إن للمعاصي والذنوب من الآثار القبيحة المضرة بالقلب والبدن والمجتمع والمسببة لغضب الله وعقابه في الدنيا والآخرة ما لا يعلم تفاصيله إلا الله تعالى ، فهي تحدث في الأرض أنواعا من الفساد في الماء والهواء والثمار والمساكن ، قال تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) وقال تعالى : (( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )) وإن فيما يقع من هذه الكوارث عظة وعبرة ، والسعيد من وعظ بغيره ، وبالجملة فإن جميع الشرور والعقوبات التي يتعرض لها العباد في الدنيا والآخرة أسبابها الذنوب والمعاصي ، وإن من علامات قساوة القلوب وطمسها والعياذ بالله أن يسمع الناس قوارع الآيات وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال لو عقلت ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم مغترين بإمهال ربهم لهم عاكفين على اتباع أهوائهم وشهواتهم غير عابئين بوعيد ولا منصاعين لتهديد قال تعالى : (( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ))
كما أن الاستمرار على معاصي الله مع حدوث بعض العقوبات عليها دليل على ضعف الإيمان أو عدمه ، قال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ )) وقال تعالى : (( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ )) وقال تعالى : (( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ )) أيها الإخوة في الله لقد حدث في الأيام القريبة الماضية حدث عظيم فيه عظة وعبرة لمن اعتبر ومن واجب المؤمنين أن يعتبروا بما يحدث في هذا الكون قال تعالى : فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ما حدث هو ما سمعنا عنه في الإذاعة وقرأنا عنه في الصحف والمجلات وما شاهده الناس على شاشة التلفاز وتحدث به القريب والبعيد ذلك هو ما تعرض له الجمهورية الجزائرية من الزلازل والهزات التي اجتاحت كثيرا من مدنه وقراه ، وما نتج عن ذلك من ذهاب كثير من الأنفس والأموال والممتلكات وخراب الكثير من المساكن وجرح الكثير وبقاء أسر كثيرة فاقدة أموالها ومساكنها وأبناءها وأزواجها ، فترمل الكثير من النساء وتيتم الكثير من الأطفال وكل هذا حصل في وقت قصير وهو دليل على عظمة الله وقدرته ، وأن العباد مهما تمكنوا في هذه الدنيا وكانت لهم قدرة وقوة وعظمة ضعفاء أمام قدرة الله تبارك وتعالى . .
وإن من الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا العظة والعبرة مما حصل وأن يتوبوا إلى الله وينيبوا إليه ويحذروا أسباب غضبه ونقمته ، وندعو الله لموتى إخواننا الجزائريين بالمغفرة والرحمة ولأحيائهم بالسكينة وحسن العزاء وأن يجعل الله ما حصل لهم مكفرا لسيئاتهم ورافعا لدرجاتهم وموقظا لقلوب الغافلين منا ومنهم ، كما يجب علينا أن نواسيهم بالتعاون معهم والعطف عليهم ببذل ما ينفعهم من أموالنا إحسانا إليهم وصدقة عليهم جبرا لمصيبتهم وتخفيفا من عظمها عليهم ، قال تعالى : (( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا )) وقال تعالى : (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )) وقال سبحانه : (( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) وقال صلى الله عليه وسلم : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته وقال صلى الله عليه وسلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وقال صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى متفق عليه ، فعلينا جميعا المبادرة إلى مد يد العون لإخواننا في اليمن وبذل ما نستطيع ليتحقق معنى الأخوة الإسلامية التي أشار إليها الرسول في هذه الأحاديث الصحيحة ، ولنحصل على الأجر العظيم الذي وعد الله به المنفقين والمحسنين ، وفق الله المسلمين عموما وإخواننا في اليمن خصوصا للصبر والاحتساب ، وضاعف لنا ولهم الأجر والثواب ، وأنزل على المصابين السكينة والطمأنينة وحسن العزاء ، ومن على الجميع بالتوبة النصوح والاستقامة على الحق والحذر من أسباب غضب الله وعقابه إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ميراث الحب @myrath_alhb
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
حيا الله العضوة الجديدة ميراث الحب
أثابك الله اختاه على هالموعظة البليغة
جعله الله في موازين حسناتك
أعتقد أختي مكانه هنا أفضل