟! أين الأمانة.. وأين الدعوة إلى الله؟!

سنبلة الدعوة

* قليل دائم خير من كثير زائل.. وخير العمل أدومه وإن قل.. قالت: سأسير على هذا الطريق.

اقتطعت خمسمائة ريال شهرياً من مرتبها ليصرف في أوجه الخير.. رأت ولاحظت ودققت مانقص من مالها شيء يذكر.. بل ادخرت هذا المبلغ ليوم تشخص فيه الأبصار.

* تساهم بالكتابة في الصحف والمجلات وتختار ما يناسب المرأة ويبعث فيها إيمانها ويزكي حيائها.. ترد على الشبه وتشجع المبتدئين أصحاب الخط الواضح.. كثير لا يعلم بعملها سوى صديقتها التي تناولها الرسائل ليبعث بها الأخ إلى البريد.

* للتشجيع وإبداء الملاحظات وطرح الأفكار دور كبير في استمرار كثير من أهل الخير في أعمالهم.. وقد سخرت قلمها لتحث وتشجع الكاتب والخطيب وغيرهم.. وإن علمت بملاحظة أو رأت نصحاً أو طرحاً جديداً أو أمراً مغفلا أرسلته ضمن إقتراحات وملاحظات.

* رأت أن ظاهرة التصوف بدأت تنتشر في بعض المجتمعات فكان أن هبت واشترت مجموعة كبيرة من الكتب التي توضح الصوفية وتبين أخطاءها.. ثم قامت بتوزيع تلك الكتيبات على أكثر الطالبات.. وكان مع هذا الكتاب كتاب آخر عن حجاب المرأة المسلمة.

* لعلمها أن للبدع أناساً يعملون بجهد واجتهاد.. إنهم دعاة على أبواب جهنم.. كانت هي حاجزاً في وجه انتشار البدع في مجتمعها وجيرانها ومدرستها.. فلديها مطويات تعيد تصويرها كل عام وتقوم بتوزيعها في زمن البدعة والاعتقاد بها.. بدعة المولد وبدعة ليلة الإسراء وكذلك ليلة النصف من شعبان وغيرها من البدع..

* تفرغت للدعوة إلى الله وهي في عقر دارها.. كيف؟! تنسخ مئات من الأشرطة باللغة العربية من محاضرات ودروس وندوات لتوزعها على المتعطشات إلى العلم الشرعي.. كما أن لها نصيبا وافراً من نسخ الأشرطة باللغة الأندونسية والفلبينية.. فللخادمات والسائقين والقادمين دعوة بالشريط.. لم يكلفها المشروع العملاق سوى القليل..

لله درها كم من مستمعة دعت لها وكم من سامع اتعظ.

سنبلة الهوايات

* ضاعت الأمة بكثرة الهوايات.. لا يجد البعض وقتا لحضور الدروس والمحاضرات أو لقراءة القرآن.. لكن تراه يجري لإشباع غريزته وهوايته..

تعجبت من شاب يخرج أياما ليس للدعوة إلى الله.. بل لصيد نوع من الحيوانات الزاحفة أو الطيور..

أما النساء فبعضهن جعل من هواية قص الموديلات والأزياء وجمعها هواية ملكت عليها فكرها وأخذت جل وقتها.. أما هي فإن لديها محبة وهواية لتربية الدجاج لكنها سخرت هذه الهواية لنفع المسلمين ونفع نفسها فكانت تتصدق باللحم على الفقراء وتبيع البيض الفائض على أحد المحلات وتتصدق بالمبلغ.

* هوايتها الطبخ ولكن سخرت ذلك لصالح الدعوة فهي في كل أسبوع تقوم بعمل نوع من الأكلات الخفيفة وترسل به إلى الجيران وترسل معه كتابا وشريطا.. وكل خميس ينتظر الجيران ما يملأ البطون وينفع العقول.

* تحب الأعمال اليدوية.. قالت هذا كسب يدي أعمل بكلات وتيجانا للفتيات والصغار وأبيعها وأكفل أيتاما بذلك المبلغ.

* أرسلت تقول: وهبني الله معرفة تامة لعمل المخلل وأتقنت هذا العمل وبرعت فيه وحينها فكرت أن أتوسع في هذا العمل وأبيعه على المعارف والجيران وأتصدق بثمنه. ثم إني وسعت الأمر وذلك بخلط البهارات بنسب معينة ومن ثم بيعها والتصدق بثمنها..

* والأخرى يسر الله لها عملا آخر تجيده فهي تخيط شراشف الصلاة وسراويل الأطفال الطويلة ثم تبيعها وتتصدق بها..

* أما تلك المرأة المسنة فإنها تجيد عملا طيبا آخر وهو خلط أنواع البخور مع بعضها حتى تجعله على شكل كرات صغيرة يسمى "معمول " ثم تقوم ببيعه.

إنها طرق للإنفاق متعددة وكل ميسر لما خلق له.. وكل يستثمر نعم الله عليه من إجادة صنعة أو مهنة لفعل الخيروطرق أبوابه.

* إذا كان لديها وقت فراغ فإنها تقوم بتلخيص بعض الكتب في صفحات وتقرأها في مجالس النساء وتصورها وتوزعها برجاء الفائدة للجميع.

ما أكثر الساحات المحيطة بمنازلنا ولكنها في الغالب لا يستفاد منها خاصة المكشوفة منها.. أما هي فقد قامت بزراعة جزء من ساحة منزلها بأنواع الخضار والنباتات الموسمية وتوزيعها على فقراء الحي والجيران والأقارب.

لم تكتف وتقف عند حمل هم الدعوة إلى الله.. بل إنها بدأت توجه صغارها نحو هم حمل الدعوة إلى الله.. وقالت نعودهم على نفع الإسلام والمسلمين منذ الصغر حتى يشبوا عن الطوق ونفوسهم رخيصة في سبيل الله.

* تشارك في وضع لبنة في المجتمع المسلم.. وتستقبل أيامها وترى حال تلك اللبنة وأين مكانها؟ أهي عامل ضعف وثغرة -يدخل منها إلى الإسلام؟ أم هي ركن حصين وقناة لا تلين..إنها تشارك في تربية أبناء المسلمين وتعليمهم؟! إنهم أبناءها؟! تتساءل أمنهم عالم الأمة أم هم من الرعاع؟!

* تخدم أخاها وتقدم له مايريد وتبحث عن راحته.. وترفض أن تقوم الخادمة بتلك الأعمال.. بل تحتسب كل عمل لوجه الله.. أحبها وأحترمها ودعا لها.. وزادت المحبة والمودة لتلك الأخت البارة.

سنبلة الأبناء

* جل حديثها عن إبنها لا يتجاوز صحته وسمنته.. وماذا أكل وماذا شرب.. وكم تعاني من السهر في حال إعتلال صحته.. ولكنها ما ألقت بالا لتربيته ولا تحرت الصحبة الطيبة..

تجهد نفسها لزيادة كيلو جرام أو اثنين من كتل اللحم والشحم البشري.. ونسيت الأهم.

وأفاقت يوما فإذا بالطفل أصبح رجلا مكتنزا لحما وشحما كما أرادت.. يأكل ويشرب ويجلجل صوته في المجلس..

لكنه لا يصلي.. ألتفتت خلفها فإذا صغار أختها يؤدون الصلاة ويؤمهم ابن سبع سنين وقد حفظ أجزاء من القرآن. عندها تأكدت أنها لم تكن عرينا لأسود بل مزرعة للتسمين.

* تولي أبناءها عناية خاصة وترى أنهم عماد الأمة مستقبلا وهم أحفاد السلف الصالح.. تحتسب الأجر في تربيتهم وتدفعهم إلى المعالي.. ترسخ في نفوسهم القيم الفاضلة.. تروي لهم سيرة الرسول ودعوته وصبره ومعاناته وسيرة أصحابه والعلماء الأخيار حتى تغرس في نفوسهم الصافية محبة هذا الدين ومحبة حمل هذا الدين.

* لمحبتها لهذا الدين ولأنها ترى أن خيروسيلة للدعوة هي تربية النشء على الطاعة والعبادة وبعدهم عن مواطن الشبه والريب.. قررت أن تعتذر عن بعض المناسبات حفاظا على صغارها من رؤية بعض المنكرات..

تعتذر وهي فرحة بما تقدم لابنائها من جلوس في المنزل وبعد عن مالا تحب.. رزقها الله التوفيق وأخذ بيدها.. كبر الصغير وحفظ القرآن وظهرت عليه أمارات النباهة والفطانة.. وقالت في نفسها.. الحمد لله.. قدمته للأمة رجلا صالحا مقيما لحدود الله وقافا عند أوامره مبتعدا عن نواهيه.

* حرصت على أن تحفظ ابنها من المزالق وتحميه من الانحراف.. وأن تكثر أمة محمد- صلى الله عليه وسلم - فدفعت بابنها إلى الزواج وهو في سن الثامنة عشرة.. تعجب الكثير ولكن عندما أصبح الأمر واقعا تغيرت نظرة الكثير ممن حولهم وتيقنوا أن تلك السن سن طبيعية للزواج..

سنبلة الصباح

* فتحت منزلها للندوات والمحاضرات أسبوعيا.. وفتحت قلبها قبل ذلك.. فكل أسبوع هناك درس تعده وتلقيه بتمكن وعلم وبين حين وآخر تستضيف داعية.

وبعد كل درس ومحاضرة تبدأ حركة البيع في ساحة منزلها.. أشرطة وكتبا.. وقفازات وشرابات.. وريع ذلك كله لصالح الأيتام والفقراء وفي أوجه الخير الأخرى.

* صباح كل يوم قبل أن تبدأ في العمل داخل منزلها تقرأ صفحة من القرآن الكريم ثم تبدأ بعملها وهي ذاكرة مستغفرة.

* لا ترى إلا رافعة يديها إلى السماء تدعو للأمة بالهداية والرفعة والتمكين.. تتحرى أوقات الإجابة وتلح في الدعاء وتتضرع إلى الله.. سألت قريبتها.. منذ متى لم تدعي الله عز وجل وتتضرعي إليه؟! قالت: تمر شهور لم أشعر بالدعاء الحار.. إنما الدعاء فهو على لساني دائما لكن دون روح وذل وخشوع؟! إنها عبادة منسية !!

* وضعت للهاتف شعاراً.. صلة الرحم.. تعلم العلم.. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمر من أمور الدنيا لابد منه.

* رزقها الله مالاً وفيراً فشكرت له فضله وإحسانه.. لديها أكثر من خادمة استفادت من وجودهن بأن أقامت مطبخاً في ساحة المنزل وتقوم بنفسها ومعها الخادمات بطبخ بعض الأكلات الخفيفة وبيعها على النساء العاملات بسعر زهيد وتتصدق بهذا المال فهو من كسب يدها.

* على حداثة سنها وصغرها إلا أنها إذا قامت إلى الصلاة وكبرت علم أهلها أنهم يحتاجون وقتا طويلا حتى تنقضي صلاتها.

إنها صلاة وافية كاملة وليست كما ينقر البعض صلاته.

* في منزلها منذ أن تصبح وحتى تمسي ومؤشر المذياع على محطة إذاعة القرآن الكريم.. الله أكبر.. من قراءة قرآن إلى سماع حديث إلى موعظة.. إنه صوت يزيل الوحشة وينزل السكينة ولطرد الشياطين.

* تزور المشاغل النسائية وهي تحمل كتباً باللغة العربية لتوزيعها على المرتادات وكذلك باللغات الأخرى على العاملات.. كان لجهدها البسيط أن أسلم على يديها عدد من العاملات. كم إمرأة فعلت مثل هذا؟!

سنبلة المحاضرات

* خريجة علوم شرعية ولها نصيب من البلاغة والفصاحة.. ولكنا لم تسخر ما وهبها الله لها من علم.. متقوقعة على نفسها.. يأكل منها الكبر وينالها العجب.. الأعذار جاهزة وللشيطان نصيب في صدها عن الدعوة..

أما تلك التي لم تقرأ ولم تكتب فإنها واعظة تلقي المحاضرات بوجود المتقوقعة التي تعجب من طلاقتها رغم أن حديثها باللغة العامية!! قالت يوماً في معرض حديثها وهي تعظ مجموعة من المدرسات.. ألا تستطعن أن تقلن.. عليكن بالخوف من الله.. اتقين الله.. أين الموت.. والحساب؟! إنها كلمات صادقة ولذا لها وقع صادق. أما تلك فوالله ستسأل عن السكوت يوم القيامة.. يوم تزل الأقدام وتتطاير الصحف وتتعثر الخطوات.

* حاولت أن تلقي محاضرة ولكنها لم تستطع.. غلبها الحياء الفطري.. فلم تستطع مواجهة الحاضرات.. قررت أن تكتب المحاضرة كاملة وتدفعها لمن لديه القدرة على قراءتها.. وكان لها

ذلك.

* ليست داعية بليغة وليس لها نصيب من التعليم ولكنها شاركت في الدعوة إلى الله من خلال تجميع عناصر بعض المواضيع الإسلامية المهمة وعرضها على الداعيات.. كما أنها تختار أسماء بعض الكتب الجيدة وتحث على شرائها.

* تحاول قدر المستطاع حضور المحاضوات والاستفادة منها وكتابة بعض العناصر على ورقة مستقلة لتستفيد منها وتفيد.. وعندما ذهبت مساء لحضور محاضرة انتظرتها بفارغ الصبر وجدت عند بوابة القاعة جارتها وهي تحمل ابنها.. وا شتكت إليها بأنهم منعوها من دخول المحاضرة والاستفادة من العلم لوجود طفل معها..

فكان أن هبت الجارة المحتسبة وقالت: الحمد لله أنا دائمة الذهاب للمحاضرات وأنت لا يتيسر لك ذلك دائما.. هيا دعي طفلك معي وادخلي لتسمعي المحاضرة وأنت هانئة القلب.. بقيت الجارة المحتسبة طوال مدة المحاضرة مع الطفل حتى انتهت المحاضرة.

سنبلة منـزل

* صرخت.. ومن أغلى من زوجي.. شريك حياتي.. هل أدع الشيطان يتخبطه؟! أم الاعلام يوجه فكره؟! أم صور المجلات تثير غريزته؟!

صرخت.. لا وألف لا.. وسأبدأ الخطوة الأولى وسأتبعها خطوات ويسبق ذلك كله الدعاء..

صبرت وعانت.. وجدت المشقة والعنت.. حتى استقام لها الأمر بعد شهور طويلة فيها من الكلمات الجارحة والدموع والآلام ما الله به عليم..

بعد ذلك كله عندما هدأت الزوبعة دعاها يوما وقال: بماذا أجازيك على صبرك؟!

لم تتمالك نفسها.. سقطت دمعة الفرح من عينيها وهي تبتسم وقالت: جمعنا الله في جنات عدن..

قال لها: لك أجر كل ما عملت من خير ولا ينقص من عملي شيء.. أما سمعت حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)). رواه مسلم.

* صبرت على ما تلاقيه من سوء عشرة زوجها.. صبرت واحتسبت وكتمت، فلا يعلم بحالها أحد ولا يدري أحد ماذا يدور في منزلها..

قدمت الرضا والصبر بما قضاه الله وقدره فلم تشتك لمخلوق.. بل تهرع إلى الصلاة كلما حز بها الأمر إنها الصابرة المحتسبة.

* تزوجت بزوج بخيل فيه من اللؤم صفة ومن البخل أثر وعندما طلقها لم ينفق عليها ولا على أطفالها وصغارها وحسب أن ذلك من حسن الصنيع والدهاء.. وماعلم أن له موقفاً أمام الله.. أما هي فرأت الأمر بمنظار آخر..

تصدقت على أطفالها وقالت: هم أحق من الفقراء الآخرين.. ألبستهم أفخر الثياب وأحسن الملابس.. وتسمع من صويحباتها عبارات الثناء على أبيهم وإنفاقه عليهم وما علموا أن الأمر من أمهم.

سنبلة الخادمة

* أرادت أن تكون داعية إلى الله وتساهم في نشر العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة.. قالت لخادمتها: هات عناوين أقاربك ومعارفك لكي نرسل لهم رسالة كل شهر تحوي كتاباً في العقيدة وتصحيح المعتقد والتحذير من البدع.. لمدة عام واحد سوف يصلهم- إن شاء الله- اثنا عشركتاباً أو أكثر.. هيا لنبدأ. بدأت تسأل عن عناوين أخرى من خادمات أقاربها حتى زاد ما ترسله شهرياً عن عشرين رسالة بها كتب مختلفة. قالت وهي تجهز لاحدى الرسائل.. يأتون ويعيشون بين ظهرانينا سنوات طوال بدون أن نعلمهم أمور الدين والعقيدة..

* اهتمت بأمر الخادمات ورددت: هؤلاء يأتين إلينا سنوات طويلة ثم يعدن إلى ديارهن ولم يستفدن علما ولم يتعلمن أمور دينهن.. إنهن أمانة في أعناقنا.. بدأت كل شهر أو شهرين تشتري كتباً وتوزعها على الخادمات.. فرحن بزيارتها ويعلمنها بإرسال تلك الكتب إلى أهلهن هناك.

* شمرت عن ساعد الجد وقالت: لا أريد خادمة وحثت بناتها على خدمة المنزل والقيام بشئونه.. فرحن بخدمة والدهن ووالدتهن وتعلمن البر والإحسان إليهم بل وزادت المحبة والمودة بينهم.. فوقت العمل وقت للحديث والمؤانسة.. طالت الأوقات التي يقضونها مع بعضهم البعض.. إنها متعة ومؤانسة وقبل ذلك أجر وثواب.

* استقدمت الأسرة خادمة وزوجها.. ولأن لبيوت الأخيار تميزاً.. اشترطت عليها الحجاب الكامل وعدم التبرج وغشيان مجالس الرجال. ووجهتها بعدم فتح الباب ورفع سماعة الهاتف.. تذمرت الخادمة في باديء الأمر.. ولكن بعد أن سمعت أشرطة بلغتها وقرأت كتباً عن الحجاب.. حمدت الله.

لم يقف الأمر عند هذا الحد.. فلبيوت الأخيار تميزاً.. بدأت الخادمة تقوم الليل تصلي وتتهجد ولا يفوتها صيام أيام البيض ويومي الخميس والأثنين.

* كلما رأيت قريبة لنا لديها سائق ناولتها مجموعة من الكتب في العقيدة وبعض الأشرطة بلغة السائق وعدد من نسخ القرآن الكريم له ولمن يعرف من السائقين والعمال.

سنبلة الإعتزاز

* الإنسان ضعيف جداً خاصة وقت المرض وبزداد الضعف والحاجة أمام الطبيب والمعالج، ولأنها طبيبة تقوم على علاج المريضات جعلت همها الدعوة إلى الله.. بالكلمة الطيبة والنصيحة المفيدة.. والابتسامة الصافية..

تزرع الأمل في النفوس بحسن التوكل على الله وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. ولا تغفل عن توزيع الكتب على المريضات.. بل ربما اشترت أجهزة تسجيل صغيرة لتوزيعها على من لا يقرأن..

إنها ليست داعية في وسط المرضى فحسب.. بل في وسط زميلاتها بوجوب المحافظة على الحجاب الشرعي الكامل وعدم محادثة الرجال والبعد عن لين القول.. والدعوة لهن باستثمار هذا المكان في الدعوة إلى الله.. وقالت.. بعض المريضات أول مرة يرين كتيبات ويسمعن محاضرات.. إنها فرصة لا تعوض.. فإن خرجن ربما لا يعدن.

قالت صاحبة الهمة العالية: المستشفى مكان دعوة مفتوح..نصل فيه بسهولة إلى قلوب منكسرة وأنفس ضعيفة.. هنا مجال دعوة واسع.. لكن أين العاملون؟

* قالت طبيبة الأنف والأذن وهي تكشف على الطفل الصغير ووالدته بجواره: هل سمعه ضعيف؟!.

قالت الأم: لم نلاحظ ذلك.. وهنا تابعت الطبيبة بسؤال عفوي: ألم تلاحظي اقترابه من التلفاز أثناء مشاهدته له؟! قالت الأم الواثقة: لا يوجد لدينا تلفاز في المنزل ولله الحمد. قالت في نفسها: اعتز بديني واعتز بفعلي أمام أبنائي ولا أحني رأسي أمام المغريات.. دعها تقول ما تشاء فلديها معلومات عن دراستي العليا وكذلك دراسة زوجي العالية.. ولكنه الثبات.. اسأل الله الثبات.. إنها صور مشرقة للاعتزاز بهذا الدين.

* آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر في أوساط النساء.. في السوق وفي المستوصف وفي المدرسة وفي وسط اتجمعات النسائية وفي حفلات الأعراس.. في كل مكان لها مشاركة.. فلا ترى منكراً إلا سارعت إلى إنكاره ولا ترى معروفاً إلا سارعت بالدعوة إليه والحث عليه.

سنبلة الإنفاق

* تعجبت من واقعها- الإسراف والتبذير- الذي تراه كل يوم وسكتت برهة وهي تقرأ حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو يرى أم المؤمنين عائشة وقد أكلت في اليوم مرتين فقال: "يا عائشة أما تحبين أن يكون لك شغل إلا جوفك، الأكل في اليوم مرتين من الإسراف، والله لا يحب المسرفين ". رواه البيهقي.

* كل ستة أشهر تجعل يوماً للتصفية.. كما تسميه.. تسأل قريباتها وتنادي عليهن.. هيا ماذا من الثياب زاد عن حاجتكن؟! من الملابس والأحذية والفرش والأغطية؟! بل وحتى أدوات المطبخ..

حملة للتخفيف عن ظهوركن يوم القيامة توسعة لدوركن ومنازلكن..

بعد أيام تبدأ بالمرور على جميع من هاتفتهن فيذهب قريبها إلى تلك البيوت فإذا بالفائض عن الحاجة يكفي لعدة عوائل فقيرة.

* يعجب الرجل من نساء سخرهن الله لخدمة هذا الدين.. في كل مجال وفي كل وقت إنهن حفيدات عائشة وفاطمة.. رأين الهمة العالية فطلبنها وسمعن بوعد صادق من رحمن رحيم فسرن

سراعا..

هاهي تشتري ملابس بالجملة وتوزعها على فقراء الحي كهدايا وما زاد ترسله إلى أحياء أخرى.. وجزء آخر تبيعه في منزلها على أهل الحي.. يشترين ويتصدقن..

* وهبت نفسها لجمع الصدقات وترتيبها وتجهيزها ومن تم توزيعها على الفقراء.. وأعدت لذلك ملفاً في منزلها للصدقات العينية.

تسأل وتتحرى وترسل من يبحث ويدقق في حين تكون الصدقات جاهزة مراعية ومقدرة في ذلك حاجة كل أسرة وبيت.

سنبلة الهمة

* هذه أمنيتي منذ الطفولة.. أن أكون معلمة أعلم وأربي.. وفي مرحلة الدراسة الجامعية.. كنت أستعد لهذه المهنة.. بل ربما دعوت الله عز وجل أن يمد في عمري حتى أعيش تلك اللحظة.

ويزيد حماسي إذا سمعت عن مهنة التعليم وكيف أن القائمين عليها يمتلكون نشء هذه الأمة ويملكون التأثير عليهم أكثر من الأب والأم..

مرت الأيام سريعة.. ثم انخرطنا بفضل الله في جو الدعوة إلى الله وعرفنا أن المعلمة على ثغر من ثغور الدين وقد يؤتى الإسلام من قبلها.. فيزيد الشوق ويختلجه شيء من الخوف. وجاءت لحظة التخرج.. وتحقق الحلم.. وبدأ انتظار الوظيفة.. وقبل أن أتولى زمام الأمور كنت أستمع إلى الكثير من التوجيهات..

قالت لي إحدى الأخوات في معرض النصيحة: "الآن اتكأت عليكم الأمة وألقت بين أيديكم صغار براعمها لتشرفوا على تعليمها"

زاد الحماس وطال الانتظار ولسان حالي يقولى متى أخدمك يا أمتي؟ وأخيراً.. زفت إلينا الوظيفة وبدأت لحظة العطاء.. الدروس، المسابقات، النشرات.. كلها أفكار تنتظر طريقها إلى التلميذات، وحتما نحن بحاجة إلى معين ولكن..ما إن نطرح على إحداهن- أعني رفيقات المهنة- فكرة حتى ترد ما شاء الله هذا هو حال كل مبتدئة ثم إذا علمت أنك غير متزوجة قالت: نعم لو كنت متزوجة لما فكرت بذلك .

أيتها الأخت يوم كنا بلا أزواج كانت لنا أفكار وكانت لنا أنشطة وكانت لنا همم ولكن مسؤلية الزوج والبيت والأبناء لا تدع لك مجالاً للتفكير.

وهكذا.. ما أكثر الكلمات من هذا النوع ولكن لكي تحافظي على هذه الهمة فعليك أن تعملي بصمت..

ثم لاح لي في هذا الجو ظل أخت لا أراها إلا صامتة عاملة.. أم لأربعة أطفال. ومسئوولة عن المحاضرات المدرسية وأول من ينظم لحفلاتها وأنشطتها، وهي مع ذلك مدرسة ناجحة

تسهر بين الكتب لتلم بجوانب درسها، وداعية موفقة في وسط مجتمعها وبين أفراد عائلتها من خلال المحاضرات التي تلقيها في كثير من المناسبات والأماكن العامة..

وإلى جانب ذلك فهي أخت ناصحة لا تدخر وسعاً في تقديم المشورة والرأي لأخواتها بل وتسعى في تلبية حاجتهم الدنيوية أيضاً، وإذا ما ذكرت أحوال المسلمين فهي أولى الباذلات بالمال والشريط والكتاب.. تلك هي سيرتها في المدرسة أما بيتها فيحوي أطفالاً متفوقين ولا أظن خلفهم إلا أم واعية أحسبها كذلك ولا أزكيها على الله..

سألت عن عمرها الوظيفي فقيل لي: أنها جاوزت الثمان سنوات وهي على هذا الحال، فقلت: الحمد لله هذه حجة عليكن..

هذا هو ما أبحث عنه إنها الشخصية المتكاملة التي تفتقدها المرأة المسلمة والتي رضيت لنفسها براتب ضخم لم (تحلل) ولا ربعه وأسرة ضائعة وزوج يعاني وأبناء مهملين.. أما الدعوة فلا وقت لديها للتفكير فيها أصلاً ولو سئلت هذه الأخت هل منعك التدريس من زيارة السوق ولو مرة في الأسبوع.. لقالت: لا تلك ضرورة..

عاد لي حماسي قليلاً وأنا أنظر إلى سيرة هذه الأخت بعد أن كرهت الزواج الذي سيعزلني عن الدعوة وعن حياتي الحقيقية مع قناعتي أن في تلك اللحظة سأضطر إلى ترك هذه الوظيفة لأتفرغ لأداء الرسالة الحقيقية والتي لن تقل عن التدريس متعة فكلا مقصديها شريف..

أختي المعلمة.. ألست معي في أن النية الصالحة والصدق مع الله هو سر نجاح تلك المعلمة وسر التسخير الذي لاقته ربما من الزوج والأبناء وكل من حولها..؟!

نسأل الله عزوجل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يسخرنا لخدمة دينه وكتابه والدعوة إليه.. اللهم آمين..

سنبلة الوالدين

* منذ أن وضعت قدمها على عتبة العمل وهي تعطي والدتها ووالدها مبلغاً من المال يصل إلى نصف مرتبها.. فلما سئلت من صديقة جاهلة: المبلغ كبير.. وفري بعضه.. احتفظي ببعضه لليوم الأسود..

قالت.. هذه صدقة وصلة ولا أريد أن يحتاجا إلى شيء ولا يجدان في أيديهما المال.. ثم أيتها الأخت هذا العمل أطرد به اليوم الأسود.

* بين حين وآخر تخرج مبلغاً من المال صدقة عن والديها.. ترجو برهما بهذا العمل وتخلص في ذلك فلا يطلع عليه إلا العليم الخبير.

* تتفقد أمر والديها وترهف سمعها لتتحسس ما هي رغبتهما وماذا يحبان وماذا يتمنيان.

وعلى استحياء تسأل بطريق غير مباشر والدتها عن والدها..ثم تهب مسرعة لتفرحهما بما كانا يتمنيان كهدية.

* لم يرزقهن الله بأخ ولكنهن أمهات رجال ونساء مؤمنات يدفعهن إلى الخير ذلك الفضل العظيم والخير الجزيل الذي وعد الله به من بر والديه.. فعندما ألم بوالدتهن ألم قررن وهن متزوجات أن يقسمن الأيام بينهن.. وكل واحدة لها يوم تبقى فيه بجوار والدتها..ورغم المشقة التي يجدنها في الوصول إلى بيت الأم، إلا أنهن كن بارات طائعات فرحات بهذا العمل.

* كل يوم تردد: ماذا أقدم لوالدي.. هذا الدعاء كل يوم أرفعه لهما في صلاتي.. وعندما أقبل عيد الأضحى أوصت زوجها لشراء أضحية عن والديها وأخفت ذلك كله طمعاً في إخلاص العمل.

* تقدم رغبة والدتها على جميع رغباتها.. بل إنها تؤجل بعضاً من أعمالها الخاصة لكي تجلس مع والدتها وتؤانسها في الحديث.

* على الرغم من حداثة سنها فهي بارة بوالدتها.. كأنها عبدة مملوكة بين يديها.. تخدم وتعمل بجد وحرص ويعلو محياها ابتسامة الرضا وتأكد كل ذلك بتفقد ما تحبه والدتها.. أخذت حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم - على عينها ورأسها: "ففيهما فجاهد".

سنبلة الكتب

* هبت مسرعة إلى الباب مع أطفالها الصغار يستقبلون والدهم المحمل ببعض الأغراض.. قابلته بابتسامة وهي ترد السلام عليه ثم أردفت.. أخلف الله عليك ما أنفقت.. حملت معه ما ناولها إياه ثم حمل الأطفال الأغراض الخفيفة وهم يسرعون نحو المطبخ. وعندما وضعت الأغراض والحاجيات على الأرض نادت الأم.. هيا لنطمس الصور التي على العلب والكراتين.. أسرع الأطفال يحملون الأقلام السميكة التي خصصتها الأم لذلك.. دقائق وهم يتضاحكون.. ثم اختفى كل أثر للصور. إنها تربية الجذور على إنكار المنكر وعدم إقراره مع الإستطاعة.

* أسرفت على نفسها في أوحال المعاصي.. تعيش جواً كئيباً في بيتها.. مشاكل مستمرة مع زوجها.. ومع أطفالها.. ومع أهل زوجها.. بل ومع نفسها.. إنه شؤم المعصية وآثار الذنوب.. وأخيراً طرقت باب الكريم عائدة تائبة.. وعندها وجدت الراحة والسكينة.. إنه صدق الإلتجاء إلى الله.

* ليس لديها أموال كثيرة تتصدق بها ولكنها حمدت الله.. فهاهي قد فرغت السائق مع زوجته ليخدم في قضاء الحوائج وخدمة الفقراء وتوزيع الصدقات إليهم.. بل وحتى إيصال مريضهم.. أصبح السائق لا يقر له قرار.. ولكنه فرح بذلك.

* بدأت تتحسس مواطن الخير. ما سمعت بعمل خير إلا سارعت نحوه وشاركت فيه طمعاً أن يكون لها سهم في كل خير كما قال عمرو بن قيس: "إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به ولو مرة تكن من أهله.. ".

* خير العمل أدومه وإن قل.. لذا جعلت في نهاية كل شهر عملاً دورياً تقوم به وهو توزيع الكتب والأشرطة.. تترقب موعد نهاية الشهر حتى تبدأ العمل.. وأصبح آخر الشهر مرتبطاً لديها بإنجاز هذا العمل.

* غالب الكتيبات الإسلامية لا يتجاوز سعرها أصابع اليد الواحدة.. نعم مبلغ زهيد ولكن كم بذل من الريالات القليلة لنشر هذا الكتاب؟!

أما هي فقد جعلت في منزلها كتباً متنوعة في عدد من الكراتين إجمالي مبالغها لا يتجاوز ثلاث مائة ريال تكفيها للتوزيع على الأحباب والأقارب والجيران لمدة شهرين أو ثلاثة.

سنبلة المحاسبة

* عجوز مسلمة أصابها ألم في أذنها- وألم الأذن شديد لا يطاق- ولما أتي بالطبيب على رفض منها وعدم موافقة وأصبحت أمام الأمر الواقع.. أخرجت أذنها وغطت باقي وجهها كاملاً فلم تظهر إلا الأذن فقط.. تعجب الطبيب من فعلها واستغرب صنيعها وقال: يا أمي أنا طبيب اكشفي عن وجهك.

قالت المؤمنة العفيفة وهي واثقة من طاعتها لربها.. أنت لا تريد إلا أذني.. قد اخرجتها لك..

إنها تنبض بالاعتزاز والفخار والطاعة والتسليم لما أمر الله!!

* فرغت نفسها من الأعمال عصر يوم الجمعة حتى لا تفوتها ساعة الإجابة والأخرى ضحت برحلات واجتماعات طمعاً في تلك الساعة .

* قالت: زوجات أبنائي مدرسات داعيات ورغبة مني في مشاركتهن الأجر وتوجيه جهدهن إلى الدعوة إلى الله.. قمت بالطبخ ومتابعة الصغار من الأطفال..

ودائما أحثهن على عقد المحاضرات والدروس وأعاتبهن كثيرا على التكاسل والتراخي في نشر العلم الشرعي بين نساء المسلمين.

* لا يفتر لسانها من ذكر الله.. دائما تسبح وتستغفر وتحمد الله.. وإذا رأيتها في المجلس فهي الصامتة العاقلة.. إن نطقت فبحق.. أو سكتت عندها تبدأ أصابعها تتحرك ولسانها يلهج بذكر الله.

* تصلي قيام الليل ساعتين كاملتين كل ليلة رغم أنها أم لأربعة أطفال وخلفها مسئوليات زوج..

وعندما استكثرن عليها صويحباتها نوم الضحى خشيت أن تخبرهن بقيامها الليل فيدخلها العجب والرياء ولكنها لا تفتر تحدثهن من وقت لآخر.. ولو نصف ساعة قبل الفجر يا أخية تناجين ربك.

* إنها محاسبة النفس كل ليلة؟! اشترت دفتراً صغيراً ووضعته في متناول يدها وتسجل فيه كل ليلة قبل النوم ماذا عملت وماذا فعلت ثم تراجع نفسها..عمل بسيط ولكنه عظيم... وتوبة من قريب واستزادة.

* مساء كل يوم تذهب لأحدى دور تحفيظ القرآن الكريم تقوم بالتدريس والتعليم وتلقي محاضرات في العقيدة.. كل ذلك إبتغاء مرضات الله.

* رمضان موسم عبادة وطاعة.. وهمة نشاط.. قبل دخوله رتبت أوقاتها من الصباح إلى ما بعد صلاة الظهر ما تيسر من القرآن.. ثم تقف على قدم وساق في المطبخ.. لتقوم بطبخ كمية كبيرة من الطعام لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.. وخص زوجها مسجداً يقع في حي وسط البلد وتكثر به العمالة ولا يوجد من يقدم فيه إفطاراً.. قال زوجها بعد أيام من بداية الشهر.. إنهم يزيدون عن مائة رجل.

هنيئاً لك بصنع الطعام قال-صلى الله عليه وسلم-: "من فطر صائماكان له مثل أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئاً)). رواه الترمذي.

* تعامل خادمتها معاملة إسلامية كريمة.. وتعينها في بعض أعمالها حتى كسبت ودها ومحبتها.. ثم بدأت تركز على تربيتها وتعليمها حتى وهما تعملان.. وقالت في نفسها: ربما تكون هذه الخادمة غداً داعية في بلادها تنكر بعض أنواع الشرك والبدع الموجودة لديهم وتحذر من الإنحرافات.

سنبلة الخلق

* كان الحديث سهلاً جداً.. هيا يا أخي متى ستتزوج؟! العروس جاهزة والفتيات كثيرات!! ولكن عندما أعلم بموافقته على الزواج.. اختفى أمام أنظارهن ذلك الكم الكبير من الفتيات.. ومرت شهور وهم يبحثون ويبحثون..

كلوا وملوا.. وطرقوا أبواب من يعرفون ومن لا يعرفون..هذه طويلة وتلك قصيرة وهذه.. وتلك..

أرقهم الأمر وطالت بهم الأيام وبدأوا يتنازلون عن بعض شروطهم.

قالت أخته بفرح: إنها مواقف في عمر الإنسان.. تغير مجرى حياته.. تصرف بسيط أو كلمة عابرة..

وقد دعانا لاختيار هذه الفتاة والحرص على اختيارها ما رأيناه من والدتها.. فما أن طرقنا الباب حتى فتح لنا، وكانت الإبتسامة تعلو وجه الطفلة الصغيرة التي أخذتنا إلى مكان الجلوس وهي لا تعرف من نحن؟ ولماذا أتينا؟!

وما إن أقبلت الأم حتى هشت وبشت ورحبت واعتذرت عن المكان وقالت تفضلوا هناك.. فأم زوجي بمفردها في الغرفة الثانية وتحب أن تفرح بوجدكم.. هيا إليها.

رأينا بأم أعيننا تلك العناية والرعاية لتلك الأم العجوز..رأينا توقير الكبير والاحترام.. قالت أمي بعد أن خرجنا.. لن نترك بيتاً فيه هذا الخلق والاحترام.. هذه الابنة هي بنت أمها..ولن نتركها.. سنزوجها لأخيك ودعيني أشرح له المعاملة الطيبة والرفق..

وكانت ابنة تلك المرأة زوجة أخي.. وانتقل إلى بيتنا ذلك الاحترام والتقدير وحسن الخلق..

سنبلة الزواج

* لأنها الفتاة الملتزمة التي أطاعت الله ورسوله لم يكن نصب عينيها في زوج المستقبل سوى قول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: "من ترضون دينه وخلقه " وكانت كلما تقدم لها خاطب وزنته بذلك الميزان.. دينه وخلقه.. وعندما تقدم من رجحت تلك الكفة في صالحه رفض الأهل ببعض الحجج الدنيوية ولكنها أعادتهم إلى صوابهم وذكرت حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- فكان أن تمت الموافقة.. وهاهي تعيش في بيت طاعة وهناء وسعادة. قالت وهي تردد كل حين:

لقد رضي لنا الرسول-صلى الله عليه وسلم- أهم مقومات الحياة الزوجية وهما الدين والخلق وكأنهما جناحي طائر يحلقان بالأسرة المسلمة إلى سماء صافية نقية.. فلماذا نبحث عن غيرهما وهما أهم الأمور وأوفي المقاييس.. الدين والخلق.

* كان زواجاً إسلامياً غردت فيه الصغيرات وفرحت به الكبيرات.. وكان مما عملن وجملن به طاولات الطعام أن وضعن لافتة بها عبارات طيبة.. لا تغتابي مسلمة في شكلها أوملبسها أو شعرها.. لا يكن هذا المجلس وقوداً وطريقاً إلى النار.. "ولا يغتب بعضكم بعضاً".

جعلت من الزواج الإسلامي مثالاً حياً لما تكون عليه زواجاتنا.. دف ونشيد جميل ومسابقات طريفة للصغار.. ثم ختم الحفل بدعاء للزوجين وبدعاء لمن لم يتزوجن.. فارتفع التأمين..

* بعد زواجي.. توالت علي الهدايا.. فأنا من عائلة ثرية وطبقة إجتماعية معروفة.. ذهب.. ساعات.. حلي وجواهر.. ولكنها الآن مغلق عليها لا أراها إلا بين حين وآخر.. أما تلك الهدية المتواضعة- كما أسمتها صاحبتها- فإنها دخلت قلبي فأنارت بصيرتي وأزالت الغشاوة عن قلبي.. مجموعة كتيبات لها في نفسي أثر واضح.

في منتصف الطريق

أختي المسلمة:

وقد أشتد بك السير وأنت عاقدة العزم للوصول إلى النهاية.. تسألين الله العون والثبات.. أذكرك أن الاخلاص هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل عليهم السلام قال تعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) وقال تعالى: (( ألا لله الدين الخالص )).

وأنت تسيرين إلى الدار الآخرة لا يشق لك غبار ولا يدركك الملل ولا التعب.. فإنه يخشى على بعض العاملين الرياء ومحبة إبراز أعمالهم للناس والتحدث بها في كل مكان.. وكأنهم يعملوا إلا ليخبروا الناس وما قصدوا بذلك وجه الله والدار الآخرة.. يتسرب إليهم الرياء والعجب من حيث لا يعلمون.. ووالله إنه أشد على الأمة من المسيح الدجال فعن أبي سعيد مرفوعا: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال " قالوا: بلى يارسول الله. قال: " الشرك الخفي ".

والمخلص من يكتم حسناته وأعماله كما يكتم سيئاته ومساوئه..

ومما تذكر به الأخت المسلمة في هذا السعي المتواصل والعمل الدؤوب.. هو أن الاخلاص إذا تمكن من طاعة ما حتى وإن كانت قليلة أو يسيرة في عين صاحبها ولكنها خالصة لله تعالى فإن الله يجزي عنها الجزاء الأوفى والعطاء الأتم للمخلص.

* يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر كما في حديث البطاقة.

وذكر ابن تيمية- رحمه الله- حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم -: "يينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش إذا رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها فاستقت له به، فسقته فغفر لها به ". ثم قال: فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها.. فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال.

ولاشك أن من أدى الطاعات بدون إخلاص وصدق مع الله لا قيمة لها ولا ثواب له، بل صاحبها متعرض للوعيد الشديد وإن كانت هذه الطاعة من الأعمال العظام كالإنفاق في وجوه الخير وقتال الكفار.

* قال تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً}. .

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: هو أخلصه وأصوبه. قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: ان العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً، لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً " لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص: أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة ثم قرأ: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.

ثم أذكرك- حرم الله وجهك على النار- وأنت تجمعين الخير وتحصدين الحسنات.. أن لا تنفقيها في بضاعة كاسدة ودماء فاسدة إنها حصائد الألسن.. الغيبة والنميمة والكذب والاستهزاء وغيرها ولا تكوني ممن يعمل الأعمال العظام وشهر الليل والنهار ثم يضيع تعبه وجهده.. وتكوني من المفلسين.. الذين جمعوا رأس مال ثم أنفقوه.

قال- صلى اله عليه وسلم -: "أتدرون من المفلس "؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت قبل أن يقضي ماعليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". رواه مسلم.

سنبلة الأطفال

* تطلق علي بعض الأمهات.. أم الأدعية.. لأنه أصبح أمراً ملازماً لي وهو تحفيظ الأطفال الأدعية المأثورة عن الرسول- صلى الله عليه وسلم - إنها فائدة عظيمة لي باسترجاع ماحفظته وغرس لهذا الأمر في نفوس أطفال أسرتنا.. وتتعجب الأم وهي تسمع دعاء الكرب وقضاء الدين يردده طفلها.

* تسلم وترحب وتسأل عن الحال.. ثم بحكم سنها الصغيرة تجمع الأطفال الصغار.. فمن مسابقة إلى قصة إلى نصيحة.. ثم توزع الحلوى عليهم.. إنها جلسة تربية وتعليم.

* استفادت مدرسة المرحلة الابتدائية من فراغ أسفل صفحة أسئلة الامتحان.. فوضعت بين قوسين حديثا نبويا يبين فضل الإستغفار.

* تدخل السرور على الأطفال بتوزيع الهدايا والأشرطة وتحتسب كل ذلك من العمل الدعوي الذي يقرب إلى الله زلفى.

* تجد مجلات أطفال عند بعض أقاربها.. تستأذن في قراءتها حتى تأتي على صفحة هواة التعارف من الأطفال ويفجعها الأمر المهول.. طفلة في عمر الزهور هوايتها الرقص والموسيقى وأخرى هوايتها مشاهدة أفلام كرتون..

أخذت تلك العناوين وأرسلت لهم كتابين فقط وقالت أنا لا أخاطب الطفلة.. بل أخاطب أم الطفلة ووالدها.

بدأت في هذا الطريق والأمر ميسور وسهل.. مرة تختار كتاباً عن الحجاب وآخر عن مسئولية تربية الأبناء وآخرقصص إسلامية.. وهكذا بعد شهر فإذا بها قد أرسلت ما يزيد عن مئتي رسالة.. وقالت في قناعة.. لو استقامت عائلة واحدة لكفت.. فما بالك والأمل أكبر من ذلك بكثير.

سنبلة العمل

* لإنكار المنكر طرق مختلفة ووسائل عدة.. فهي تسلك أقربها وأيسرها وأكثرها وقعا في النفس..

في أحايين كثيرة إذا رأت من قريبتها أو زميلتها ما يسوء وخشيت أن تحرجها وأن لا تقع النصيحة موقعها.. ناولت رقم هاتفها إلى صديقة ناصحة مخلصة وأخبرتها بالأمر ودعتها إلى نصحها والترفق في ذلك والتلطف معها حتى يزول المنكر.

* النساء يرين من بعضهن الكثير من التجاوزات المحرمة أو المكروهة.. وأساهم في علاج بعض تلك الظواهر عبر بعث رسالة استفتاء إلى أحد العلماء عن حكم كذا وحكم كذا أو أرسل السؤال إلى إحدى المجلات الإسلامية لعرضه على العلماء.. فتكون الفائدة أكبر.

* لأدبها الجم وعلمها وحجتها القوية وطلاقة لسانها بدأت زميلاتها يلقين عليها عبء محادثة بعض نساء العائلة ممن يرين عليهن بعض المخالفات.. فمن لبس القصير والبنطلون والعاري إلى كثرة الخروج إلى الأسواق وعدم الاهتمام بالزوج والتهاون في الصلاة والركوب مع السائق.. قائمة طويلة.. أما هي فتهاتف تلك المرأة بأدب جم وثناء متصل.. فأنت من عائلة طيبة معروفة ولك نصيب من العلم.. كيف ترضين بهذا؟! والله إني لأتعجب من فعلك..

إهتدى على يديها الكثير.. إنها والله الكلمة الصادقة.. والنصيحة المخلصة.

* استفادت من جهاز تصوير المستندات الموجود في مكتبتهم فتقوم بتصوير فتاوى العلماء من المجلات وتوزعها على أقاربها ومعارفها.

* للهدية وقع في النفس فهي تغسل درن القلوب وتبث المودة وتنشر المحبة قال- صلى الله عليه وسلم -: "تهادوا تحابوا" إذا سمعت بزواج قريبة أو مناسبة لصديقة حرصت على إهداء هدية لهم وتعتبرها من الصدقة الجارية أو العلم الذي ينتفع به.. فهي تهدي كتيباً وأشرطة.. فلا تهدي إلا ما ترى نفعه..

وأحياناً تشتري جهاز تسجيل مع مجموعة من الأشرطة المنوعة وكذلك أشرطة للأطفال وتهديها..

سنبلة الكنـز

* قالت هذا كنز هذا الزمان إنها الدروس العلمية للعلماء والمسجلة على أشرطة.. بدأت تحضر أشرطة الدروس العلمية لكتاب التوحيد ثم أحضرت الكتاب والقلم وبدأت تستمع الشرح وتعلق على الكتاب كل يوم درساً فقط. حتى أنهت كتاب التوحيد كاملاً في شهرين فقط.

ثم بدأت الخطوات العلمية الأخرى.. فالتسجيلات تمتليء بأنواع الدروس العلمية في التوحيد والفقه واللغة وغيرها.. إنها كنوز ثمينة ودرر نفيسة.

* اتفقت مع أحد دور النشر على طبع كميات كبيرة من الكتب كل فترة وبدأت تجمع الأموال حتى اكتملت ثم تقوم بطبع تلك الكتب وتوزيعها مجاناً.. وقالت: لو قامت معلمات وطالبات مدرسة واحدة بمساهمة متواضعة تستطيع أن تطبع كل شهر أحد الكتب بمبلغ لا يتجاوز الخمسة آلاف ريال.. إنها عشرة آلاف كتاب توزع في الشرق والغرب..

* أحببت سيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم - وسير أصحابه والتابعين.. وبدأث منذ فترة بنقل تلك السير والقصص من المجلدات والكتب وبعض المجلات الإسلامية وأطبعها على الآلة الكاتبة أو جهاز الكمبيوتر ثم أصورها عدة نسخ وأوزعها على أطفالنا وكذلك على مدرسات الصفوف الأولى.

* تتململ وتتضايق من طول جلوسها في السيارة أثناء توقف زوجها لقضاء بعض أعماله أو شراء بعض الحاجات من المحلات التجارية وغيرها.. استبدلت تلك الدقائق الطويلة المملة بقراءة ما تحفظه من كتاب الله.. وكانت أمارات السرور بادية عليها وهي تحفظ سورة الكهف وترددها عن ظهر قلب.. لقد تحول الضجر والملل إلى طاعة وسعادة وفرح.

* بعد زواجها بأشهر جعلت جميع ملابس الزواج عوناً لمن احتاجها.. استمرت في إعارتها لمن ترغب الاستفادة منها وقالت لمن أرادت استعارة الفساتين.. هيا يا أخية تصدقي ببعض ما كنت تنوين به شراء فساتين لك.

* في منتصف الطريق أو أكثر وهم مسافرون بدت لهم قرية على الطريق العام.. تشاورت مع زوجها وقالت: دعني أدخل مستوصف القرية وأضع فيه من الكتب والأشرطة التي معنا..

وكان لها ذلك.. تهافتت عليها الممرضات والمراجعات وكأنهم لأول مرة يرون تلك الكتب.

* لقد استعدت لأيام الوضع وما بعدها.. قامت بشراء كمية كبيرة من الاشرطة والكتب وغلفتها بشكل جميل.. وعندما وضعت طفلها وبدأت زيارة الأقارب.. أخذت تهدي لكل زائرة إحدى تلك الهدايا..

* في المرحلة الثانوية تحاول أن تستقطب القادمات من المرحلة المتوسطة وذلك بإبتسامة عريضة ومحبة صادقة تدلهن على الفصل وتحثهن على حضور الدروس وتقدم لهن مجموعة من الكتيبات والأشرطة.

* لها أسلوب متميز في الدعوة فهي تبحث في وسط الأسر عن المرأة القوية المقبولة لدى أسرتها ثم تبدأ بدعوتها شيئاً فشيئاً حتى يستقيم أمرها..

وعندها تقول: أنت مسئوولة عن باقي أسرتك ومعارفك.. عليك حمل ثقيل ولكن أنت أهل لذلك.

سنبلة الذهب

* متزوجة ولديها أطفال وعندما توفي قريب للزوج وترك خلفه أرملة وأيتام قالت لزوجها: تزوجها تكسب الأجر.. تعالت الصيحات حولها: أنت مجنونة!!

أنت مغفلة!! أنت بلهاء!!

قالت بهدوء: أين أنتم من حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم -: "الساعي على الأرملة كالمجاهد في سبيل الله " أين أنتم عن أيتام المسلمين؟!

لم يطل التعجب لأن حديث لسانها.. قال الله وقال رسوله. صدقت والله.

* سمع زوجها بعمل دعوي ولكنه تردد.. وقت العصر وقت لزوجتي وأبنائي.. حدثها عن العمل الدعوي وفائدته وكأنه يستأذن في ذلك الوقت.. دفعته إلى ذلك العمل واحتسبت هذا الوقت لله.. زادت مكانتها في عينيه وعلم أنها ممن يحمل هم الدعوة لا هم نفسه وبطنه.

* حث متواصل لزوجها للمحافظة على الصلاة والمشاركة في أعمال الخير.. تيسر أموره وتهون العقبات وتدله على الطريق.

* تزوجت برجل توفيت زوجته في حادث وله منها أطفال أصغرهم في الأشهر الأولى من عمره.

أما الزوجة الشابة فإنها تعد لرسالة الدكتوراه.. وعندما رأت حاجة الصغار لها أرادت أن تقوم مقام والدتهم. فاستخارت الله وقدمت إستقالتها من الجامعة واعتذرت عن رسالة الدكتوراة طمعاً في أجر تربية الأبناء.. إنها صورة مشرقة في جبين الأمة.

* اقترحت على زوجها أن يسكن مقابل بيت والده ليتابع ويلاحظ إخوته الصغار في حضور صلاة الجماعة وفي اختيار الرفقة الصالحة.

* عندما عين زوجها في منطقة نائية لم تتردد في الذهاب معه.. بل إن الله يسر أمورها ووجدت مجتمعاً يحبها ويحرص على تعلم العلم على يديها.. أقامت في القرية عاماً كاملاً لكنها أخرجت ولله الحمد جيلاً كاملاً.. جدات وأمهات وبنات.

* بعض النساء كالذهب الخالص.. قال: تزوجت المرأة الثانية منذ عشرين عاماً.. ووالله ما سمعت الأولى إغتابت الثانية. بل والله سمعتها تدعو لها.

* اسعدك الله سعادة لا تشقين بعدها أبدا.. هذا الدعاء تردده أم الزوج الكفيفة لزوجة ابنها كلما أمسكت بيدها لتذهب بها لقضاء بعض شئونها وحاجتها.. إنها صورة طبيعية للمرأة المسلمة ولكن الإعلام الفاسد نخر في جسد الخلق الفاضل حتى قلمت الموازين وجعل المرأة لا تطيق أم الزوج..

وتجد كثيرات تحب خادمتها وتعاملها معاملة طيبة وهي كافرة.. وأم الزوج امرأة مسلمة كبيرة في السن تجد النكران والصد.. إنها المأساة تأكل في دين المسلمة.

* تزوج بفتاة حليها الأدب وجمالها الخلق وتاج رأسها التقى.. وعندما سألته مبلغاً من المال لشراء هدية لوالدته.. وعدها خيراً ولم ينفذ.. عندها باعت قطعة من ذهبها الخاص واشترت الهدية. ولا يعلم بذلك أحد إلا الله.

* تختار لزوجها الرفقة الصالحة وتحثه على مجالسة الأخيار وتهاتف زميلاتها ليزرنها رغبة في أن يتعرف زوجها على أهل الخير ويشغل وقته بما يفيد.

* همها رضا زوجها وحسن عشرته وتفقد أمره وبين حين وآخر تردد حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة". رواه الترمذي وابن ماجه.

سنبلة الحقيبة

* سمعت أن محل التسجيلات الإسلامية الموجود في حيهم يعاني من ضائقة مالية وأنه ربما يقفل أو ينتقل..

قالت في نفسها.. هذا خيركثير نخشى أن ينغلق أو يرحل عنا.. هبت مسرعة وبدأت تشتري من الأشرطة النافعة وتوزعها.. ودفعت ببعض المتبرعين لشراء أشرطة دينية من المحل دعما لنشاطه حتى لا يتوقف.

احتسبت الأجر مرتين.. في دعم نشاط إسلامي ربما ينقطع خيره.. واحتسبت الأجر في توزيع الأشرطة على المعارف والجيران.

* مثل حقائب النساء التي لا تخلو من أدوات الزينة حقيبتها لا تخلو من مجموعة من الكتيبات والمطويات.. فأينما ذهبت واستقرت وضعت تلك الكتب.. إنها نبع من ينابيع الخير.. جملها الله بالتقوى وزانها بالإخلاص ولم ينقص من أدوات زينتها شيء.. إنها داعية بعملها هذا.. ورغم أن الجميع يستطيع أن يقوم به لكن أين أهل الهمة والغيرة والحماس؟!.

* اسم عائلتها يتردد بكثرة وله رنين وجاه وبريق.. فهي من كبار العوائل وصاحبة نسب رفيع.. وعندما سكنت بجوار مسجد ملحق به مغسلة أموات.. بدأت تذهب بنفسها وتغسل المتوفيات ولا أحد يعلم أنها فلانة بنت فلان.. وكثير إذا ذكر لهن الإسم لا يصدقن.. ولكنها منابت الخير وطرق الهداية والتوفيق.

* طرق سمعها حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم -: "من جهز غازيا فقد غزا" لم تتردد ولم تؤخر.. دفعت المبلغ وناولته زوجة جارهم وأقسمت عليها أن لا تخبر زوجها من أين أتى هذا المبلغ وقالت: هذا مبلغ من محسنة لتجهيز غاز إدفعه إلى مؤسسة خيرية تقوم بإيصاله.. غزت وأخلصت. رفع الله درجتها.

* ناولت البائع في المحل مجموعة من الكتيبات والأشرطة وطلبت منه توزيعها على المتسوقات وإهدائها لهن.

* من رأى إهمال البعض في أمور الدعوة يناله العجب.. حتى من هم في بيوتهم لا يدعونهم إلى الإسلام الصحيح.. بل يتركون.. ولذا فقد أنشأت مكتبة صوتية في منزلي ورتبتها حسب اللغات الموجودة لدينا وكلما رأيت خادمة وسمعت بقدوم سائق أهديته مجموعة كاملة من الأشرطة المنوعة بلغته وسألت هل هناك من تعرف من يجيد لغتك.. عندها وضعت له الأشرطة حسب حاجته..

* لقرب مسكنها من المسجد الذي يوجد به مغسلة أموات فقد تولت بنفسها إعداد الأكفان وتجهيز بعض الأغراض التي تخص الموتى وترسلها إلى المغسلة.

* دعت أقاربها وصديقاتها إلى حفل عشاء وأسرت في أذن من ترى أنها تشجعها: لقد حفظت سورة البقرة.

ولذلك فرحت وجمعتكم لهذا.. لا تخبري أحداً بهذا وسأنتظرك وأنت تدعين الجميع لحفلة مثل هذه تكونين قد حفظتي فيها سورة البقرة.

* صوم يومي الإثنين والخميس وكذلك أيام البيض سنابل مورقة لمن أراد الاستزادة في الطريق الطويل..

* يعلم القريبات أنها خير معينة لزوجها في الدعوة إلى الله.. فهو يجوب الداخل والخارج داعياً وواعظاً.. لم تمانع ولم تقف في وجهه حجر عثرة.. تحتسب الأجر وهي تمكث في دارها أو في دار والدها مع أطفالها صابرة على أذاهم متحملة المشقة بفراق زوجها في سبيل الدعوة إلى الله.

سنبلة الأجيال

* مجال التعليم من أوسع مجالات الدعوة إلى الله وكثيراً من العاملات في مجال التدريس صبرن واحتسبن العمل في هذا المجال خدمة للدعوة إلى الله.. وإلا فالكثيرات منهن يحتجن إلى الراحة وإلى تربية أبنائهن خاصة من تقادم بها عمر التدريس وأفنت سنوات في هذا المجال.

ومن تأمل الحصة الدراسية وعدد المستمعات من الطالبات وطول مدة كل حصة لوجد أرضاً خصبة وعقولاً متفتحة تسمع ما يقال.. فمتى يجتمع عشرون طالبة أو ثلاثوت لمدة خمس وأربعين دقيقة؟.

وعلى اختلاف التخصصات فإن كل مدرسة داعية في مجال عملها..

* فهاهي مدرسة الرياضيات داعية نشطة تجمع بين نصح الطالبات وتدريسهن.. بل إن أسئلة الإمتحان لا تخلو من نصيحة على شكل سؤال..

أحد أسئلتها: أراد عبد الله أن يتخلص من أشرطة الغناء المحرمة شرعاً والموجودة لديه فتح الدرج الأول فوجد فيه 19 شريطاً، وفتح الدرج الثاني فوجد فيه 15 شريطاً، وفتح الثالث فإذا به 13 شريطاً.

فكم مجموع عدد أشرطة الغناء المحرمة التي تخلص منها عبد الله وتاب إلى الله من سماعها؟!

* أما مدرسة اللغة الانجليزية ففي بداية كل درس جعلت دقائق معدودة لقراءة حديث من أحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم - وترجمة معانيه.

* أما من وقع بين يديها درس لصهر الحديد وإذابته وهي معلمة مادة العلوم فإنها تقوم بالتجربة أمام الطالبات وتضع المواد المراد صهرها ثم تسأل في تعجب: كيف بنار الآخرة؟!.

هل نستطيع أن نصبر على هذه النار ولو دقائق؟! هيا أجبن؟!.

عندها أفاقت إحدى الطالبات من غفلتها واهتدت والتزمت واستقام أمرها بسبب هذه الكلمة التي هزت جوانحها وأزالت غشاوتها.. ولا تزال تردد.. كيف بنار الآخرة؟!.

* ونمى إلى علمي أن مدرسة لغة انجليزية إلتزمت مدرسة كاملة على يديها.. ولا عجب ولا غرابة في ذلك.. إنها مجالات دعوية داخل الفصل وخارجه.. في المصلى وفي نشاط الحصص.. ويوم تقف المعلمة أمام الله جل وعلا سيسألها عن هذه الساعات ماذا قدمت فيها وهذه الفرص ماذا استفادت منها.. إنها سنوات معدودة وفرص ذهبية.. إذا لم تستثمر فمتى إذا تستثمر؟!

سنبلة الاحتساب

* تزوجت فإذا بالزوج محافظ على الصلاة منضبط في سلوكه حسن الخلق في تعامله ولله الحمد..

ولكن بعد سنوات وقد كثر الأبناء تعرف الأب على رفقة سوء فتأثر بهم وبدأ مشوار الكسل والضعف والتهاون في أمور دينه.. وبدأ يسهر كثيراً خارج منزله.. رويداً رويداً بدأ ينحدر في الهاوية.. حتى ترك الصلاة واعتذر بالنوم والتعب والاعذار الواهية..

نصحته فهو أب لأبنائها.. خوفته ووعظته.. حاولت الإصلاح واتبعته بالدعاء ولكن الإنحدار كان سريعاً.

أسرت في نفسها شيئاً وعندما ذهبت لأهلها.. هاتفها ليطمئن على وصولهم.. فلم يجد إلا الصدود والإعراض.. ماذا جرى؟ ما الأمر يا زوجتي؟.

قالت له: تركت لك رسالة مسجلة شرحت لك السبب!!. أسرع ليستمع إلى صوتها فإذا بها تحدثه عن الحكم الشرعي في عدم جواز بقاء المرأة مع زوج لا يصلي.. وإذا مت على هذه الحالة.. فلا تغسل ولا تكفن ولا تقبر في مقابر المسلمين.. وليس لك ولاية على أبنائك الآن.. كيف تفرط في جنب الله.. بدأت تخطو نحو الآخرة.. وغزا شعرك المشيب وكبر أبناؤك.. ثم هذا عملك؟!.

سمع تلك الرسالة وهاتفها بعد حين وقال.. فكري.. لا تتعجلي.. أين سيكون أبناؤنا؟ وأنت كيف ستعيشين؟! من يذهب بك لمدرستك؟!.

وبدأ يكبر ويهول الأمر ولكن من آمنت بالله واتكلت عليه أجابت:

أنت تتخيل المشاكل وتكبر الأمور.. كثير من البيوت لا يوجد فيها أب وخرج منها رجال.. لن أعود لرجل لا يصلي ثم إذا أصبت في جنب الله فلا ضير علي.. لقد وطنت الصبر واعتليت الاحتساب..

في أحد مجالس النساء سمعت رأيها إحدى الحاضرات ممن مجهن الزمن وانحدر بهن الفكر وصرخت في وجهها كيف تتركين زوجك.. أنت لا تقدرين العواقب..

أجابت الصابرة المحتسبة: لو ذكرت لكم أنه ضربني أو بخل علي لرفعت الأصوات في المجلس.. كيف تبقين مع من يحقر المرأة.. مع من لا يعطيها حقوقها.. هذا إهدار لكرامة المرأة هذا وهذا..

أما لأنها الصلاة عمود الدين وركنه الثاني.. فسكتت الناعقات إلا من حديث الشيطان ووساوسه!!.

فكر وعاند زمناً.. ولكن الصدمة عنيفة والفضيحة كبيرة..بدأ يتراجع ويعود إلى الله.. عاد إلى زوجته وأبنائه..

قال الحمد لله كنت على بعد خطوات من النار.. هيا لنجدد عقد زواجنا كما قال العلماء.

سنبلة المجالس

* وضعت في صدر المجلس على طاولة صغيرة: {ولا يغتب بعضكم بعضاً}.. في البداية الضحكات مكتومة والأعين مشدودة.. وكأنها تقول لهم إياكم والغيبة.. وكلما تحدثت إحداهن ثم عرجت على ذكر فلانة أشارت صاحبة المنزل إلى اللوحة.. شيئاً فشيئاً حتى خلت مجالسهن من الغيبة.

* حديثها يأتي كنسمة الصباح المشرق.. تدير الحوار ثم تقفز بالحاضرات من الموديلات والأزياء لتحدثهن عما جرى في مدرستها.. إنها قصة وفاة ابنة عمها طالبة لديهم.. ترقق بها القلب ثم تعقب بحديث عن الموت وقصص أخرى.. تحول المجلس إلى مجلس ذكر وخير.

* في مجلس عام تسلطت عليها امرأة قليلة الحياء بذيئة اللسان عديمة الأخلاق بالسب والشتم.. قالت في نفسها وهي لا ترد حرفاً واحداً عليها.. لماذا لا أكون ممن قال الرحمن فيهم:{ والكاظمين الغيظ }.

* مجلس آخر تكررت نفس البذاءة وهي صامتة ساكتة لا تتفوه ببنت شفة.. وبعد شهور وهي مرفوعة الرأس جاءتها سليطة اللسان تعتذر عما بدر وترجو العفو والصفح.

* للعاملات في الدعوة إلى الله نصيب من النقد وتصيد الأخطاء والتشهير والتقليل من أعمالهن.. ومن تتبع أصحاب الحديث والكلام لوجد أنهن النائمات فقط. فالتشهير سهل وتصيد الأخطاء سهل.. ووالله لو لم يعملن لما وجد خطأ.. ولكن ليتكن بقيتن على نومكن لكان أهون الشرين.

أما الأخت الناصحة الباحثة عن الحق فإنها نادرة.. نادرة.. بها تصحح الأخطاء وتتدارك الهفوات.

* مجتمعنا مجتمع مفتوح.. البعض أصبح مثل الأسفنج إذا وضع في الماء يمتص كل شيء.. والكثيرات كذلك وبعض كالإمعة ما إن تسمع حتى تقلد وما إن ترى حتى تحذو..

ولمواجهة جزء من هذا الغزو أخرج العلماء- حفظهم الله- فتاوى فيما استجد من عباءة مطرزة وبنطلون وطرح مزركشة.. إنها فتاوى مهمة في ورقة أو اكثر.. تقوم بتصويرها وتوزيعها على مجتمع النساء.. في المدرسة.. والحي والسوق.. وتتابع ما استجد من الفتن..

سنبلة التوحيد

* همست في أذن الداعية قبل يوم من محاضرتها.. ما عنوان محاضرتك غداً.. قالت: عن معاملة الزوج والصبر عليه وما على الزوجة من واجبات وما لها من حقوق.

أثنت على الموضوع وعلى الحاجة الماسة إليه خاصة أن البعض أو أكثر النساء يجهلن حقوق الزوج.. سكتت برهة ثم قالت بأدب جم: سأروي لك ما حدث في مدرسة مجاورة.. لقد كثر النزاع والشقاق بين المدرسات وتحولت المحبة إلى بغض وكراهية وأصبح مجتمع المدرسات مجتمع مشاكل ونكد..

وعندما طال أمد الفرقة اقترحت إحداهن لحل هذه النزاعات ولابعادها عن المدرسة ذبح كبش على عتبة الباب..

وكان ذلك في صباح يوم فرح فيه الشيطان.. نعم كان باباً من أبواب الشرك فتح!!

التفتت الداعية وهي تستغرب الحدث وتريد معرفة التفاصيل أكثر.. ولكن المتحدثة قالت لها: أيتها الداعية.. عشرون محاضرة هذا العام أو تزيد سمعتها في أماكن متفرقة كلها ضرورية وفيها نفع عظيم.. ولكننا تركنا الأهم.. إنه دعوة الأنبياء ولأجله بعث الله الرسل وأنزل الكتب وسلت السيوف وأقيم علم الجهاد..

إني سائلتك أيتها الحبيبة: أرأيت جيوش العرافين والكهان كيف غزت العالم الإسلامي..

أرأيت أين أينعت البدعة وارتفع شأنها.. أما الصوفية فإنها غزت الأمة غزو النار في الهشيم.. أيتها الأخت.. لا نغفل جانب التوحيد ونتركه ثم نفاجأ يوما أن ما بنيناه كان على جرف هار.. لابد أن نبدأ بالقواعد والأساس الصلب القوي.. ثم ما فوق.

قالت الداعية: صدقت.. ولك أن تكون محاضرتي عن إخلاص العبادة لله وحده. وستعقبها محاضرة عن نواقض الإسلام.. وهكذا وبينهما ستكون محاضرتي عن معاملة الزوج والصبر عليه.. والإحسان إليه.

لن نترك المهم ونغفل عنه.. فما الفائدة من معاملة الزوج معاملة طيبة ونحن نذبح لغير الله أو نطوف على القبور أو نتوسل بالأموات ونستغيث بهم.. آه أما رأيت قراءة الكف والابراج وإنتشارها.. أما السحر والصرف والعطف فإن أسرار البيوت تمنع الحديث وإلا لسمعت ما يبكيك يا عقيدة التوحيد.

أرأيت الولاء والبراء.. ماذا بقي منه.. بقي الولاء والمحبة للنصارى والبوذيين وغيرهم أما البراء فقد...

عادت تسأل المحاضرة سؤالاً عجيباً: مارأيك لو قرأنا بهدوء نواقض الإسلام.. يا ترى كم امرأة تقع في محظوراته؟! ابتسمت المحاضرة بأسى وقالت: صدقت.

إنها دعوة الرسل.

سنبلة العزيمة

* النية والإخلاص والجد والاجتهاد والبحث عن السبل المعينة مسار صحيح لكل عمل دعوي موافق للكتاب والسنة. والثمرة والجزاء جنات عدن.. وقبلها راحة وانشراح واطمئنان في الدنيا.

* صدمت بمجتمع المدرسات وكثرة القيل والقال والغيبة والنميمة.. أما حديث الأزياء والأزواج فحدث ولا حرج.. كل يوم موديل من الملابس وقصة عن زوج من الأزواج.. قالت المدرسة الجديدة.. ليس هناك إلا خيار واحد.. هو إنقاذهن من النار.. بدأت مرة وأخرى والضحكات تتوالى والتعليقات تستمر.. ثم في النهاية فإذا بهن دعاة ومربيات ولكن ذلك أتى بجهاد ومشقة.. سعدت بعملها وحصدت زرعها..

* اتبعت طريقة التشجيع في التربية.. فما إن ترى طالبة متميزة في المدرسة حتى تدعوها بمفردها وتثني على علمها وخلقها.. ثم تسألها كم تحفظين من كتاب الله؟!

كيف لا تحفظين إلا القليل وانت قد وهبك الله كل هذا التفوق. وفي النهاية تقول المدرسة في قوة: سأراجع لك ما تحفظين كل أسبوع.. بثت في نفس طالبتها الهمة وشجعتها وكانت النتيجة أن بدأت الطالبة تخطو نحو العلا بخطوات سريعة.

* بعد انبهار الطالبات مما سمعن من اختراعات.. قالت لهن مدرسة العلوم في المعمل: هيا انظروا.. قال الله تعالى: ثم قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-..

وتربط الاختراعات والاكتشافات بالإعجاز القرآني العظيم.. وتختم: سبق القرآن وسبقت السنة كل ما رأيتموه بخمسة عشر قرناً.. إنها المعجزة.

* معلمة مادة الأحياء مدرسة دعوية تربط بين كل موضوع من مواضيع الدرس وعظمة الخالق في خلق الإنسان والحيوان والحشرات..

كثيرات تأثرن باسلوب الدعوة المبني على واقع تلمسه الطالبة.

* فرغت نفسها للدعوة داخل سجن النساء.. صابرة محتسبة.. رغم المشقة والعنت إلا أنها لا تشتكي.

سنبلة القدوة

* القدوة.. كلمة نادرة خاصة في مجتمع النساء.. أما هي فإنها قدوة في العلم والخلق والأدب..

ثم هي قدوة في اللباس الإسلامي الكامل.. لباس بسيط ساتر.. من يعرفها ويعرف وضعها المادي وثرائها يتعجب من لباسها وحشمته وبساطته إنها القدوة وصدق الله {ولباس التقوى ذلك خير}.

أما تلك التي كأنها طاووس مارأت موديلا أو صرخة أزياء على كافرة إلا تبعتها فلا يقال لها إلا: "حذو القذة بالقذة ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ".

* كلما استقر بها المقام في مجلس تحدثت عن مدارس تحفيظ القرآن والفائدة من الدراسة فيها وتذكر لهم من رأت وكم حفظن وتسهل عليهن أمر الذهاب إليها.. إنها داعية إلى هدى وخير.. تشارك في بث روح الهمة والجد لحضور الدورات المقامة لحفظ القرآن الكريم.

* في المجتمعات والمناسبات تقيم بعض المسابقات وجعل الأسئلة وعظا غير مباشر للمحاضرات..

فتسأل: ما هي شروط لباس المرأة المسلمة؟! هل يجوز لبس العباءة المطرزة؟! وهكذا.

* بين حين وآخر تساهم في دعم صوت الإسلام من خلال الإشتراك في مجلات إسلامية وترسلها إلى مراكز ومعاهد إسلامية في الخارج..

* منذ أن سكنوا في الحي الجديد وزوجها يردد بين حين وآخر على مسامعها: رجال الحي لا يشهدون صلاة الفجر في المسجد. وقد نصحتهم فلم أر استجابة وقبولا.. وعندما علمت زوجته أن نساء الحي يجتمعن كل يوم ثلاثاء في جلسة فكاهة وأحاديث دنيوية.. قالت: هذا مدخل لنا.. ذهبت في الموعد ورحب بها الجميع وبعد جلستين فقط أشارت عليهن أن تتحول هذه الجلسات إلى جلسات مباركة يعلوها آية وحديث.. ودرس بينهما.. وافقن مع تردد البعض ولكن صاحبة الهمة سلكت الطريق الأسهل وبدأت تقرأ فتاوى عن الطهارة حتى فغر النساء أفواههن من الجهل.. شهور فإذا برجال الحي يشهدون الفجر.

سنبلة الأخوة

* كثيرات يتمنين أن يكن داعيات دون جهد.. وكثيرات يتمنين أن يكن مجاهدات دون صبر.. إنها طرق الجنة.. تحتاج إلى صبر ومصابرة وجهد ومشقة وبذل للوقت والمال..

كانت معلمة في المرحلة المتوسطة.. معلمة دعوية علمت أن الابتسامة طريق للوصول إلى قلوب الطالبات فكانت كذلك.. تسلم وتسأل وتناقش برحابة صدر وسعة بال.. تسأل عن تلك وتقضي حاجة الأخرى..

وعندما تغيبت إحدى طالباتها عن الحضور سألت عنها فجاءها العذر المتكرر إنها متعبة.. وعندما مرت أيام أعادت السؤال وألحت في طلب الإجابة حتى سألت أختها التي تكبرها وهي في المرحلة الثانوية.. فأعلمتها أنها مع بداية خروج الطالبات عثرت قدمها في درج المدرسة الخارجي وأصابها ألم شديد في قدمها.. وطلبت من أبي أن يذهب بها إلى المستشفى ولكنه رفض بحجة أن هذا من عدم المبالاة عند المشي وقال لأمها: دعيها تتعلم المشي.

بعد أسبوع من الغياب طلبت المدرسة هاتف المنزل وحدثت الوالدة عن عدم ذهابهم بها إلى الطبيب وعن تغيبها عن المدرسة وضياع بعض الدروس والحصص عليها.. وبعد إلحاح شديد من الأم ذهب بها والدها إلى المستوصف القريب ثم طلبوا تحويلها إلى المستشفى.. وبعد تحاليل وتقارير طويلة.. فإذا بسرطان في القدم قد أصابها..

لازمت السرير في المستشفى وكانت المدرسة الداعية خير عون لها في محنتها تعزيها وتواسيها وتكرر عليها آيات الصبر واليقين ولم تتركها يوما واحداً.. بل كانت كل يوم تذهب لها متحملة المشقة في ذلك.

وكانت زيارتها كالبلسم للمريضة ذات الخمسة عشر عاماً فهي تحمل إليها شريطاً أو كتاباً.. ولم يقف الأمر عند حد وقت الزيارة بل كانت تهاتفها.. هل قرأت الكتاب؟ وهل مررت بالفائدة التي في صفحة كذا؟!

وهكذا ملأت عليها الفراغ وجعلتها امرأة سلكت طريق الصبروالاحتساب.. علمتها الرقية الشرعية وكانت تقرأ عليها وهي ممسكة بموضع الألم..

في إحد الزيارات لاحظت المدرسة إنها تتأخر عن صلاة الفجر فكان أن وعدتها أن توقظها لصلاة الفجر.. وتعيد الاتصال بعد خمس دقائق لتتأكد أنها قد استيقظت تماماً.

بعد خمسة عشر يوماً تثاقلت بالمريضة الأيام وبدأ الوهن يسرى إلى جسمها.. حتى توفيت.. خمسة عشر يوماً جعلتها المعلمة باباً من أبواب الدعوة فربما كانت سبباً لانقاذ هذه الطالبة من النار.. هونت عليها الأيام الأخيرة وجعلتها أكثر إيماناً وأكثر محافظة على الصلاة.. استرجعت ودمعة وسط العين تحور.. كم لدينا من المرضى والمبتلين والمصابين.. إنهم يحتاجون إلى وقفة وتعزية وسلوان.. إنها الأخوة الصادقة في الله.

سنبلة الحي

* نظرا لضيق الوقت لديها ولرغبتها في أن يعم الخير أرجاء الحي بدأت في تنظيم مسابقة لحفظ القرآن في الحي ووضعت جوائز قيمة.. ثم بدأت في تسميع حفظ المشاركات وبعد أن انتهت الدورة دعتهن إلى منزلها لأول مرة.. وذلك لاستلام الجوائز والفرح بهذا الفضل العظيم..

إنها مسابقة لحفظ القرآن عن طريق الهاتف.. وعندما اجتمعن لديها قالت: هذا جهاز الهاتف سخرناه لخدمة دين الله ونحمد الله أننا جعلناه أداة للخير ومعيناً على القرار في البيوت. ثم أردفت كل واحدة منكن تستطيع أن تقيم مسابقة مثل هذه لأقاربها وصديقاتها ومعارفها وهي في مكانها.

* للجار حق عظيم وقد أوصى به- صلى الله عليه وسلم - أخذت حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم - من أطرافه فقامت بتفقد أحوال الجيران ومواساتهم.

* اجتماع الحي اكتسب طابع الخير.. فمن موعظة حسنة إلى قراءة بعض الأحاديث وحفظ ومراجعة آيات القرآن.. إلى حصالة للمبالغ المالية تحضر معهم كل جلسة ثم إذا قاربت على الامتلاء تم استبدالها بأخرى ويذهب ريعها للمشاريع الخيرية. سنوات بعضهن تتبرع بريال وأخرى بمائة وكل على قدر طاقته وحسب استطاعته.

* تتفقد أرامل الحي وأيتامه وفقراءه.. وتسأل عن المحتاجين.. ماذا تريدون وماذا ينقصكم.. لهذه العائلة ثلاجة ولتلك غسالة.. ولأخرى أدوات مدرسية.. ثم تشتري تلك الحاجيات وتبعث بالفاتورة إلى من لديه سعة في المال فيقوم بسدادها.. وهكذا تنتقل من خير إلى خير..

* تعجبن من عرضها عليهن تعلم الخياطة.. ولكنها مع مرور الأيام بدأت في تنفيذ ذلك وبدأ نساء الحي يقمن بخياطة بعض ثيابهن.. إنها هواية ومتعة وفيها مع النية الأجر والثواب.

* لم تقتصر همتها ودعوتها إلى الله على طالبات المدرسة.. بل تعدى نفعها إلى الجيران فجعلت لهم نصيباً من دعوتها بين حين وآخر تجمع نساء الحي وتلقي عليهن كلمة توجيهية ذات فائدة

تكون زادهن إلى الآخرة.. وبين محاضرة وأخرى تستضيف زميلة لها لإلقاء المحاضرة ليكون هناك تجديد وتنويع.

* علمت أن غرس الفضيلة يتمكن في النفوس منذ الصغر فسعت إلى جمع بنات الحي الصغيرات يومين في الأسبوع في منزلها لمدة ساعة ونصف يحفظن القرآن وتغرس في نفوسهن معنى الفضيلة وتعلمهن الحشمة والحياء.

* تحث العوائل على زواج أبنائهم وتسارع في البحث لهم عن الزوج الصالح.. وتقدم من لديها ظروف خاصة أو خوف من انحرافها. وتدل على صاحبة الدين وتثني على تقاها وورعها.. بين حين وآخر تجمع بين زوجين وهي تدعو بالتوفيق والذرية الصالحة.. وعندما قدمت لها والدة إحداهن هدية ومبلغاً من المال رفضت وقالت لها في الهاتف.. أنا أعمل لوجه الله..

سنبلة الـخيـر

* استمعت إلى برنامج في المذياع عن صلة الرحم وما في ذلك من الأجر والثواب.. فهاتفت فورا بيوت أعمامها وعماتها الذين لم ترهم منذ فترة طويلة جداً ودعتهم إلى زيارتها والعشاء عندها. فكان أن لبوا الدعوة وأنس الجميع ببعض بعد غيبة طويلة.

* في كل مناسبة جعلت بعد مأدبة الغداء أو العشاء حصالة معدنية تدار على الحاضرات وتسألهم التبرع ووضع ما تجود به أنفسهم. كثيرات لديهن الرغبة في التبرع ولكن لا يجدن القنوات والمنافذ السهلة.. حتى مرت من أمامهن تلك الحصالة فوضعن ما تجود بهن أنفسهن.

* تحرص على أن يكون لديها نم
6
734

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ورده الجوري
ورده الجوري
جزاك الله كل خير على هذا الكتاب القيم جداً
جعله الله في ميزان حسناتك ووفقك لكل مايحبه الله ويرضاه.
:26:
حلم وردي6
حلم وردي6
اشكر مرورك وردة جوري
أدِيم الَّليل

بارك الله فيكِ اختي حلم وردي
وجزاكِ الله خير الجزاء
حلم وردي6
حلم وردي6
وفقك الله يابطة لما يحبة ويرضاة
براءه 2006
براءه 2006
جزاكى الله خيرا وجعله بميزان حسناتك