عنوآنها وداعاً أمي
منآظر تفطرالقلب وتدمي عيون الغافلين قبل العالمين
اليكم الصورة الأولى
إنها المرة الأولى يا أمي، التي أقابل فيها نور الله على جبينك، ولا أقول صباح الخير يا وطني....
وأنها المرة الأولى التي أرى فيها الندى يتراكم في زوايا عينيك وينسدل فوق خديك ضفائر من
بريق، فيلفني الموت حد العجز عن السؤال....
لقد تعودتُ أن أسأل وأنا أعرف الحقيقة، عن قطرات من النجوم تتلألأ بصمت، وتشاركني ظلال
رمشيك حيث أتوسد حضنك والأمان....
وتعودتُ أن تعجني بها الجوع والخوف والريح واليباب، لترسمي أجمل ابتسامة يمكن أن أحلم بها،
وتجيبي بأنه الندى.... ومن يومها وأنا أحب الندى وأحلم بالصباح....
ولكن هذا الصباح لم يكن ككل الصباحات التي غسَلَتني بدعائك ذاهباً إلى المدرسة وفي حقيبتي
عراق وسنبلة وفراشة وزهرة....
عيون دراكولا تترصدني.... نظراتها تلفحني كأنفاس الشيطان....
سمعتهم يتهامسون حين وضعت يدي بيد نهلة، ابنة جارنا، وركضنا نطارد الفراشات ضاحكين....
أظنهم قالوا مجوسي
ورد آخر، لا بل ناصبي
ثم صرخوأ جميعاً إنه عميل، حين رأو جندياً غريب الهيئة كـ(غريندايزر)، يلوح لنا بيده من فوق
سيارته المخيفة، فيما نحن نركض مبتعدين....
وكنت أفكر في أن أسألك عن هؤلاء حينما أعود
إنهم ليسوا عراقيين يا أمي.... وإلا كيف لم يتعرفوا على لون القمح فوق جباهنا.... ورائحة
الطلع في ضفائر نهلة....
فمن هؤلاء يا أمي؟؟
ومن الذي جاء بهم وزرعهم في دروبنا؟؟
وماذا يعني مجوسي وناصبي وعميل؟؟
أنتِ لم تحكِ لي عنهم مع سندباد وعلي بابا وسندريلا، و، و ..... في حكاياتك لي قبل النوم..
وفجأة! دوّت السماء والأرض بصوت رهيب.... ورأيت النار تحملني بعيداً... بعيداً
وصرخت أناديكِ أمي.... أمي...
ولكنك تأخرتِ.... تأخرت كثيراً
ولم يعد بإمكاني أن أعانقك
آه أمي ....
كم أود أن أعانقك.... وأن أندس في حضنك....
وأن أحكي لك المزيد والمزيد.... وأسألك عن الندى...
وعن هؤلاء.... الغرباء الذين لم تحك لي عنهم
ولكني بعيد يا أمي، ولا أجد أطرافي لتوصلني إليك....
فضميني!
ولملمي روحي....واغسلي بالندى جرحي
لعلي أقوى على رسم ابتسامتي الأخيرة في وجهك
وأطبع ذكرى على جبينك، قبل أن أقول:
وداعاً أمي!
أحبك والندى....
يا أمُ من ندى....:44: