وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)

وجوب طاعة أولي الأمر في التعيين والعزل 
الحاي: كان الأوجب على البشير عدم الاعتراض



السبت, 11 أكتوبر 2008



من الأمور المقررة والمستقرة عن المسلمين أن للحاكم ولولاة الأمور ولنوابهم أن يعزلوا من شاءوا من الناس تحقيقا للمصلحة ودرءاً للمفسدة أو مراعاة لتحقيق الخير والصلاح أو وأدا للفتنة ومنعا لانتشار الفساد تحقيقا وتثبيتا لقواعد عظيمة:
-1 درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
-2 لا ضرر ولا ضرار.
3 - الضرر لا يزال بمثله أو بالضرر.
4 - الضرر يدفع بقدر الإمكان.
5 - درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
6 - الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف.
7 - يختار أهون الشرين أو أخف الضررين.
8 - إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمها ضررا بارتكاب أخفهما.
9 - يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.
هذه قواعد كلية منضبطة بالكتاب الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا عزل ولي الأمر او نائبه رجلا من منصبه فيجب على المسلمين طاعته والإذعان لأمره، ولا يجوز مخالفته وعصيانه في هذا القرار، لأن هذا القرار وهذا المرسوم إنما يراد به جلب مصلحة أو درء ودفع ضرر ومفسدة، ولا يجوز تهييج الناس وإحداث فتنة وبلاء بين المسلمين وتأليب المسلمين على الحاكم او نائبه ونشر كلام باطل بين الناس وإثارة حفيظتهم في خطأ هذا العزل.
والحق ان ولي الأمر او نائبه إذا عزل رجلاً عن الولاية أو من منصبه فله الحق في ذلك لأن هذا من اختصاصات أولي الأمر، فعلينا الطاعة تحقيقا لقوله جل وعلا:
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة». أخرجه الشيخان، وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كره من أميره شيئا فليصبر». فمذهب السلف مذهب عظيم وصراط مستقيم ومهيع قويم، مَن التزمه وحرص عليه فهم الاسلام حقا وصدقا، ومن اعرض عنه وتنكب جادته فقد دفع في البدعة والضلالة واتباع الهوى، فلابد من طاعة ولي الأمر وتحريم معصيته والخروج عليه وإن جار وظلم.
وما أروع وصية عمر بن الخطاب أمير المؤمنين لأبي أمية في طاعة مَن أُمّر ولو كان عبدا حبشيا.
عن سويد بن غفلة قال: «قال لي عمر: يا أيا أمية، إني لا أدري لعلي ألا ألقاك بعد عامي هذا، فاسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدّع، ان ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر وإن أراد أمرا ينتقص دينك، فقل: سمع وطاعة، دمي دون ديني.. فلا تفارق الجماعة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأما اهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثاً ومن سير غيرهم.
قال ابو زكريا النووي رحمه الله تعالى (شرح مسلم 12 / 222): «أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية.
قال ابو الحسن الاشعري -وهو غير أشعري: وأجمعوا (يعنى العلماء) على السمع والطاعة لأئمة المسلمين».
قلت: فيجب على المسلم المسؤول أو صاحب منصب اذا عزله الأمير او نائبه مثل الوزير وغيره، يجب على المعزول الطاعة والانقياد.
ويجب عليه ألا يثير فتنة ويجلب عنتا ويطير مقالاً وقولاً ويحدث بلاء وفتنا، بل يجب على المعزول ان يلتزم بمذهب السلف وأن يكون ذا أريحية في الانصياع للحق وأن يدعو للسلطان وللأمير ولنائبه بالسداد،
كما كان السلف يدعون للأئمة، قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: «لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان».
قال الامام ابو محمد البربهاري رحمه الله تعالى: «اذا رأيت الرجل يدعو على سلطان فاعلم انه صاحب هوى وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم انه صاحب سنة إن شاء الله» (شرح السنة للبربهاري).
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «الصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة». (مجموع الفتاوى 28 / 179).
عن علقمة بن وائل عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن كان علينا أمراء يعملون بغير طاعة الله؟ فقال: «عليهم ما حملوا». وفي رواية: أرأيت ان كان علينا أمراء يمنعون حقنا ويسألوننا حقهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم».
اخرجه مسلم (6 / 11) والترمذي (6 / 357) (رقم 2220)