هل نصلي إذا كانت نسبة الخسوف ضئيلة جدًا؟ للشّيخ محمد المنجد
الحمد لله
تناقلت الأخبار حدوث خسوف للقمر هذه الليلة ، ولا تُشرع صلاةٌ إلا إذا كان خسوفا واضحا جليا (جزئيا أو كليا) ، وأما الصلاة لمجرد الحسابات فلا تُشرع ولاتجوز .
فإذا رأيناه بأعيننا صلينا وإلا لم نصلّ ، ولو استتر بغيم أو كان يُرى في مكان ولايُرى في مكان فلا تُشرع الصلاة إلا لمن رأوه في مكانهم
فلو خسف في مكان من الأرض فلايُشرع لغير أهل ذلك المكان الصلاة،ومجرّد العلم بأنه حدث في مكان آخر لايبرر الصلاة ولو نُقلت صوره بالآلات والشاشات
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَالْعِلْمُ بِوَقْتِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ مُمْكِنٌ ... وإذَا تَوَاطَأَ خَبَرُ أَهْلِ الْحِسَابِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ ، وَمَعَ هَذَا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خَبَرِهِمْ عِلْمٌ شَرْعِيٌّ , فَإِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ لَا تُصَلَّى إلَّا إذَا شَاهَدْنَا ذَلِكَ ".
مجموع الفتاوى (24/258 )
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بصلاة الكسوف والذكر والدعاء عندما يرى المسلمون كسوف الشمس أو القمر فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم» وفي لفظ آخر: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره » فعلق صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار برؤية الكسوف لا بخبر الحسابيين.
فالواجب على المسلمين جميعا التمسك بالسنة والعمل بها والحذر من كل ما يخالفها.
وبذلك يُعلم أن الذين صلوا صلاة الكسوف اعتمادا على خبر الحسابيين قد أخطئوا وخالفوا السنة.
ويعلم أيضا أنه لا يشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علّق الأمر بالصلاة، وما ذكر معها برؤية الكسوف لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع، ولا بوقوعه في بلد آخر، وقد قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وهو صلى الله عليه وسلم إنما صلى صلاة الكسوف لما وقع ذلك في المدينة وشاهده الناس، وقال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس وأنصح الناس، وأنه هو المبلغ عن الله أحكامه، فلو كانت صلاة الكسوف تشرع بأخبار الحسابيين، أو بوقوع الكسوف في مناطق أو أقاليم لا يشاهدها إلا أهلها، لبين ذلك وأرشد الأمة إليه، فلما لم يبين ذلك، بل بين خلافه، وأرشد الأمة إلى أن يعتمدوا على الرؤية للكسوف علم بذلك أن الصلاة لا تشرع إلا لمن شاهد الكسوف أو وقع في بلده ".
مجموع فتاوى ابن باز (13/ 31-32)
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا قال الفلكيون: إنه سيقع كسوف أو خسوف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» ".
الشرح الممتع (5/ 180)
وقال أيضا :
" وإذا أُعلن عنه ولكنه لم يَبِـنْ فإنها لا تجوز الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا رأيتموه فصلوا) ".
لقاء الباب المفتوح (160/ 31)
وسئل الشيخ رحمه الله أيضًا :
ما الحكم لو كانت الشمس عليها غمام ونشر في الصحف قبل ذلك بأنه سوف يحصل كسوف بإذن الله تعالى في ساعة كذا وكذا فهل تصلى صلاة الكسوف ولو لم يُرَ؟
فأجاب :
" لا يجوز أن يصلي اعتمادا على ما ينشر في الجرائد، أو يذكر بعض الفلكيين، إذا كانت السماء غيما ولم ير الكسوف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالرؤية، فقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة» ، ومن الجائز أن الله تعالى يخفي هذا الكسوف عن قوم دون آخرين لحكمة يريدها ".
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/ 309-310)
والله تعالى أعلم .
ريم بوادي قطر @rym_boady_ktr
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️