قالت لي : لقد مر علي رحيل أبي عام كيف لا أدري فلم اشعر بمرور ذلك العام وإنما أفقت على تلك الحقيقة فجأة,لم أذق مرارة فراقه ولم استوحش بيتنا أو حياتنا بدونه.تحكى لي صديقاتي ممن فقدن آبائهن قسوة الفراق ومرارة الرحيل وتغير الحياة يدونهم
هل حقا رحلت إلى الآبد يا أبى ؟ أم إن ذلك ما عودتنا عليه من غيابك عن حياتنا؟
قالت :لا تندهشي من قولي ذلك فأبى كان حاضرا غائبا ,فالبيت كان مكان للنوم والطعام فقط.
لا أذكر انه كان يجلس ليتكلم معي في أي من شئوني, ولا أذكر أنه ضمني إلى صدره بحنان الأب منذ شببت عن طوق الطفولة؛ ستصيبك الدهشة إن قلت لك إن أبى لم يكن رجلا قاسي على النقيض تماما؛ كان بداخله حنانا فياضا ولكن للأسف حنانا محبوسا بداخله فقط؛ لا أعرف لماذا لم يطلق العنان لذلك الحنان الذي نتأكد من وجوده بداخله ولكنه كان بدلا عن ذلك يبتعد ويبتعد أكثر عنا, أذكر أني كنت لا أشعر براحة في وجوده وكنت أخشي أن أطلب منه أي شيْ مهما كان ضروري ,أني أذكر ذات مرة وأنا صغيرة عندما جاء أبي من عمله وأحضرت له أمي العشاء وكان جميع أخوتي نائمين عداي فناداني لأشاركه عشائه فبكيت بكيت خوفا وتعللت وهربت إلي غرفتي. تخيلي طفلة تخاف مشاركة أباها طعامه وهو ما قد يكون بالنسبة لأطفال آخرين مكافأة ينتظرونها منذ خروج آبائهم في الصباح. كيف يا أبي لم أشعر بمرور عام على رحيلك؟ هل لأنك كنت غائبا منذ أعوام وليس عام فقط.
قلت لها: إن كان أباك قد حرمك من حنانه وهو في الدنيا فلا تحرميه من حنانك عليه وهو في الآخرة فهو يحتاج إليك والي دعوة صالحة منك قد تكون سببا في رحمته, وقد جربت مرارة القسوة فلا تكوني كذلك وجعل الله لك العوض في زوجك وأولادك فاعملي علي أن تبثيهم حنانك واهتمامك ليبادلوك إياه حية وبعد مماتك بدعوة صالحة منهم إليك. ويا كل الآباء أرحموا أبنائكم واحنوا عليهم فقد قال رسولنا صلي الله عليه وسلم (من لا يرحم لا يرحم)
منقول
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
نقلا موفقا ..
اسال الله العظيم بمنه وكرمه ان يجزيك خير الجزاااء ...
موضوعك حساااااس بكل ما تحويه كلماااته اتامل ان يكون لها صدى في النفوس ...