بسم الله الرحمن الرحيم
جنة الرضا
للدكتور إبراهيم بن عبدالله الدويش
الدنيا خداعة غدارة، فتّانة غرّارة، تضحك وتبكي، وتجمع وتشتت، شدة ورخاء، وسراء وضراء .
يا ربما ابتسمتْ يوماً لذي شَرَهٍ وربما خضعت يوماً لمحتال
تطيبُ حيناً ،وتُغرينا لذائذُهــا لكنَّها لو وعّينا دارُ أهوال
تأملوا في الناس من حولكم، هل يخلو أحد من مصيبة أزعجته، أو من مشكلة أقلقته، أو من همٍّ أحرقه، أو من مرض أقعده، أو من ولد أشغله، أو من دين أيقظه، أو من مال أتعبه، كم من عبد مظلوم، وكم من فقير ومعدوم، وكم من مغموم ومهموم، قلوب تشتعل، ونفوس تحترق، وهكذا هي الدنيا مصائب ورزايا، ومحن وبلايا، صرخات وزفرات، وأنّات وآهات، وفي الآونة الأخيرة ظهرت بين الناس بكثرة أشكالٌ وصورُ للسخط والجزع، وعدم الرضا والصبر.
فكم من مستثمر خسر وسقط في سوق البورصة فجزع واهتم ومرض، وربما أُقعد أو مات؟!
وكم من شاب رغب الزواج من فلانة، ففعل الأفاعيل فلم يتمكن منها فعاش النكد والشقاء؟
وكم من إنسان شفّع الشفاعات وذهب وجاء من أجل تلك الوظيفة فلم يحصل عليها، فتسخط وسب وذم! وكم من زوج لم يُرزق بالولد، ورزق ببنيات متتاليات فتبرم وضاق، وربما هدد وتوعد؟! وكم من امرأة ورجل عقيم فتحسر وتأثر، وكم من فتاة تأخرت بالزواج فأصابها الخوف والقلق، وربما الحقد والحسد؟! وكم من طالب جزع وغضب لأنه لم يُقبل في التخصص الذي يريده، أو في الكلية التي يرغبها؟! سبحان الله! كيف يعلم المخلوق بضعفه وعجزه، وقلة حيلته وفقره، وفي المقابل يعلم سعة رحمة ربه به وعدله، وشفقته عليه وبره، ثم لا يُسلِّم الأمر إليه، ولا ينطرح بين يديه، ويرضى به وعنه، إنها نفس مطرودة بعيدة عن الله، أو نفس ممتحنة مبتلاة، نعوذ بالله من التبرم والسخط، والتذمر وكثرة التشكي فهو سوء ظن بالله، والله تعالى يقول:" أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء".
طُبعت على كدر، وأنت تريدُها صفواً من الأقذاء والأكدار
لكن المصيبة إن البعض يزيد الآلام ألَمًا، بتسخطه وجزعه، وحزنه ونكده، ويخسر دينه ودنياه، أصاب أحدهم شلل رباعي، فجزع وغضب، ثم ارتد عن دينه وتنصر، فلما نُصح وعُوتب، قال: وماذا نفعني ربي؟! أين هو عني؟! نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، {ذلك هو الخسران المبين}. وعائلة ماتت الأم فلا تسمع سوى الصراخ والعويل، والصفق والنحيب، ولا تهدأ النفوس إلا بالإبر والمهدئات الطبية، عفوك اللهم عنا. وفتاة ابتليت بالسحر، فلم تزل تعلن الجزع والسخط وتردد لماذا يفعل الله بي هذا ؟! ماذا فعلت ؟! أين رحمة الله التي نسمع عنها؟! اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، فالرضا هو: التسليم والإذعان والقبول، وهو نوعان: الرضا بما يؤمر به العبد. والثاني: هو الرضا بما قسمه الله وقدره على العبد بقلب مطمئن ونفس راضية. إنه الرضا بالقضاء جنة الدنيا، فقد جف القلم، ورفعت الصحف، وقضي الأمر، {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} إنه الإيمان والعقيدة واليقين، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}، إنه الرضا بالقضاء أعظم عبادات القلب أثراً في النفس، فهو يوجب طمأنينة القلب، وسكونه وثباته عند الأزمات، فالرجال تصنعهم المحن، وعند الشدائد يتبين الذهب الإبريز .
(alwan) @alwan_1
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
al7elwah
•
(ولنبلونكم بنقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله وانا اليه راجعون).
اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء
آآآمين يارب العالمين..
بارك الله فيك ووفقك لما يحب ويرضى ..
:26:
اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء
آآآمين يارب العالمين..
بارك الله فيك ووفقك لما يحب ويرضى ..
:26:
الصفحة الأخيرة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرضا بالقضاء من أعظم مراتب الإيمان فالرضا لا يكون إلا في القلوب المؤمنة الصابرة
والمؤمن هو من يرضي بقضاء الله خاصة فيما يخالف هوى نفسه.
ويقول الله تعالى في الحديث القدسي : " إن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وإن لم ترضى بما قسمته لك . فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش في البريه ولا ينالك منها إلا ما قسمته لك . وكنت عندي مذموماً " .
ففي الرضا طاعة لله وراحة للقلب وطيب للعيش
ولنا فى رسولنا الكريم قدوة حسنة فماذا فعل (صلى الله عليه وسلم) عندما مات ابنه إبراهيم ، قال : " ((إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب ، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون))
وقمة الرضا إن يتزامن رضا القول مع رضا القلب خاصة عند المصائب
ومما يرسخ الاحساس بالرضا في قلب المؤمن إيمانه بأن كل ما يمر به إنما هو مكتوب في اللوح محفوظ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(الرضا بالقضاء) ثلاثة أنواع :
(1) أحدها : الرضا بالطاعات :فما حكم الرضا بالطاعات؟ طاعةٌ ..الرضا بالطاعة طاعة
(2 ) الرضا بالمصائب : فهذا مأمورٌ به ،فهو إما واجبٌ أو مستحبٌّ ..
أما الواجب : فهو ما يوازي الصبر و هو الدرجة الأولى من الرضا ..
أما الدرجة العليا من الرضا عند المصيبة التي فيها سكينة النفس التامة : فهذا عزيزٌ لا يصل إليه إلا قلّةٌ من المخلوقين ..والله من رحمته لم يوجبه عليهم ؛ لأنهم لا يستطيعونه .. كلهم لا يستطيعون
(3 ) الرضا بالمعصية : معصية
- اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء
- اللهم ارجع نفوسنا إليك راضية مرضية و أدخلها جنتك في عبادك الصالحين
- اللهم إنا نسألك الرضا بالقضاء و عيش السعداء
دع الأيام تفعل ما تشاء * وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي * فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا * وشيمتك السماحة والوفاء
الإمام الشافعى
خذ القناعة من الدنيا وأرضى بها***وأجعل نصيبك منها راحة البدنِ
وأنظر إلى من ملك الدنيا بأجمعها***هل راح منها بغير القطن والكفنِ
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد
اللهم تقبل منا صالح أعمالنا وتجاوز عن سيئاتنا
اللهم أعفو عنا وأغفر لنا وأرحمنا أنت أرحم الراحمين
منقول