وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة

الملتقى العام

من أسرار القرآن
‏بقلم‏:‏د‏.‏ زغلـول النجـار


(288)‏ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة‏(‏ البقرة‏:30)‏

هذا النص القرآني الكريم جاء في الآيات الأوائل من سورة البقرة وهي سورة مدنية وآياتها مئتان وست وثمانون‏(286)‏ بعد البسملة‏,‏ وهي اطول سور القرآن الكريم علي الاطلاق‏,‏ هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض سورة البقرة وما جاء فيها من قضايا التشريع الاسلامي‏,‏ وركائز العقيدة‏,‏ والقصص القرآني‏,‏ والاحداث التاريخية‏,‏ والضوابط الاخلاقية والاشارات الكونية‏.‏ ونركز هنا علي اهم حدث تاريخي في حياة الانسان وهو خلق ابوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ كما جاء في النص الذي اخترناه من سورة البقرة ليكون عنوانا لهذا المقال‏.‏

من أوجه الإعجاز العلمي والتاريخي في النص القرآني
يؤكد هذا النص القرآني الكريم وحدة الاصل الانساني في زوج من البشر هما آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ اللذان خلقا من اصل واحد واستخلفا في الارض بامر الله ـ سبحانه وتعالي ـ القائل‏:‏

(1)‏ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا‏.(‏ النساء‏:1)‏

وقد شرح لنا القرآن الكريم تلك النفس الواحدة التي خلق منها ابوانا ادم وحواء ـ عليهما السلام ـ في عشرات من الآيات التي منها ما يلي‏:‏

(2)‏ وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ابي أن يكون مع الساجدين‏.(‏ الحجر‏:31,38)‏

(3)‏ إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم اجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين‏.(‏ ص‏:73,71)‏

(4)‏ الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين‏.‏

(‏ السجدة‏:7)‏
‏(5)‏ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين‏.(‏ الأعراف‏:11)‏

وهذه الآيات الخمس تؤكد عددا من الامور المهمة التي اولها‏:‏ أن الخلق من الطين سابق علي نفخة الروح‏,‏ وثانيها‏:‏ ان الروح بمجرد تلبسها بالجسد الطيني صارت نفسا‏.‏ فالله ـ سبحانه وتعالي ـ خلق أبانا آدم من الطين كما أخبرنا في محكم كتابه‏,‏ ونفخ في هذا الطين من روحه ـ والنسبة هنا في لفظة‏(‏ روحه‏)‏ هي نسبة تكريم وليست نسبة تبعيض ـ فصارت الروح نفسا‏,‏ وخلق من هذه النفس زوجها انطلاقا من حقيقة ان الله ـ تعالي ـ خلق جميع خلقه ـ من اللبنات الأولية للمادة الي الانسان ـ في زوجية كاملة حتي يبقي ربنا ـ تبارك وتعالي منفردا بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه وفي ذلك يقول في محكم كتابه

ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون‏.(‏ الذاريات‏:49)‏

وثالثها‏:‏ ان بلايين البشر الذين عاشوا وماتوا‏,‏ والبلايين التي تملأ جنبات الارض اليوم‏,‏ والبلايين الذين سوف يأتون من بعدنا الي قيام الساعة ترد جميعها الي اب واحد وام واحدة هما آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ وان صفات كل فرد من بني آدم كانت في صلب ابويهم ـ ادم وحواء ـ لحظة خلقهما‏.‏

ورابعها‏:‏ أن الله ـ تعالي ـ قد كرم الانسان الذي خلقه بيديه‏,‏ ونفخ فيه من روحه‏,‏ وعلمه من علمه‏,‏ واسجد له الملائكة‏,‏ واستخلفه في الارض‏,‏ وفضله علي كثير ممن خلق فضيلا‏.‏

وخامسها‏:‏ التسليم بوجود كل من الملائكة والجن‏,‏ وكلاهما من المخلوقات الغيبية بالنسبة لنا‏,‏ ولا سبيل في التعرف علي تلك المخلوقات الغيبية إلا باعلام من الله ـ سبحانه ـ وتعالي ـ وان فسقة الجن يعادون الانس الي يوم القيامة‏.‏

والآيات القرآنية الكريمة‏,‏ والاحاديث النبوية الشريفة تؤكد ان آدم ـ عليه السلام ـ هو اول البشر‏,‏ وهو ابو البشرية كلها‏,‏ وكانت زوجه حواء عليها من الله الرضوان ـ هي ام البشرية كلها وكان هو عليه السلام كذلك أول الانبياء كما أثبت ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم‏.‏

ويقول رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم‏:‏ إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض‏,‏ فجاء بنو آدم علي قدر الأرض‏,‏ جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك‏,‏ والسهل والحزن‏,‏ والخبيث والطيب‏.‏

ولكن في ظل الحضارة المادية المعاصرة التي بدأت في أوروبا بمفاصلة مع الكنيسة‏,‏ وبالتالي مع الدين‏,‏ انخدع العلماء الماديون بنظرية التطور العضوي ونادوا بعشوائية الخلق الأول‏,‏ ثم بتسلسله عبر سلسلة طويلة من النباتات والحيوانات الي الإنسان وهذا كلام ينافي الدين والعلم والعقل‏.‏ وذلك لأن جسد الإنسان يتكون من مائة مليون مليون خلية في المتوسط‏,‏ وهي خلايا متخصصة‏,‏ تتنوع بتنوع وظائفها‏,‏ وتنتظم كل مجموعة متخصصة من هذه الخلايا في أنسجة متخصصة‏,‏ ثم في أعضاء وأجهزة ونظم متخصصة تتعاون كلها في خدمة جسد الإنسان المبهر في بنائه‏,‏ ودقة أدائه‏,‏ بتناغم عجيب ويعجز العلماء عن إدراك كيفية تعرف الخلايا المتخصصة علي بعضها البعض‏,‏ ولا كيفية توافق الأجهزة المختلفة المكونة لجسد الإنسان مع بعضها البعض‏.‏ فالخلية الحية التي لا يتعدي طول قطرها‏0,03‏ من الملمتر في المتوسط‏,‏ ولا تتعدي كتلتها جزءا من مليار جزء من الجرام‏,‏ تعد وحدة فائقة التعقيد في البناء‏,‏ وفائقة الكفاءة في الأداء‏,‏ حيث لها جدار حي يحافظ علي كيان الخلية كوحدة مستقلة دون عزلها عزلا كاملا حيث يمكنها من تبادل كل من السوائل والغازات‏,‏

والعناصر والمركبات التي تحتاجها ا لخلية أو تريد التخلص منها مع الخلايا المحيطة بها‏,‏ وبداخل هذا الجدار سائل خاص يعرف باسم الجبلة أو الهيولي‏(Cytoplasm),‏ ويعوم في هذا السائل نواة تمثل مركز التحكم في الخلية‏,‏ ويغلف النواة غشاء خاص يسمح بتبادل البروتينات والمعلومات مع السائل الهيولي المحيط بها بدقة وإحكام بالغين‏.‏ ونواة الخلية الحية تمثل عقلها الذي ينظم كافة أنشطتها من مثل النمو والأنقسام وغير ذلك‏,‏ وإذا ما ماتت النواة ماتت الخلية‏.‏ ويوجد في السائل الهيولي جسيمات حية متناهية الضآلة في الحجم تعرف باسم عضيات الخلية‏(CellOrganelles)‏ منها مولدات للطاقة تعرف باسم المتقدرات‏(Mitochondria),‏ ومراكز لتصنيع البروتينات تعرف باسم الريباسات‏(Ribosomes),‏ وغيرها‏.‏ وفي داخل نواة الخلية توجد الشيفرة الوراثية المكونة من عدد محدد من الصبغيات المتشابكة‏.‏ وعدد هذه الصبغيات هو عدد محدد في كل نوع من أنواع الحياة‏,‏ فالإنسان علي سبيل المثال خصه الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ بستة وأربعين صبغيا في ثلاثة وعشرين زوجا‏,‏ لو زاد عددها أو نقص عن هذا الرقم المحدد فإما أن يشوه الإنسان أو لا يكون‏.‏

والصبغيات تحمل الصفات الوراثية للفرد الواحد وكما تحمل مراكز توجيه صنع البروتينات المختلفة التي يحتاجها جسده‏.‏

وتتكون الخلية الواحدة من خلايا جسم الإنسان من مليون جزء علي الأقل من الجزيئات البروتينية والأحماص النووية التي تشكل اللبنات الأساسية لبناء الخلية الحية‏,‏ بالإضافة الي العديد من الدهون‏(Fats)‏ والشحوم‏(Lipids),‏ والكربوهيدرات‏,‏ والفيتامينات والكهارب‏(Electrolytes),‏ وغير ذلك من المركبات الكيميائية التي توجد بنسب ثابتة‏,‏ وتتفاعل مع بعضها البعض بدقة فائقة‏.‏

وتكفي في ذلك الإشارة إلي دقة بناء‏,‏ وترابط‏,‏ وترتيب ذرات الجزيء البروتيني الواحد وهو بناء شديد التعقيد‏,‏ يتكون من أعداد كبيرة من جزيئات الأحماض الأمينية المرتبة كلها ترتيبا يساريا‏,‏ والمرتبطة مع بعضها البعض برابطة خاصة تعرف باسم الرابطة البيبتيدية‏(PeptidBond).‏

وأبسط جزء بروتيني يحتوي علي خمسين جزيئا من جزيئات الأحماض الأمينية‏,‏ بينما يحتوي أعقدها علي آلاف من تلك الجزيئات‏,‏ وفي الخلية الحية المكونة لجسم الإنسان مائتا ألف نوع من أنواع البروتينات‏,‏ وتستطيع إنتاج ثمانين ألف نوع من أنواع هذه البروتينات‏,‏ وهذه الأنواع المختلفة من البروتينات تتركب من عشرين حمضا أمينيا فقط ترتبط مع بعضها البعض بترتيب محدد‏,‏ وبنظام محكم تترتب فيه الأحماض الأمينية ترتيبا يساريا كما تترتب الذرات المكونة لكل حمض أميني ترتيبا يساريا‏.‏ بينما تترتب الذرات في النويدات المكونة للأحماض النووية ترتيبا يمينيا‏.‏

ويختلف بناء الجزيء البروتيني باختلاف عمله‏,‏ فهناك بروتينات خاصة لكل من الجلد‏,‏ والشعر‏,‏ والدم‏,‏ والغضاريف‏,‏ والعظام‏,‏ والأوعية الدموية‏,‏ والأنسجة المكونة للأعضاء المختلفة‏,‏ والمكونة لكل من الهرمونات والإنزيمات المتعددة التي تنتجها كل خلية حية في جسم الإنسان بدقة وكفاءة بالغين‏.‏

هذه العجالة تؤكد لكل ذي بصيرة أنه لا يمكن أن يتم تكون خلية حية واحدة بمحض الصدفة‏,‏ بل يحتاج ذلك الي تقدير الخلاق الباريء المصور‏(‏ الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين‏).‏

وبالإضافة إلي ما سبق فإن عشوائية تكون جزيء بروتيني واحد من ملايين الجزيئات‏,‏ المكونة للخلية الحية هي من الأمور المستحيلة‏,‏ بل إن تكون جزيء واحد من الأحماض الأمينية المكونة للجزيء البروتيني الواحد لا يمكن أن يتم إلا بتقدير مسبق‏,‏ وتدبير حكيم لأن المصادفة أو العشوائية لا يجديان في إنتاجه أبدا‏.‏

وإذا كانت العلوم المكتسبة ـ في قمة عطائها المعاصر ـ تقدر ذلك فلا مفر من الأعتراف بحقيقة الخلق‏,‏ وبعظمة الخالق ـ سبحانه وتعالي وإحاطة علمه‏,‏ وطلاقة قدرته‏,‏ وكمال حكمته‏,‏ وحسن تدبيره ولذلك قال مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله‏:‏ صلي الله عليه وسلم‏:‏ ـ

إن ربك هو الخلاق العليم‏(‏ الحجر‏:86)‏
كذلك إذا علمنا أن بناء جسد الفرد منا ينتج عن اندماج خليتين من خلايا النطف‏,‏ إحداهما من الأب والأخري من الأم فيتكون منهما نطفة مختلطة‏(‏ نطفة أمشاج‏)‏ تبدأ في الانقسام مكررة نفسها لمرات عديدة‏,‏ وبسرعات فائقة من أجل تكوين جسد الفرد منا بجميع خلاياه وأنسجته وأعضائه ونظمه المتخصصة والمتناغمة في أدائها من أجل حياة هذا الجسد الذي يتكون من مائة مليون مليون خلية في المتوسط‏,‏ ترد كلها إلي نطفتي كل من الأب والأم‏.‏ وقد يرزق الوالدان بأكثر من ولد فترد خلايا أجسادهم جميعا إلي نطف الأب والأم‏.‏ وكما نري تسلسل الأنسان في حياتنا من الأجداد الي كل من الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد الذين ـ علي كثرتهم ـ يردون إلي أب واحد‏,‏ وأم واحدة‏,‏ فإن البشرية ببلايين أفرادها الذين عاشوا من قبل وماتوا‏,‏ والذين يملأون جنبات الأرض اليوم‏,‏ والذين سيأتون من بعدنا إلي قيام الساعة يمكن ردهم جميعا إلي أب واحد هو آدم ـ عليه السلام ـ وإلي أم واحدة هي حواء ـ عليها رضوان الله ـ وقد أثبت العلم مؤخرا وجود حمض نووي خاص في متقدرات خلايا الإناث يعرف باسم‏(MitochondrialDNA)‏

ولا يوجد عند الذكور مما يؤكد رد جميع إناث الأرض إلي أم واحدة ولذلك قال ربناـ تبارك تعالي‏:‏

*‏ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا‏(‏ النساء‏:1)‏

وهذا يؤكد حقيقة الأخوة الإنسانية بين الناس جميعا الذين ينتهي نسبهم إلي أب واحد وأم واحدة‏,‏ وما أحوج الناس اليوم إلي فهم هذه الحقيقة‏.‏

*‏ وأكد ربنا ـ تبارك وتعالي ـ أنه قد استخلف هذا الأصل الإنساني الأول في الأرض بقوله ـ عز من قائل ـ‏:‏ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون‏(‏ البقرة‏:30)‏

*‏ وأنه ـ سبحانه وتعالي ـ علم هذا الأصل الإنساني الأول من علمه‏,‏ كما علمه البيان‏,‏ ووهبه الاستعداد الفطري لاكتساب المعارف كما وهبه أدواتها فقال ـ وقوله الحق ـ‏:‏

وعلم آدم الأسماء كلها‏(‏ البقرة‏:31)‏
وقال‏:‏ الرحمن‏*‏ علم القرآن‏*‏ خلق الإنسان‏*‏ علمه البيان

(‏الرحمن‏:1:4)‏
وقال ـ تعالي ـ مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم‏:‏ اقرأ باسم ربك الذي خلق‏*‏ خلق الإنسان من علق‏*‏ اقرأ وربك الأكرم‏*‏ الذي علم بالقلم‏*‏ علم الإنسان ما لم يعلم

(‏العلق‏:1:5)‏
وعلي ذلك فالإنسان الأول خلق عالما عابدا‏,‏ ولم يخلق جاهلا كافرا كما يدعي اليوم معظم علماء الدراسات الإنسانية من الماديين الملحدين‏.‏
‏*‏ وأنه تعالي كرم الجنس البشري كله في شخص أبينا آدم ـ عليه السلام ـ فأسجد له الملائكة قائلا‏:‏ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين

(‏البقرة‏:34)‏
وقال ـ عز من قائل ـ‏:‏ وقلنا ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين‏(‏ البقرة‏:35)‏

*‏ وقرر ربنا ـ تبارك وتعالي ـ أن يكون أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ رمزا لكمال الخلق وللاستعداد الفطري في الإنسان للاستقامة علي منهج الله ـ تعالي ـ أو الخروج عليه‏,‏ وللتوبة إلي الله أو الإصرار علي المعصية‏,‏ وللتذكر والنسيان‏,‏ وللقوة والضعف‏,‏ وأن من طبيعة الإنسان أن يخطئ وأن خير الخاطئين التوابون ولذلك قال ـ وقوله الحق‏:‏

ـ فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلي حين‏*‏ فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم

(‏البقرة‏37,36)‏
وقال ـ تعالي ـ‏:‏ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين‏(‏ الأعراف‏:23)‏

وقال‏:‏ ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدي‏(‏ طه‏:122)‏
‏*‏ كما قرر ربنا ـ سبحانه وتعالي أن يجعل خلق أبينا آدم من تراب دليلا علي طلاقة قدرته فقال ـ عز من قائل ـ‏:‏ إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون‏(‏ آل عمران‏:59)‏

ويقال إن آدم سمي بهذا الاسم لخلقه من أديم الأرض‏.‏
‏*‏ وتشير الآيات إلي أن الجنة التي سكنها أبوانا آدم وحواء كانت جنة علي الأرض‏,‏ ولم تكن جنة الخلد في الآخرة‏,‏ لأن هذه الجنة الأخيرة لا يدخلها أحد من الخلق المكلفين إلا بعد انقضاء مرحلة التكليف جزاء له علي مافعل في فترة تكليفه‏,‏ ومن يدخلها لا يغادرها أبدا‏.‏

*‏ وتؤكد الآيات القرآنية الكريمة حتمية الصراع بين إبليس وبني آدم حتي قيام الساعة‏,‏ وقد سجل القرآن الكريم هذه الحقيقة في العديد من آياته التي منها قول الحق ـ تبارك وتعالي ـ لابليس اللعين‏:‏

قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين‏*‏ قال أنظرني إلي يوم يبعثون‏*‏ قال إنك من المنظرين‏*‏ قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم‏*‏ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين‏*‏ قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين

(‏الأعراف‏:18,13)‏
‏*‏ وتؤكد الآيات أن مسئولية الخروج من الجنة تقع علي كاهلي أبوينا آدم وحواء معا وليس علي كاهل أحدهما دون الآخر‏(‏ البقرة‏:36,35)(‏ النساء‏:286,124)(‏ الأعراف‏:19,27)(‏ النحل‏:97)(‏ فاطر‏:18)(‏ طه‏:121,117)(‏ المدثر‏:38)‏

هذه قصة الإنسان الأول‏(‏ الممثل بأبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام‏)‏ وقد توج الله ـ تعالي ـ جميع مخلوقاته بخلقه واستخلافه في الأرض‏.‏وقد جاء ذكر أبينا آدم وذريته‏(‏ بنو آدم‏)‏ خمسا وعشرين‏(25)‏ مرة في كتاب الله‏,‏ وهذه الآيات تحسم قضية الخلق للإنسان من المتاهات التي أدخلته فيها الحضارة المادية المعاصرة التي تنكرت للخالق ـ سبحانه وتعالي ـ وأنكرت الأصل الواحد للبشر ممثلا بأبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ ويأتي العلم المكتسب ليؤكد مرجعية البشر جميعا إلي أب واحد وأم واحدة وهو مانزل به القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من قبل ألف وأربعمائة سنة مؤكدين أن الله ـ تعالي خلق أبوينا آدم وحواء من نفس واحدة‏,‏ وبث منهما رجالا كثيرا ونساء‏,‏ واستخلف آدم وبنيه في الأرض بقراره الذي أخبر به الملائكة حيث قال معلما إياهم وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة‏(‏ البقرة‏:30)‏

وهذا النص القرآني الكريم يمثل إعجازا علميا وتاريخيا يشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏.‏


8
584

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فور روز
فور روز
سبحان الله

جزاك الله خير اختي الكريمه على هذا الموضوع الجميل
احساس الورد999
احساس الورد999
جزاك الله خير
عاشقة الصداقة
بارك الله فيكم اسعدني مروركن
ammoun
ammoun
سبحان الله العلي العظيم
تباركت ربنا وتعاليت
عاشقة الصداقة
تعالى ربنا احسن الخالقين