أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (60)
الأمن الأسري ـ تابع لحقوق الزوج على المرأة
ولما كانت للمرأة خصائصها، في الغالب، وللرجل خصائصه في الغالب، فقد منح الله الرجل رئاسة الأسرة وتوجيهها العام، لأنه أقدر على ذلك من المرأة، وأكثر هيبة في نفوس الأسرة.
فهو الذي كلف الإنفاق عليها، ومراقبة تصرفاتها في الإنفاق الذي ينبغي أن يراعى فيه مقدار الدخل، وعدم الإسراف والتبذير، وهو الذي يأمر أو ينهى عند الحاجة إلى الأمر أو النهي، وهو الذي يأذن بالدخول أو الخروج من المنزل، وهو الذي يأخذ على يد من تعدى حدوده شرعاً أو عرفاً، وليس قيامه بهذه الأمور مبنيا على تسلط أو هوى.
قال تعالى : (( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ))
ولا يفهم من هذه الإمرة أو القوامة، أن يكون الرجل في رئاسته للأسرة جباراً متسلطاً مستبداً بالأمر، مكبلاً حركات غيره من الأسرة، وبخاصة المرأة في نشاطها في المنزل، وإنما هو موجه توجيهاً عاماً.
وهي وإن كانت مرؤوسة له، بل ينبغي أن يكون لها رأيها الذي لا بد أن يسمعه ويقرها عليه، ويتشاور معها في مصالح الأسرة، ويتعاون معها على الوصول إلى ذلك بالحكمة، ولا يتدخل في كل شأن من شؤون عملها، وعليها هي أن ترضى بقوامته في هذه الحدود.
قال الأستاذ الإمام محمد عبده:
"والمراد بالقيام هنا، هو الرئاسة التي يتصرف فيها المرؤوس بإرادته واختياره، وليس معناها أن يكون المرؤوس مقهوراً مسلوب الإرادة، لا يعمل عمل إلا ما يوجهه إليه رئيسه..
فإن كون الشخص قيِّماً على آخر، هو عبارة عن إرشاده والمراقبة عليه في تنفيذ ما يرشده إليه، أي ملاحظته في أعماله وتربيته، ومنها حفظ المنزل وعدم مفارقته، ولو لنحو زيارة أولي قربى، إلا في الأوقات والأحوال التي يأذن بها الرجل ويرضى.
أقول:
ومنها مسألة النفقة، لأن الأمر فيها للرجل، فهو يقدر للمرأة تقديراً إجمالياً، يوماً يوماً، أو شهراً شهراً، أو سنة سنة، وهي تنفذ ما يقدره على الوجه الذي ترى أنه يرضيه، ويناسب حاله من السعة والضيق".
فإذا سار الرجل والمرأة في حياتهما على هذا المنهج، استقامت حياة الأسرة، وسلمت من النزاع المؤدي إلى الشقاق والتفكك.
أما إذا تنافس الزوجان على رئاسة الأسرة، أو تدخل أحدهما في شؤون الآخر بدون حق، فإن ذلك يحدث من التصدع والنفور والفوضى والاضطراب، ما الله به عليم.
هذا إذا كان التنافس في الرئاسة، مع الاتفاق على الأهداف التي ينبغي تحقيقها، والوسائل التي تحقق تلك الأهداف.
أما إذا حصل بينهما التنافس على الرئاسة، مع اختلافهما في الاتجاهات والأهداف والوسائل، فهناك يكون التحطيم الكامل والتفكك والانفصام النكد للأسرة، وبخاصة إذا كان محل التنافس هو تربية الأولاد، فإن ذلك أعظم خطراً، وأشد شراً.
قال الأستاذ محمد قطب:
"كما ينبغي أن تكون سياسة الأبوين موحدة أو متقاربة، تجاه الطفل، بحيث لا يشعر أن هناك فارقاً ملحوظاً بين معاملة كل منهما له، وبالذات لا ينبغي أن يقف الأبوان موقفين متعارضين – أمام الطفل - تجاه عمل قام به، أحدهما – مثلاً - يطالب بعقابه، والآخر يعارض في توقيع العقوبة عليه، فإن هذا يفسد الموازين في حسه، ويشعره بأن الأمور ليس لها ضابط محدد، ولا معيار معين يلتزم به، وأن في إمكانه أن يخالف تعاليم أحد الوالدين، ويجد من يدافع عنه من طريق آخر....".
إن اختلاف الأبوين المتناقض في شأن تصرفات الأولاد في المنزل، معناه وجود حزبين متصارعين، ينضم فيه الأولاد إلى من يرون أنه يحقق لهم رغباتهم، ويؤيد ميولهم، وفي ذلك كارثة على الأسرة كلها، وهدم لكيانها، فليعلم الأبوان ذلك، وليتلافياه قبل فوات الأوان.
هذه بعض الأمور التي ينبغي أن تعلمها المرأة، من حقوق زوجها، ليكون تعاملها معه، ومع أفراد أسرتها، مترتباً عليها، وهي إذاما اتبعتها وطبقتها في حدود طاقتها، ، كفيلة بأمن زوجها واستقراره وشعوره بالسكن والمودة والرحمة، وتلك بداية أمن الأسرة كلها، فإن الرجل يأمن على نفسه وولده وماله وعرضه، وكفى بذلك أمناً.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️