وقفات هامة مع بداية العام الهجري الجديد ]
قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
قال الحسن البصري - رحمه الله- :
" يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذَهَبَ يوم ذَهَبَ بعضك ".
فكل عام يمضي من أعمارنا نقترب به من الموت
من الأمراض الاجتماعية الشائعة في مجتمعاتنا
كثرة تأجيل الأعمال والتسويف في أدائها، حتى تمر الأيام والسنون الطويلة ولم نفعل شيئًا، ونحن لا ينقصنا العلم، بل ينقصنا الشروع في العمل بما نعلم .
وكان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - حريصًا على أداء الواجبات والأعمال وعدم تأجيلها، وذات يوم قال لَهُ أحد أبنائه : لو أخرَّتَ عمل هذا اليوم إلى غد فاسترحت ؛ فقال : قد أجهدَنا عمل يوم واحد، فما بالك بعمل يومين مجتمعين .
وقال الشاعر :
إن أنت لم تزرع وأبصرت حاصدًا *** ندمت على التفريط في زمن البذر
وبوب البخاري - رحمه الله- باب :
" لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه"، وذكر فيه حديث أنس :
"لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرُّ منه حتى تلقوا ربكم "
والمقصود : لا يأتي زمان إلا والذي بعده أَشَرُّ، مثل كثرة الفتن وابتعاد الناس عن معين الشريعة وانغماسهم في المعاصي كلما مرت السنون والأعوام، وهذا من حيث الأعم .
ويقول عبد الله بن مسعود معلقًا على حديث : " لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة " :
" لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالاً يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله؛ فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون".
وها نحن أولى بتوديع عامًا هجريًّا بعد انقضائه، ونستقبل عامًا جديدًا.. وتمر الأيام والأعوام..
ومع بداية العام الجديد قد يكون شاهدا لك أو عليك ولا بد فيه من عمل فعلينا استدراك ما فات من العمل واستغلال مواسم الخير واستثمار الطاعات
ويهمنا هنا أن نتذكر أن بإمكاننا استثمار تلك الأوقات والأنفاس في ذكر الله عز وجل وفي الدعاء والتوبة وفي الكلمة الطيبة والصدقة ونفع الناس حتى لا نكتب من الغافلين وحتى ترجح تلك الحسنات ميزان أعمالنا عند الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم لا سيما إذا علمنا أن من رحمة الله أنه يضاعف الحسنات بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء .
ولن أطيل عليكم أحبتي ,,, وإنما هي وقفات ربانية أذكركم بشيء منها وأقدمها بين يديكم عسى الله أن يرزقنا وإياكم الأخذ بها واغتنامها وذلك مصداقا لقوله سبحانه وتعالى:
التوبة
/// التقويم الهجري وكيف تم ,,, ؟؟؟ ///
التاريخ الهجري ليس مجرد طريقة لحساب الزمن بل هو رمز وهوية لأمتنا الإسلامية، فتاريخنا مرتبط بأحداث عظيمة، مرتبطة بالشهور الهجرية مثل شهر رمضان المبارك
والملاحظ لسير الأمم يرى أن التاريخ من أهم ما تحرص عليه الأمم ؛ لذلك يقوم علماءالدين في مختلف الملل والنحل على التقويم والعناية به من حيث الحساب والمواقيت والأعياد والمناسبات وبداية كل شهر ونهايته أن التقويم الهجري القمري تقويم رباني سماوي كوني قديم قدم البشرية، يتم بحركة كونية ربانية، ورسم خطاها ربنا جل شأنه
بقوله تعالى : " هُوَ الَّذِي جَعَلَالشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَالسِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" يونس وحدد أيضا عدد الشهور بقوله تعالى : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَشَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَاأَرْبَعَةٌ حُرُمٌ..)
التوبة
/// أول من استعمل التقويم الهجري في الإسلام ///
أن أول من أرخ بالهجرة في الإسلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة
فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إلى عمر : إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ ، فجمع عمر الناس ، فقال بعضهم : أرخ بالمبعث ، وبعضهم أرخ بالهجرة ، فقال عمر : الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها ، وذلك سنة سبع عشرة ، فلما اتفقوا قالبعضهم : ابدأووا برمضان فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه
الذي حدا بالفاروق رضي الله عنه ، وكرام الصحابة في خلافته ، إلى اختيار حدث الهجرة منطلقاً للتأريخ الإسلامي ، رافضين اتباع الروم أو الفرس ، ومؤثرين الهجرة على سائر المناسبات النبوية الأخرى كالمولد والبعثة والوفاة . ولقد خلّد القرآن الكريم الهجرة النبوية واصفاً إياها بالنصر لرسوله :
( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )
/// حكم تخصيص آخر العام الهجري بعبادة من صيام أو دعاء أو استغفار أو غير ذلك ///
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )،
ولمسلم وعلقه البخاري : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
/// البدع التي انتشرت في هذه الأزمان المتأخرة ///
تَقَصُّدُ بعض الناس وتخصيصُهم آخر كل عام هجري بأداء بعض العبادات كالصيام والدعاء والاستغفار، وربما أوصى بعضهم بعضاً بذلك في المجالس أو عن طريق رسائل الجوال أو غيرها ، ودافعهم إلى ذلك اعتقادهم أن صحائف أعمال كل سنة تطوى في آخرها فيحبون أن تكون خاتمة صحائفهم خيراً، وهذا العمل منهم هو من جملة الأعمال المحدثة المبتدعة المخالفة للسنة
لأسباب منها :
1 - أن العباة إذا ورد الأمر بها مطلقاً دون تحديد لوقتها،فإن تقصد تخصيص وقت لها بلا دليل يعتبر من البدع
2 - أن هذا الفعل لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولاعن أصحابه والتابعين وأئمة الإسلام فهل نحن أحرص منهم على الخير
3 - القول بأن صحائف العام تطوى في آخره، دعوى تحتاج إلى بينة وبرهان
/// حكم التهنئة بابتداء العام الهجري ///
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ ؟ فأجاب رحمه الله : إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه ولا تبتديء أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل : هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركه ، لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه,انتهى
المصدر إجابة السؤال رقم 835 من اسطوانة موسوعة اللقاء الشهري والباب المفتوح الإصدار الأول اللقاء الشهري لفضيلته من إصدارات مكتب الدعوة و الإرشاد بعنيزة .
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في التهنئة بدخول العام الهجري : الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لاسيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد ، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأماالابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه .
/// فضل شهر الله المحرّم ///
لقد فاضل الله بين الأوقات فجعل منها مواسم للخيرات ليجتهد الناس فيها بسائرالطاعات وأنواع العبادات
ومن هذه الأزمنة الفاضلة التي أشار القرآن إلى عظيم منزلتها وأظهرت السنة علو مكانتها شهر الله الحرام إن شهر الله المحرّم شهرعظيم مبارك وهو أول شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله تعالى فيها :
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة
وقوله تعالى : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) " أي في هذه الأشهر المحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها .
وقال قتادة في قوله : " فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم " إن الظّلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها. وإن كان الظلم على كل حال عظيما ولكن الله يعظّم من أمره ما يشاء،
وقال : " إن الله اصطفى صفايا من خلقه : اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكره واصطفى من الأرض المساجد واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم واصطفى من الأيام يوم الجمعة واصطفى من الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظّم الله . فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل . "
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ." رواه البخاري والمحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيد التحريمه
قال ابن رجب : وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله ، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله ، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته ، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته ، ونسب إليه بيته وناقته ، ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله تعالى ، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى ، فإنه له سبحانه من بين الأعمال ، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله ، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام،
وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله عز وجل ، إنه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله عز وجل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صَفَراً، فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره.
وقد كانت العرب تعظمه في الجاهلية وكان يسمى بشهر الله الأصم من شدة تحريمه. وقد رجح طائفة من العلماء أن محرم أفضل الأشهر الحرم.
/// فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم ///
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّم " رواه مسلم
ولكن قد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرا كاملا قطّ غير رمضان فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصّيام في شهر محرم لا صومه كله .
وقد ثبت إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان , ولعله لم يوحَ إليه بفضل المحرّم إلا في آخر الحياة قبل التمكّن من صومه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِشَقِيقٍ قَالَ :
قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا كُلَّهُ ؟ قَالَتْ: مَا عَلِمْتُهُ صلى الله عليه وسلم صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إَِلا رَمَضَانَ، وََلا أَفْطَرَهُ كُلَّهُ حَتَّى يَصُومَ مِنْهُ ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِه" صحيح مسلم
والله يصطفي ما يشاء من الزمان والمكان
قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَام رحمه الله :
وَتَفْضِيلُ الأَمَاكِنِ وَالأَزْمَانِ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا : دُنْيَوِيٌّ ..
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : تَفْضِيلٌ دِينِيٌّ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ اللَّهَ يَجُودُ عَلَى عِبَادِهِ فِيهَا بِتَفْضِيلِ أَجْرِالْعَامِلِينَ ,كَتَفْضِيلِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَى صَوْمِ سَائِرِ الشُّهُورِ, وَكَذَلِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ . فَفَضْلُهَا رَاجِعٌ إلَى جُودِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ إلَى عِبَادِهِ فِيهَا
/// أحكام شهر محرم ///
1 - تحريم القتال فيه :
فمن أحكام شهر الله المحرم تحريم ابتداء القتال فيه قال ابن كثير رحمه الله: وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام هل هو منسوخ أو محكم على قولين :
أحدهما : وهو الأشهر أنه منسوخ لأنه تعالى قال ههنا :
{ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } وأمر بقتال المشركين.
والقول الآخر : أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام وأنه لم ينسخ تحريم الشهر الحرام لقوله تعالى : { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }الآية.
وقال : { فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ }
2 - صيامه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّم " رواه مسلم
3 - النهى عن الظلم فيها :
قال القرطبي : "خص الله تعالى الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاًلها، وإن كان منهياً عنه في كل الزمان
قال الله تعالى : ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )
/// الأشـهرالحُـرم .. تعريفها .. وأحكامها ///
عـــــــــــــــــاشوراء
عاشوراء في التاريخ :
وفي هذا الشهر حصل فيه حدث ،عظيم ونصر مبين، أظهر الله فيه الحقعلى الباطل؛ حيث أنجى فيه موسى عليه السلام_ وقومه ، وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة، ومنزلة قديمة.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ : " مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى ، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . " رواه البخاري
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم_: " ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ " فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، و أغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه، فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: " فنحن أحق وأولى بموسى منكم " فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه "متفق عليه، ولأحمد عن أبي هريرة نحوه وزاد فيه : " وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا "
وعن ابن عباس _رضي الله عنهما قال :
" ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان"،متفق عليه.
وكان صيام عاشوراء من التدرّج الحكيم في تشريع الصيام وفرضه فقد أُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ , فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ الصَّوْمَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَوْمَ عَاشُورَاء ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الصِّيَامَ بِقَوْلِهِ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ }
ومعنى " يتحرى " أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عاشوراء ، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله . " رواه مسلم ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم .
قال الإمام النووي رحمه الله :
يُكَفِّرُ كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ .
ثم قال رحمه الله : صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ , وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ , وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.. كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ , وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ ,. وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ , رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ , وَالصَّلَاةِ , وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَعَرَفَةَ , وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ .
/// أي يوم هو عاشوراء ///
قال النووي رحمه الله : عَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ اسْمَانِ مَمْدُودَانِ , هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا : عَاشُورَاءُ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ , وَتَاسُوعَاءُ هُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ هَذَا مَذْهَبُنَا , وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ . وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ , وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ .
/// استحباب صيام يوم تاسوعاء مع عاشوراء ///
روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : " حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . رواه مسلم
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر , ونوى صيام التاسع . وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب أدناها أن يصام وحده وفوقه أن يصام التاسع معه وكلّما كثر الصّيام في محرّم كان أفضل وأطيب .
/// الحكمة من استحباب صيام يوم تاسوعاء مع عاشوراء ///
قال النووي رحمه الله : ذَكَرَ
الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا :
( أَحَدُهَا ) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ ,
وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
( الثَّانِي ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ , ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ .
( الثَّالِثَ ) الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلَالِ , وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ .
وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ .. فِي عَاشُورَاءَ : { لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ } وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث :
( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) : ما همّ به من
صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطا له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم .
/// حكم إفراد عاشوراء بالصيام ///
قال شيخ الإسلام : صِيَامُ يوم عاشوراء كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ
مرمر الحنونه @mrmr_alhnonh
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
بنت الطوارش
•
جزيتي الجنة يا اختي....الله ينفع بك الاسلام ....:27:
الصفحة الأخيرة