انتهى الوقت، آن الأوان لتسليم ورقة الإمتحان
هل تراخيت يوما، و تكاسلت عن مراجعة دروسك؟
هل انشغلت عن دراستك بالّلهو و المرح، و تضييع أوقاتك في ما لا ينفعك؟
كثيرون هم من يفعلون ذلك، بحجّة أنّ موعد الإمتحانات لم يحن بعد. ثمّ يدخل عليهم المدرّس ذات يوم، و يعلن عن امتحان فجائي، أو ربّما لم يفعل ذلك، لكنّ الدّروس تراكمت، و صار من الصّعب فهمها، و استيعابها و موعد الإختبارات قد حان.
ستكون أيّها المتهاون حينها في قاعة الإمتحان كالمتسوّل تنظر يمينا و شمالا، لعلّ أحد الزّملاء يرقّ و يحنّ قلبه فينقذك، لكنّ الحراسة مشدّدة، و الكلّ منشغل بنفسه، و لا يستطيعون تقديم المساعدة لك، فالإختبارات مصيرية، إنّها نهاية السّنة، الّتي تحدّد مصيرك، و مصير الجميع، إمّا نجاح و إمّا فرصة للرّسوب، أو ربّما طرد نهائيّ من مقاعد الدّراسة.
و فجأة يدقّ الجرس و أنت لم تجب على أيّ سؤال، أو ربّما كتبت بعض الكلمات الّتي لا تجدي نفعا، انتهى الوقت، و بدأ المدرّس يجمع الأوراق.
آن الأوان لتسليم ورقة الإمتحان
كيف سيكون موقفك و مظهرك حينها يا ترى؟؟؟
و مع كلّ هذا، قد تجد لك حلاّ و فرصا أخرى تمنحها لك الحياة، رغم ما ستعانيه من إحباط، و ندم لا يفارقانك طوال حياتك، و أنت ترى زملاءك فرحين مسرورين، بعد تخرّجهم من الجامعات بشهادات متفاوتة الدّرجات، تغنيهم عن ذلّ المعاناة مستقبلا.
هذا مثال بسيط عن حالك في الدّنيا.
لكن كيف سيكون حالك و موقفك لو أنّك ضيّعت عمرك كلّه في أمور لم تخلق من أجلها، عبث و لهو و انشغال بالأفلام و الأغاني، و غيرها، ثمّ جاءك ملك الموت فجأة، ليعلن عن نهاية حياتك؟؟؟
كيف ستواجه الأمر؟ كيف و قد فرّطت في ما مضى بحجّة أنّك مازلت شابّا، و لديك متّسع من الوقت لتتوب من الذّنوب؟ لن يكون هناك رسوب، ولا فرص أخرى تمنحك تعويضا.
إنّه الموت الّذي لا مفرّ منه، و ليس الإمتحان الدّراسي، إنّها النّهاية الّتي لا بدّ منها، نهاية حياتك لا نهاية مرحلة الدّراسة، ملك الموت و ليس المدرّس، ستساق إلى قبرك رغما عنك، و يرحل عنك الجميع، لن تكون ورقتك بيضاء كما سلّمتها في الإختبار، بل سيكون كتابا فيه من الذّنوب و اللّغو ما لا يحمد عقباه.
من سيشفع لك؟ من يتوسّط لك؟ من سيعطيك من حسناته؟
هل أدّيت الصّلاة في وقتها؟ هل قرأت كتاب الله يوما، أو اجتهدت لحفظه و العمل بما جاء فيه؟ هل أمرت بالمعروف؟ هل نهيت عن المنكر؟ هل ... ؟ هل ... ؟ هل فكّرت في هذا اليوم؟ و هل كنت تستعدّ له؟
لن ينفعك أحد يومها، لن يشفع لك المال أو النّفوذ كما كنت في الدّنيا، الكلّ سيفرّ منك، و ستترك خلفك كلّ ما سعيت لكسبه، كلّ مجهودك ستتركه لغيرك من الورثة، اللّذين قد يبذّرونه من بعدك، لأنّهم لم يتعبوا لكسبه فلم يعرفوا قيمته و لا قيمتك، سينفقونه حسب أهوائهم، و لن يذكروك بصدقة قد تنفعك، و كأنّك وهبتهم كلّ ما مضى من عمرك، فهل وهبت لنفسك شيئا؟ لا أحد يحسّ بمعاناتك، أو ما تحتاجه في القبر، بل قد يشمتون بك لأنّك كنت بخيلا معهم، و هاهم الآن يتمتّعون بما تركت، بعدما غادرت إلى غير رجعة.
ستفقد الأمل و تيأس و لن تجد الحلّ حين تشهد عليك جوارحك، و يصبح كلّ شيء ضدّك، ستندم و لن ينفعك النّدم حينها.
و فجأة يتراءى لك شعاع الأمل من جديد، ليقول لك: أنت لم تمت بعد. الفرصة مازالت أمامك الآن، باب التّوبة مفتوح، فلا تقنط من رحمة الله، و أقبل عليه، عجّل إليه ليرضى عنك، سارع إلى الله فإنّه يمدّ لك يده في كلّ وقت لتتوب من كلّ الذّنوب، أقبل على مولاك، اغتنم ما بقى من عمرك، ضاعف أجرك، و استبدل سيّئاتك حسنات، أترك لك صدقة جارية، أو ذرّية صالحة أحسن تربيتها، أو علما ينتفع به، أو ... ، أو ...،الوقت مازال لصالحك. لم يدقّ الجرس بعد، و الورقة بحوزتك، لم تؤخذ منك، فنافس غيرك على الفردوس الأعلى، لتفرح بالموت حين يأتيك، و تنقلب بعده إلى أهلك مسرورا، حين تؤتى كتابك بيمينك، و تنعم بالرّاحة الأبدية الّتي لا تعب بعدها.
فهلاّ استيقظت من غفلتك، و راجعت نفسك قبل أن ينتهي وقتك؟؟؟