بسم الله الرحمن الرحيم
جميعنا نعلم بأن أبواب الأجر والثواب مفتوحة أمامنا ليل نهار، ومجالاتها واسعة ومتعددة، وهي أكثر من أن نعدها أو نحصيها في مقالة واحدة، وقد يقول القائل أن هذا موضوع سهل وجميعنا نعرف كيف نحصل على الأجر والثواب.. وهذا صحيح، ولكننا نتحدث في هذا الموضوع من باب {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (55) سورة الذاريات.
والوسائل التي نستند إليها لكسب الأجر والثواب كثيرة، قد يكون منها ما يرى الإنسان بعض أثره في الدنيا، ومنها ما يكون مدّخراً للعبد يجده يوم القيامة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يقول الله تعالى: إن تقرب إلي عبدي شبراً، تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرّب إلي ذراعاً، تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري.
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرّت لم يذكروا الله عز وجل فيها) رواه الطبراني.
فأهل الجنة يتحسرون وهم في جنّات النعيم، والأولى أن نتحسر نحن لأننا لا نعلم مصيرنا، وما كتب الله لنا يوم القيامة.
أمّا عن أنواع الأجر فهي كثيرة ومثالها ما ورد في قوله تعالى{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ*فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ*كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ* يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ* لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ* فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (57) سورة الدخان.
لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهو الجواد الكريم، فقد قال عليه الصلاة السلام: (قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (17) سورة السجدة.
? كمال الإخلاص لله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَِ} (5) سورة البينة
? حسن العمل؛ لقوله تعالى {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (2) سورة الملك.
ولذلك فقد أوصى عليه الصلاة والسلام معاذ بن جبل رضي الله عنه بقوله: (لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول :اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
والله سبحانه وتعالى يبين في كتابه الكريم أن كسب الأجر دائماً يكون نتيجة للعمل الصالح؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (35) سورة الأحزاب.
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (30) سورة فاطر.
لكسب الأجر والثواب عدة وسائل، وهي من فضل الله في متناول أيدينا جميعاً، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
الالتزام بالفرائض
هي الفرائض التي فرضها الله تعالى علينا من صلاة وصيام ونحوها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من مما افترضته عليه) رواه البخاري.
اغتنام الأوقات الفاضلة
? ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس قدر رمح.
? الدعاء بين الأذان والإقامة.
? استغلال الثلث الأخير من الليل بالصلاة والدعاء والاستغفار.
? التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير طوال اليوم.
عمل ما يجري ثوابه بعد الممات
? علم ينتفع به.
? ولد صالح يدعو له.
? صدقة جارية.
قال الشيخ ابن سعدي في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (12) سورة يــس.
هي آثار الخير، وآثار الشر التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم، واستمرت بعد مماتهم.
الدعوة إلى الله
يقول تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل.
والدعوة من أفضل الأعمال، وكم نحن بحاجة إليها في هذا الزمان الذي انتشرت فيه المفاسد، وزاد تربص الأعداء بنا في الداخل والخارج.
حفظ الأمانة ورعايتها
والأمانة بكافة أشكالها وفروعها، فالبيت أمانة، والأبناء، والزوج، والصحة، والوقت، والمال، والحواس، وكل شيء تحت سلطة الإنسان فهو أمانة، ويُحاسَبُ عليها، وقد حمل الإنسان هذه الأمانة على ضعفه وتفريطه، وقد قال تعالى في ذلك: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (72) سورة الأحزاب.
الحرص على الأعمال ذات الأجور المضاعفة
? الصلاة في الحرمين
? حضور دروس العلم والمحاضرات
? العمرة في رمضان
? الصلاة في مسجد قباء
? قيام ليلة القدر
? العمل الصالح في عشر من ذي الحجة
? الذكر المضاعف (سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلمات)
? الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) رواه الطبراني.
? العشر الأواخر من شهر رمضان
? قيام ليلة القدر
الصبر والاحتساب
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) حديث حسن رواه الترمذي.
قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (214) سورة البقرة.
قال الشاعر:
إنّ الأمورَ إذا ما اللهُ يسّرَها
أتتك من حيثُ لا ترجو وتحتسبُ
وكلُ ما لمْ يُقَدّرُهُ الإلهُ فَمَا
يُفيدُ حِرْصُ الفتى فِيهِ ولا النّصَبُ
ثِقْ بالإلهِ ولا تَرْكنْ إلى أحدٍ
فاللهُ أكرمُ مَنْ يُرْجىَ وَيُرْتَقَبُ
إنظار المعسر وتفريج كربة المسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان رجل يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله يتجاوز عنّا، فتجاوز الله عنه) رواه البخاري.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة) رواه مسلم.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فرّج عن مسلم كربة، فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة) رواه البخاري.
الذكر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى:أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منهم) رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يقعد قوم يذكرون الله - عز وجل - إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم.
اختيار أفضل الأعمال
? الأفضل في أوقات الصلاة المبادرة إليها في أول الوقت، وأدائها على أكمل وجه.
? الأفضل في وقت الأذان الاشتغال بإجابة المؤذن.
? الأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة والقرآن والذكر والاستغفار.
اغتنام المناسبات
? صيام الاثنين والخميس
? قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
? شهر رمضان
? العشر الأوائل من ذي الحجة
? يوم عرفة
? يوم عاشوراء
نفع ذوي الحاجة من الأقارب
فالصدقة عليهم في حال الحاجة أفضل من الصدقة على غيرهم، والصدقة على الأقارب فيها أجرين للقرابة وللصدقة.
حسن الخلق
وحسن الخلق يثقل الميزان بالحسنات، وقد امتدح الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم.
المداومة على العمل الصالح وإن قل
لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه وإن قل) رواه مسلم.
الكف عن الشر واجتناب المعاصي
وفيها امتثال لأمر الله تعالى، فمن ترك الغيبة فله أجر، فالإمساك عن الشر يعتبر صدقة كما في الحديث: (... ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله.....) فكان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله.
دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به:آمين ولك بمثل) رواه مسلم.
سؤال الجنة والاستجارة من النار
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سأل الجنة ثلاث مرّات ، قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرّات قالت النار:اللهم أجره من النار) رواه الترمذي.
قضاء حوائج الناس
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) رواه البخاري
والمعنى أن يعينه الله على قضاء حوائجه ويسهل له أموره.
إعانة المسلمين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) رواه مسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
استغفرالله .. استغفرالله .. استغفرالله 😊😊
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
زائرة
•
استغفرالله
الصفحة الأخيرة