ولا يغرنكم بالله الغرور

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله الواحد الأحد الصمد
واللهم صلى على سيد الأنبياء والمرسلين


سبحان الله أيها الأخوة والأخوات على عقلية وفكر البشر يعصون الله جهارا نهارا ويتواكلون على الله
1ـ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْتَرُّ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ ، وَعَذَابُهُ لَا يَزِيدُ فِي مُلْكِهِ شَيْئًا ، وَرَحْمَتُهُ لَهُ لَا تَنْقُصُ مِنْ مُلْكِهِ شَيْئًا ،
2ـ فَيَقُولُ : أَنَا مُضْطَرٌّ إِلَى رَحْمَتِهِ ، وَهُوَ أَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ ، وَلَوْ أَنَّ فَقِيرًا مِسْكِينًا مُضْطَرًّا إِلَى شَرْبَةِ مَاءٍ عِنْدَ مَنْ فِي دَارِهِ شَطٌّ يَجْرِي لَمَا مَنَعَهُ مِنْهَا
3ـ فَاللَّهُ أَكْرَمُ وَأَوْسَعُ فَالْمَغْفِرَةُ لَا تَنْقُصُهُ شَيْئًا وَالْعُقُوبَةُ لَا تَزِيدُ فِي مُلْكِهِ شَيْئًا .


الِاغْتِرَارُ بِالْفَهْمِ الْفَاسِدِ وَالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ

1ـ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْتَرُّ بِفَهْمٍ فَاسِدٍ فَهِمَهُ هُوَ وإضرابه مِنْ نُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ، فَاتَّكَلُوا عَلَيْهِ كَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى
قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى .
* يصور لهم الشيطان لعنة الله عليه أن النبى لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ وأنه سيشفع لهم ،
* وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْجَهْلِ ،
* وهم لا يعلمون أِنَّهُ يَرْضَى بِمَا يَرْضَى بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ ،
* وَاللَّهُ تَعَالَى يُرْضِيهِ تَعْذِيبُ الظَّلَمَةِ وَالْفَسَقَةِ وَالْخَوَنَةِ وَالْمُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِرِ ،
* فَحَاشَا رَسُولَهُ أَنْ يَرْضَى بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .

وَكَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا

* وَهَذَا أَيْضًا مِنْ أَقْبَحِ الْجَهْلِ ، فَإِنَّ الشِّرْكَ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الذُّنُوبِ وَأَسَاسُهَا ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي حَقِّ التَّائِبِينَ ، فَإِنَّهُ يَغْفِرُ ذَنْبَ كُلِّ تَائِبٍ مِنْ أَيِّ ذَنْبٍ كَانَ ، وَلَوْ كَانَتِ الْآيَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ التَّائِبِينَ لَبَطَلَتْ نُصُوصُ الْوَعِيدِ كُلُّهَا .

وَأَحَادِيثُ إِخْرَاجِ قَوْمٍ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّار بِالشَّفَاعَةِ
ِ
* وَهَذَا إِنَّمَا أَتَى صَاحِبَهُ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ هَاهُنَا عَمَّمَ وَأَطْلَقَ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّائِبِينَ ،
* وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ خَصَّصَ وَقَيَّدَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَهُ ،
•وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ ،
•وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِ الْجُهَّالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ
•وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ لَقَّنَ الْمُغْتَرَّ حُجَّتَهُ ، وَهَذَا جَهْلٌ قَبِيحٌ ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ بِرَبِّهِ الْغَرُورُ ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ ، وَنَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ وَجَهْلُهُ وَهَوَاهُ ،
•وَأَتَى سُبْحَانَهُ بِلَفْظِ الْكَرِيمِ وَهُوَ السَّيِّدُ الْعَظِيمُ الْمُطَاعُ ، الَّذِي لَا يَنْبَغِي الِاغْتِرَارُ بِهِ ، وَلَا إِهْمَالُ حَقِّهِ ،
•فَوَضَعَ هَذَا الْمُغْتَرُّ الْغَرُورَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، وَاغْتَرَّ بِمَنْ لَا يَنْبَغِي الِاغْتِرَارُ بِهِ .
•وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي النَّارِ : لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الأشقى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ،
•وَقَوْلِهِ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ .
وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ أَنَّ قَوْلَهُ : فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى هِيَ نَارٌ مَخْصُوصَةٌ مِنْ جُمْلَةِ دَرَكَاتِ جَهَنَّمَ ،
•وَلَوْ كَانَتْ جَمِيعَ جَهَنَّمَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ لَا يَدْخُلُهَا بَلْ قَالَ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صَلْيِهَا ، عَدَمُ دُخُولِهَا ، فَإِنَّ الصَّلْيَ أَخَصُّ مِنَ الدُّخُولِ ، وَنَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ
•ثُمَّ هَذَا الْمُغْتَرُّ لَوْ تَأَمَّلَ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا ؛ لَعَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهَا ، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا لَهُ أَنْ يُجَنَّبَهَا
•وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّارِ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ، فَقَدْ قَالَ فِي الْجَنَّةِ : أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ وَلَا يُنَافِي إِعْدَادُ النَّارِ لِلْكَافِرِينَ أَنْ يَدْخُلَهَا الْفُسَّاقُ وَالظَّلَمَةُ ، وَلَا يُنَافِي إِعْدَادُ الْجَنَّةِ لِلْمُتَّقِينَ أَنْ يَدْخُلَهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ
كَاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بصوم يوم
•وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ عَلَى صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ : يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلَّهَا ، وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةً فِي الْأَجْرِ ،
•أَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ ، أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَهِيَ إِنَّمَا تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ
•فَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ ، لَا يَقْوَيَا عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ ، إِلَّا مَعَ انْضِمَامِ تَرْكِ الْكَبَائِرِ إِلَيْهَا ، فَيَقْوَى مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ
•فَكَيْفَ يُكَفِّرُ صَوْمُ يَوْمِ تَطَوُّعٍ كُلَّ كَبِيرَةٍ عَمِلَهَا الْعَبْدُ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا ، غَيْرُ تَائِبٍ مِنْهَا ؟ هَذَا مُحَالٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ مُكَفِّرًا لِجَمِيعِ ذُنُوبِ الْعَامِ عَلَى عُمُومِهِ ، وَيَكُونُ مِنْ نُصُوصِ الْوَعْدِ الَّتِي لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ ، وَيَكُونُ إِصْرَارُهُ عَلَى الْكَبَائِرِ مَانِعًا مِنَ التَّكْفِيرِ ، فَإِذَا لَمْ يُصِرَّ عَلَى الْكَبَائِرِ لِتَسَاعُدِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ الْإِصْرَارِ ، وَتَعَاوُنِهِمَا عَلَى عُمُومِ التَّكْفِيرِ ، كَمَا كَانَ رَمَضَانُ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَعَ اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ مُتَسَاعِدَيْنِ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ قَالَ : إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ، فَعُلِمَ أَنَّ جَعْلَ الشَّيْءِ سَبَبًا لِلتَّكْفِيرِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَتَسَاعَدَ هُوَ وَسَبَبٌ آخَرُ عَلَى التَّكْفِيرِ ، وَيَكُونُ التَّكْفِيرُ مَعَ اجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ أَقْوَى وَأَتَمَّ مِنْهُ مَعَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا ، وَكُلَّمَا قَوِيَتْ أَسْبَابُ التَّكْفِيرِ كَانَ أَقْوَى وَأَتَمَّ وَأَشْمَلَ .



حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ

•وَكَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ " أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بى ، فَلْيَظُنَّ بى مَا شَاءَ " يَعْنِي مَا كَانَ فِي ظَنِّهِ فَإِنِّي فَاعِلُهُ بِهِ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْإِحْسَانِ ، فَإِنَّ الْمُحْسِنَ حَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَلَا يُخْلِفَ وَعْدَهُ ، وَيَقْبَلَ تَوْبَتَهُ
•وَأَمَّا الْمُسِيءُ الْمُصِرُّ عَلَى الْكَبَائِرِ وَالظُّلْمِ وَالْمُخَالَفَاتِ فَإِنَّ وَحْشَةَ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ وَالْحَرَامِ تَمْنَعُهُ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِرَبِّهِ ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الشَّاهِدِ ،
•فَإِنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ الْخَارِجَ عَنْ طَاعَةِ سَيِّدِهِ لَا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ ، وَلَا يُجَامِعُ وَحْشَةَ الْإِسَاءَةِ إِحْسَانُ الظَّنِّ أَبَدًا ، فَإِنَّ الْمُسِيءَ مُسْتَوْحِشٌ بِقَدْرِ إِسَاءَتِهِ ، وَأَحْسَنُ النَّاسِ ظَنًّا بِرَبِّهِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ
•كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَحْسَنَ الْعَمَلَ وَإِنَّ الْفَاجِرَ أَسَاءَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَسَاءَ الْعَمَلَ
•وَكَيْفَ يَكُونُ مُحْسِنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ مَنْ هُوَ شَارِدٌ عَنْهُ ، حَالٌّ مُرْتَحِلٌ فِي مساخطه وَمَا يُغْضِبُهُ
•مُتَعَرِّضٌ لِلَعْنَتِهِ قَدْ هَانَ حَقُّهُ وَأَمْرُهُ عَلَيْهِ فَأَضَاعَهُ ، وَهَانَ نَهْيُهُ عَلَيْهِ فَارْتَكَبَهُ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ ؟ وَكَيْفَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ مَنْ بَارَزَهُ بِالْمُحَارَبَةِ ، وَعَادَى أَوْلِيَاءَهُ ، وَوَالَى أَعْدَاءَهُ ، وَجَحَدَ صِفَاتَ كَمَالِهِ ، وَأَسَاءَ الظَّنَّ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَظَنَّ بِجَهْلِهِ أَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ ضَلَالٌ وَكُفْرٌ ؟ وَكَيْفَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى وَلَا يَرْضَى وَلَا يَغْضَبُ ؟
•وَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّ مَنْ شَكَّ فِي تَعَلُّقِ سَمْعِهِ بِبَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ ، وَهُوَ السِّرُّ مِنَ الْقَوْلِ : وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ
•فَهَؤُلَاءِ لَمَّا ظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا يَعْمَلُونَ ، كَانَ هَذَا إِسَاءَةً لِظَنِّهِمْ بِرَبِّهِمْ ، فَأَرْدَاهُمْ ذَلِكَ الظَّنُّ ، وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مَنْ جَحَدَ صِفَاتِ كَمَالِهِ ، وَنُعُوتَ جَلَالِهِ ، وَوَصَفَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ ، فَإِذَا ظَنَّ هَذَا أَنَّهُ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ كَانَ هَذَا غُرُورًا وَخِدَاعًا مِنْ نَفْسِهِ ، وَتَسْوِيلًا مِنَ الشَّيْطَانِ ، لَا إِحْسَانَ ظَنٍّ بِرَبِّهِ .


تَأَمَّلْوا معي

•فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِعَ ، وَتَأَمَّلْ شِدَّةَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، وَكَيْفَ يَجْتَمِعُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ تَيَقُّنُهُ بِأَنَّهُ مُلَاقٍ اللَّهَ ، وَأَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ وَيَرَى مَكَانَهُ ، وَيَعْلَمُ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ أَمْرِهِ ، وَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَمَسْئُولٌ عَنْ كُلِّ مَا عَمِلَ ، وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مسا خطه مُضَيِّعٌ لِأَوَامِرِهِ ، مُعَطِّلٌ لِحُقُوقِهِ ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ خِدَعِ النُّفُوسِ ، وَغُرُورِ الْأَمَانِيِّ ؟
•وَقَدْ قَالَ أَبُو أمامه بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ : دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَالَتْ لَوْ رَأَيْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضٍ لَهُ ، وَكَانَتْ عِنْدِي سِتَّةُ دَنَانِيرَ ، أَوْ سَبْعَةٌ ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُفَرِّقَهَا ، قَالَتْ : فَشَغَلَنِي وَجَعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى عَافَاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْهَا فَقَالَ : مَا فَعَلْتِ ؟ أَكُنْتِ فَرَّقَتِ السِّتَّةَ الدَّنَانِيرَ ؟ فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ لَقَدْ شَغَلَنِي وَجَعُكَ ، قَالَتْ فَدَعَا بِهَا ، فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ ، فَقَالَ : مَا ظَنُّ نَبِيِّ اللَّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ ؟ وَفِي لَفْظٍ : مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ بِرَبِّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ
•فَيَا لَلَّهِ مَا ظَنُّ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَالظَّلَمَةِ بِاللَّهِ إِذَا لَقَوْهُ وَمَظَالِمُ الْعِبَادِ عِنْدَهُمْ ؟ فَإِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ قَوْلُهُمْ : حَسَّنَّا ظُنُونَنَا بِكَ ، إِنَّكَ لَنْ تُعَذِّبَ ظَالِمًا وَلَا فَاسِقًا ، فَلْيَصْنَعِ الْعَبْدُ مَا شَاءَ ، وَلِيَرْتَكِبْ كُلَّ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلِيُحْسِنْ ظَنَّهُ بِاللَّهِ ، فَإِنَّ النَّارَ لَا تَمَسُّهُ ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا يَبْلُغُ الْغُرُورُ بِالْعَبْدِ
•وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِقَوْمِهِ : أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
أَيْ مَا ظَنُّكُمْ أَنْ يَفْعَلَ بِكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ
•وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَوْضِعَ حَقَّ التَّأَمُّلِ عَلِمَ أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ هُوَ حُسْنُ الْعَمَلِ نَفْسُهُ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَى حُسْنِ الْعَمَلِ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى أَعْمَالِهِ وَيُثِيبَهُ عَلَيْهَا وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ، فَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الْعَمَلِ حُسْنُ الظَّنِّ ، فَكُلَّمَا حَسُنَ ظَنُّهُ حَسُنَ عَمَلُهُ ،
•وَإِلَّا فَحُسْنُ الظَّنِّ مَعَ إتباع الْهَوَى عَجْزٌ ، كَمَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَالْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ
وَبِالْجُمْلَةِ فَحُسْنُ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ انْعِقَادِ أَسْبَابِ النَّجَاةِ ، وَأَمَّا مَعَ انْعِقَادِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ فَلَا يَتَأَتَّى إِحْسَانُ الظَّنِّ



الْفَرْقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ وَالْغُرُورِ

•فَإِنْ قِيلَ : بَلْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ ، وَيَكُونُ مُسْتَنَدُ حُسْنِ الظَّنِّ سَعَةَ مَغْفِرَةِ اللَّهِ ، وَرَحْمَتِهِ وَعَفْوِهِ وَجُودِهِ ، وَأَنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ ، وَأَنَّهُ لَا تَنْفَعُهُ الْعُقُوبَةُ ، وَلَا يَضُرُّهُ الْعَفْوُ
•قِيلَ : الْأَمْرُ هَكَذَا ، وَاللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ وَأَجَلُّ وَأَكْرَمُ وَأَجْوَدُ وَأَرْحَمُ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَضَعُ ذَلِكَ فِي مَحِلِّهِ اللَّائِقِ بِهِ
•، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالْحِكْمَةِ ، وَالْعِزَّةِ وَالِانْتِقَامِ ، وَشِدَّةِ الْبَطْشِ ، وَعُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ ، فَلَوْ كَانَ مُعَوَّلُ حُسْنِ الظَّنِّ عَلَى مُجَرَّدِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ لأشرك فِي ذَلِكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، وَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ ، وَوَلِيُّهُ وَعَدُّوهُ ، فَمَا يَنْفَعُ الْمُجْرِمَ أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ وَقَدْ بَاءَ بِسُخْطِهِ وَغَضَبِهِ ، وَتَعَرَّضَ لِلَعْنَتِهِ ، وَوَقَعَ فِي مَحَارِمِهِ ، وَانْتَهَكَ حُرُمَاتِهِ ، بَلْ حُسْنُ الظَّنِّ يَنْفَعُ مَنْ تَابَ وَنَدِمَ وَأَقْلَعَ ، وَبَدَّلَ السَّيِّئَةَ بِالْحَسَنَةِ ، وَاسْتَقْبَلَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ بالخير والطاعة ، ثُمَّ أَحْسَنَ الظَّنَّ ، فَهَذَا هُوَ حُسْنُ ظَنٍّ ، وَالْأَوَّلُ غُرُورٌ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
•وَلَا تَسْتَطِلْ هَذَا الْفَصْلَ ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ شَدِيدَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَبَيْنَ الْغُرُورِ بِهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَجَعَلَ هَؤُلَاءِ أَهْلَ الرَّجَاءِ ، لَا الْبَطَّالِينَ
وَالْفَاسِقِينَ،قَالَ تَعَالَى : ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَنْ فَعَلَهَا ، فَالْعَالِمُ يَضَعُ الرَّجَاءَ مَوَاضِعَهُ وَالْجَاهِلُ الْمُغْتَرُّ يَضَعُهُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ .


الَّذِينَ اعْتَمَدُوا عَلَى عَفْوِ اللَّهِ فَضَيَّعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ

•وَكَثِيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ اعْتَمَدُوا عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ وَكَرَمِهِ ، وَضَيَّعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ ، وَنَسُوا أَنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ، وَمَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَفْوِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ فَهُوَ كَالْمُعَانِدِ .
قَالَ مَعْرُوفٌ : رَجَاؤُكَ لِرَحْمَةِ مَنْ لَا تُطِيعُهُ مِنَ الْخِذْلَانِ وَالْحُمْقِ
•وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَنْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْكَ فِي الدُّنْيَا بِسَرِقَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ، لَا تأمن أَنْ تَكُونَ عُقُوبَتُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَى نَحْوِ هَذَا
•. وَقِيلَ لِلْحَسَنِ : نَرَاكَ طَوِيلَ الْبُكَاءِ ، فَقَالَ : أَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي فِي النَّارِ وَلَا يُبَالِي .
وَكَانَ يَقُولُ : إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أَمَانِيُّ الْمَغْفِرَةِ حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ تَوْبَةٍ ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ : لِأَنِّي أُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّي ، وَكَذَبَ ، لَوْ أَحْسَنَ الظَّنَّ لَأَحْسَنَ الْعَمَلَ .
وَسَأَلَ رَجُلٌ الْحَسَنَ فَقَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ كَيْفَ نَصْنَعُ بِمُجَالَسَةِ أَقْوَامٍ يُخَوِّفُونَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا تَطِيرُ ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى تُدْرِكَ أَمْنًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى تَلْحَقَكَ الْمَخَاوِفُ
•وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ فِي النَّارِ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ ، فَيَطُوفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ ، فَيَقُولُونَ : يَا فُلَانُ : مَا أَصَابَكَ ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ
•وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَقِيعِ فَقَالَ : أُفٍّ لَكَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُنِي ، قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّ هَذَا قَبْرُ فُلَانٍ ، بَعَثْتُهُ سَاعِيًا إِلَى آلِ فُلَانٍ ، فَغَلَّ نَمِرَةً فَدُرِّعَ الْآنَ مِثْلَهَا مِنْ نَارٍ

•. •وفى الختام اخواتى لا تنسوني بدعائكم الصالح وجميع المؤمنين والمؤمنات ، واعلموا أن كرم الله كبير ويعطى بلا حدود كما فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : رُبَّ مُسْتَدْرَجٍ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ، وَرُبَّ مَغْرُورٍ بِسَتْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ، وَرُبَّ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
14
899

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حكايه صبر
حكايه صبر
نور نور الدنيا
جزااك الله خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهرة وباطنة
وأسأل الله باسمه العظيم الأعظم أن ينير بصرك وبصيرتك
بنور اليقين
وأن يجعله فى ميزان حسناتك
أم كريم و ياسمين
حكايه صبر

شكراً لمرورك
أم كريم و ياسمين
حكايه صبر شكراً لمرورك
حكايه صبر شكراً لمرورك
نور نور الدنيا


ولك بالمثل
أم سلطان؟
أم سلطان؟