يحيى.. أنموذج للحكمة وبر الوالدين قال الله تعالى: “يا يحيى خذ الكتاب بقوة، وآتيناه الحكم صبيا، وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا، وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا، وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا” مريم (12 15.
نزل القرآن الكريم ليوضح السمات الخمس ليحيى عليه السلام ليدل النداء الالهي العلوي على مكانته العظيمة عند الله تعالى وعلى استجابة الله لزكريا في أن يجعل له من ذريته وليا، يحسن الخلافة بعده في العقيدة وفي العشيرة.
نزل القرآن الكريم بالصفات التي تبرز ملامح شخصية يحيى عليه السلام وتبين ما خصه الله به من جوانب الفضل والتكريم. وأولى تلك الملامح “يا يحيى خذ الكتاب بقوة” قوة العزيمة وحزم الاتباع والكتاب هنا هو الوحي الالهي الذي تلقاه يحيى عن طريق الملك أن يقدم على التوراة بجد ونشاط حفظا وفهما وأن يعمل بها ويتدبر ما فيها من أحكام وأن يتفقه في الدين ويمتثل أوامر ربه ويقبل على الله بفعل الخير والبر.
وآتيناه الحكم صبيا
ثم تأتي السمة الثانية لشخصية يحيى عليه السلام بقول الله تعالى: “وآتيناه الحكم صبيا” والحكم هو الحكمة بمعناها العام وهو الصواب من القول والعمل أي ان الله سبحانه أمده في صباه بالنضج العقلي وألهمه السلوك القويم فكان راشد الفكر متمثلا لحقائق الكون والحياة. ولعل ذلك تكريم لزكريا عليه السلام الذي بلغ من الكبر عتيا حتى يطمئن على تراث النبوة ومستقبل الأمة. ثم تأتي السمة الثالثة لشخصية يحيى عليه السلام قال تعالى: “وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا”.
وكلها مواهب أنعم عليه بها العليم الخبير وزاد حظه منها ولهذا قال “من لدنا” فهي عطايا ومنح إلهية لم تأت نتيجة تعليم ولا ثمرة توجيه بشري، فالحنان هو فرط الرحمة والاشفاق كما كان يحيى “زكيا” طاهرا بريئا من كل دنس وعيب فالزكاة هنا هي التظهر والتنزه عن الآثام وتأتي التقوى متسقه مع الحنان والتطهر فهو يتسامى الى الخيرات بدافع التقوى الذي يدل على ايمانه بالجزاء وطمعه في رحمة الله وخوفه من عذابه والتقوى هي جماع الخير كله ومتبع البر في سلوك الانسان وبغيرها يصبح عمل الخير تظاهرا وتصنعا وطلبا للمحمدة عند الناس ورياء لهم.
أما السمة الرابعة لشخصية يحيى عليه السلام هي التأكيد على بره لوالديه وهما أحق الناس بحنانه وزكاته وتقواه. قال تعالى “وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا”.
والبر من حقوق الوالدين وهما اللذان يبذلان ويضحيان دون انتظار الأجر من الأبناء وما أشنع أن يكون الابن جبارا قاسيا على والديه أو أحدهما. ولقد كان يحيى عليه السلام ابنا مثاليا محققا لكل معاني البر والرحمة والإكرام لوالديه كما كان رفيقا رحيما بسائر الناس.
أما السمة الخامسة التي نزل القرآن بها لشخصية يحيى عليه السلام هي المواطن الثلاثة التي يحتاج فيها الانسان الى التكريم والسلام. ومن هنا استحق سيدنا يحيى عليه السلام التحية يوم مولده ويوم وفاته ويوم بعثه. قال الله تعالى: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا).
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️