فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

أبناؤنا .. والأب الآخر ~*

الأسرة والمجتمع







*~ كيف للطفولة البريئة أن تتفتح عنها أكمام الحياة ، وأن تزهو وتزهر ،
وتينع وتثمر في تربة غير صالحة للنماء ، مفتقرة إلى الخصب والرواء ؟!
كيف نرجوا من العقول النامية أن تتألق وتبدع وتضفي للوجود
معارف جديدةً ، وفكراًمنتجاً ، وعطاء مثمراً وهي قد نمت
في بيئة عليلة ، لم يطهرها النور ؟


إنّ الطفولة البريئة تنمو وتنضج وتثمر كماتتعهدها الأيدي
التي ترعاها، إن خيراً فخير ، وإن سوءاً تسوء العاقبة !
وفي ظلّ رعاية الوالدين تتفتح عيون الأطفال على الحياة ،
وتنمو مداركهم وتزهر حياتهم ، ليكونوا أعضاء صالحين منتجين في جسم مجتمعهم ووطنهم !

أما إذا تفتحت براعمهم في بيئة يسودها الشقاق والقسوة وسوء المعاملة والتناحر
بين الوالدين فستنمو في نفوسهم طبائع الأمراض التي تقتات النفس وتتربى بها ويتولد عنها
لكل طفل نمافي هذه الأجواء انحرافاً نفسياً وسلوكياً معينا يختلف كمّا
ونوعاً من أحدهم للآخر ؛ مالم يتعهدهم أحد الأبوين بالاهتمام
والرعاية والتقويم والمتابعة والنأي بهم قدر المستطاع عن الجو
الملبد الذي يلقي ظلال التعاسة على البيت !وكثيراً ماتتحمل الأم مسؤولية
الأبوين كاملة وتحيط أولادها بفيض حنانها لتعوضهم مافقدوه..! أو ليست هي
القلب الكبير ؟ والطريق إلى النعيم المقيم ؟
المستقبل ليس له رصيد في الذاكرة الآنية للطفل .. إنه لايرى سوى اللحظة التي يعيشها ،
ولذا فهو يحب أن يغترف من المتع البريئة أقصاها ، وأن يتقلب في سعادة بين حنان الأم ودفء الأب ... ولكن !!
ماذا يحدث للصغار حين يغيب الأب عنهم لدواعي
الموت ، أو الهجر ، أو الطلاق ؟
وهل تستطيع الأم وحدها حمل عبء التربية والتوجيه والرعاية
والإنفاق خاصة حين يراوغ الأب في مسؤوليته هذه ؟ أو يماطل ؟أو يضع العقبات أمام
الأم لتتنازل عن حق المطالبة بنفقة العيال .. كأن يرفض نقلهم إلى مدارس قريبة من مقر الأم
التي طردت من بيتها بعد الطلاق أو الهجر على سبيل المثال ؟
الأم - خاصة إن كانت لاتزال شابة - تصبح في حيرة من أمرها
هل تدفن رغبات شبابها في قاع النفس وتضحي لأجل أبنائها
أم هل تتزوج ممن تراه مناسباً ومحيطاً بكل الظروف وقادراً على
حمل المسؤولية وكفالة أبنائها من الزواج السابق ؟!


جاءتني رسالة من إحدى أخوات العالم الافتراضي ، تود طرح هذه المشكلة
لتطلع عليها كل من سحقتها الظروف ووجدت نفسها في عز شبابها على مفترق الطرق بين رغبات النفس
وحب الأبناء ... كتبت تقول :

~ كنت في الثالثة والعشرين من عمري قريرة العين في كنف زوج حنون أعيش سعادة
العام الأول من الزواج ، وكان جنيني يتحرك ليبشرني بالفرحة القادمة.. ونمت آمنة من غدر
الأيام . وفي فجر يوم لم أدرك أنه آذن بالغروب وهو لايزال في مطلعه قمت للصلاة
وناديت زوجي ليلبي داعي الله ولكن لاحياة لمن تنادي !! هكذا على حين غرة سرق مني مفتاح سعادتي
وولدت بنتي في ظل اليتم ! وعدت لبيت والدي الكريم.
وتمر السنوات وجرح الرحيل يلتحم ببطء... حتى بلغت ابنتي سن السادسة
وكنت أنا أطوي سنواتي الأخيرة من عقدي الثاني
وطوال تلك الفترة لم أستطع تقبل. فكرة الزواج بآخر لأن قلبي كان لايزال يمسك
أطراف خيوط عاطفة الذكرى ، ولأنني
كنت أخشى على ابنتي من وجود رجل في حياتها كأب بديل
رغم إلحاح الأهل علي كي أتزوج .. !!
وكلما مرت سنة قلت فرص الزواج التي تطرق بابي وهكذا دفنت مشاعري
الطبيعية في القاع وتفرغت لابنتي ...!!
وانتقلت صغيرتي إلى الصف الثاني ، وكادجرحي الماضي أن يلتئم !حتى أدركني
زمن كنت فيه إذا خلوت لنفسي واستعدت ذكرى زواجي تمر بي كطيف جميل يهمي
علي بلحظات من السعادة و الفرح التذكاري !!
وذات يوم عرفت من أسرتي أن هناك امرأة ستزورنا لتراني وتأخذ موافقتي
على الزواج من ابنها ..! وتمّ الأمر !
ومن الأم عرفت أن زوجته قد توفيت قبل مدة وجيزة تاركة بنتين وولداً وهو
الأكبر فيهم وله من العمر عشر سنوات..!
كانت تريد لولدها من يرعاه ويحضن صغاره ..
ووقعت في حيرة من أمري بعد أن قابلت الرجل وأبنائه تحت إشراف الأهل
وصادف موقعه القبول عندي .. ولكن الأبناء كانوا متوجسين نافرين يتصرفون بعدائية وكيف لا وهناك من
ستأتي لتحل مكان والدتهم ! ؟
وكنت أفكر ! ماذا سيكون عليه الحال بعد أن تكبر ابنتي ويكبر
الصبي ابن زوجي ؟ كيف سأضع ابنتي في موقف أغتال فيه حريتها في
البيت في الحذر والمراقبة واللباس الشرعي ..
وأمور أخرى جر بعضها بعضاً وجرتني إلى طريق بدا لي معبّدٌ بالشوك !


~ ولا يزال حديثها مستمراًمعي عبر هذه الرسالة :

وبقيت مسألة زواجي لأسابيع معلقة وأخواتي يلححن علي بالموافقة
فالرجل يملك كل المزايا المناسبة ولا يريد إلا زوجة تحيطه
وأبنائه بالاهتمام والرعاية ولا بأس من وجود ابنة لها
فستكبر الأسرة ويتآلف الصغار ... وحدي التي لبثت مترددة
أما أبي فقد ترك لي كامل الحرية في القبول أو الرفض !
وفي غمرة تلك الحيرة تذكرت فجأة صديقة لي انقطع اتصالي بها منذ زمن ....
.ولصديقتي هذه حكاية تشبه حكايتي إلا أن زوجها
توفي بالداء الخبيث بعد معاناة .. وإلا أنها قد عاشت عشر سنوات في
هناءة ودعة ورزقت بفتاة ..!
وتذكرت أنه في يوم ما ليس ببعيد اتصلت تلك الصديقة بي فرحة _
وكان قد مر على وفاة زوجها خمس سنوات وبلغت ابنتهاالخامسة عشر ..!_
لتبشرني أنهاوافقت على الزواج من رجل وحيد .. يكبرها بسنوات كثيرة..
حسن السيرة ولم يسبق له الاقتران بامرأة وله علاقة معرفة بالأهل !وهي
ستتزوج في أقرب وقت دون احتفاء
وتسألني الدعاء !.

وغابت عني أخبارها وانقطع بيننا الاتصال !.

وعندماطرأت على ذاكرتي هرعت إلى الهاتف وأناأحدث نفسي:
هذه من أستطيع أن آخذ منهاالنصح وأقرر على ضوء ذلك ماذا سأفعل !
ولكن ..! ماأن اطلعت على أمرها من خلال صوتها الشاكي حتى
قررت أن أرفض زواجي المؤجل !!
وقد تسألي :لماذا ؟ وأجيب : أخبرتني الصديقة أن فتاتها البالغة خمسةعشر
عاماً تتصرف بغرابة فهي تحتضن زوجها كثيراًوتنام قربه معتبرة أياه كوالد
لها كما تقول .. كماوأنه يعاملها بالمثل ولا يردعها بل كان يحتويها ويحنو عليها !
وتقول : لقد نهيت ابنتي وأفهمتها أن هذا ليس أباها ولا يصح أن تبالغ في تصرفها فهي
كبيرة وعندما لم ينفع معها ذلك بدأت أضربها وتحول حبي لها إلى شجار ونفور.!
وحين حدثت زوجي قال : "إنها تفتقد الحنان الأبوي وأنا مثابة والدها" ..
لكن ذلك لم يصادف مني موقع الاقتناع وتحولت حياتي إلى جحيم ..ومشكلتي
لاتزال مادامت فتاتي لاترى ردعا من زوجي بل احتواء وتشجيعاً ...لقد كرهت
عمري ولا أدري ماأفعل فهذه ابنتي وهذا زوجي الذي أحبه !


~ وهنا تنتهي الرسالة ... وهاأنني أطرحها أمام أنظاركم ومعها ...هذه الحقائق
وتلك التساؤلات ..


الأم في مسألة زواجها مرة أخرى لها أسباب .. فقد يكون الدافع لذلك الفراغ العاطفي ،
أو الحاجة إلى معيل ، أو البحث عن السكن الآمن بعيداً عن تحكم الأهل في بعض الأحيان ،
أو لكل تلك الأسباب مجتمعة ! أو لأسبابٍ أخرى !

ولكن ذلك لايعطيها العذر بأن ترمي نفسها بزواج آخر دون رويّةٍ ، أو دون التفكير بصغارها ،
فهي بذلك تكون قد أخطأت خطأً كبيراً في حقهم ، وقدمت حاجتها على مصلحتهم ! .
وهذا ينطبق على من لديها من الأبناء واحداً أو أكثر !.
لتفكر المرأة ألف مرة قبل الإقدام على خطوة إحلال رجل آخر في حياة أبنائها كأب..!

وفي أحيان كثيرة قد تكون البنت في طور النمو والأب الآخر ليس على قدر كبير
من الوازع الديني ، ضعيف النفس ، منحل الإرادة ، تابعاً لأهوائه . فتقع الفتاة
الصغيرة في محيط شره بأي شكل .. ولوحتى بالنظرة أو الكلمة !
وماذا على الأم حينذاك أن تفعل ؟ وكيف تتصرف ؟ وهل سيستجيب زوجها لكلامها
و هل يقر بضعف نفسه ؟ أم ينكر ذلك ؟
هنا تقع الأم في بئر من الهم والحيرة .. ولا تدري من ينتشلها ! أو كيف تتغلب
على هذه المصيبة التي توشك أن تقع على رأسها .!!
قد تتغير نظرتها لفلذة كبدها فتضيق عليها ، وتعاقبها ، لأنها لاتستطيع معاقبة زوجها ،
ولأنها تحبه !! فواعجباً للأمومة التي تتجرد هنا من ذاتها وتتحول إلى
مجرد امرأة تتعرض لعوامل الغيرة من أقرب الناس إليها .. من ابنتها !!.
نمر بالبيوت الجميلة وكثيرا مايلفت أنظارنا جمال بنيانها ، ووارف ظلالها ، ولكن
تحت ذلك السقف لاندري أي قلوب تسكن هناك !
وكثيراً مايكون المظهر خادعاً وما نراه في الظاهر جمالاً تسكنه التعاسة والشقاء !
السعادة حظ ولكل دالٍ منه دلوه.
فمنهم من يكون له الحظ الوافر .
ومنهم من يكاد أن يكون دلوه فارغاً .
ومنهم من هو بين هذا وذاك ..! .
ولكن نحن كبشر لدينا عقول تميز ..وإرادة تختار .. وبين النصيب الطبيعي
من الحظ .. وبين مانصنعه لأنفسنا ولغيرنا باختيارنا نعيش .. وقد تتحول
حالنا من التعاسة إلى السعادة أو العكس وفي ذلك نجني ماتصنعه يدانا !
أما ماتكتبه لنا الأقدار فنحن لسنا بمسائلين عنه لأنه حتمي وليس اختياري ولنا
فيه ادخار من الحسنات والمثابة . ..!
ونحن إن كنا لانملك الخيار فيه ، فعلينا أن ننظر الى الجانب الحسن منه لأن
لكل عملة وجهان ، وأن نتقبله برضى ، ونستخلص منه العبرة ، ونتعلم منه لما يفيدنا
فمرارة الدواء تأتي بالشفاء !
ولنعد إلى الأم ! الكلمة الكبيرة في معناها ، والتي فتح الله لها أبواب فضله ،
ونعيم جنته .. فهلا تكون لها أهلاً، ولجزائها مستحقةً ؟!
الأم هي الكلمة الأخرى للتضحية .. للعطاء .. للتفاني .. ربما إلى حد التلاشي
لو استدعى الأمر ..
الأم لأجل أغلى أناسها تتنازل عن أمنياتهاالأخرى ، وحاجات نفسها ،
ومتطلبات عواطفها ، لأن من يدور في فلك حياتها الآن هوالأغلى من كل ذلك ..!
وأن كل الحاجات تنصب الآن في مصلحته ولأجل مستقبله ..فهو الأمانة
التي أودعها الله تعالى إياها وأمرها أن تحافظ عليها ، لتستحق الجزاء الأوفى . . !




24
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

موج البنفسج
موج البنفسج
حقيقة يا فيض وأنت تسردين و تعرضين المشكلة ..
وقعت بدوري في حيرة!!!

فالمرأة تقع بين صوت الواقع و الصورة الاجتماعية المؤطرة..
وبين نداء الأنثى الطبيعي و حقها و احتياجاتها الخاصة !!
فبالغالب تدفن الأرملة شبابها بدفن فقيدها الزوج وترمي عواطفها جانبا!
ويصبح إشباع فقرها العاطفي هامشيا وغير ضروري وتدخل في دوامة!

ومن رأيي عليها أولا مراعاة أمور أبنائها و الله الله باليتامى!!
ومن ناحية عليها موازنة الأمور واختيار الأصلح لها و لأطفالها....
بدون اجحاف حقها في تجديد حياتها فليس من الانصاف دفن شبابها
واسقاط مشاعرها كأنثى لها الحق بالعيش .حين توفر الزوج الصالح

مع ملائمة الظروف لذلك فمن الظلم ألا توافق ..تستخير و تتوكل على الله

موضوعك قيم ويثير قضية شائكة فلك الشكر وجزيت خيرا
..
ودعت بنتي
ودعت بنتي
في مجتمعنا نادرا مايرضى الزوج الثاني بوجود ابناء او بنات زوجته من زواجها الاول
وفي اغلب الاحيان مجرد تنخطب المطلقه يظهر طليقها على السطح رغم انه كان مختفي ولايسال ولايصرف ويتذكر عياله ويطالب بهم
وفي حال عاش الابناء مع زوج الام شي جميل يكون بمثابه الاب الحنون لهم وهو يعتبر محرم للبنت يجوز تكشف عليه وتعامله مثل ابوها واذا كان انسان محترم بتعامل معها في حدود تعامل الاب مع بنته بدون مبالغه شاذه واتوقع الام يفرحها هذا الشي الا اذا كانت مريضه ...اما اذا كان انسان ساقط فهذا شي ثاني ومااظن انسانه محترمه ترضى تعيش معه حتى لو ماعندها عيال
منار العرب
منار العرب
الله اكبر
أحن إلي أمي
أحن إلي أمي
موضوع مميز فعلا يسلمووو
درة 14
درة 14
منجد الام ما فكرة في نفسها كل تفكيرها في ابنتها
تستخير والله يكتب لها الخير
جزاك الله خيراً ورفع قدركِ في العلين
ـــــــــــــ♥♥