ليلاس محمد @lylas_mhmd
محررة ماسية
~*¤ô§ô¤*~الـــــــدقــــــــــ ــاتــــ ~*¤ô§ô¤*~*
تزاحمت الدموع فى عينيه .. وبقيت هناك .. يأبى كبرياء رجل أن تنساب على وجنتيه .. لم يعد قادرا على تمييز ملامح من يتحدث إليه .. ويصل صوته لمسامعه كصدى يتردد من مكان بعيد .. إنفصل فجأة عن عالمه .. وتباعدت روحه عن هذه الأرض رويدا رويدا .. دارت حياته أمام عينيه .. ياااه لم يظنها قصيرة إلى هذا الحد .. لا تعرف ذلك مطلقا إلا عند حد النهاية .. وهاهو يقف عنده أو يكاد .. تاركا وراءه السنوات .. لماذا لم يفكر بهذه اللحظة من قبل .. لماذا لم تخطر بباله وسط إنشغاله بالحياة .. لماذا لم يتذكر الموت .. مرت لحظات لم يسمع فيها سوى دقات قلبه المتسارعة .. ودقات الساعة ..التى بدت كما لو كانت تسابق دقات قلبه .. تجمدت عيناه على عقارب الزمن .. مهلا .. لم تسرعى هكذا .. إن كل دقة تقربه من ساعة الرحيل .. تزايدت الدموع فى عينيه .. جاهد ليمنعها من النزول .. وجاهدت بدورها لتفلت من عينيه وتنساب بحرارة على وجهه .. مازال الصوت يتردد من بعيد .. وبقايا ملامح تتماوج فى عينيه الدامعتين .. قبض بيده على الأوراق التى تحوى توقيع الأطباء على بقايا عمره .. ومضت خطواته شاردة .. تطاردها الدقات .. تكاد تصم آذانه .. أسرع بالهرب .. إخترق الكتل البشرية المتماوجة أمام عينيه .. ولاح من بعيد باب الخروج .. دفعه وإنطلق خارجا .. لفح وجهه الهواء البارد .. وتسبب فى إطلاق دموعه الأسيرة .. أتراه يبكى الدنيا أم يبكى نفسه .. مضت لحظات قبل أن يرفع عينيه .. تأمل مظاهر الحياة الصاخبة .. مازالت تغرهم كما غرته .. لا يجد لها بريقا الآن .. لم تعد تفتنه .. سيودعها بعد قليل .. إنها النهاية .. لا يمكنه الهرب منها .. سينتظر قدره .. سينتظره مع كل دقة من دقات الساعة .. آآآه الآن تتنحى الحياة جانبا وتفسح الطريق للموت .. وما عليه سوى الإنتظار .. ما أقسى هذا على نفسه.. ليت الحياة تشغله كما كانت تفعل .. ليتها تنسيه .. لا .. لقد فات الأوان .. لم تعد تنفعه الدنيا .. لم يعد يريدها .. توقفت خطواته فجأة .. ورسم اليأس فكرة فى رأسه .. لم عليه أن ينتظر الموت .. إنه يكره الإنتظار .. لم لا يذهب هو إليه أولا .. لم يفكر كثيرا .. نزل من فوق الرصيف .. إبتسم فى سخريه .. أكان مازال يخشى على حياته .. مضى يخترق الطريق المزدحم بالسيارات .. تعالت الأبواق الغاضبة من حوله .. تتهمه بالحمق والجنون .. مضى بينهم غير مباليا .. إنه لن ينتظر الموت .. فلتأتى النهاية إذن .. بين أصوات الأبواق الساخطة .. وصل مسامعه ضحكات صافية لطفلة جميلة تلهو فوق الرصيف .. بينما تمسكها يد أمها محاولة السيطرة على حركات الصغيرة المندفعة نحو الطريق الخطر .. مرت عيناه عليها للحظات قبل أن يتابع طريقه .. وفجأة .. صرخة قوية إنطلقت من الأم المرتاعة عندما أفلتت الصغيرة من يدها وإنطلقت بسرعة نحو الطريق .. إلتفت بسرعة نحو الصغيرة التى ما زالت تقطع الطريق وتنشر ضحكاتها الصافية التى لم تعرف بعد معنى الخوف .. إنتفض قلبه بقوة .. وأسرع فى إتجاه الصغيرة متجاوزا السيارات المسرعة المتوجهه نحو الصغيرة كوحوش جائعة .. لم يدرى كيف إستطاع أن يعدو بهذه السرعة .. وفى لحظة واحدة كان يحمل الصغيرة ويعدو بها على الجانب الآخر من الطريق .. تقطعت أنفاسه وهو ينظر للطفلة ليتأكد من أن لم يصيبها سوء .. إمتزجت عيناه بإبتسامة عينيها الصافيتين .. عجبا .. أقدر له أن ينقذ هذه الزهرة التى مازالت تتفتح على عتبة الحياة قبل أن يدهسها الموت .. الموت الذى كان ذاهبا هو للقائه قبل لحظات .. ما أعجب هذه الحياة .. مازالت تلقى له بمفاجآتها حتى وهو يودعها .. إنتبه من أفكاره على يد حانية تلمس وجهه .. نظر للصغيرة وهى تمسح بكفها الصغير بقايا دموع عالقة بين عينيه .. رسم حنانها إبتسامة على وجهه .. أمسك بالكف الصغير يقبله .. أتراها الحياة أشفقت عليه وأرسلت إليه هذا الملاك الصغير لينقذه .. إنها الحقيقة .. فهو لم ينقذ تلك الصغيرة .. بل هى التى أنقذته من لحظة اليأس المجنون .. ضمها بحنان الأب إلى صدره .. وحملها بين ذراعيه وتوجه بها حيث تقف أمها حائرة .. لم تتمكن من عبور الطريق .. عبره بحرص إلى الجانب الآخر .. طبع على جبينها قبلة قبل أن تحتضنها أمها بلهفة .. ولسانها يلهج بالدعاء له .. إبتعدت خطواتها عنه وهى تحملها .. والصغيرة تلوح له بيديها الصغيرين .. وإبتسامة الشمس تشرق على محياها الجميل .. إتسعت إبتسامته وهو يودعها بدوره .. شعر بشىء عجيب يتخلل نفسه .. يبدد ظلامها .. ويبعث الأمل من جديد .. نظر لساعة يده .. لقد تأخر عن عمله .. مضى فى طريقه على الرصيف وهو يفكر .. ربما إستحقت الحياة أن يعيش ما تبقى من عمره .. حتى لو كانت لحظات تحسبها الدقات ...
منقول
2
578
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
وفعلا ماأعجب الحياة !