السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يفرج همكم ويسعدكم انكم اتساعدوني بتعبير عن فضل السلام قبل لايطلع الصبح
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
إيـلاف
•
أفشوا السلام بينكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- تحية أهل الإسلام، وسلام أهل دار السلام رزقنا الله وإياكم الجنة بسلام – آمين - .
والسلام حق رغب فيه الإسلام أتباعه وأوجب عليهم الرد عليه كما قال - تعالى- وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حق المسلم على المسلم ست ومنها - إذا لقيته فسلم عليه-.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفشي السلام تطبيقا لدين الله: -أفشوا السلام بينكم- وكان يسلم حتى على المجالس المختلطة ما بين المسلمين وغيرهم، ويقصد بسلامه أهل الإسلام، وكان إذا ألقى عليه أحد التحية من غير المسلمين قال: -وعليكم- وفيه عدم إهمال سلامه وتحيته وهكذا يجب أن يكون المسلم.
أما علاقة السلام بالدعوة فهي علاقة وثيقة قوية متينة وإليكم هذه الوقفات:
- الوقفة الأولى: أن السلام من شعائر الإسلام وفي إفشائه تطبيق للشرع، وهذا دليل على الالتزام.
- الوقفة الثانية: أن السلام طريق للحب بين المسلمّين وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: - أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم-.
- الوقفة الثالثة: إن السلام طريق للتعارف وسببه أن السلام يقصد به التحية والدعاء والاحترام والتواضع، فإذا سمع الشخص السلام قاده ذلك لكسب هذه المعاني وتصور شخصيتك بأنها شخصية فيها احترام وتواضع، بل سيقوده السلام الذي هو اسم الله إلى أن يستقبل منك الكلام؛ لأنك بدأت بعظيم فتستحق عندها أن يسمع لك -فتنبه-.
والسلام بركته على الإنسان سواء سلم على الآخرين أم سلم على نفسه إذا لم يجد في المكان أحداً فإذا أصاب سلامك أحدا حلت البركة على المتسالمين وبدأ مشوار التأثير. وأذكرك أنك بحاجة إلى ذكر السلام بأشكاله الثلاثة تطبيقا للسنن والهدى؛ وزيادة في الأجر، وزيادة في التأثير على السامع فقل أحيانا السلام عليكم وتارة السلام عليكم ورحمة الله، وأخرى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما في ردك للسلام فرد بالمثل أو الزيادة وفي الزيادة خير كثير، واحذر أن ترد السلام ردا ناقصا عما شرع لك أو شبه ناقص كما هو قول بعض الإخوة هداهم الله: -وعليكم السلام والرحمة- فالسنة أولى بالتطبيق.
- بشارة دعوية:
إن من التأثير الإيجابي في الدعوة إلى الله على مجتمعنا أن الناس أصبحت تلقي السلام وتفشيه رجالا ونساء صغارا وكبارا، والعجب حتى من العوام بدرجتهم الدنيا من تلقاه يسلم، لا بل حتى أعداء الدعوة يلقون السلام عند لقائهم فإظهار هذه الشعيرة بهذه القوة ما جاءت من فراغ بل من الاجتهاد على نشر السنة وإظهار شعيرة الإسلام في الناس من قبل الدعاة وفقهم الله لكل فضيلة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- تحية أهل الإسلام، وسلام أهل دار السلام رزقنا الله وإياكم الجنة بسلام – آمين - .
والسلام حق رغب فيه الإسلام أتباعه وأوجب عليهم الرد عليه كما قال - تعالى- وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حق المسلم على المسلم ست ومنها - إذا لقيته فسلم عليه-.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفشي السلام تطبيقا لدين الله: -أفشوا السلام بينكم- وكان يسلم حتى على المجالس المختلطة ما بين المسلمين وغيرهم، ويقصد بسلامه أهل الإسلام، وكان إذا ألقى عليه أحد التحية من غير المسلمين قال: -وعليكم- وفيه عدم إهمال سلامه وتحيته وهكذا يجب أن يكون المسلم.
أما علاقة السلام بالدعوة فهي علاقة وثيقة قوية متينة وإليكم هذه الوقفات:
- الوقفة الأولى: أن السلام من شعائر الإسلام وفي إفشائه تطبيق للشرع، وهذا دليل على الالتزام.
- الوقفة الثانية: أن السلام طريق للحب بين المسلمّين وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: - أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم-.
- الوقفة الثالثة: إن السلام طريق للتعارف وسببه أن السلام يقصد به التحية والدعاء والاحترام والتواضع، فإذا سمع الشخص السلام قاده ذلك لكسب هذه المعاني وتصور شخصيتك بأنها شخصية فيها احترام وتواضع، بل سيقوده السلام الذي هو اسم الله إلى أن يستقبل منك الكلام؛ لأنك بدأت بعظيم فتستحق عندها أن يسمع لك -فتنبه-.
والسلام بركته على الإنسان سواء سلم على الآخرين أم سلم على نفسه إذا لم يجد في المكان أحداً فإذا أصاب سلامك أحدا حلت البركة على المتسالمين وبدأ مشوار التأثير. وأذكرك أنك بحاجة إلى ذكر السلام بأشكاله الثلاثة تطبيقا للسنن والهدى؛ وزيادة في الأجر، وزيادة في التأثير على السامع فقل أحيانا السلام عليكم وتارة السلام عليكم ورحمة الله، وأخرى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما في ردك للسلام فرد بالمثل أو الزيادة وفي الزيادة خير كثير، واحذر أن ترد السلام ردا ناقصا عما شرع لك أو شبه ناقص كما هو قول بعض الإخوة هداهم الله: -وعليكم السلام والرحمة- فالسنة أولى بالتطبيق.
- بشارة دعوية:
إن من التأثير الإيجابي في الدعوة إلى الله على مجتمعنا أن الناس أصبحت تلقي السلام وتفشيه رجالا ونساء صغارا وكبارا، والعجب حتى من العوام بدرجتهم الدنيا من تلقاه يسلم، لا بل حتى أعداء الدعوة يلقون السلام عند لقائهم فإظهار هذه الشعيرة بهذه القوة ما جاءت من فراغ بل من الاجتهاد على نشر السنة وإظهار شعيرة الإسلام في الناس من قبل الدعاة وفقهم الله لكل فضيلة.
إيـلاف
•
قال الله - تبارك اسمه -: ((وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا)) .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
وروى ابن ماجة من حديث أبي أمامة قال: "أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن نفشي السلام". وهو حديث صحيح.
رَدُّ السلام:
وروى البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام -... الحديث ".
وروى مسلم من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها إن جبريل يقرأ عليك السلام قالت فقلت و- عليه السلام -ورحمة الله ".
رَدّ السَّلامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ:
وروى البخاري من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم".
وروى أيضاً من حديث عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليكم قالت عائشة: ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلاً يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت يا رسول الله! أولم تسمع ما قالوا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد قلت وعليكم".ومعنى السام: الموت.
وروى ابن ماجة من حديث أبي عبد الرحمن الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدءوهم بالسلام فإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم".
السَّلامِ على الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ:
وروى مسلم في صحيحه من حديث سيار، قال كنت أمشي مع ثابت البناني فمر بصبيان فسلم عليهم، وحدث ثابت أنه كان يمشي مع أنس فمر بصبيان فسلم عليهم، وحدث أنس أنه كان يمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر بصبيان فسلم عليهم ".
ففي هذه الأحاديث الحثّ على إفشاء السلام، وإشاعته، وأنه سنة ماضية، وشعيرة من شعائر الإسلام، وأن على المسلم أن يُلقي السلامَ على كل من يلقاه من المسلمين،كان يعرفه أو لا يعرفه.
ومن جملة آدابه أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والقائم على القاعد، فإن استويا فأيهما بدأ بالسلام كان له فضل التقدم بالتحية، وكل ذلك قد ثبتت به السنة في أحاديث أخرى.
وإفشاء السلام من شأنه أن يشيع بين المسلمين المودة والمحبة، لا سيما إذا اقترن مع السلام البشاشةُ والبِشر، وفيها أن المسلمين إذا لم يحققوا هذا التحابب فيما بينهم فلن يتحقق لهم تمام الإيمان، ودخول الجنة يستلزم تحقيق الإيمان، ولعل في هذا التلازم بين التحابب والإيمان، إشارة إلى أنه على قدر سلامة صدر المسلم لإخوانه المسلمين، وصفاء قلبه عن شوائب الغلّ والضغائن، يكون إيمان المرء ورجاؤه في دخول الجنة، وفيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرد السلام وقد بيّن أهل العلم أن ردّه واجب، فإن كان المسلّم عليه جماعة فردّ منهم واحد أجزأ عن الباقين، وفيها بيان ما عليه اليهود من البغض لنا والحقد علينا والعداوة للمسلمين ولنبيهم - صلى الله عليه وسلم - حيث كانوا يستبدلون بالسلام على المسلمين الدعاءَ عليهم بالموت، فهم أعداء السلام، وأعداء الأمان، وأعداء الأمة المسلمة.
ولما كان اليهود وقتذاك لا يقدرون على إعلان حقدهم وبغضهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين معه، كانوا يخفون دعاءهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى المسلمين في لفظ السلام الذي يشتبه مع لفظ السام، فكانوا يستعملون هذا الأسلوب اللئيم من المواربة والاستخفاء؛ لأن المسلمين آنذاك كانوا على قوة إيمانية وجهادية تكفي لكبتهم وإخافتهم، أما الآن فقد ضعف إيمان المسلمين، لما تركوا الجهاد، فتغلب عليهم اليهود، واغتصبوا أرض المسلمين في فلسطين، وقتلوا وعذبوا وشردوا كثيراً من أهلها، ومما لا ريب فيه أنه لن يعود للمسلمين هيبتهم إلا برجوعهم إلى دينهم واستقامتهم على أحكام شريعته، وقيامهم بالجهاد في سبيل الله - تعالى -.
وليت المسلمين العرب - وهم يهرولون إلى اليهود يستجدون منهم السلام، ويشترونه منهم بالمقدسات، ليتهم أشاعوا السلام فيما بينهم، وزرعوا الأخوة الإيمانية في الشعوب المسلمة، وتركوا معاني السلام تعمل في نفوس المسلمين عملها على ما يقتضيه الإيمان، ولو أنهم فعلوا ذلك لوجدوا شعوبهم قوية متكافلة متعاونة متحابة متراصة بدلاً من بذر الشقاق والخلاف والعداوات والحروب بين الشعوب الإسلامية والذي كان السبب الأهم في ضعفها وضياع مقدساتها، ليتهم حافظوا على الإسلام في دياره وهو أضعف الإيمان، ليتهم سالموا المسلمين قبل أن يسالموا اليهود!، إن الحرب معلنة بلا هوادة على الفضيلة والأخلاق والهوية الإسلامية، بينما الركض على أشده إلى السلام مع اليهود.
إن الأمور مقلوبة، لأجل أن القلوب منكوسة، فردوا الأمور يا قوم إلى نصابها يصلح الله لكم قلوبكم، ويهديكم سبل الرشاد.. صالحوا أمتكم وسالموها، يكفكم الله بأس عدوكم، ويرفع عنكم ما أنتم فيه من ذل وعار.
وفي الأحاديث النهي عن بدء اليهود والنصارى بالسلام، وألا نجيبهم إذا سلموا علينا إلا بقولنا: وعليكم؛ احترازاً مما عرف عنهم من دعائهم علينا بقولهم السام عليكم، يعنون الموت، ولأهل العلم في هذه المسألة تفصيل تراه في ما ننقله عنهم بعد سطور.
وفي الأحاديث أن السنة السلام على الصبيان، وفي هذا التوجيه النبوي الرفيع الكثير من القيم التربوية، المتضمنة بناء شخصية الصبي، وتعويده على التواضع بإلقاء السلام ورده، وإشعاره أنه موضع اهتمام واحترام من الكبار، وهذا من شأنه أن يقوّي ثقته بنفسه.
أما السلام على النساء، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يسلم عليهن، وهو الأسوة والقدوة، ولأهل العلم أيضاً تفصيل في التفريق بين الشابة وغيرها، فمنعه بعضهم من السلام على الشابة لما يخشى من الفتنة في ردها، وأجازوه لغيرها.
إفشاء السلام:
روى البخاري في صحيحه من حديث عمّار: " ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار".
قال صاحب زاد المعاد: وبذل السلام للعالم يتضمن تواضعه، وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذل السلام للصغير والكبير، والشريف والوضيع، ومن يعرفه ومن لا يعرفه، والمتكبر ضد هذا، فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه، كبراً منه وتيهاً، فكيف يبذل السلام لكل أحد. ا.هـ.
ردّ السلام:
قال الماوردي في الحاوي الكبير (18/163): وأما رد السلام فضربان: أحدهما: أن يكون السلام على واحد، ويكون رده فرضاً متعيناً على ذلك الواحد.
والثاني: أن يكون السلام على جماعة، فرده من فروض الكفايات على تلك الجماعة، فأيهما تفرد بالرد سقط فرضه عن الباقين، وإن أمسكوا عنه حرجوا جميعاً ولا يسقط الفرض عنهم برد غيرهم. ا.هـ
السلام على أهل الذمة:
وقد بحث العلامة ابن القيم في زاد المعاد (2/414) مسألة السلام على أهل الذمة، والرد عليهم فقال: وقد اختلف السلف والخلف في ذلك، فقال أكثرهم: لا يبدأون بالسلام، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يردّ عليهم، روي ذلك عن ابن عباس، وأبي أمامة وابن محيريز، وهو وجه في مذهب الشافعي رحمه الله، لكن صاحب هذا الوجه قال: يقال له: السلام عليك فقط بدون ذكر الرحمة، وبلفظ الإفراد، وقالت طائفة: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون له إليه، أو خوف من أذاه، أو لقرابة بينهما، أو لسبب يقتضي ذلك، يروى ذلك عن إبراهيم النخعي، وعلقمة، وقال الأوزاعي: إن سلّمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت، فقد ترك الصالحون. ا.هـ
عدل وإحسان..
ولابن القيم - رحمه الله -تفصيل حسن، ورأي قوي في هذه المسألة في كتابه أحكام أهل الذمة (1/157) قال عند قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: " فقولوا وعليكم ": هذا كله إذا تحقق أنه قال: السام عليكم، أو شك فيما قال، فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: سلام عليكم، فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية، وقواعد الشريعة، أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال - تعالى -: ((وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردها))، فندب إلى الفضل، وأوجب العدل. ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الرادّ:"وعليكم" بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة - رضي الله عنهم - الله عنها فقال: "ألا ترينني قلت: "وعليكم" لما قالوا السام عليكم؟ ثم قال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: "وعليكم "، والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ، فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور، لا فيما يخالفه، قال - تعالى -: ((ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير)) ، فإذا زال هذا السبب وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله، فالعدل في التحية يقتضي أن يردّ عليه نظير سلامه. ا.هـ
يعني نقول له: وعليك السلام.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/316): اختلف فيه السلف ومن بعدهم، فكره طائفة أن يبتدأ أحد منهم بالسلام، لحديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبدؤهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه "، وقال أحمد بن حنبل: المصير إلى هذا الحديث أولى مما خالفه.
قال: وعن أبي أمامة الباهلي، أنه كان لا يمر بمسلم ولا يهودي ولا نصراني، إلا بدأ بالسلام، وروي عن ابن مسعود، وأبي الدرداء، وفضالة بن عبيد أنهم كانوا يبدءون أهل الذمة بالسلام، وعن ابن مسعود أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب: السلام عليكم.
وعنه أيضاً أنه قال: لو قال لي فرعون خيراً لرددت عليه مثله.
وروى الوليد بن مسلم عن عروة بن رويم قال: رأيت أبا أمامة الباهلي يسلم على كل من لقي من مسلم وذمي، ويقول: هي تحية لأهل ملتنا، وأمان لأهل ذمتنا واسم من أسماء الله نفشيه بيننا.
قال: ومذهب مالك في ذلك كمذهب عمر بن عبد العزيز وأجاز ذلك ابن وهب وقد يحتمل عندي حديث سهيل أن يكون معنى قوله لا تبدؤوهم أي ليس عليكم أن تبدؤهم كما تصنعون بالمسلمين وإذا حمل على هذا ارتفع الاختلاف.
ثم ذكر - رحمه الله -حديث أبي عبد الرحمن الجهني في الباب وقال: فهذا الوجه المعمول به في السلام على أهل الذمة والرد عليهم ولا أعلم في ذلك خلافا. ا.هـ
السلام على الصبيان:
وقال النووي: قوله: " أن رسول الله مرّ على غلمان فسلم عليهم، ففيه استحباب السلام على الصبيان المميزين، والندب إلى التواضع، وبذل السلام للناس كلهم، وبيان تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وكمال شفقته على العالمين. واتفق العلماء على استحباب السلام على الصبيان. ا.هـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/33): " قال ابن بطال: في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة. وفيه طرح الأكابر رداءَ الكبر، وسلوك التواضع ولين الجانب.ا.هـ
السلام على النساء:
قال ابن عبد البر في الاستذكار (27/139): سئل مالك هل يسلم على المرأة؟ فقال: أما المتجالة فلا أكره ذلك، وأما الشابة فلا أحب ذلك. وفي السلام على النساء قال الحافظ ابن حجر: قال الحليمي: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - للعصمة مأمونا من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلّم وإلا فالصمت أسلم.
ونقل عن المهلب قوله: سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة، وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سداً للذريعة، ومنع منه ربيعة مطلقاً. وقال الكوفيون: لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال؛ لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، قالوا: ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام على محرمها.
وفي قوله في الحديث: "فاضطروهم إلى أضيقه" قال القرطبي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (11/40): معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكراماً لهم واحتراماً، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب. ا.هـ
إلقاء السلام على عامة المسلمين:
يسن إلقاء السلام على المسلم عند لقائه أو المرور عليه، سواء كان هذا المسْلم معروفاً أو غير معروف، فإن السلام شعار الأمة المسلمة فيما بينها، وإن أي مجتمع من مجتمعات المسلمين غاب عنه هذا الشعار ألفيته مجتمعاً غريباً على الروح الإسلامية، فاقداً لواحدة من أهم صفات المجتمع المسلم الذي يشيع فيه السلام والمودة والمحبة الإيمانية التي تقتضيها معاني الأخوة في الله، وكم يجد المسلم في نفسه من الأسى حين يشعر في كثير من ديار الإسلام بهذه الغربة في أمر لا يكلف الناس شيئاً، مثلما يكلفهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تضحيات وعناء وصبر، لكنه فشُوُّ الجهل بالسنن، أو الذهول عنها، وغلبة الباطل الذي تمثل في سرعة التأثر بما تصبه وسائل الإعلام الفاسدة في عقول الناس وقلوبهم، وما تمكنت به من تشكيل سلوك غالب المسلمين وعاداتهم وأخلاقهم بل ومعتقداتهم، إذ لم يعد يخفى أن هذه الوسائل المؤثرة سلباً في أبناء المسلمين قد أضرت بالأمة أيما ضرر.
أمر إفشاء السلام يبدو صغيراً بجانب أمور عظام يحمل همها الدعاة والمصلحون من أمراض الأمة التي استشرت فينا كالنار في الهشيم، أعرف هذا، لكن غياب هذا الشعار السهل عن أبنائنا من الشباب في كثير من بلاد المسلمين أدى بنا إلى استعمال ألوان من التحية غريبة علينا ساعدت في إضعاف الهوية الإسلامية لديهم، فكثير من المسلمين في هذه البلاد شأنهم في ذلك كغير المسلمين يحييون الناس بصباح الخير ومساء الخير، ويودعهونهم بـ "باي "، ومع السلامة، وغير ذلك من أساليب المسخ التي مورست على أبناء المسلمين بخبث ومكر عبر عقود من الكيد الدؤوب، والمثابرة التي لم تعرف الملل.
ولهذا أحرص دائماً على إلقاء السلام على أبنائنا صبياناً أو يافعين أو شباناً، وآسَف حين أسلم على شاب فيهَمْهِم بما لا يُفهم، أو يرد السلام بغير السلام فيقول: مرحباً، أو حياك الله، بل أحياناً يلتفت الشاب خلفه لينظر من ذا الذي سلمتُ عليه؛ لأنه لم يتعود أن يسلم أحد عليه في الطريق.
بيد أن ما لاحظته أن أبناءنا - والحمد لله - سريعو الاستجابة للتوجيه بما استودع الله - تعالى - في أعماقهم من الفطرة التي يستشعرون بها أن تحية الإسلام هي التحية الطيبة التي لا يقبل مسلم عاقل أن يستبدل بها غيرها.
لا أنسى " لَقطةً " من شريط الذكريات في حياتي، أذكرها لدلالتها العميقة في مضمار الدعوة إلى الله، مرّ الشيخ الذي كان يحفظنا القرآن في الكتاب، أمام دارنا وأنا واقف، وكنت في الثانية عشرة من عمري تقريباً فسلّم عليّ: السلام عليكم، فقلت: أهلاً وسهلاً، تفضل، فوقف الشيخ ولم يلتفت إليّ، وأعاد السلام، فعدت مرتبكاً صباح النور أهلاً وسهلاً تفضل ياشيخ، فأعاد السلام، فارتبكت أكثر واقتربت منه ومددت يدي أصافحه، فصافحني وأعاد السلام بهدوء فانتبهت وقلت على الفور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فابتسم ومضى، فلم أنس بعدُ هذا الدرسَ الذي علمنيه الشيخ - رحمه الله -.
واللفتة التربوية التي تشير إليها هذه اللقطة كامنة في ذلك الإصرار من الشيخ على توصيل الدرس إلى الغلام، وإعطائه الفرصة له ليتنبه وحده، إنه هَمّ الدعوة عند الصادقين، واستشعار المسئولية أمام الله تجاه الأمة في صغير شأنها وجليله، إن هذا الشعور الصادق من الداعية حريٌّ أن يباركه الله، ويتقبل صاحبه في الصالحين.
فضل إفشاء السلام:
روى البخاري من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال النووي معنى قوله: "على من عرفت ومن لم تعرف " تسلم على من لقيته ولا تخص ذلك بمن تعرف، وفي ذلك إخلاص العمل لله واستعمال التواضع وإفشاء السلام الذي هو شعار هذه الأمة".
وقال ابن بطال: في مشروعية السلام على غير المعرفة استفتاح للمخاطبة للتأنيس ليكون المؤمنون كلهم إخوة فلا يستوحش أحد من أحد، وفي التخصيص ما قد يوقع في الاستيحاش، ويشبه صدود المتهاجرين المنهي عنه". ا.هـ
وروى أحمد من حديث الزبير بن العوام - رضي الله عنهم - الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم".
وقال المناوي في فيض القدير (2/28): وهو - أي السلام - أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب التودد، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين، ورفع التقاطع والتهاجر، وهذا العموم خصه الجمهور بغير أهل الكفر والفجور.
وروى البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس".
وروى الترمذي من حديث عمران بن حصين: "أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثون".
وروى أبو داود من حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يصبح على كل سُلامى من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة، وبضعته أهله صدقة، قالوا: يا رسول الله يأتي شهوة وتكون له صدقة؟ قال: أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم؟ قال: ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى".
وروى أحمد من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة" قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والجلوس بالطرقات. قالوا: يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه. قالوا وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".
وروى أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى أحدكم المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يقعد فليسلم إذا قام، فليست الأولى بأوجب من الآخرة".
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير".
سلام الرجل على أهله عند دخوله البيت:
ومن آداب الإسلام أن يتعود المسلم على إلقاء السلام على أهله عند دخول بيته، فإن من شأن ذلك أن يقوي روابط المحبة بين أفراد الأسرة، ويهيء البيت لأن تحل فيه البركة، وفرق شاسع بين رجل يدخل بيته فلا يسلم على أهله، بل ينشغل بأي كلام آخر أو يستهل دخوله بالسؤال عن شيء أو إخبارهم بشيء كما هي عادة كثير من الغافلين، فرق بين هذا وبين رجل يبدأ بالسلام على أهله، فالأول محروم من ثواب إشاعة السنة، ومغبون بترك السلام الذي تحل بسببه البركة والرحمة، والثاني موفق مأجور حري أن تحلّ البركة والرحمة ببيته.
روى الترمذي من حديث أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك " قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب.
تبليغ السلام:
روى الترمذي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خمس تجب للمسلم على أخيه رد السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة وعيادة المريض واتباع الجنائز".
السلام على المصلي:
وروى الترمذي من حديث ابن عمر عن صهيب قال مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت عليه فرد إلي إشارة وقال: لا أعلم إلا أنه قال إشارة بإصبعه". وهو حديث صحيح.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله: "فرد إليّ إشارة" أي بالإشارة، وأحاديث الباب تدل على جواز رد السلام بالإشارة في الصلاة وهو مذهب الجمهور وهو الحق، واختلف الحنفية فمنهم من كرهه ومنهم الطحاوي ومنهم من قال لا بأس به واستدل المانعون بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: التسبيح للرجال يعني الصلاة، والتصفيق للنساء، من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعدها يعني الصلاة رواه أبو داود. والجواب أن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج ". ا.هـ
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/14): واتفقوا على أن من سلم لم يجزئ في جوابه إلا السلام ولا يجزئ في جوابه صبحت بالخير أو بالسعادة ونحو ذلك واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام هل يجب جوابه أم لا وأقل ما يحصل به وجوب الرد أن يسمع المبتديء وحينئذ يستحق الجواب ولا يكفي الرد بالإشارة بل ورد الزجر عنه.
ثم قال: أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه " لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة" قال النووي: لا يرد على هذا حديث أسماء بنت يزيد " مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وعُصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم"، فإنه محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة وقد أخرجه أبو داود من حديثها بلفظ فسلم علينا. انتهى.
والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام على الأصم. ا.هـ
هذا وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
وروى ابن ماجة من حديث أبي أمامة قال: "أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن نفشي السلام". وهو حديث صحيح.
رَدُّ السلام:
وروى البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام -... الحديث ".
وروى مسلم من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها إن جبريل يقرأ عليك السلام قالت فقلت و- عليه السلام -ورحمة الله ".
رَدّ السَّلامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ:
وروى البخاري من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم".
وروى أيضاً من حديث عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليكم قالت عائشة: ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلاً يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت يا رسول الله! أولم تسمع ما قالوا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد قلت وعليكم".ومعنى السام: الموت.
وروى ابن ماجة من حديث أبي عبد الرحمن الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدءوهم بالسلام فإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم".
السَّلامِ على الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ:
وروى مسلم في صحيحه من حديث سيار، قال كنت أمشي مع ثابت البناني فمر بصبيان فسلم عليهم، وحدث ثابت أنه كان يمشي مع أنس فمر بصبيان فسلم عليهم، وحدث أنس أنه كان يمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر بصبيان فسلم عليهم ".
ففي هذه الأحاديث الحثّ على إفشاء السلام، وإشاعته، وأنه سنة ماضية، وشعيرة من شعائر الإسلام، وأن على المسلم أن يُلقي السلامَ على كل من يلقاه من المسلمين،كان يعرفه أو لا يعرفه.
ومن جملة آدابه أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والقائم على القاعد، فإن استويا فأيهما بدأ بالسلام كان له فضل التقدم بالتحية، وكل ذلك قد ثبتت به السنة في أحاديث أخرى.
وإفشاء السلام من شأنه أن يشيع بين المسلمين المودة والمحبة، لا سيما إذا اقترن مع السلام البشاشةُ والبِشر، وفيها أن المسلمين إذا لم يحققوا هذا التحابب فيما بينهم فلن يتحقق لهم تمام الإيمان، ودخول الجنة يستلزم تحقيق الإيمان، ولعل في هذا التلازم بين التحابب والإيمان، إشارة إلى أنه على قدر سلامة صدر المسلم لإخوانه المسلمين، وصفاء قلبه عن شوائب الغلّ والضغائن، يكون إيمان المرء ورجاؤه في دخول الجنة، وفيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرد السلام وقد بيّن أهل العلم أن ردّه واجب، فإن كان المسلّم عليه جماعة فردّ منهم واحد أجزأ عن الباقين، وفيها بيان ما عليه اليهود من البغض لنا والحقد علينا والعداوة للمسلمين ولنبيهم - صلى الله عليه وسلم - حيث كانوا يستبدلون بالسلام على المسلمين الدعاءَ عليهم بالموت، فهم أعداء السلام، وأعداء الأمان، وأعداء الأمة المسلمة.
ولما كان اليهود وقتذاك لا يقدرون على إعلان حقدهم وبغضهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين معه، كانوا يخفون دعاءهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى المسلمين في لفظ السلام الذي يشتبه مع لفظ السام، فكانوا يستعملون هذا الأسلوب اللئيم من المواربة والاستخفاء؛ لأن المسلمين آنذاك كانوا على قوة إيمانية وجهادية تكفي لكبتهم وإخافتهم، أما الآن فقد ضعف إيمان المسلمين، لما تركوا الجهاد، فتغلب عليهم اليهود، واغتصبوا أرض المسلمين في فلسطين، وقتلوا وعذبوا وشردوا كثيراً من أهلها، ومما لا ريب فيه أنه لن يعود للمسلمين هيبتهم إلا برجوعهم إلى دينهم واستقامتهم على أحكام شريعته، وقيامهم بالجهاد في سبيل الله - تعالى -.
وليت المسلمين العرب - وهم يهرولون إلى اليهود يستجدون منهم السلام، ويشترونه منهم بالمقدسات، ليتهم أشاعوا السلام فيما بينهم، وزرعوا الأخوة الإيمانية في الشعوب المسلمة، وتركوا معاني السلام تعمل في نفوس المسلمين عملها على ما يقتضيه الإيمان، ولو أنهم فعلوا ذلك لوجدوا شعوبهم قوية متكافلة متعاونة متحابة متراصة بدلاً من بذر الشقاق والخلاف والعداوات والحروب بين الشعوب الإسلامية والذي كان السبب الأهم في ضعفها وضياع مقدساتها، ليتهم حافظوا على الإسلام في دياره وهو أضعف الإيمان، ليتهم سالموا المسلمين قبل أن يسالموا اليهود!، إن الحرب معلنة بلا هوادة على الفضيلة والأخلاق والهوية الإسلامية، بينما الركض على أشده إلى السلام مع اليهود.
إن الأمور مقلوبة، لأجل أن القلوب منكوسة، فردوا الأمور يا قوم إلى نصابها يصلح الله لكم قلوبكم، ويهديكم سبل الرشاد.. صالحوا أمتكم وسالموها، يكفكم الله بأس عدوكم، ويرفع عنكم ما أنتم فيه من ذل وعار.
وفي الأحاديث النهي عن بدء اليهود والنصارى بالسلام، وألا نجيبهم إذا سلموا علينا إلا بقولنا: وعليكم؛ احترازاً مما عرف عنهم من دعائهم علينا بقولهم السام عليكم، يعنون الموت، ولأهل العلم في هذه المسألة تفصيل تراه في ما ننقله عنهم بعد سطور.
وفي الأحاديث أن السنة السلام على الصبيان، وفي هذا التوجيه النبوي الرفيع الكثير من القيم التربوية، المتضمنة بناء شخصية الصبي، وتعويده على التواضع بإلقاء السلام ورده، وإشعاره أنه موضع اهتمام واحترام من الكبار، وهذا من شأنه أن يقوّي ثقته بنفسه.
أما السلام على النساء، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يسلم عليهن، وهو الأسوة والقدوة، ولأهل العلم أيضاً تفصيل في التفريق بين الشابة وغيرها، فمنعه بعضهم من السلام على الشابة لما يخشى من الفتنة في ردها، وأجازوه لغيرها.
إفشاء السلام:
روى البخاري في صحيحه من حديث عمّار: " ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار".
قال صاحب زاد المعاد: وبذل السلام للعالم يتضمن تواضعه، وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذل السلام للصغير والكبير، والشريف والوضيع، ومن يعرفه ومن لا يعرفه، والمتكبر ضد هذا، فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه، كبراً منه وتيهاً، فكيف يبذل السلام لكل أحد. ا.هـ.
ردّ السلام:
قال الماوردي في الحاوي الكبير (18/163): وأما رد السلام فضربان: أحدهما: أن يكون السلام على واحد، ويكون رده فرضاً متعيناً على ذلك الواحد.
والثاني: أن يكون السلام على جماعة، فرده من فروض الكفايات على تلك الجماعة، فأيهما تفرد بالرد سقط فرضه عن الباقين، وإن أمسكوا عنه حرجوا جميعاً ولا يسقط الفرض عنهم برد غيرهم. ا.هـ
السلام على أهل الذمة:
وقد بحث العلامة ابن القيم في زاد المعاد (2/414) مسألة السلام على أهل الذمة، والرد عليهم فقال: وقد اختلف السلف والخلف في ذلك، فقال أكثرهم: لا يبدأون بالسلام، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يردّ عليهم، روي ذلك عن ابن عباس، وأبي أمامة وابن محيريز، وهو وجه في مذهب الشافعي رحمه الله، لكن صاحب هذا الوجه قال: يقال له: السلام عليك فقط بدون ذكر الرحمة، وبلفظ الإفراد، وقالت طائفة: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون له إليه، أو خوف من أذاه، أو لقرابة بينهما، أو لسبب يقتضي ذلك، يروى ذلك عن إبراهيم النخعي، وعلقمة، وقال الأوزاعي: إن سلّمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت، فقد ترك الصالحون. ا.هـ
عدل وإحسان..
ولابن القيم - رحمه الله -تفصيل حسن، ورأي قوي في هذه المسألة في كتابه أحكام أهل الذمة (1/157) قال عند قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: " فقولوا وعليكم ": هذا كله إذا تحقق أنه قال: السام عليكم، أو شك فيما قال، فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: سلام عليكم، فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية، وقواعد الشريعة، أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال - تعالى -: ((وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردها))، فندب إلى الفضل، وأوجب العدل. ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الرادّ:"وعليكم" بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة - رضي الله عنهم - الله عنها فقال: "ألا ترينني قلت: "وعليكم" لما قالوا السام عليكم؟ ثم قال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: "وعليكم "، والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ، فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور، لا فيما يخالفه، قال - تعالى -: ((ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير)) ، فإذا زال هذا السبب وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله، فالعدل في التحية يقتضي أن يردّ عليه نظير سلامه. ا.هـ
يعني نقول له: وعليك السلام.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/316): اختلف فيه السلف ومن بعدهم، فكره طائفة أن يبتدأ أحد منهم بالسلام، لحديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبدؤهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه "، وقال أحمد بن حنبل: المصير إلى هذا الحديث أولى مما خالفه.
قال: وعن أبي أمامة الباهلي، أنه كان لا يمر بمسلم ولا يهودي ولا نصراني، إلا بدأ بالسلام، وروي عن ابن مسعود، وأبي الدرداء، وفضالة بن عبيد أنهم كانوا يبدءون أهل الذمة بالسلام، وعن ابن مسعود أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب: السلام عليكم.
وعنه أيضاً أنه قال: لو قال لي فرعون خيراً لرددت عليه مثله.
وروى الوليد بن مسلم عن عروة بن رويم قال: رأيت أبا أمامة الباهلي يسلم على كل من لقي من مسلم وذمي، ويقول: هي تحية لأهل ملتنا، وأمان لأهل ذمتنا واسم من أسماء الله نفشيه بيننا.
قال: ومذهب مالك في ذلك كمذهب عمر بن عبد العزيز وأجاز ذلك ابن وهب وقد يحتمل عندي حديث سهيل أن يكون معنى قوله لا تبدؤوهم أي ليس عليكم أن تبدؤهم كما تصنعون بالمسلمين وإذا حمل على هذا ارتفع الاختلاف.
ثم ذكر - رحمه الله -حديث أبي عبد الرحمن الجهني في الباب وقال: فهذا الوجه المعمول به في السلام على أهل الذمة والرد عليهم ولا أعلم في ذلك خلافا. ا.هـ
السلام على الصبيان:
وقال النووي: قوله: " أن رسول الله مرّ على غلمان فسلم عليهم، ففيه استحباب السلام على الصبيان المميزين، والندب إلى التواضع، وبذل السلام للناس كلهم، وبيان تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وكمال شفقته على العالمين. واتفق العلماء على استحباب السلام على الصبيان. ا.هـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/33): " قال ابن بطال: في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة. وفيه طرح الأكابر رداءَ الكبر، وسلوك التواضع ولين الجانب.ا.هـ
السلام على النساء:
قال ابن عبد البر في الاستذكار (27/139): سئل مالك هل يسلم على المرأة؟ فقال: أما المتجالة فلا أكره ذلك، وأما الشابة فلا أحب ذلك. وفي السلام على النساء قال الحافظ ابن حجر: قال الحليمي: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - للعصمة مأمونا من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلّم وإلا فالصمت أسلم.
ونقل عن المهلب قوله: سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة، وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سداً للذريعة، ومنع منه ربيعة مطلقاً. وقال الكوفيون: لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال؛ لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، قالوا: ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام على محرمها.
وفي قوله في الحديث: "فاضطروهم إلى أضيقه" قال القرطبي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (11/40): معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكراماً لهم واحتراماً، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب. ا.هـ
إلقاء السلام على عامة المسلمين:
يسن إلقاء السلام على المسلم عند لقائه أو المرور عليه، سواء كان هذا المسْلم معروفاً أو غير معروف، فإن السلام شعار الأمة المسلمة فيما بينها، وإن أي مجتمع من مجتمعات المسلمين غاب عنه هذا الشعار ألفيته مجتمعاً غريباً على الروح الإسلامية، فاقداً لواحدة من أهم صفات المجتمع المسلم الذي يشيع فيه السلام والمودة والمحبة الإيمانية التي تقتضيها معاني الأخوة في الله، وكم يجد المسلم في نفسه من الأسى حين يشعر في كثير من ديار الإسلام بهذه الغربة في أمر لا يكلف الناس شيئاً، مثلما يكلفهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تضحيات وعناء وصبر، لكنه فشُوُّ الجهل بالسنن، أو الذهول عنها، وغلبة الباطل الذي تمثل في سرعة التأثر بما تصبه وسائل الإعلام الفاسدة في عقول الناس وقلوبهم، وما تمكنت به من تشكيل سلوك غالب المسلمين وعاداتهم وأخلاقهم بل ومعتقداتهم، إذ لم يعد يخفى أن هذه الوسائل المؤثرة سلباً في أبناء المسلمين قد أضرت بالأمة أيما ضرر.
أمر إفشاء السلام يبدو صغيراً بجانب أمور عظام يحمل همها الدعاة والمصلحون من أمراض الأمة التي استشرت فينا كالنار في الهشيم، أعرف هذا، لكن غياب هذا الشعار السهل عن أبنائنا من الشباب في كثير من بلاد المسلمين أدى بنا إلى استعمال ألوان من التحية غريبة علينا ساعدت في إضعاف الهوية الإسلامية لديهم، فكثير من المسلمين في هذه البلاد شأنهم في ذلك كغير المسلمين يحييون الناس بصباح الخير ومساء الخير، ويودعهونهم بـ "باي "، ومع السلامة، وغير ذلك من أساليب المسخ التي مورست على أبناء المسلمين بخبث ومكر عبر عقود من الكيد الدؤوب، والمثابرة التي لم تعرف الملل.
ولهذا أحرص دائماً على إلقاء السلام على أبنائنا صبياناً أو يافعين أو شباناً، وآسَف حين أسلم على شاب فيهَمْهِم بما لا يُفهم، أو يرد السلام بغير السلام فيقول: مرحباً، أو حياك الله، بل أحياناً يلتفت الشاب خلفه لينظر من ذا الذي سلمتُ عليه؛ لأنه لم يتعود أن يسلم أحد عليه في الطريق.
بيد أن ما لاحظته أن أبناءنا - والحمد لله - سريعو الاستجابة للتوجيه بما استودع الله - تعالى - في أعماقهم من الفطرة التي يستشعرون بها أن تحية الإسلام هي التحية الطيبة التي لا يقبل مسلم عاقل أن يستبدل بها غيرها.
لا أنسى " لَقطةً " من شريط الذكريات في حياتي، أذكرها لدلالتها العميقة في مضمار الدعوة إلى الله، مرّ الشيخ الذي كان يحفظنا القرآن في الكتاب، أمام دارنا وأنا واقف، وكنت في الثانية عشرة من عمري تقريباً فسلّم عليّ: السلام عليكم، فقلت: أهلاً وسهلاً، تفضل، فوقف الشيخ ولم يلتفت إليّ، وأعاد السلام، فعدت مرتبكاً صباح النور أهلاً وسهلاً تفضل ياشيخ، فأعاد السلام، فارتبكت أكثر واقتربت منه ومددت يدي أصافحه، فصافحني وأعاد السلام بهدوء فانتبهت وقلت على الفور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فابتسم ومضى، فلم أنس بعدُ هذا الدرسَ الذي علمنيه الشيخ - رحمه الله -.
واللفتة التربوية التي تشير إليها هذه اللقطة كامنة في ذلك الإصرار من الشيخ على توصيل الدرس إلى الغلام، وإعطائه الفرصة له ليتنبه وحده، إنه هَمّ الدعوة عند الصادقين، واستشعار المسئولية أمام الله تجاه الأمة في صغير شأنها وجليله، إن هذا الشعور الصادق من الداعية حريٌّ أن يباركه الله، ويتقبل صاحبه في الصالحين.
فضل إفشاء السلام:
روى البخاري من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال النووي معنى قوله: "على من عرفت ومن لم تعرف " تسلم على من لقيته ولا تخص ذلك بمن تعرف، وفي ذلك إخلاص العمل لله واستعمال التواضع وإفشاء السلام الذي هو شعار هذه الأمة".
وقال ابن بطال: في مشروعية السلام على غير المعرفة استفتاح للمخاطبة للتأنيس ليكون المؤمنون كلهم إخوة فلا يستوحش أحد من أحد، وفي التخصيص ما قد يوقع في الاستيحاش، ويشبه صدود المتهاجرين المنهي عنه". ا.هـ
وروى أحمد من حديث الزبير بن العوام - رضي الله عنهم - الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم".
وقال المناوي في فيض القدير (2/28): وهو - أي السلام - أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب التودد، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين، ورفع التقاطع والتهاجر، وهذا العموم خصه الجمهور بغير أهل الكفر والفجور.
وروى البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس".
وروى الترمذي من حديث عمران بن حصين: "أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثون".
وروى أبو داود من حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يصبح على كل سُلامى من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة، وبضعته أهله صدقة، قالوا: يا رسول الله يأتي شهوة وتكون له صدقة؟ قال: أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم؟ قال: ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى".
وروى أحمد من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة" قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والجلوس بالطرقات. قالوا: يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه. قالوا وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".
وروى أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى أحدكم المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يقعد فليسلم إذا قام، فليست الأولى بأوجب من الآخرة".
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير".
سلام الرجل على أهله عند دخوله البيت:
ومن آداب الإسلام أن يتعود المسلم على إلقاء السلام على أهله عند دخول بيته، فإن من شأن ذلك أن يقوي روابط المحبة بين أفراد الأسرة، ويهيء البيت لأن تحل فيه البركة، وفرق شاسع بين رجل يدخل بيته فلا يسلم على أهله، بل ينشغل بأي كلام آخر أو يستهل دخوله بالسؤال عن شيء أو إخبارهم بشيء كما هي عادة كثير من الغافلين، فرق بين هذا وبين رجل يبدأ بالسلام على أهله، فالأول محروم من ثواب إشاعة السنة، ومغبون بترك السلام الذي تحل بسببه البركة والرحمة، والثاني موفق مأجور حري أن تحلّ البركة والرحمة ببيته.
روى الترمذي من حديث أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك " قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب.
تبليغ السلام:
روى الترمذي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خمس تجب للمسلم على أخيه رد السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة وعيادة المريض واتباع الجنائز".
السلام على المصلي:
وروى الترمذي من حديث ابن عمر عن صهيب قال مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت عليه فرد إلي إشارة وقال: لا أعلم إلا أنه قال إشارة بإصبعه". وهو حديث صحيح.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله: "فرد إليّ إشارة" أي بالإشارة، وأحاديث الباب تدل على جواز رد السلام بالإشارة في الصلاة وهو مذهب الجمهور وهو الحق، واختلف الحنفية فمنهم من كرهه ومنهم الطحاوي ومنهم من قال لا بأس به واستدل المانعون بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: التسبيح للرجال يعني الصلاة، والتصفيق للنساء، من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعدها يعني الصلاة رواه أبو داود. والجواب أن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج ". ا.هـ
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/14): واتفقوا على أن من سلم لم يجزئ في جوابه إلا السلام ولا يجزئ في جوابه صبحت بالخير أو بالسعادة ونحو ذلك واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام هل يجب جوابه أم لا وأقل ما يحصل به وجوب الرد أن يسمع المبتديء وحينئذ يستحق الجواب ولا يكفي الرد بالإشارة بل ورد الزجر عنه.
ثم قال: أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه " لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة" قال النووي: لا يرد على هذا حديث أسماء بنت يزيد " مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وعُصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم"، فإنه محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة وقد أخرجه أبو داود من حديثها بلفظ فسلم علينا. انتهى.
والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام على الأصم. ا.هـ
هذا وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الذاكرات
•
باب فضل السلام والأمر بإفشائه
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بُيوتًا غير بُيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} ((النور:27)). وقال تعالى: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} ((النور: 61)). وقال تعالى: {وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} ((النساء86)). وقال تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين* إذ دخلوا عليه فقالوا سلامًا قال سلام} ((الذاريات: 24،25)).
845- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف". ((متفق عليه)).
846- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن البني صلى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام قال: اذهب فسلم على أولئك -نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحيونك، فإنه تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله" ((متفق عليه)).
847- وعن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام وإبرار المقسم. ((متفق عليه هذا لفظ إحدى روايات البخاري)).
848- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" ((رواه مسلم )).
849- وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح)).
850- وعن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل، فجئت عبد الله بن عمر يومًا، فاستتبعني إلى السوق فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول: اجلس بنا هاهنا نتحدث، فقال يا أبا بطن- وكان الطفيل ذا بطن- إنما نغدو من أجل السلام فنسلم على من لقيناه. ((رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح)).
من كتاب رياض الصالحين
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بُيوتًا غير بُيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} ((النور:27)). وقال تعالى: {فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} ((النور: 61)). وقال تعالى: {وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} ((النساء86)). وقال تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين* إذ دخلوا عليه فقالوا سلامًا قال سلام} ((الذاريات: 24،25)).
845- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف". ((متفق عليه)).
846- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن البني صلى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام قال: اذهب فسلم على أولئك -نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحيونك، فإنه تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله" ((متفق عليه)).
847- وعن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام وإبرار المقسم. ((متفق عليه هذا لفظ إحدى روايات البخاري)).
848- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" ((رواه مسلم )).
849- وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح)).
850- وعن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل، فجئت عبد الله بن عمر يومًا، فاستتبعني إلى السوق فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول: اجلس بنا هاهنا نتحدث، فقال يا أبا بطن- وكان الطفيل ذا بطن- إنما نغدو من أجل السلام فنسلم على من لقيناه. ((رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح)).
من كتاب رياض الصالحين
الصفحة الأخيرة
ما أجملها وأحلها من كلمات، بصياغتها الكاملة تقرأها على من عرفت ومن لم تعرف حتى وإن كان من غير بلدك من إخوانك المسلمين الذين يحسون بدفْ الأخوّة عندما يسمعونها تنطلق من فيك بارك الله فيك ولعل المتأمل في حالنا يجد تقصيراً ظاهرا في ذلك وخصوصاً مع العمالة الوافدة..وقفت متأملا في إحدى محطات الوقود لرصد ما يمكن رصده من التقصير ففوجئت بأن الذين يقرأون السلام على عمّال المحطة قليلون جدا، أمّا الكثير فتتراوح أقوالهم وأفعالهم بين (الاكتفاء بالمنبّه مرّة أو مرات مزعجات لمناداة العامل المسكين - أو الإشارة خلف النوافذ المغلقة بأن قم باللازم أيها العامل وعلى عجالة من أمرك بكذا ريال أو يا صــديق أو يا محمد وهنا يحسن أن تقول: يا عبد الله كما أفتى بذلك فضيلة الشيخ / محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى - لأنه عبدٌ لله حتى وإن كان كافراً - يجري كل ذلك مع انعدام الابتسامة أو ندرتها
أخي: أرجوك أن تعذرني قليلاً لأقول لك: لو كنت مكانه ويمرّ عليك عدد كبير من الناس لا يسلمون عليك بالله عليك ما هو شعورك؟
في التموينات الغذائية مثلا نسمع (فيه لبن؟ بدلا من السلام عليكم) وهكذا ولا أريد أن أزيدك أمثلة للطرافة فالموقف لا يستدعي ذلك وإنما هي ذكرى وتذكير بتحية الإسلام أن تشيع بيننا في مساجدنا وأسواقنا وعبر اتصالاتنا بالجوال والهاتف الثابت وهكذا، ولك أن تسأل نفسك: هل أنا مقصر فعلا -؟ ولا تنتظر من الناس إلا ما ينتظرونه منك وأخيرا السلام بصياغته الكاملة ثلاثون حسنة في موازينك كما ورد في الحديث الشريف عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.