المبحث الثامن: العلم بأن الله واهب الحياة والرزق.
إن أعظم م يحرص عليه الإنسان في الدنيا أمران:
الأمر الأول: الحياة وطول الأجل.
الأمر الثاني: الرزق، وهو شامل لكل ما ينتفع به ويتمتع من مال وأهل وسكن وجاه ومنصب ومكانة وغيرها.
وإن أعظم ما يخاف منه هو انقطاع الأجل وانقطاع الرزق أو ما يؤثر على الحياة والرزق.
والذي لا يؤمن بالله واليوم والآخر إيماناً حقاً كما أراد الله تجده أشد الناس حرصاً على الحياة والرزق، وأكثر الناس شراهة لتناول الشهوات، أياً كان مصدرها، حرصاً على تمتعه بأكبر قدر متاح قبل مفارقة الحياة، وإذا فاز في الحصول على الرزق الذي ينشده، وسلم مؤقتاً من انقطاع الأجل اشتد هلعه لطلب المزيد واشتد خوفه من أن يصاب بما ينغّص حياته أو ينقص رزقه.
أما الذي يؤمن بالله وباليوم الآخر، فإنه بفطرته البشرية يحب الحياة ويحب الرزق، ويسعى لحصول الرزق، ودفع ما يضرّه أو يقطع أجله، وهو مأمور بذلك شرعاً، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدّرَ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)) .
إلا أنه يعلم يقيناً أن الذي يهب له الحياة ويمد له في العمر، هو الله وأن الذي ينزع منه هذه الحياة هو الله، وأن سعيه للرزق محكوم بمشيئة الله تعالى، يبسط له ما يشاء ويقدر له ما يشاء. قد يجعله من أكبر الأغنياء، وقد يجعله كفافاً، وقد يجعله فقيراً على الرغم من كدحه وسعيه، لهذا تجد المؤمن يسعى في دفع الأذى عن حياته ولجلب رزقه، وهو مطمئن بأن أجله مقدرٌ، لا يقدمه أحد غير الله ولا يؤخره، وأن رزقه لا يأتيه منه إلا ما كتب الله له.
فالله سبحانه وتعالى هو واهب الحياة والموت وخالق الإنسان من تراب ثم من نطفة مهينة، وهو الذي يميته إذا شاء في أجله المحدود، كما قال عز وجل: )الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور( .
وقال تعالى: )إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق( .
وقال تعالى: )ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون(
وقال تعالى: )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين( .
وقال تعالى: )قتل الإنسان ما أكفره، من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره( .
فالله هو الذي خلق الإنسان ووهبه الحياة ابتداء،ً ولا يقدر أحدٌ سواه تعالى أن يخلق أو يهب الحياة.
وكذلك هو الذي يميت من وهب له الحياة في أجل مقدر لا يزيد ولا ينقص، وقد ردّ الله زعم من ظنّ أن أحداً أو شيئاً ما يقدم الأجل أو يؤخره، قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير( .
ونفى سبحانه وتعالى أن تموت نفس بدون إذنه فقال: )وما كان لننفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً( .
وأخبر تعالى أن التحصينات المادية، من حصون وقلاع وجيوش وأسلحة، لا ترد الموت عمن تم أجله، كما قال تعالى: )أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة( .
وأخبر تعالى أنه هو الذي يحيي ويميت كما أنه هو مالك السماوات والأرض، فقال: )ألا إن لله ما في السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون، هو يحيي ويميت وإليه ترجعون( .
وقال تعالى: )إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير( .
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️