السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة توجيهية
وخالق الناس بخلق حسن
فضيلة الشيخ الدكتور . عبد العزيز ابن فوزان الفوزان
ان واجبك أيها المسلم وأنتى أيتها المسلمة مخالقة الناس بخلق حسن, أن تعاملهم بالحسنى وتعاشرهم بالمعروف وتحسن اليهم وتنصح لهم ,وتبذل ما امكنك من الخير لهم وتدفع عنهم ماامكنك من الشر دفعه عنهم , وان لا تضار أو تشق عليهم أو تحملهم على المشقة و العناء, وان تكون ندي اليد, سخى النفس, لين الجانب, أليفا مألوفا, شريفا عطوفا, ضحاكا بساما ,كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا .
وكان يقول أنس رضى الله عنه(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تبسما على كثرة مشاغله و أعبائه التى كان يتحملها صلى الله عليه وسلم والكيد الذى يتعرض له كانت لا تفتر شفتاه عن كل من يلقاه عليه الصلاة والسلام)
يقول جرير ابن عبدالله( مالقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم الا متبسما )
ويقول عليه صلاة والسلام ( تبسمك فى وجه أخيك صدقة ).
ويقول( ولاتحقرن من المعروف شيئا ولو تلقى أخاك بوجه طليق).
وياتى سؤال مهم فى هذا الباب أيها الأحبة وهو
أليس مخالقة الناس بخلق حسن جزء من التقوى؟؟؟.. فلماذا افردها صلى الله عليه وسلم بالذكر من بين سائر شعب الإيمان؟؟؟... ألا يكفى أن يقول (إتقى الله حيث ماكنت فيدخل فيها معاملة الناس بالحسنى ؟؟؟؟...
ان رسول الله عليه الصلاة وسلام أفردها بالذكر لأمرين عظيمين:
أولهما تنبيها على أهمية حسن الخلق وعظم شأنه عند الله عز وجل, وهى عبادة من أجل العبادات, وقربة من أعظم القربات, وعمل من أحب الأعمال عند الله عز وجل وأزكاها عنده و أحظاها أجرا.
والأمر الثانى :- لشدة حاجة الناس لبيان هذه الحقيقة ,فإن كثير من الناس مع الأسف الشديد بل الكثير من رواد المساجد و أهل الخير, ولنكن صرحاء مع أنفسنا أيها الأحبة, يظن أن الدين هو معاملة الخالق دون المخلوق, و أن التقوى هى القيام بحقوق الله عز وجل دون حقوق عباده, كما قال ابن رجب رحمه الله **وكثيرا مايغلب على من يحرص على النوافل والطاعات ,اهمال حقوق العباد و التقصير فيها ومن يجمع بين الحقين عزيز جدا ولايقوى عليه الا الخمل من النبيين و الصديقين** ندعوا الله ان يجعلنا منهم اجمعين .
اذا كان هذا ما يقوله ابن رجب رحمه الله على اهل ذلك الزمان فما بالك اذا رأى زماننا اليوم فما عساه أن يقول؟؟..
وانك والله لتعجب من أناس يحرصون على اداء الشعائر التعبودية ويجتهدون فى نوافل العبادات من صلاة وصيام وذكر وغيرها وهم محسنون موفقون فى هذا, ولكن الذى يؤسفك أشد الأسف أن تجد بعض هؤلاء .. أقول بعضهم.. ان تجد عندهم من الحقد والحسد والعجب والكبر والبخس والظلم والتهاجر والتدابر و البغضاء والشحناء والقطيعة والعقوق ومضغ الحقوق ونقض العهود والمواثيق وعدم الوفاء بالوعود والتدخل فيمالايعنى و البوح فى أعراض الناس وتتبع عواراتهم مايتنافى و كمال الإيمان ويتنافى مع ماهم عليه من كمال الصلاح والإيمان.
حتى كأن حسن الخلق ليس من الدين أو كأن صاحب الخلق الحسن ليس بمأجور و مشكور وصاحب الخلق السئ ليس بمذموم ولا مأزور او كأن ظلم الناس لاحرج فيه ولا بأس مع أن ظلم أيها الأحبة أعظم من ظلم العبد لنفسه فى مابينه وبين ربه. لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة والمقاصة. بينما حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة والمسالة.
فأنت اذا عصيت ربك أو اذا ظلمت نفسك فيما بينك وبين ربك كان بأمكانك ان تسطعتف ربك وتسترضيه وتتوب اليه فى اى وقت تشاء. اما اذا ظلمت احد من عباد الله فى عرض او مال أو بدن او غير ذلك لن تصح توبتك إلا بإستحلاله ورد الحق اليه ومن يظمن لك حيث ذاك ان يحلك هذا الذى ظلمته و ان يسامحك...
وان أردت ذلك فلربما غدا لقيت ربك
غدا وأنت تنوء بهذا الحمل العظيم على ظهرك.
لذلك قال سفيان الثورى (اذا لقيت الله سبحانه وتعالى ب سبعين ذنبا بينك وبين الله اهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين الناس)
ويقول أبوبكر الوراق (أكثر ماينزع الإيمان من القلب ظلم الخلق).. الله اكبر
أسمعوا يامن تشكون ضعف إيمانكم وقسوة قلوبكم, ان من أعظم أسباب ذلك ظلم العباد والتقصير فى حقوقهم, ومصداق ذلك فى كتاب الله تعالى
يقول عز وجل عن بني أسرائيل {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة13... والله قسوة القلب أيها الأحبة من أعظم العقوبات و أشدها, نسأل الله العافية من ذلك.
ثم ان ظلم العباد فيه تقصيرفى حق الله عز وجل وحق عباده .وان الله سبحانه وتعالى لايرضى لعباده الظلم, وأحب الناس الى الله تعالى أنفعهم للناس وأقومهم لمصالحهم وأحرصهم على نفعهم وكف الشر والعدوان عنهم.
والحقيقة أيها الأحبة أن هذا الصنف من الناس يهدمون ما يبنون ويفسدون ما يعملون ويحطون حسناتهم من حيث لايشعرون ويبددون مايجمعون, تجد الواحد منهم يقضى ليله ونهاره فى صلاة وذكر, ثم والعياذ بالله, يمسى او يصبح وليس له حسنة واحدة... يجمعون حسنات كما الجبال من صلاة وصيام وصدقة وطاعة ....ثم يذهبونها بأنواع من الكبائر المتعلقة بظلم الخلق أو تقصير فى حقوقهم وربما عند المعادلة لاتكون أجور صلاواتهم وصيامهم وطاعاتهم بإثم ظلمهم للعباد وبخسهم أشيائهم وهذه وربى هى الخسارة الفادحة والإفلاس الذى ليس بعده إفلاس.
وقد حذر من ذلك النبى صلى الله عليه وسلم تحديرا شديدا فى احاديث كثيرة منها كما فى صحيح مسلم أنه قال لأصحابه ( أتدرون من المفلس) و تأملوا كيف قدم بهذا السؤال لينبهم ويجمع قلوبهم على مايأتى بعده... ( أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لادرهم عنده و لا متاع) هذا هو المفلس عندنا فى نظر اهل الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم ( قال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار). والعياذبالله
ويقول صلى الله عليه وسلم (وان سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل ).
وتأملوا هذه القصة العجيبة التى يحكيها ابوهريرة رضى الله عنه قال قيل يارسول الله.... وأسمعن أيها الأخوات على وجه الخصوص.......( يارسول الله ان فلانة تصوم النهار وتقوم اليل...* إمرأة صوامة قوامة لكن ماذا؟؟*.. وتؤذى جيرانها وفى روايه تانية تؤذى جيرانها بلسنها قال لاخير فيها هى فى النار ...لاخير فيه هى فى النار وقيل يارسول الله ان فلانة تصل الصلوات الخمس وتصوم رمضان وتتصدق بالأثوار من الأقط *أى قطع قليل من الأقط وهو البقل العروف المصنوع من اللبن*... ولا تؤذى جيرانها قال هى فى الجنة.. هى فى الجنة
فتأملوا حال هاتين المرأتين أيها الأحبةو الأولى صوامة قوامة لكنها ابتليت والعياذبالله بأذى جيرانها بلسانها ,والعياذبالله فذهب ثوابها ومحيت أجرها وبدلت حسناتها ولم ينفعها قيام اليل ولاصيام النهار فنفيت عنها الخيرات واستحقت النار.
اما الثانية فلاتصلى إلا الصلوات المكتوبة ولاتصوم إلارمضان وتتصدق بالقليل من الطعام ولكنها لاتؤذى جيرانها وصارت من أهل الجنة.
اذا أيها الأحبة ظلم العباد جد خطير فالنحدر من ذلك أيها الأحبة ولايكن حالنا.. *كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا*.. نبني من جانب ونهدم من جانب, ثم فى النهاية ربما نكون من الخاسرين المفليسين والعياذ بالله.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( الدواوين عند الله ثلاث:
ديوان لايغفر الله منه شئ , وديوان لايعبأ منه شئ , وديوان لايترك الله منه شئ.
** أما الديوان الذى لايغفر الله منه شئ فهو الشرك ثم تلاقوله تعالى( ان الله لا يغفرمايشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء).
**اما الديوان الذى لا يعبأ الله به شئ فهو ظلم العبد لنفسه فيما بينه وبين ربه.
** أما الديوان الذى لايترك الله منه شئ (فمظالم العباد القصاص لامحالة)
ويقول صلى الله عليه وسلم
(لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقتص للشاة الجماء ، من الشاة القرناء بنطحها)لابد أن يقتص الله للمظلوم من الظالم حتى البهائم وهى غير مكلفة فيقتص للشاةالجماء التى ليس لها قرون من الشاة القرناء التى ظلمتها فكيف بالمسلمين المكلفين أيها الأحبة.
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم
(ما من ذنب أجدر ان يعجل الله لصاحبه العقوبة فى الدنيا مع مايذخره فى الأخرة من البغى ( أى الظلم ) وقطيعة الرحم.
اللهم لاتجعلنا مع القوم الظالمين اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق لايهدى لأحسنها إلا أنت و أصرف عنا سيئ الأخلاق لايصرف عنا سيئها الا أنت
اللهم أنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أجعلنا فى الشهر المبارك من المقبولين المرحومين ومن عتقائك من النار ووالدينا أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
إلى الجنة @al_algn_1
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة