صغيرة وروعة @sghyr_oroaa
عضوة فعالة
آثار المعصية على صحة النفس والبدن...سبحان الله
يقول نبينا صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )
عندما قرأت هذا الحديث تذكرت قول احد المشائخ عندما قال
لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم
انفسكم حسرات
فتعال نبحر في روائع أبن القيم الجوزية – رحمه الله -
حول أثر الذنوب والمعاصي على الفرد
يقول رحمه الله
وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة , والمضرة بالقلب
والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه الا الله .
1- فمنها : حرمان العلم , فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ,
والمعصية تطفيء ذلك النور . ولما جلس الإمام الشافعي بين
يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته , وتوقد
ذكائه وكمال فهمه , فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا
فلا تطفئه بظلمة المعصية
2- ومنها حرمان الرزق :. وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق
فترك التقوى مجلبة للفقر , فما استجلب رزق الله بمثل ترك
المعاصي .
3- ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله , لا
توازنها ولاتقارنها لذة أصلاً , ولو اجتمعت له لذات الدنيا
بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة , وهذا أمر لا يحس به إلا من في
قلبه حياة
4- ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس , ولاسيما أهل
الخير منهم ,فإنه يجد وحشة بينه وبينهم , وكلما قويت تلك
الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم ,
وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بَعُدَ من حزب الرحمن , و
تَقْوَى هذه الوحشة حتى تستحكم , فتقع بينه وبين
إمرأته وولده وأقاربه , وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من
نفسه وقال بعض السلف إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق
دابتي وإمرأتي .
5- ومنها تعسير أموره عليه ؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً
دونه , أو متعسراً عليه وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من
أمره يسرا , فمن عَطَّلَ التقوى جعل الله له من أمره عسرا .
ويالله العجب ! كيف يجد العبد أبواب الخيروالمصالح مسدودة
عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أُتيَ .
6- ومنها ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقة : يُحِسُّ بها كما يُحِسُّ
بظلمة الليل البهيم إذا ادلهم , فتصيرُ ظلمة المعصية لقلبه
كالظلمة الحسية لبصره فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة ,
وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات
والأمور المهلكة وهو لا يشعركأعمى أخرج في ظلمة الليل
يمشي وحده
7- ومنها ان المعاصي توهن القلب والبدن : أما وهنها للقلب
فأمر ظاهربل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية , وأما
وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه , وكلما قوى قلبه قوى
بدنه ,وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى البدن فهو أضعف شيء
عند الحاجة فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه . وتأمل
قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم , أحوج ما كانوا إليها ,
وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم .
8- ومنها : حرمان الطاعة ؛ فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه
يصد عن طاعة تكون بَدَلَه , ويقطع طريق طاعة أخرى , فينقطع
عليه بالذنب طريق ثالثة , ثم رابعة وهلم جرا
9- ومنها : أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد , فإن
البركما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر . وقد اختلف الناس
في هذا الموضع : فقالت طائفة : نقصان عمر العاصي هو ذهاب
بركة عمره ومحقها عليه . وهذا حق وهو بعض تأثي
المعاصي . وقالت طائفة بل ينقص حقيقة , كما ينقص الرزق
فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده ,
وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده قالوا ولا تمنع زيادة
العمر بأسباب كما ينقص بأسباب – فالأرزاق والآجال والسعادة
والشقاوة والصحة والسقم والمرض والغنى والفقروإن كانت
بقضاء الله عز و جل فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها
موجبة لمسبباتها مقتضية لها . وقالت طائفة أخرى : تأثير
المعاصي في محق العمر إنما هو بأن تفوته حقيقة الحياة ,
وهي حياة القلب .
ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي , كما قال تعالى
( أمواتٌ غيرُ أحياء )
النحل 12
فالحياة في الحقيقة حياة القلب وعمر الإنسان مدة حياته
فليس عمره إلا أوقات حياته بالله , فتلك ساعات عمره , فالبر
والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره
ولا عمر له سواها . يوم يقول ( يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) الفجر 24
10- منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا ؛ حتى
يَعٌزُّ على العبد مفارقتها والخروج منها , كما قال بعض السلف :
أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها , وأن من ثواب الحسنة
الحسنة بعدها
منقول
11
937
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
امين الله يرزقنا الفردوس الاعلى بلا حساب