أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي(33)
المثال الثاني من النماذج التطبيقية لأثر التربية الإسلامية:
سرعة تنفيذ النساء المؤمنات أمرهن بالحجاب
إنه من الصعوبة بمكان أن يتحول المرء من عادة ألفها فترة طويلة من حياته إلى عادة أخرى لم يألفها، ولكن الإيمان والتربية الإسلامية تجعله يتحول بسرعة، -راضياً مطمئنا-ً من عادته الأولى إلى الثانية. وهذا ما حصل من النساء المؤمنات عندما علمن أن الله أمرهن بالحجاب، فقد استبطأن أن تعد كل واحدة منهن خماراً لذلك، فشققن مروطهن واختمرن بها، كما في حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: ((يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل لما نزل وليضربن بخمرهن على جيوبهن الآية، شققن مروطهن فاختمرن بها)) .
أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي(33)
المثال الثالث من النماذج التطبيقية لأثر التربية الإسلامية:
سهولة إثبات الجريمة بإقرار الجاني خوفاً من الله تعالى،
ولو أدى إقراره إلى حرمانه الحياة أو حرمان أقرب المقربين إليه،
ونسوق لهذا المثال حديثين:
الحديث الأول: "عن أبي هريرة وزيد بن خالد الدهني رضي الله عنهما، قالا : جاء أعرابي فقال يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله. فقام خصمه فقال: صدق اقض بيننا بكتاب الله فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، فقالوا لي: على ابنك الرجم، ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة، ثم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب، عام وأما أنت يا أنيس لرجل فاغد على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها أنيس فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت" .
تأمل كيف يسعى من له علاقة بالمعصية للعثور على حكم الله فيها وتطبيقه على قريبته، من الاتصال بأهل العلم وسؤالهم، وكيف يأخذ الابنَ أبوه إلى من ينفذ فيه حكم الله، ويقرّ الزوج على امرأته بالزنى، وفيه ما فيه من العار وسوء السمعة عليه، وكيف يعترف العاصي بمعصيته، وإن كان في اعترافه مفارقة الحياة، كل ذلك للحرص على البعد عن سخط الله، وطلب رضاه الذي هو هدفه الأول في هذه الحياة، بسبب التربية الإسلامية التي تدور كلها حوله.
الحديث الثاني: "عن وائل بن حجر رضي الله عنه، أن امرأة خرجت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تريد الصلاة فتلقاها رجل فيتحللها، فقضى حاجته منها فصاحت، فانطلق ومر عليها رجل، فقالت: إن ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها، وأتوها فقالت: نعم هو هذا، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أمر به ليرجم قام صاحبها الذي وقع عليها، فقال يا رسول الله أنا صاحبها. فقال لها: ((اذهبي فقد غفر الله لك)) وقال للرجل قولا حسنا وقال للرجل الذي وقع عليها: ((ارجموه)) وقال: لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم" .
إن الرجل جنى واختفى، واتُّهِم غيره، وكاد يطبق العقاب على المتهم، وهو الرجم إلى الموت، ولو أراد الجاني أن يستمر في الاختفاء لفعل، ولكن خوف الله ساقه سوقاً لإنقاذ حياة بريء، وتقديم نفسه للموت، فكانت توبة لو تابها أهل المدينة لقبل الله منهم.
قال أبو زهرة رحمه الله، وهو يعدّد فوائد يقظة الضمير الديني – أي بالتربية الإسلامية -:
"الثاني: أن إيقاظ الضمير يسهّل الإثبات، لأن الجرائم لا تقع إلا في كِنٍّ من الظلام، مستترة غير ظاهرة، فإذا أحس الذين عاينوا وشاهدوا أن عليهم واجباً دينياً أن يبلغوا فإنهم يبلغون، تنفيذاً لحكم ربهم، وذلك لقوله تعالى:
يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا .
ولقد بلغ من قوة الضمير أن الرجل يأخذ ولده إلى الرسول عليه السلام، فيقيم عليه الحد إذا وجب .." ثم ذكر حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتقدم .
هذا الموضوع مغلق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع القيم