قرأت كثيرا عن حنوالأبي على أبنائه ولكن لم أقرأ أرق وأعذب مما كتبه الشاعر (عمر بهاء الدين الأميري ) في قصيدته ( أب ) وقد كتبها وهو في مصيف "قرنابل" بلبنان، وقد سعد بأسرته وأولاده خلال الصيف، ثم انتهت العطلة ورحل الأولاد عنه وعادوا إلى حلب، وبقي الشاعر وحده في البيت الذي أصبح اليوم موحشًا كالقبر بعد أن كان بالأمس جنة وارفة الظلال، بما فيه من حياة وحركة وبركة وسعادة.
يقول الأميري في قصيدته:

أين الضجيجُ العذبُ والشَّغَبُ؟
أين التَّدارسُ شابَهُ اللعبُ؟

أين الطفولة في توقُّدها؟
أين الدُّمى، في الأرض، والكتب؟

أين التَّشَاكسُ دونما غَرَضٍ؟
أين التشاكي ما له سبب؟

أين التَّباكي والتَّضاحُكُ، في
وقتٍ معًا، والحُزْنُ والطَّربُ؟

أين التسابق في مجاورتي
شغفًا، إذا أكلوا وإن شربوا؟

يتزاحمون على مُجالَستي
والقرب منِّي حيثما انقلبوا

فنشيدهم "بابا" إذا فرحوا
ووعيدهم "بابا" إذا غضبوا

وهتافهمْ "بابا" إذا ابتعدوا
ونجيُّهمْ "بابا" إذا اقتربوا

بالأمس كانوا ملءَ منزلنا
واليومَ -ويح اليومِ- قد ذهبوا

ذهبوا، أجل ذهبوا، ومسكنهمْ
في القلب، ما شطّوا وما قَرُبوا

إني أراهم أينما التفتت
نفسي، وقد سكنوا، وقد وثبوا

وأُحِسُّ في خَلَدي تلاعُبَهُمْ
في الدار، ليس ينالهم نصب

وبريق أعينهمْ إذا ظفروا
ودموع حرقتهمْ إذا غُلبوا

في كلِّ ركنٍ منهمُ أثرٌ
وبكل زاويةٍ لهم صَخَبُ

في النَّافذاتِ، زُجاجها حَطَموا
في الحائطِ المدهونِ، قد ثقبوا

في الباب، قد كسروا مزالجه
وعليه قد رسموا وقد كتبوا

في الصَّحن، فيه بعض ما أكلوا
في علبة الحلوى التي نهبوا

في الشَّطر من تفّاحةٍ قضموا
في فضلة الماء التي سكبوا

إنِّي أراهم حيثما اتَّجهتْ
عيني، كأسرابِ القَطا، سربوا

بالأمس في "قرنابلٍ" نزلوا
واليومَ قدْ ضمتهمُ "حلبُ"

دمعي الذي كتَّمتُهُ جَلَدًا
لمَّا تباكَوْا عندما ركبوا

حتى إذا ساروا وقد نزعوا
منْ أضلعي قلبًا بهمْ يَجِبُ

ألفيتُني كالطفل عاطفةً
فإذا به كالغيث ينسكبُ

قد يَعجبُ العُذَّال من رَجُلٍ
يبكي، ولو لم أبكِ فالعَجَبُ

هيهات ما كلُّ البُكا خَوَرٌ
إنّي -وبي عزم الرِّجال- أبُ

مشاعر أبوية صادقة تشدك إليها شدا فتعود لقرأتها المرة تلو المرة فلاتمل من قرأتها بل تسبح بين سطورها فتشتهي الغوص في أعماقها00 فهل أجدت الأختيار؟؟
3
452

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بحور 217
بحور 217
اختيار في القمة يا غاية المنى

جزاك الله خيرا
حفنة ضوء
حفنة ضوء
رائع رائع ....
كم تطربني هذه القصيده ... لاأملها حقيقة ....
اختيار موفق .. وغاية في العذوبه ....
ياغاية المنى ...
خواطر وشجون
خواطر وشجون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رااااااااااااااااائع ياغاية المنى ..
من منكم تعرف قصيدة أبوالبراء بهأء الدين الأميري أظن هكذا اسمه في رثاء والده التي مطلعها :
أنا لا أصدق أنه رحل هو ذا يشير إلي مشتملا
وأكون شاكرة لها لأني أبحث عنها ولم أجدها فهي غاااااااااااية الروعه ..
مع التحية ..